أحكام النفقة الزوجية وتضامن المشرع المصري مع الزوجة
مسألة نفقة الزوجة من المسائل التى تشغل آلاف الأسر، ولهذا نلقى الضوء على إشكالية نفقة الزوجة من الناحية الشرعية والقانونية وطرق تحديد قيمتها سواء عن طريق جهة عمله إذا كان موظفاَ بالحكومة، أو التنفيذ عن طريق المحضرين بالمحكمة، أو إقامة دعوى حبس، أو إقامة جنحة الامتناع عن سداد النفقة طبقا لنص المادة ٢٩٣ عقوبات، وشروط تنفيذ عملية الحبس فى مثل هذه القضايا
1- نفقة الزوجية من الناحية الشرعية:
هى بمثابة حق شرعى للزوجة واجب على زوجها، حيث يُجيز القانون المصرى حال امتناع الزوج عن الإنفاق على زوجته بغير حق شرعي، فإن للزوجة الحق الكامل فى أن تطلب من القضاء إجبار الزوج على الإنفاق عليها، والقانون المصرى يأخذ برأى الأحناف في المسألة قوله تعالى فى كتابه : “لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً” صدق الله العظيم .
وعملية الإنفاق تأتى إذا كان الزوج غنياً مما آتاه الله على قدر غناه، وإذا كان فقيراً مما آتاه الله على قدر فقره، ويقول العلماء أن في هذه الآية الكريمة أمران :
الأمر الأول : وجوب النفقة في قوله : “لِيُنفِقْ” فالنفقة واجبه
والأمر الثانى: أنها تتقيد بحال الرجل، إن كان غنياً، فينفق نفقة الغنى، فذو سعة من سعته، أي ذو الغنى من غناه، وذو الفقر من فقره، قال تعالى : “وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ” .
فهذه ثلاثة أمور :
1-وجوب النفقة .
2-على الغني على قدر غناه .
3-وعلى الفقير على قدر ما آتاه الله .
ومن أدلة وجوب نفقة الزوجة على زوجها قوله سبحانه : “الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ”، في هذه الآية دليل على أن للرجل فضل على المرأة، بالقيام بنفقتها .
2- نفقة الزوجية من الناحية القانونية
بينما نصت المادة الأولى من القانون رقم ٢٥ لسنة ١٩٢٠ المعدل بالقانون ٢٥ لسنة ١٩٢٩ المعدل بالقانون ١٠٠ لسنة ١٩٨٥ أوضحت وأجابت على هذه المسألة حيث نصت المادة الأولى منه على : “تجب النفقة للزوجة على زوجها من تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكما حتى لو كانت موسرة أو مختلفة معه في الدين”، فيما يتم تحديد النفقة الزوجية طبقا لدخل الزوج فإذا كان موظف يثبت ذلك من خلال مفردات المرتب وإذا كان يعمل عمل حر يكون ذلك من خلال تحري المباحث عن دخله
طرق تنفيذ أحكام النفقات
أولا: عن طريق جهة عمله إذا كان موظفاَ بالحكومة:
وتقوم الزوجة الصادر لصالحها الحكم بتسليم الصيغة التنفيذية لجهة عمله، والتي تقوم بدورها بخصم المبالغ المحكوم بها فى الحدود التى يجوز الحجز عليها من المرتبات حسب النسب المقررة قانونا والتى يجوز خصمها وهي كالآتي:
-25 % للزوجة أو المطلقة .
-تكون 40% فى حالة أكثر من واحدة .
– 25% للوالدين أو أحدهما .
-35 % للولدين أو أقل .
-40 % للزوجة أو المطلقة ولولد أو اثنين والوالدين أو أيهما .
-50 % للزوجة أو المطلقة وأكثر من ولدين والوادين أو أيهما وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد النسبة التي لا يجوز الحجر عليها على 50% تقسم بين المستحقين بنسبة ما حكم به لكل منهم .
ثانيا: عن طريق بنك ناصر الاجتماعى
إذا كان المحكوم عليه لا يعمل بالحكومة وما فى حكمها يقوم البنك بالتنبيه عليه بالوفاء بالمبلغ المحكوم به لصالح المحكوم له وإيداعه بخزانة بنك ناصر الاجتماعي أو أحد فروعه، وذلك في مدة لا تتجاوز الأسبوع الأول من كل شهر فور وصول التنبيه إليه، على أنه فى حالة امتناع المحكوم عليه عن أداء النفقة للبنك فى الميعاد المحدد يكون للبنك الحق فى استيفاء ما قام بأدائه من نفقات وأجور وما فى حكمها، مضافا إليه كل ما تكبده من مصاريف فعلية أنفقها بسبب امتناع المحكوم عليه عن أداء النفقة . ويقوم البنك بالصرف بحد أقصي ٥٠٠ جنية.
