الإعتراض على الأحكام القضائية في النظام القضائي السعودي.
وقد خُصِّص الباب الحادي عشر من نظام المرافعات السعودي الصادر عام 1421هـ لطُرق الاعتراض على الأحكام، وقد انتظَم هذا الباب في ثلاثة فصول: الأوَّل “أحكام عامة” في خمس مواد، والفصل الثاني في “التمييز” في ثلاث عشرة مادة، والفصل الثالث في “الْتِماس إعادة النظر” في أربع مواد
ولنبدأ بالفصل الأول الذي يَبدأ بالمادة الثالثة والسبعين بعد المائة، ونصُّها: (طُرق الاعتراض على الأحكام هي التمييز والْتِماس إعادة النظر).
والمراد في هذه المادة: البيان الإجمالي لطُرق الاعتراض على الأحكام، وأنها طريقان: التمييز: بأن يُطلبَ رَفْع الحكم إلى محكمة التمييز، وهي محكمة ذات درجة أعلى تتولَّى مراجعة الحكم وتدقيقه، ثم المُصادقة عليه أو الملاحظة.
والطريق الثاني: الْتِماس إعادة النظر، وهو: “طَعْنٌ في حكم نهائيٍّ، يُرفَع إلى المحكمة التي أصدَرته؛ لأسباب يُعَدِّدها القانون أو النظام، يُطْلب به إعادةُ النَّظر في هذا الحكم”؛ انظر معجم اللغة العربية المعاصرة، (3 / 2036).
وبيَّنت المادة الرابعة والسبعون بعد المائة مَن يحقُّ له الاعتراض على الحكم، ونصُّها: (لا يجوز الاعتراضُ على الحكم إلاَّ من المحكوم عليه، ولا يَجوز ممن قَبِل الحكم، أو ممن قُضِي له بكلِّ طلباته، ما لَم ينصَّ النظام على غير ذلك)؛ وذلك لأنَّ الاعتراض حقٌّ للمحكوم عليه الذي صدَر الحكم ضده، وقد يَستفيد مِن رَفْع الحكم إلى محكمة التمييز، وأمَّا إذا قرَّر المحكوم عليه قناعته بالحكم، أو كان الحكم قد صدَر لصالحه في جميع ما ادَّعى به، فلا حاجة إلى رَفْع الحكم إلى التمييز.
وهناك حالات استثنائيَّة يُرفَع فيها الحكمُ إلى التمييز بكلِّ حالٍ؛ نظراً لخصوصيَّة موضوعها، أو أفرادها كما سيأتي بيانه لاحقًا.
وأوضَحت اللائحة التنفيذية للمادة أنَّ قَبول الحكم هو: الاقتناع به، ويَجب تدوينُه عند حصوله في الضبْط والصك، وكذا الاعتراضُ على الحكم.
وأنه إذا كان الحكم صادرًا ضد عدَّة أشخاص – كالشُّركاء والورَثة – فيحقُّ لبعضهم الاعتراض، ولو قنَع الآخرون.
وللمحكوم عليه الرجوعُ عن قناعته بالحكم خلال الجلسة قبل التوقيع على الضبْط.
ويَجوز الاعتراض على الحكم ممن صدَر الحكم ضده، ولو لَم يكن حاضرًا أو مُوكِّلاً – كقضايا الورثة – حسب إجراءات الاعتراض.
وإذا حُكِم للقاصر وناظر الوقف – ومَن في حُكمهم – بكلِّ طلباتهم، فليس للنائب عنهم الاعتراضُ على الحكم.
وأمَّا المادة الخامسة والسبعون بعد المائة، فقد بيَّنت وقت الاعتراض على الأحكام التي تَصدر خلال نظر القضيَّة، وقبل انتهائها، ونصُّها: (لا يجوز الاعتراض على الأحكام التي تَصدُر قبل الفصل في الدعوى، ولا تنتهي بها الخصومة كلُّها أو بعضُها، إلاَّ مع الاعتراض على الحكم الصادر في الموضوع، ويَجوز الاعتراض على الحكم الصادر بوقفِ الدعوى، وعلى الأحكام الوقتية والمُستعجلة قبل الحكم في الموضوع).
وأوضَحت اللائحة التنفيذية للمادة أنَّ الأحكام التي تَصدر قبل الفصل في الدعوى، ولا تنتهي بها الخصومة؛ مثل: رَفْض الإدخال، والتدخُّل، والطلبات العارضة.
