محو الجزاءات التأديبية من ملف الموظف بعد توقيع الجزاء عليه – القانون المصري
يجرى المشرع إعداد قانون جديد للخدمة المدنية بدلا من قانون العاملين المدنيين بالدولة، لمواجهة الفساد الأدارى والأهمال الوظيفى فى دواوين الحكومة ، ولكن يثور التساؤل حول جدوى محو العقوبات التأديبية من ملف الموظف بعد توقيع الجزاء عليه .
حيث نص المشرع فى المادة 92 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أن تمحى الجزاءات التأديبية التى توقع على الموظف بانقضاء ستة أشهر فى حالة توقيع جزاءات التنبيه واللوم والإنذار والخصم من الأجر مدة لا تتجاوز خمسة أيام, وبانقضاء سنة فى حالة توقيع جزاء الخصم من الأجر مدة تزيد على خمسة أيام, و بانقضاء سنتاين فى حالة تأجيل العلاوة أو الحرمان منها, و بانقضاء ثلاث سنوات بالنسبة إلى الجزاءات الأخرى، عدا جزائى الفصل والإحالة إلى المعاش بحكم أو بقرار تأديبى, ولكن هل نظام محو الجزاءات التأديبية يحقق المصلحة العامة من عدمه؟.
إن محو العقوبات التأديبية, يقصد به ازالة أية أثار تشير الى سبق توقيع جزاءات تأديبية على الموظف العام, برفع أوراق الجزاء من ملف خدمة الموظف، و ذلك بقوة القانون بمجرد إنقضاء مدد زمنية معينة على توقيع العقاب التأديبى, إذ يتم محو الجزاء التأديبى بقرار من لجنة شئون العاملين بالنسبة لغير شاغلى الوظائف العليا، إذا تبين لها أن سلوك العامل وعمله منذ توقيع الجزاء مرضيا, وذلك من واقع تقاريره السنوية وملف خدمته وما يبديه الرؤساء عنه, ويتم المحو بالنسبة لشاغلى الوظائف العليا بقرار من السلطة المختصة و يقصد بها المحافظ أو الوزير المختص أو رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة .
و يترتب على محو الجزاء التأديبى اعتباره كأن لم يكن بالنسبة للمستقبل, إذ ترفع أوراق الجزاء وكل إشارة إليه وما يتعلق به من ملف خدمة العامل, و هو الامر الذى يؤدى الى طمس كل المعلومات المتعلقة بالجريمة التأديبية، التى ثبتت فى حق الموظف و تم ادانته بارتكابها, و مجازاته عنها و لاشك أن نظام محو العقوبات الـتأديبية على هذا النحو يلحق الضرر بجهة الادارة, التى يجب ألا تفقد ذاكرتها فى متابعة موظفيها وتقييمهم , مهما طال الزمن لا سيما من ارتكب منهم جرائم مخلة بالشرف و الاعتبار, وسبق معاقبته عنها, أو ارتكب مخالفات تنبىء عن استهتاره الشديد او عدم التزامه الجسيم فى أداء أعماله وواجبات وظيفته الاساسية, أوانخراطه فى أنشطة محظورة أو أفعال ارهابية, فلا تتمكن جهة الادارة بسبب المحو من تقييمهم تقييما موضوعيا صحيحا, عند ترشيحهم لوظائف و مهام محددة, و يختلط عليها الامر عندما تفاضل بين العاملين لديها لدى ترشيحهم لشغل وظائف قيادية, قد تتطلب فى شاغلها توافر سمات معينة , لا يمكن الوقوف عليها بدقة إلا بمعرفة الماضى الوظيفى للموظف منذ تعيينه, و هو ما تحرم منه جهة الادارة بسبب محو الجزاءات التأديبية. و هو ما نرى معه وجوب أن يتدخل المشرع فى قانون الخدمة المدنية الجديد بالغاء نظام محو الجزاءات التأديبية المنصوص عليه بالمادة– 92– من نظام العاملين المدنيين بالدولة.
الدكتور/ اسلام احسان