إنتفاء مصلحة المدعي المدني في إستئناف الحكم برفض الدعوي المدنية التابعية.
(1) من المعلوم أن قانون الإجراءات الجنائية أجاز لكل من لحقه ضرر شخص مباشر من جراء الجريمة أن يقيم نفسه مدعيا بالحق المدني في الدعوي الجنائية المرفوعه ضد المتهم بارتكاب تلك الجريمة.
فإذا صدر حكم في الدعويين الجنائية والمدنية كان للمدعي المدني الطعن بالاستئناف فحسب في دعواه المدنية دون الجنائية مادام أن الحكم قد رفض طلب التعويض أيا كان سبب الرفض ولو كان راجعا الي عدم ثبوت ارتكاب المتهم للجريمة وبرائته لهذا السبب.
وتكون محكمة الاستئناف حره في الانتهاء الي الحكم بالتعويض لثبوت ارتكاب المتهم الفعل المكون للجريمة دون أن ينعي عليها مخالفة حكم البراءة الذي صار باتا لعدم طعن النيابه العامة إذ لأ حجيه للحكم الجنائي أمام القاض الجنائي.
(2) غير أن محكمة جنج النقض كان لها رأي آخر! إذ قضت بأن انتهاء الحكم الي براءه المتهم ورفض الدعوي المدنيه لعدم ثبوت ارتكابه للفعل المسند اليه تنتفي معه مصلحه المدعي المدني في استئنافه حال أن وقائع الدعوي لم تكن تقتض من محكمة جنح النقض الانزلاق الي هذا الخطأ القانوني الفادح.
إذ قضت بأنه ” لما كان البيِّن من الأوراق أن النيابة العامة قدمت المطعون ضده بوصف أنه وبصفته مسجلاً وخاضعاً لأحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات تهرب من أداء الضريبة بعدم التقدم للمصلحة للتسجيل في المواعيد المحددة قانوناً ، وهى التهمة المعاقب عليها بمواد القانون 11 لسنة 1991 ،
وبتاريخ 28/6/2009 قضت محكمة أول درجة حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه تأسيساً على تشكك المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها في ثبوت التهمة قبل المطعون ضده واقتناعها بأنه لم يتهرب من أداء الضريبة على الدخل ، استأنفت هيئة قضايا الدولة بصفتها ممثلة للخزانة العامة
وبتاريخ 1/8/2009 قضت محكمة ثاني درجة بحكمها المطعون فيه حضورياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به من غير ذي صفة ، وأسس الحكم قضاءه في قوله : ” …. وحيث إن الطعن الماثل قد قرر به من قبل هيئة قضايا الدولة باعتبارها ممثلة للخزانة العامة في الدعوى ولها الحق في التدخل في الدعوى المدنية تأسيساً على أن العقوبة التكميلية تنطوي على عنصر التعويض لصالح الخزانة العامة …..
وحيث إنه قد صدر حكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 9 لسنة 2008 ق دستورية بتاريخ 4/11/2007 بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 43 من قانون ضريبة المبيعات رقم 11 لسنة 1991 والمتضمن وجوب الحكم على الفاعلين متضامنين بتعويض لا يجاوز مثل الضريبة ….. فإنه وفقاً لنص المادتين 1 ، 402 من قانون الإجراءات الجنائية ….. وحكم المحكمة الدستورية في الدعوى رقم 9 لسنة 28 ق دستورية ،
فإن هيئة قضايا الدولة أصبحت ليس لها صفة في متابعة مثل هذه القضايا وأصبح استئنافها مقصورًا على النيابة العامة والمتهم فقط دون غيرهما ، الأمر الذى تقضى معه المحكمة بعدم قبول الاستئناف لرفعه من غير ذي صفة ….. ” ،
وكان ما أورده الحكم على نحو ما سلف يتفق وصحيح القانون ومجمل ما خلص إليه في قضائه ، فضلاً عن أن شرط الحكم بالتعويض المدني في حالة الحكم بالبراءة هو ثبوت وقوع الفعل موضوع الدعوى الجنائية وصحة إسناده إلى المتهم دون أن تتوافر به الأركان القانونية للجريمة ،
ولما كان البيِّن من الحكم المستأنف أنه قد انتهى إلى عدم ثبوت ارتكاب المطعون ضده للفعل المسند إليه ، فإن ذلك مما تنتفى به مصلحة المدعى بالحقوق المدنية في الاستئناف .
(الطعن رقم 36172 لسنة 3 جنح نقض جلسة 2013/04/17)”
(3) وهذا الحكم محل نظر إذ أورد قيد علي قبول استئناف المدعي المدني لحكم اول درجه برفض طلب التعويض المرفوع بالتبعية للدعوى الجنائية دون سند يزكيه. فالمدعي المدني حر في استئناف الحكم الصادر برفض دعواه المدنية أيا كان سبب البراءة في الدعوى الجنائية ولو كان راجع الي عدم وقوع الفعل المادي من المتهم.
ويكون له عند استئناف طلب التعويض المرفوض (الدعوى المدنيه) أن يثبت وقوع الفعل الضار أو بالاحري الفعل المادي للجريمة من المتهم توطئة لإلغاء حكم رفض التعويض. ولا محل للتذرع عندئذ بأن ذلك سوف يفض الي التعارض بصيروره حكم البراءة الذي نفي وقوع الفعل المادى من المتهم باتا لعدم الطعن عليه من النيابة العامة وبين حكم الاستئناف المزمع صدوره باجابه طلب التعويض عند ثبوت خطأ محكمة اول درجه في نفي وقوع الفعل لأن هذا التعارض علي كراهته جائز قانونا ولا حيلة لتجنبه إلا بالخروج علي أصول ينبغي الحرص عليها لانها تحمي مصالح أخري أولي بالرعاية.
إذ من شأن الحكم الجنائي برفض دعوي التعويض وصيرورته باتا لحظر الطعن غلق الباب أمام المدعي المدني من طرح دعواه أمام المحاكم المدنية نظرا لحجيه الحكم الجنائي أمام القضاء المدني وبالتالي لا مفر أمامه سوي استئناف دعواه المدنية بطلب التعويض المرفوض أمام القضاء الجنائي دون أن يتقيد بسبب البراءة.وهذا ما تواترت عليه أحكام النقض وايدها فيه الفقه.
(4) ولهذا تواتر قضاء النقض علي أن القول بأنه يمتنع علي محكمة الجنح المستأنفة وهي في سبيل الفصل في إستئناف الدعوي المدنية المستأنفة أمامها أن تتصدي لبحث عناصر الجريمة من حيث مدي توافر أركانها وثبوت الفعل المكون لها في حق المتهم المستانف عليه في الدعوي المدنية قول خاطئ في القانون
(نقض ١٩٧٥/٢/٢٤مجموعه أحكام النقض س٢٦ص٢٨٠؛نقض ١٩٧٧/٥/٢٩س٢٨ص٦٥١).