إندماج الشركات ودراسة قانونية شاملة في أفق القانون السعودى
يعرف اندماج الشركات بانه ” عملية نظامية يتم بمقتضاها تلاحم أو توحد بين شركتين أو أكثر لتكوين شركة واحدة أكبر”. ويفهم من هذا أن الاندماج يعني اتحاد مصالح بين شركتين أو أكثر لخلق كيان جديد، يترتب عليه زوال الشخصية الاعتبارية للشركة أو الشركات المندمجة وانطوائهم تحت كيان الشركة الدامجة، أو في بعض الأحيان إنشاء كيان مستقل للشركات المندمجة كشركة جديدة.
وينبغي أن نلاحظ هنا أن اندماج إحدى الشركات في شركة أخرى يختلف تماماً عن تحول الشركة من كيان نظامي لآخر، كأن تتحول مثلاً شركة تضامن إلى شركة توصية بسيطة. وعلاوة على ذلك فلا يعد اندماجاً انضمام أحد المشاريع الفردية إلى شركة ما. كما يجب أن نفرق كذلك بين الاندماج والانفصال إذ إن الانفصال يكفي لحدوثه وجود شركة قائمة بمفردها حتى تتمكن من الانفصال، حيث تتجزأ إلى شركتين أو أكثر، أما الاندماج فيلزم لتحققه وجود شركتين .
وفي الغالب يتطلب الاندماج إجراءات تستغرق مدة زمنية ليست بالقصيرة نسبياً لأن هذا الإجراء يؤدي إلى المساس بمجموعة من المصالح المترابطة والمتشابكة، والتي تؤثر على المساهمين والدائنين والمدينين والمتعاقدين وغيرهم مع الشركات الدامجة وكذلك المندمجة، من دون إغفال أن هذه الإجراءات يجب أن تتم وفقاً لما قرره النظام، ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال وليس الحصر حصول موافقة مجلس المنافسة لتفادي خلق كيان جديد يهيمن على السوق أو تمكينه من احتكار سلعة أو أكثر على حساب المستهلك بشكل خاص وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة التاسعة من نظام المنافسة الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/25) وتاريخ 4/5/1425هـ.
وجدير بالذكر أنه في حالة اتجاه إرادة الشركاء نحو إدماج الشركة في شركة أخرى قائمة قبل انتهاء الأجل المحدد لهذه الشركة، فهذا يؤدي إلى انقضاء الشركة وزوال شخصيتها الاعتبارية، وعندها يتم الاندماج عن طريق إبرام عقد بين شركتين أو أكثر – يعرف بعقد الاندماج – يترتب عليه اتحاد ذمتها المالية بحيث يجتمع الشركاء في شركة واحدة.
واستكمالاً لهذا الطرح، فقد أوجبت المادة (2144) من نظام الشركات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/6) وتاريخ 22/3/1385هـ على ضرورة مراعاة الأوضاع النظامية عند حدوث الاندماج، إذ نصت على أنه: “يكون الاندماج بضم شركة أو أكثر إلى شركة أخرى قائمة، أو بمزج شركتين أو أكثر في شركة جديدة تحت التأسيس، ويحدد عقد الاندماج شروطه ويبين بصفة خاصة طريقة تقويم ذمة الشركة المندمجة، وعدد الحصص أو الأسهم التي تخصها في رأس مال الشركة الدامجة، ولا يكون الاندماج صحيحاً إلا إذا صدر قرار به من كل شركة طرف فيه وفقاً للأوضاع المقررة لتبديل عقد الشركة أو نظامها، ويشهر هذا القرار بطرق الإشهار المقررة لما يطرأ على عقد الشركة المندمجة أو نظامها من تعديلات”.
ومما سبق يتضح لنا أن المادة المشار إليها أعلاه قد أوجبت أن يتم الاندماج وفقاً للأساليب الواردة في النظام، لتعديل عقد كل شركة طرف في عملية الاندماج أو نظامها الأساسي حتى يكون الاندماج صحيحاً، فضلاً عن مراعاة الجوانب المتعلقة بشهر قرار الاندماج وفقاً للشروط المحددة نظاماً. كما نصت هذه المادة أيضا على أساليب وطرق الاندماج، وهما طريقتان، الأولى: اندماج بطريق المزج، والثانية: اندماج بطريق الضم.