وأنَّ الأحكام الوقتيَّة والمستعجلة التي تَصدر قبل الفصل في الدعوى، هي ما أُشير إليه في المادة (234)، التي حدَّدت الدعاوى المُستعجلة بأنها ما يلي:
1- دعوى المُعاينة لإثبات الحالة.
2- دعوى مَنْع التعرُّض للحيازة، ودعوى استِردادها.
3- دعوى المنْع من السفر.
4- دعوى وَقْف الأعمال الجديدة.
5- دعوى طلب الحراسة.
6- الدعوى المُتعلِّقة بأُجرة الأجير اليوميَّة.
7- الدعاوى الأُخرى التي يُعطيها النظام صفةَ الاستِعجال.
فهذه الدعاوى المستعجلة يَجوز الاعتراض عليها فورَ صدورها؛ لأنَّ المحكوم عليه يتضرَّر بتأخير رَفْعها إلى التمييز؛ نظرًا لطبيعتها.
وأوضَحت اللائحة أنه تُطَبَّق إجراءات الاعتراض على الأحكام الصادرة في أصل الدعوى، وعلى الأحكام الصادرة بوَقْف الدعوى، والأحكام الوقتية والمُستعجلة.
وبيَّنت المادة السادسة والسبعون بعد المائة ميعاد الاعتراض على الحكم، ونصُّها: (يَبدأ ميعاد الاعتراض على الحكم من تاريخ تسليم إعلام الحكم للمحكوم عليه، وأخْذ توقيعه في دفتر الضبط، أو من التاريخ المحدَّد لتسلُّمه إذا لَم يَحضُر، ويبدأ ميعاد الاعتراض على الحكم الغيابي من تاريخ تبليغه إلى الشخص المحكوم عليه، أو وكيله).
وأوضَحت اللائحة التنفيذية أنَّ حاكم القضيَّة يُحدِّد للمحكوم عليه في جلسة النُّطق بالحكم ميعادًا؛ لاستلام نُسخة صكِّ الحكم، وإبداء المعارضة عليه.
وأنه إذا كان الحكم غيابيًّا، فيكون تبليغ المحكوم عليه أو وكيله نُسخةَ الحكم في محلِّ إقامته أو عمله، وَفْق إجراءات التبليغ، ويبدأ ميعاد الاعتراض على الحكم من تاريخ التبليغ، وإذا لَم يُقَدِّم اعتراضه خلال المدة المقرَّرة نظامًا، فيَكتسب الحُكم القطعيَّة.
وإذا تعذَّر تسليم نسخة صكِّ الحكم الغيابي إلى المحكوم عليه أو وكيله، رُفِع الحكم إلى محكمة التمييز، بدون لائحة اعتراضيَّة، ولا يَمنع ذلك من الْتِماس إعادة النظر وَفْق أحكامه المقرَّرة في هذا النظام.
وبيَّنت المادة السابعة والسبعون بعد المائة متى يُوقَف ميعاد الاعتراض، ونصُّها: (يَقف ميعاد الاعتراض بموت المعترض، أو بفَقْد أهليَّته للتقاضي، أو بزوال صفة مَن كانت تُباشر الخصومةُ عنه، ويستمرُّ الوقف حتى إبلاغ الحكم إلى الورَثة، أو مَن يُمَثِّلهم، أو يَزول العارض).
وأوضَحت اللائحة التنفيذية أنه يَلحق بالحالات الثلاث المقرَّرة في هذه المادة، كلُّ ما اشترَك معها في المعنى؛ كالوكيل، والوَلي، والوصي على القاصر، والناظر على الوقف، ومَن منَعَه عارضٌ ظاهر خارجٌ عن إرادته، كالإصابة المُقعدة.
وأنه إذا كان العارض يطول عادةً، فلحاكم القضيَّة إقامةُ نائبٍ عن المُعترض في تقديم الاعتراض فقط، ويُدوِّن ذلك في ضبْط القضيَّة نفسها.
وأنه إذا بُلِّغَ الورَثة أو مَن يُمثِّلهم بالحكم، أو زال العارض – فيُستأنَف سيرُ مدة الاعتراض، ويُحسب منها ما مضى قبل الوقف.