ثالثا: التنفيذ عن طريق المحضرين بالمحكمة
بالحجز على أمواله أو ممتلكاته أو أمواله بالبنوك لسداد دين النفقة، ويكون ذلك من خلال محضرين التنفيذ
رابعا : إقامة دعوي حبس:
وذلك طبقا لنص المادة ٧٦ مكرراً من القانون رقم١ لسنة ٢٠٠٠ بشأن الأحوال الشخصية، والتى تنص على أنه: “إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم النهائي الصادر في دعاوى النفقات والأجور وما فى حكمها، جاز للمحكوم له أن يرفع الأمر إلى المحكمة التي أصدرت الحكم أو التى يجرى التنفيذ بدائرتها، ومتى ثبت لديها أن المحكوم عليه قادر على القيام بأداء ما حكم به وأمرته بالأداء ولم يمتثل حكمت بحبسه مدة لا تزيد عن ثلاثين يوما”.
لا تسمع دعوي الحبس في المتعة و مؤخر الصداق
فى الحقيقة لا تسمع “دعوى الحبس” في المتعة و مؤخر الصداق، لأن “دعوى الحبس” لا تقام إلا فى دعاوى النفقات ومنها نفقة الزوجية والعدة والصغار والأقارب والأجور لأنها في حكم النفقات، وكذلك المصاريف الثابتة كمصاريف المدارس والعلاج ويقضى بالحبس عند الامتناع رغم يساره.
أما عن “المتعة” فهى لا تعد من النفقات ولا تأخذ حكمها، وكذلك الحال لمؤخر الصداق فنص المشرع علي لجوء الصادر لصالحها الحكم للمحكمة التي أصدرت حكماً في ثمة دعوى من دعاوى النفقات والأجور أو للمحكمة التى يقع التنفيذ بدائرتها لأمر المحكوم عليه بالأداء وحبسه عند الامتناع، ولما كان هذا النص قد خصص تلك الدعاوى التى يجوز معها للمحكوم لهن إقامة دعوى الأداء والحبس عند قصور المحكوم عليها عن تنفيذ الأحكام الصادرة فيها ولم يكن من يبنها الأحكام الصادرة بأداء مؤخر صداق المطلقات أو اللاتي توفى عنهن أزواجهن
خامسا: إقامة جنحة الامتناع عن سداد النفقة
إقامة جنحة الامتناع عن سداد النفقة طبقا لنص المادة ٢٩٣ عقوبات والتي تنص على: “كل من صدر عليه حكم قضائي واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه مدة ثلاثة شهور بعد التنبيه عليه بالدفع يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين”.
ولا ترفع الدعوى عليه إلا بناء على شكوى طبقا للمادة ٣ من قانون الإجراءات الجنائية من صاحب الشأن، وإذا رفعت بعد الحكم عليه دعوى ثانية عن هذه الجريمة فتكون عقوبته الحبس مدة لا تزيد على سنة، وفى جميع الأحوال إذا أدى المحكوم عليه ما تجمد في ذمته أو قدم كفيلا يقبله صاحب الشأن فلا تنفذ العقوبة .
شروط التنفيذ بالحبس هى :
1-أن يحصل طالب التنفيذ على حكم نهائى فى دعوى نفقة أو أجور وما فى حكمها.
2-أن يكون الحكم نهائيًا أو إنتهائيًا وفقًا للنصاب.
٣ـ أن يثبت قدرة الصادر ضده الحكم على الوفاء.
٤ـ أن يمتنع الصادر ضده الحكم عن الوفاء بعد أن تأمره المحكمة بذلك لحبس مدته ثلاثون يوم ويتم وقف التنفيذ بناء على ما يفيد السداد.
أما إذا استحقت النفقة بموجب حكم نهائي ووقفت المحكمة على قدرته على الدفع وحيث يثبت من تحريات الشرطة مقدرة المدعى عليه على الوفاء، وقدرت المحكمة يسار المدعى عليه وقدرته على الدفع، فأمرته بالوفاء وامتنع عن الوفاء، ومن ثم تحققت شروط الحبس وبه تقضى المحكمة.