إثبات التزوير بطرق عديدة ومختلفة وفقا للقانون
الوقائـع:
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما الأول بصفته موظفا عاماً “كاتب بمكتب صحة … أرتكب تزويراً فى محرر رسمى هو شهادة تبليغ عن وفاة حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت بها وفاة … بتاريخ …. خلافا للحقيقة ومهرها بتوقيعه وبصمها بخاتم الوحدة الصحية …. ليبدو على غرار المحررات الرسمية الصحيحة ، استحصل بغير حق على الخاتم الخاص بالوحدة الصحية …. واستعمله استعمالاً ضاراً على النحو المبين بالأوراق . ثانياً ـ الثانى اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع الأول فى تزوير المحرر موضوع التهمة الأولى بأن اتفق على ذلك وأمده بالبيانات المطلوب إثباته فى المحرر السالف بيانه فأثبته الأول بصفته الموظف المختص بذلك وزيلها بتوقيعه وبصمها بخاتم الوحدة الصحية ….. فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة ، استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى شهادة التبليغ عن الوفاة بأن قدمه إلى محكمة … الجزئية للأحوال الشخصية لاستخراج إعلام وراثة للمدعوة …. مع علمه بتزويره ، اشترك مع موظفين عموميين حسنى النية هما السيد قاضى محكمة ….. وأمين سر جلسة المحاكمة في ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو إعلام الوراثة الخاص ….. والدفاتر المثبتة لذلك حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن قدم طلبا للمحكمة لاستخراج إعلام وراثة للمذكورة وأرفق بها شهادة الوفاة المزورة موضوع التهمة الأولى فأثبت السيد قاضى المحكمة وفاة المشار إليه بهذا التاريخ المزور ودون أمين السر بياناتها فى الدفاتر المعدة لذلك فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة ، استعمل المحرر المزور سالف الذكر إعلام الوراثة بأن تقدم إلى شركة التأمين ….. لصرف قيمة وثيقة التأمين الخاصة … رقم … مع علمه بتزويرها . وأحالتهما إلى محكمة جنايات … لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمواد 40/2 ، 3 ، 41 /1 ، 207 ، 211 ، 212 ، 213 ، 214، 30 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة الأول بالحبس لمدة سنة واحدة وبمعاقبة الثانى بالحبس مع الشغل لمدة سنتين ومصادرة المحررات المزورة .
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.
المحكمـة:
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان – بمذكرتى أسباب الطعن – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة تزوير محرر رسمى واستعماله قد شابه القصور فى التسبيب والبطلان فى الإجراءات والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن المحكمة لم تقم بفض الحرز الذى حوى الأوراق المزورة وتطلع عليها فى حضور الطاعن الأول . وأن المحامى الذى حضر مع الطاعن الثانى وتولى الدفاع عنه لم يكن مقيداً أمام محاكم الاستئناف فلا يحق له الحضور أمام محكمة الجنايات.
كما أغفل الحكم الرد على دفاع الطاعن الثانى بأنه لم يرتكب الجريمة وأن مرتكبها هو ….. وكان يتعين على المحكمة تحريك الدعوى الجنائية قبله . ولم تحقق المحكمة الدعوى بسؤال الشهود رغم أن الدفاع لم يتنازل عن سماعهم ولم تتبين المحكمة الظروف التى دعتها إلى أخذ المتهمين بالرأفة . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير. لما كان ذلك وكان القانون لا يجعل لإثبات التزوير طريقاً خاصاً ما دامت المحكمة قد اطمانت من الأدلة السائغة التي أوردتها إلى ثبوت الجريمة،
وكان الثابت من الحكم المطعون فيه ومن محضر جلسة المحاكمة فى ….. أن الطاعن الأول اعترف بالتحقيقات – بما لا يمارى فيه المدافع عنه – بارتكاب جريمة تزوير الشهادة موضوع الاتهام مجاملة للطاعن الثانى وخدمة له باعتباره من أهل بلدته ، ولا يبين من محضر الجلسة أنه طلب من المحكمة أن تفض الحرز الذى حوى الأوراق المزورة وأن تطلعه عليها ، فليس له أن ينعى على الحكم عدم إطلاح المحكمة عليها وعرضها عليه من ثم فإن نعى الطاعن الأول فى هذا الخصوص يكون لا محل له.
لما كان ذلك وكانت المادة 337 من قانون الإجراءات الجنائية تقضى بأن المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم للمرافعة أمام محكمة الجنايات وكان الطاعن الثانى يسلم فى أسباب طعنه وفى الشهادة المقدمة من نقابة المحامين أن المحامى ….. الذى تولى الدفاع عنه من المحامين المقبولين للمرافعة أمام المحاكم الابتدائية فلا محل للنعى على إجراءات المحاكمة بالبطلان .لما كان ذلك ، وكان نعى الطاعن الثانى بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ـ هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه فى كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو مالا يقبل معه معاودة التصدى أمام محكمة النقض . لما كان ذلك وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم من أن تعتمد على أقوالهم التى أدلوا بها فى التحقيقات مادامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث،
وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة فى …. أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال الشهود الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ، ولم يثبت أن الطاعن الثانى قد اعترض على ذلك أو طلب هو أو المدافع عنه سماع أقوالهم فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ويكون منعاه فى هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن الثانى بدعوى القصور فى التسبيب أن الحكم المطعون فيه أعمل المادة 17 من قانون العقوبات دون أن يبين فى أسبابه موجب إعمالها مردودا بأنه إذا أراد القاضى استعمال الرأفة والنزول عن درجة العقوبة المنصوص عليها قانونا إلى درجة أخف فهو لا يكون ملزما ببيان موجب ذلك بل كل ما يطلب منه عندئذ هو مجرد القول بأن هناك ظروفاً مخففة والإشارة إلى النص الذى يستند إليه فى تقدير العقوبة ـ ذلك بأن الرأفة شعور باطنى تثيره فى نفس القاضى علل مختلفة لا يستطيع أحيانا أن يحددها حتى يصورها بالقلم أو باللسان ولهذا لم يكلف القانون القاضى بيانها بل هو يقبل منه مجرد قوله بقيام هذا الشعور فى نفسه ولا يسأله عليها دليلا . ومن ثم فإنه فضلا عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره فى هذا الصدد فإن هذا الوجه من أسباب الطعن يكون غير سديد . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً …
(الطعن 6095 لسنة 64 ق جلسة 19/ 3/ 2003)