الإعتراض على الحكم بطريق إلتماس إعادة النظر في النظام السعودي.
أن القاضي إذا أصدر حكمه في القضية المعروضة عليه فإن الأنظمة القضائية تعطي الطرَف المحكوم عليه حق الاعتراض على الحكم، وطلب رفعه إلى جهة قضائية أعلى تتولى تدقيق الحكم وتمييزه، أو تتولى استئناف النظر في القضية؛ أي: إعادة النظر فيها من جديد من قِبل محكمة أعلى من المحكمة الأولى التي أصدرت الحكم الأوَّلي أو الابتدائي.
وأن الباب الحادي عشر من نظام المرافعات السعودي الصادر عام 1421هـ قد خُصص لطرق الاعتراض على الأحكام، وقد انتظم هذا الباب في ثلاثة فصول، الأول “أحكام عامة”، والفصل الثاني في “التمييز”، وقد مضى الحديث عن هذين الفصلين في حلقات مضت، وأما الفصل الثالث فهو مخصص للحديث عن “التماس إعادة النظر” في أربع مواد
والمراد بالتماس إعادة النظر:
“طعن في حكم نهائي، يُرفع إلى المحكمة التي أصدرته، لأسباب يعدِّدها القانون أو النظام، يُطلب به إعادة النَّظر في هذا الحكم”؛ انظر معجم اللغة العربية المعاصرة (3 / 2036).
والفرق بين الطعن في الحكم بطريق التماس إعادة النظر وطريق التمييز:
أن التمييز طلب رفع الحكم إلى محكمة التمييز خلال المدة المحددة بعد صدور الحكم الابتدائي.
وأما التماس إعادة النظر فهو طعن في حكم نهائي، يُرفع إلى المحكمة التي أصدرته لأسباب مفصلة في النظام.
ويُلحظ أن النظام أطلق أسباب الاعتراض بطريق التمييز ولم يقيدها بحالات معينة، تاركًا ذلك لأصحاب الشأن لتقديم ما يعِنُّ لهم من أوجه الاعتراض الموضوعية والشكلية، بينما تشدَّد بالنسبة لأسلوب الاعتراض بطريق التماس إعادة النظر، بأن حدد على سبيل الحصر حالات وأسبابًا معينة يجب ألا تخرج أسباب الالتماس عن واحد أو أكثر منها، وإلا كان غير مقبول نظامًا.
والحكمة من ذلك واضحة؛ هي أن الاعتراض عن طريق التمييز يستهدف أحكامًا ابتدائية لم تكتسب بعدُ الحجية القطعية، بينما الاعتراض بأسلوب الالتماس بإعادة النظر يستهدف أحكامًا اكتسبت الحجية النهائية؛ أي: حجية الأمر المقضي به، فأراد النظام أن يحيطها بسياج من الحصانة، يعصمها من الزعزعة وعدم الاستقرار إلا لأسباب ارتآها مبررة لذلك، وأوردها على سبيل الحصر في المادة 192 من النظام،
نص المادة 192 :
(يجوز لأي من الخصوم أن يلتمس إعادة النظر في الأحكام النهائية في الأحوال الآتية:
أ- إذا كان الحُكم قد بُني على أوراق ظهر بعد الحكم تزويرها، أو بني على شهادة قضي من الجهة المختصة بعد الحكم بأنها مزورة.
ب- إذا حصل الملتمس بعد الحكم على أوراق قاطعة في الدعوى كان قد تعذر عليه إبرازها قبل الحكم.
ج- إذا وقع من الخصم غش من شأنه التأثير في الحكم.
د- إذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم، أو قضى بأكثر مما طلبوه.
هـ- إذا كان منطوق الحكم يناقض بعضه بعضًا.
و- إذا كان الحكم غيابيًّا.
ز- إذا صدر الحكم على من لم يكن ممثلًا تمثيلًا صحيحًا في الدعوى).
وأوضحت اللائحة التنفيذية للمادة أن الأحكام النهائية هي:
أ- الأحكام في الدعاوى اليسيرة التي لا تخضع للتمييز.
