إيضاحات حول التنفيذ الجبري والإكراه القضائي
التنفيذ الجبرى هو”اجبار “قضائى فى التنفيذ حال الامتناع عن القيام به طواعية، وبالتالى فهو ليس مجرد “إكراه” على التنفيذ الاختيارى، سواء أكان هذا الاكراه مالياً أو بدنياً، ولو أنه فى الحالتين هو – بدوره – اكراه ” قضائى ” أصلا . وهذا الاكراه كالتنفيذ الجبرى، سواء من حيث صفته القضائية أو من حيث طبيعته الاستثنائية، إنما لا يجوز الخلط بينهما، أى يجب التمييز بينهما، خاصة أن صور الاكراه واردة حصرًا وعداً كما يلى:
فأولا : الاكراه ” المالي ” على التنفيذ الاختيارى، قد اشتهرت تسميته اختصارًا واصطلاحاً ب ” الغرامة التهديدية” التى تستلزم حكماً قضائياً بها، وذلك عملاً بالمادة 213 مدنى، وتقضى بما يلى:
« 1- إذا كان تنفيذ الالتزام عيناً غير ممكن أو غير ملائم إلا إذا قام به المدين نفسه، جاز للدائن أن يحصل على حكم بالزام المدين بهذا التنفيذ وبدفع غرامة تهديدية إذا امتنع عن ذلك. 2- واذا راى القاضى أن مقدار الغرامة ليس كافياً لاكراه المدين الممتنع عن التنفيذ، جاز له أن يزيد الغرامة كلما راى داعياً للزيادة على أن الحكم بدفع غرامة تهديدية، وان كان حكماً قضائياً بالزام، أى أن الإلزام بالدفع موجود فعلاً فى هذا الحكم، لكنه إلزام غير محقق الوجود قانوناً، أى ليس إلزاماً نهائياً، وبالتالى نصت المادة 214 مدنى على أنه” إذا تم التنفيذ العينى أو أصر المدين على رفض التنفيذ، حدد القاضى مقدار التعويض الذى يلزم به المدين، مراعياً فى ذلك الضرر الذى أصاب الدائن والعنت الذى بدا من المدين “
وبهذا الاعتبار، فإن الحكم بالغ ا رمة التهديدية لا يقبل التنفيذ الجبرى، وغير صالح إذن لأن يكون سنداً تنفيذياً بالمعنى الدقيق، وذلك خلافاً للحكم بالإل ا زم بالتعويض النهائى. وفى هذا المنحى يسير قضاء محكمة النقض فى مصر(1) .
ثانياً: والاكراه البدنى على التنفيذ الاختيارى له صورتان فى مصر، وذلك كالتالى:
1 – اكراه المحكوم عليه فى حكم جنائى بالتعويض لغير الحكومة، على التنفيذ الاختيارى، وذلك عملاً بالمادة 519 من قانون الإجراءات الجنائية، وتقضى بما يلى: “إذا لم يقم المحكوم عليه بتنفيذ الحكم الصادر لغير الحكومة بالتعويضات، بعد التنبيه عليه بالدفع، جاز لمحكمة الجنح التى بدائرتها محله، إذا ثبت لديها أنه قادر على الدفع، وأمرته به فلم يمتثل، أن تحكم عليه بالاكراه البدنى. ولا يجوز أن تزيد مدة هذا الاكراه على ثلاثة أشهر. ولا يُخصم شئ من التعويض نظير الاكراه فى هذه الحالة، وترفع الدعوى من المحكوم له بالطرق المعتادة “
2- اكراه المحكوم عليه فى حكم بالنفقات والأجور وما فى حكمها، على التنفيذ الاختيارى، وذلك عملاً بالمادة 76 مكرر من القانون رقم 1 / 2000 بشأن بعض أوضاع التقاضى فى مسائل الأحوال الشخصية، وهى تقضى بما يلى:
“إذا امتنع المحكوم عليه عن تنفيذ الحكم النهائى الصادر فى دعاوى النفقات والأجور وما فى حكمها جاز للمحكوم له أن يرفع الأمر إلى المحكمة التى أصدرت الحكم، أو التى يجرى التنفيذ بدائرتها. ومتى ثبت لديها أن المحكوم عليه قادر على أداء ما حكم به وأمرته به فلم يمتثل، حكمت بحبسه مدة لا تزيد على ثلاثين يوماً.
“فإذا أدى المحكوم عليه ما حكم به أو أحضر كفيلاً يقبله الصادر لصالحه الحكم، فإنه يخلى سبيله، وذلك كله دون إخلال بحق المحكوم له فى التنفيذ بالطرق العادية “
وفكرة الاكراه البدنى لم تعدم من يعترض عليها، بذريعة أن الدين المالى أصبح مضموناً بمال المدين، ولم يعد مضموناً ببدنه كما كان الحال فى التشريعات القديمة. لكن الاعتراض غير ذى موضوع أصلاً، لأن الاكراه البدنى لا يتعلق بالضمان، إنما يتعلق بتعنت المدين فى التنفيذ الاختيارى رغم قدرته على أدائه.