أحكام الإعتذار بالجهل بأحكام القانون الجنائي المصري.
(1) من الثوابت القانونية انه لا يجوز لأحد الإعتذار بالجهل بأحكام القانون الجنائي حتي لا يفلت المجرمين من العقاب بادعاء عدم العلم. ولهذا كان العلم بأحكام القانون الجنائي مفترض من واقع نشر القانون في الجريدة الرسمية.
وذلك بخلاف الجهل بالواقع إذ من شأنه تخلف ركن العلم الازم لقيام الجريمة. ونظراً لصرامة هذه القاعدة عمد القضاء الي التخفيف من حدتها فاجاز الاعتذار بالجهل متى انصب علي قاعدة قانونية غير جنائية تدخل عنصرا في الجريمة معتبرا ذلك جهل مختلط مابين الواقع والقانون يعد برمته جهل بالواقع ينفي القصد الجنائي متى اثبت المتهم انه تقص وتحري أو لم يكن في مقدوره العلم ولقد أيد الفقه القضاء في ذلك نظرا لسلامة اساسه.
(2) واعتبر القضاء الجهل بخلو الزوجين من الموانع الشرعية عند مباشرة عقد الزواج يعد جهل بحكم قاعده غير جنائيةمقرره في قانون الأحوال الشخصية أو بالأحرى جهل بالواقع ينفي القصد الجنائي في جريمة التزوير متي كان هذا الجهل مغتفر
وفي ذلك قضت محكمة النقض بأن لماكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لواقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام خلص إلى القضاء ببراءة المطعون ضدهما من الجريمة المسندة إليهما في قوله
“وحيث إنه من المقرر قانوناً أنه متى كانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن المتهمين حين مباشرة عقد النكاح وهو مشروع في ذاته قررا بسلامة نية أمام المأذون وهو يثبته لهما عدم وجود مانع من موانعه كانا في الواقع يجهلان وجوده وهي القاعدة الشرعية التي تقرر تحريم الجمع بين الزوجه وابنت اختها ،
وكانت المحكمة بناء على وقائع الدعوى وأدلتها المعروضة عليها قد اطمأنت إلى هذا الدفاع وعدتهما معذورين يجهلان وجود ذلك المانع ….. وأن جهلهما في هذه الحالة لم يكن لعدم علمهما بحكم أحكام قانون العقوبات وإنما هو جهل بقاعدة مقررة في قانون آخر هو قانون الأحوال الشخصية وهو جهل مركب من جهل بهذه القاعدة القانونية وبالواقع في وقت واحد مما يجب قانوناً في المسائل الجنائية اعتباره جهلاً بالواقع ،
وكان الحكم قد اعتبر الظروف والملابسات التي أحاطت بهذه دليلاً قاطعاً على صحة ما اعتقده من أنهما كانا يباشران عملاً مشروعاً للأسباب المقبولة التي يبرر لديها هذا الاعتقاد مما ينتفي معه القصد الجنائي الواجب توافره في جريمة التزوير
(الطعن رقم 41358 لسنة 75 جلسة 2012/10/10)
(3) ولكن متي أتضح أن جهل المتهم بالقاعدة غير الجنائية لا يغفر فلا يصح له التمسك بالاعتذار بالجهل ويتحقق ذلك في الأحوال التي لأ تتطلب خبرة خاصة فى العلم بموانع الزواج كزواج المسلمة من مسيحي أو عدم الزواج من ذات المرأة بعد الطلقة الثالثة إلا إذا تزوجه بآخر.
ولهذا قضت محكمة النقض بأن الإسلام يعد من الموانع الشرعية لزواج المسلمة من مسيحي. ومن ثم فإن إقرار الطاعنة المسلمة بخلوها من الموانع الشرعية أمام الكاهن فى محضر خطبتها من مسيحي يتحقق به الاشتراك فى التزويراذ من المقرر أن تغيير الحقيقة فى إثبات خلو أحد المتعاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك فى محضر الخطبة يعد تزويرا وكانت الطاعنة مسلمة كما قررت بذلك بالأوراق وقام عليه دفاعها فى محضر الجلسة
فإنه لا يجوز لها الزواج من آخر مسيحي لأن الإسلام يعتبر من الموانع الشرعية لزواج المسلمة بآخر مسيحي وإثبات الكاهن على لسانها بخلوها من الموانع الشرعية وإنها مسيحية أرثوذكسية مع علمها بقيام المانع يتحقق به جريمة الاشتراك فى تزوير خطبتهاولا يجدي الطاعنه قالت انتقاء القصد الجنائي فى جريمة التزوير إذ ثبت إقرار الطاعنة فى محضر خطبتها بخلوها من الموانع الشرعية على خلاف الحقيقة ويكون منعاها غير سديد.
(الطعن رقم 17610 لسنة 60 جلسة 2001/10/02 س 52 ع 1 ص 690 ق 127)
وقضت أيضا بأن حضور الطاعن أمام المأذون مع المحكوم عليهما الآخرين وإقرارهم بخلو الزوجين من الموانع الشرعية مع أن المرأة كانت بائنة من الطاعن بينونة كبرى مع علمهم بذلك وهو من الموانع الشرعية للزواج وإثبات المأذون الشرعى خلو الزوجين من الموانع
بعد أن قرر أمامه الطاعن والمحكوم عليهما الآخرين بذلك مع أنهم يعلمون أنها بائنة من الطاعن بينونة كبرى ولا تحل له إلا بعد الزواج من آخر يتحقق به جريمة الاشتراك فى تزوير وثيقة الزواج مع العلم بذلك ويكون نعى الطاعن على الحكم بانتفاء أركان جريمة اشتراكه فى التزوير والقصد الجنائي غير سديد
(الطعن رقم 50331 لسنة 75 جلسة 2012/11/13 س 63 ص 688 ق 122).