ويتم الاندماج بطريق المزج عن طريق مزج أو اتحاد شركتين أو أكثر لتكوين وإنشاء شركة جديدة بمجموع رأس مال الشركات المنضمة، ويترتب على ذلك انقضاء وزوال الشخصية الاعتبارية للشركة المندمجة وظهور شخصية اعتبارية جديدة تختلف تماماً عن شخصية كل شركة من الشركات المندمجة قبل حدوث الاندماج.
أما النوع الآخر من أنواع الاندماج، فهو الاندماج بطريق الضم، ويتم عن طريق اندماج شركة أو أكثر في شركة أخرى قائمة، ويستتبع ذلك انقضاء وزوال الشركة المندمجة وتنتقل معها كافة حقوقها والتزاماتها إلى الشركة الدامجة، وتظل الشركة الدامجة هي القائمة وتتمتع وحدها بالشخصية الاعتبارية.
وبما أن الاندماج يترتب عليه انتقال جميع الحقوق والالتزامات للشركة المندمجة، إلا إذا نص عقد الاندماج على خلاف ذلك، فإن ذلك قد يستتبع الإضرار بدائني الشركة المندمجة. ولأجل حماية حقوق هؤلاء الدائنين، فقد نصت المادة (215) من نظام الشركات على أنه: “لا ينفذ قرار الاندماج إلا بعد انقضاء تسعين يوماً من تاريخ شهره، ويكون لدائني الشركة المندمجة خلال الميعاد المذكور أن يعارضوا في الاندماج بخطاب مسجل إلى الشركة، وفي هذه الحالة يظل الاندماج موقوفاً إلى أن يتنازل الدائن عن معارضته، أو إلى أن تقضي هيئة حسم منازعات الشركات التجارية بناءً على طلب الشركة بعدم صحة الاعتراض المذكور، أو إلى أن تقدم الشركة ضماناً كافياً للوفاء بدين المعترض إن كان آجلاً، وإذا لم تقدم معارضة خلال الميعاد المذكور اعتبر الاندماج نافذاً”.
ويفهم من هذا أنه يجوز لكل دائن نشأ حقه في مواجهة الشركة المندمجة قبل إتمام إجراءات الاندماج الاعتراض خلال تسعين يوماً من تاريخ شهر القرار بخطاب مسجل إلى الشركة، وفي تلك الحالة فلا ينفذ الاندماج في حقه إلا بتنازله من خلال عدم ممانعته لقرار الاندماج، أو إلى أن يقضي ديوان المظالم في تلك المسألة، أو إلى أن تقدم الشركة ضماناً كافياً للوفاء بهذا الدين إن كان مؤجلاً.
عقد الاندماج وظروف وبروتوكلاته …درج الفقه على تقسيم اجراءات عملية الاندماج الى مرحلتين: المرحلة التمهيدية والمرحلة التنفيذية.
اولاً: المرحلة التمهيدية:
وتشمل: أ- بروتوكول الاندماج Protocol de fusion
تبدأ عادة اجراءات الاندماج بمفاوضات ودراسات يقوم بها منسوبو الشركات الراغبة في الاندماج المتخصصين وتستغرق هذه المفاوضات مدة طويلة وتحاط بسرية تامة وتنتهي هذه المفاوضات بتوقيع بروتكول اندماج بين الشركتين وهذا البروتوكول مجرد من كل أثر قانوني حيث يحدد فقط نوايا الاطراف والسلوك المتبع خلال الفترة الانتقالية السابقة لعملية تنفيذ الاندماج نالتي تتوج بتوقيع عقد الاندماج.
ب- مشروع عقد الاندماج project de fusion:
يتم اعداد مشروع عقد الاندماج على ضوء ما أسفرت عنه المفاوضات الاولية وما تضمنه بروتوكول الاندماج ويعد هذا المشروع عادة مجلس الادارة او المديرون مع المستشارين والخبراء.
مكونات عقد الإندماج:
1. دوافع وأغراض وشروط الإندماج
2. تاريخ حسب أصول وخصوم الشركات المندمجة.
3. التقرير المبدئي لقيمة أصول وخصوم الشركات المندمجة مع مراعاة القيمة الفعلية للأصول.
44. كيفية تحديد حقوق كل من المساهمين او الشركاء في الشركة الجديدة أو في كل من الشركات الدامجة والمندمجة.