ب- الأحكام التي قنع بها المحكوم عليه.
ج- الأحكام التي فات آخر ميعاد للاعتراض عليها.
د- الأحكام المصدقة من محكمة التمييز.
هـ- الأحكام الصادرة من محكمة التمييز.
وأوضحت أيضًا أن للمحكمة أن تحكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه إذا ظهر لها ما يبرر ذلك؛ كحق عام، أو حق قاصر، أو وقف أو نحوها، على أن تذكر المحكمة ذلك في أسباب حكمها.
وأنه لا يترتب على رفع الالتماس وقف تنفيذ الحكم إلا إذا رأت ذلك محكمة التمييز؛ لكيلا يُجعل التماس إعادة النظر طريقًا لتعطيل الحكم عن مراده بسرعة التنفيذ.
وبينت المادة الثالثة والتسعون مدة التماس إعادة النظر، بأن:
(مدة التماس إعادة النظر ثلاثون يومًا، تبدأ من اليوم الذي يثبت فيه علم الملتمس تزوير الأوراق، أو بالقضاء بأن الشهادة مزورة، أو ظهرت فيه الأوراق المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة الثانية والتسعين بعد المائة، أو ظهر فيه الغش، ويبدأ الميعاد في الحالات المنصوص عليها في [بقية] الفقرات: (د، هـ، و، ز) من المادة السابقة من وقت إبلاغ الحكم).
وأوضحت اللائحة التنفيذية للمادة :
أنه تكفي إفادة الملتمس بتاريخ علمه بالتزوير والغش، وبوقت ظهور الأوراق المنصوص عليها في المادة؛ ما لم يثبت ما يخالف ذلك.
وفي المادة الرابعة والتسعين بعد المائة بيان الجهة التي يُرفع لها الطلب، ونصها:
(يرفع الالتماس بإعادة النظر بإيداع صحيفة الالتماس لمحكمة التمييز، ويجب أن تشتمل الصحيفة على بيان الحكم الملتمس إعادة النظر فيه، وأسباب الالتماس.
وعلى محكمة التمييز – متى اقتنعت – أن تعد قرارًا بذلك وتبعثه للمحكمة المختصة للنظر في ذلك).
وأوضحت اللائحة التنفيذية للمادة:
أن بيان الحكم الملتمس إعادة النظر فيه يكون بذكر موضوعه نصًّا، أو مضمونًا، ورقم الصك وتاريخ تسجيله وصورة عنه.
وأنه إذا قبلت محكمة التمييز التماس إعادة النظر، فيتولى إكمال لازمه من تحدده محكمة التمييز من حاكم القضية أو خلفه.
ولمحكمة التمييز إحضار خصم الملتمس، وعرض صحيفة الالتماس عليه إذا رأت ذلك، وتحدد له أجلًا للرد عليها إذا رغب ذلك، ولا يزيد الأجل على خمسة عشر يومًا.
وتبين المادة الخامسة والتسعون بعد المائة حجية قرار رفض الالتماس،
(القرار الذي يصدر برفض الالتماس، والحكم الذي يصدر في موضوع الدعوى بعد قَبوله، لا يجوز الاعتراض على أيهما بالتماس إعادة النظر).
وأوضحت اللائحة التنفيذية للمادة:
أنه إذا حكمت المحكمة التي أصدرت الحكم السابق في موضوع الدعوى بعد قَبول الالتماس من محكمة التمييز، فلا يجوز الاعتراض عليه بالتماس إعادة النظر مرة أخرى.
وأن لأيٍّ من الخصوم التماس إعادة النظر مرة أخرى لسبب آخر لم ينظر فيه سابقًا من الأسباب المنصوص عليها في المادة (192).
ويزود حاكم القضية بنسخة عن قرار رفض الالتماس الصادر عن محكمة التمييز لتدوينه في الضبط.
وأن الحكم الذي يصدر من القاضي في موضوع الدعوى بعد قَبول الالتماس من محكمة التمييز تطبق عليه تعليمات التمييز…