أزمة الايجار القديم في ضوء احكام التشريع والقانون المصري
مشكلة الإيجار القديم مشكلة ضرورية وملحة على الأجندة التشريعية للدولة ، فليس هنالك قانون يجافي العدل مثل قانون إيجار الأماكن القديمة ، ويكفي أن نعرف مثلاً أن الإيجار القديم لشقة بوسط القاهرة والتي تتكون من 5 أو 6 غرفة لا تزيد قيمتها الإيجارية عن 10 جنيهات شهرية في الوقت الذي لا تقل القيمة الإيجارية للوحدة السكنية في أكثر المناطق شعبية عن 500 جنيه شهريا في الإيجار الجديد.
وإذا كان قانون إيجار المساكن القديم قد شرع في فترة زمنية بغرض الوقوف بجانب المستأجر بوصه الطرف الأضعف في العلاقة الإيجارية و بغاية موازنة كفتي العلاقة بين المستأجر و المالك ، إلا أن الأمر تحول الآن إلي ظلم فاحش للمالك والذي استمر به الحال في تحصيل ذات القيمة الإيجارية التي كان يتقاضها من أكثر من خمسين عاماً لتميل كفة الأخير و يصير هو الطرف الأضعف و الذي في حاجة لإعادة التوازن وإنصافه على الطرف الآخر ” المستأجر”.
وهذا القانون لا يجافي العدل فقط وإنما هو يجافي أيضا مبادئ الشريعة الإسلامية ، وقد أفتى من قبل الدكتور نصر فريد واصل المفتي الأسبق بحرمة العلاقة الإيجارية – بل وبطلانها – في ظل قانون الإيجار القديم.
وإذا كان ملاك العقارات القديمة لا يريدون إلا تحرير العلاقة الإيجارية فإن الدولة لن تقبل على تحقيق هذا المطلب – رغم عدالته – لظروف كثيرة لا مجال للخوض فيها ، وكان لابد من البحث عن حل مؤقت ، لذلك تبنت وزارة الإسكان مشروع قانون يهدف لزيادة قيمة أجرة الأماكن القديمة، ولكن يعيب هذا المشروع أن الزيادات الواردة فيه طفيفة للغاية، كما أن الزيادة تحسب وفقا لطريقة إنشاء المبني وهي طريقة عتيقة عفا عليها الزمن ، وتسبب مشاكل قانونية وعملية لا حصر لها .
وقد تصدى أحد كبار فقهاء القانون المدني وهو أستاذنا الدكتور سمير تناغو لوضع مشروع قانون مؤقت لحل المشكلة ، وأصدر كتابه الهام عن الحد الأدنى لأجرة الأماكن القديمة ، واقترح حلاً بسيطاً وميسراً ، وهو رفع القيمة الإيجارية مع وضع حد أدنى لها ، هذا الحد الأدنى لا يقل عن ثلاثمائة جنيه في الشهر إذا كان المكان يتكون من غرفتين وصالة وتكون الأجرة مائتي جنيه إذا كان المكان مكونًا من غرفة واحدة وصالة .
وإذا زاد عدد الحجرات عن غرفتين وصالة فيزداد الحد الأدنى بمبلغ خمسين جنيهًا عن كل غرفة زائدة.
وهذا الحل يتميز بالبساطة والوضوح وسهولة التطبيق العملي ، بدلاً من فكرة الزيادة على أساس تاريخ إنشاء المبني ، ونحن نتمنى أن ينتبه المسئولون لهذا الحل ، لا سيما وهو صادر عن فقيه قانوني له مكانته المتميزة ، كذلك فقد أيده عدد كبير من كبار علماء القانون والاقتصاد مثل الدكتور هشام صادق والدكتور حازم الببلاوي والدكتور سلطان أبو علي …إلخ .
وأخيراً فإنني أهمس في أذن المسئولين … هذه هي المشكلة ، وهذا هو الحل … فهل أنتم مستمعون .
المستشار/ احمد رزق