كما يجب أن يرفق بمشروع العقد تقرير بالأسس التي استند عليها التقرير المبدئي للأصول والخصوم المشار اليها حتى تتضح اسباب تحديد حقوق المساهمين والشركاء بعد الاندماج على الو جه الوارد بمشروع العقد. كما يجب التحقق من صحة التقرير الخاص بالاصول والخصوم للشركات الراغبة في الاندماج الموجود بمشروع عقد الاندماج من قبل جهة مختصة كبورصة الاوراق المالية او سوق المال كما هو الحال في التشريع. كما يجب إحالة مشروع عقد الاندماج بملحقاته الى مراقب الحسابات المختص في كل شركة مندمجة وذلك قبل اجتماع الجمعية العمومية للمساهمين المحدد للنظر في عقد الاندماج بفترة كافية حتى يعد تقريراً عن الاسلوب الذي تم به الاندماج بعد وضع المستندات والاوراق اللازمة كافة الخاصة بعملية الاندماج تحت تصرفه حتى يحصل كل مساهم على نسخة منه.
المرحلة التنفيذية:
وتبدأ هذه المرحلة بعرض مشروع الاندماج على الجمعية العمومية غير العادية للمساهمين في كل من الشركة الدامجة والشركة المندمجة لإقراره بالأغلبية ومن ثم التقدم بطلب من الجهة المختصة بالموافقة على عملية الاندماج ويتلو ذلك اجراءات القيد في السجل التجاري ثم شهر اعلان الاندماج للعموم واعطاء مهلة الاعتراض لمن
له حق الاعتراض.
آثار الاندماج بالنسبة للشركة المندمجة:
يترتب على الاندماج انقضاء الشركة المندمجة وزوال شخصيتها الاعتبارية وبالتالي صلاحيتها لاكتساب الحقوق والتحمل للإلتزامات وتظل موجوداتها قائمة تؤول بحالها إلى الشركة الدامجة حيث ينتهي هنا الكيان القانوني للشر كة المندمجة ويظل كيانها المادي ومشروعها الاقتصادي قائماً امام الغير.
آثار الاندماج بالنسبة للشر كة الدامجة:
يترتب على الاندماج حلول الشركة الدامجة محل الشركات المندمجة فيما لها من حقوق وما عليها من التزامات بملحقاتها تأسيساً على فكرة الخلف العام ما عدا العقارات وبراءات الاختراع المملوكة للشركة المندمجة حيث لاتنتقل الا بعد اكتمال اجراءات نقل السجل لدى سلطات الاراضي والمسجل التجاري.
كما يؤدي الاندماج إلى زيادة رأس المال للشركة الدامجة بحصص عينية وتصدر الشر كة الدامجة مقابل هذه الحصص اسهماً عينية توزعها على الشركات في الشركة المندمجة باعتبارهم مساهمين في الشر كةه الدامجة.
في العموم تمر عملية الاندماج بمفاوضات وعقد اندماج و قرار الشركاء وموافقات للأطراف ذي العلاقة وتقييم وحصر لأصول الشركة المدمجة والحصول على موافقة الجهات المختصة وتقديم ميزانيات متتالية والبيانات المالية المدققة وتوضيح الموقف من دائني الشركة المدمجة والية وضع وتوزيع الحصص والاسهم … الآلية فيها ترتيبات ضرورية قبل الاندماج وبعده …..نظام الشركات الجديد تناول الاندماج في المواد من 190 وما يليها…..ونظام المنافسة ..وعقد الاندماج لابد أن يوضح فيه كافة التفاصيل الرئيسية المهمة
ثانيا :- اعداد قرار شركاء وتوثيقه وشهره حسب الاجراءات المتبعة نظاما.
ثالثا:- اعداد مشروع عقد الاندماج
يوضح ويتضمن التفاصيل الرئيسية بما فيها وضع الشركات الأطراف في عملية الاندماج وأسباب الرغبة
رابعا :- أخذ الموافقات اللازمة لعملية الاندماج
من الجهات المختصة لتوثيق الكيان الجديد وشطب الكيانات المندمجة كمل المنافسة والمساهمة ..الخ ..
خامسا :- إجراء الترتبات النظامية اللازمة
حيال الأطراف ذي العلاقة من الدائنين وحملة الأسهم والسندات واعطاء الوقت الكافي حسب النظام لأي اعتراض لعملية الاندماج لكل من له علاقة .
سادسا:- تسجيل وتوثيق الكيان الجديد
اذا نشأ كيان جديد أو توثيق الاندماج اذا حصل ضم للشركة الدامجة بتوثيق وتسجيل الضم وتوثيق ماتم من شطب للشركة المدمجة……