أثر الإعتراف بالجريمة على مدى صحة الدفاع الشرعي.
(1) الدفاع الشرعي سببا لاباحة الفعل الجرمي لم يخلقه المشرع بل اقره وضبط أحكامه لأنه قانون الفطرة إذ مما يتعارض مع النفس البشرية أن يتحمل الإنسان عدوان اخيه الإنسان الذي قد ينهي حياته انتظارا لتدخل السلطة العامة.
وجمهور الفقه علي أن اعتراف المتهم بالجريمة ليس شرط لصحه التمسك بالدفاع الشرعي فيجوز له إنكار الجريمة والتمسك بالدفاع الشرعي في آن واحد إذ أن اعترافه أو إنكاره لن يغير من الوقائع الثابته في الدعوي والتي ترشح لارتكابه الجريمة دفاعا عن نفسه او نفس غيره من عدمه .
(2) اما قضاء النقض فمضطرب حول ما إذا كان يلزم اعتراف المتهم بما هو منسوب إليه لصحة تمسكه بقيام حالة الدفاع الشرعي أم يصح الإنكار والتمسك في آن واحد بحالة الدفاع الشرعي من باب الاحتياط والافتراض؟ فذهبت بعض الأحكام إلى لزوم الإعتراف
( نقض 1958/10/14 مجموعة أحكام النقض س9 رقم193 ص792؛ نقض 1964/10/26 س15 رقم193 ص624؛ نقض 1977/11/6 س28 رقم193 ص902 )
ومالت أحكام أخرى إلى العكس
( نقض 1953/1/27 مجموعة أحكام النقض س4 رقم193 ص431؛ نقض1957/11/111 س8 رقم193 ص887؛ نقض 1979/4/1115 س30 رقم193 ص477 )
وفي حكم حديث نسبيا أخذت محكمة النقض بلزوم الإعتراف بالجرم
( نقض 2014/12/2 الطعن رقم 7820 لسنة 84ق )
ولكنها في عام2017 رجعت ولم تشترط الإعتراف بالجريمة
(الطعن رقم 33194 لسنة 86 جلسة 2017/11/04)
(3) ولا شك أن اتجاه عدم لزوم الإعتراف بالجرم اصوب إذ الإعتراف من عدمه لن يغير من حقيقة الوقائع الثابتة في الدعوى ثم ان الدفاع الشرعي بحسبانه من أسباب الاباحه يتعلق بالنظام العام اي يتعين على المحكمة أن تتعرض له وتبحثه من تلقاء نفسها سواء تمسك به المتهم واعترف من عدمه.
ثم ان للمتهم الحق في الكذب وإجباره على الإعتراف بالجرم يعني سلب هذا الحق منه واضافه شرط للدفاع الشرعي لم يتطلبه القانون. وأيا ماكان الأمر فإن هذا التذبذب من محكمة النقض أمر غير مستحب لانها أنشئت لتوحيد المبادئ القانونية فلا يجمل بها أن تشتت أو تبلبل ذهن المتلقي عنها
لاسيما وإن كان محاميا يرسم خطة دفاعه على هدى من أحكامها باعتبارها نهاية المطاف وهو ما نأمل من محكمة النقض أن تراعيه في أحكامها.ولهذا وجب عرض الأمر على الهيئة العامة للمواد الجنائية لفض الخلاف وتوحيد المبدء.