الخطأ في شكلية الحكم خطأ جوهري للحكم.
الخطأ في شكلية الحكم بسبب عدم اكتمال بنائه الداخلي أو حسب تعبير المشرع العراقي وفق المادة 203/5والتي تنص على “…. أو كان الحكم غير جامعٍ لشروطه القانونية ” وهي من الحالات التي أضافها القضاء الفرنسي لحالات الطعن مطلقاً عليها “عدم قيام الحكم على أساس قانوني كأحد أسباب الطعن بالتمييز (40).
وهي حالةٌ متميزة سنتناولها بشيء من التفصيل ، حيث يفترض فيها أن أسباب الحكم لا تسمح لمحكمة التمييز بمعرفة ماذا كان الحكم مؤسساً من الناحية القانونية أم غير مؤسس ، وتأسيس الحكم يعني أن يذكر في ورقة الحكم الأسباب الواقعية والقانونية التي تكفي لتوليد القناعة لدى محكمة التمييز بأن الحكم صحيح (41).
فإذا حصل وذكرت أسباباً في الحكم ، وأصاب الأسباب الواقعية منها نقص أو قصور بكونه تتضمن عرض ناقص لوقائع النزاع بحيث يؤدي ذلك إلى استحالة معرفة ما إذا كان القانون قد طبق تطبيقا صحيحا أم لا، أو صدور الحكم خالياً من ذكر أي مادة قانونية يستند إليها القاضي في تبرير حكمه وسواء من حيث نتيجة الحكم أو إثبات وقائعه ،
فأننا عندئذ نكون أمام حالة متميزة مضمونها عدم قيام الحكم على أساس قانوني وهي موجبة للنقض من قبل محكمة التمييز والمثال على ذلك ما إذا قرر الحكم قيام خطأ ، أو قيام مسؤولية أحد الأشخاص دون أن يحدد الوقائع التي تتولد عنها هذه المسؤولية. وقد كان هدف القضاء من السماح بالطعن في الأحكام على أساس هذه الحالة ، هو إلا يترك أحكاماً مشوبة بهذا العيب تفلت من رقابة التمييز ،
والقول بعكس ذلك سوف يؤدي إلى السماح لقضاة الموضوع بإعطاء أحكامهم أية أسباب عامة ، غامضة ، غير كافية ، وكل ذلك يؤدي إلى عرقلة رقابة التمييز على أعمال القانون لذا فقد جرى العمل في فرنسا على اعتبار هذه الحالة سببا من أسباب الطعن التمييزي حتى في حالة عدم وجود النص الذي يسمح ببناء الطعن عليه (42). ويرى الفقه الفرنسي (43).
انه من الواجب التمييز بين هذه الحالة وحالة تخلف أو انعدام أسباب الحكم ، فالواقع انه لا نزاع في أن الحكم الخالي من الأسباب يكون باطلاً ، نظراً لوجود هذا العيب الشكلي ، أما نقص الأساس القانوني يعود إلى أن الحكم تلحق به أسبابه ولكنها أسباب غير كافية لحمل منطو قه ، ولأتسمح لمحكمة التمييز بأجراء القياس المنطقي والقانوني عليها وذلك لقصور الأسباب عن أيراد العناصر اللازمة لتبرير ما طبقه الحكم من قواعد قانونيه ،
فهو عيب في صميم الحكم وليس في شكل ذلك الحكم0 على أن الذي نؤيده هو ما ساد من رأي في الفقه الإيطالي والبلجيكي في أن عدم كفاية الأسباب لا يعدو أن يكون امتداداً للانعدام الكامل للأسباب فيأخذ طبيعته من حيث كونه عيبا شكليا في الحكم (44). وقد أورد الفقه الفرنسي (45).
صورا مختلفة لهذه الحالة من حالات الطعن ، منها الحالة التي يقوم فيها القاضي بإدماج حاصل فهم الواقع في الدعوى بحاصل فهم القانون في هذا الواقع ، مثل إطلاق صفة التاجر بشخص معين دون بيان الأساس الذي تولدت عنه هذه الصفة . ومنها أيضا حالة غموض ، أو إبهام ، أو عمومية أسباب الحكم مثل إلزام أحد أطراف الدعوى بالتعويض عن الإجراءات الكيدية ، دون بيان الأساس الذي تولدت منه هذه الكيدية . أو حالة عدم بيان الواقعة محل النزاع بيانا كافيا ، أو عدم الرد على الطلبات والدفوع الموضوعية الهامة .
وتجدر بنا الإشارة إلى أن ما يلاحظ مما سبق أن عدم تأسيس الحكم يكون عندما نواجه قصورا ونقصا في الأسباب الواقعية Les Motifs de fait عن أيراد وقائع الدعوى ، وظروفها ،وملابساتها وادعاءات الخصوم وطلباتهم ، إذ لا يمكن لمحكمة التمييز معالجة هذه الحالات لأنها من اختصاص قاضي الموضوع ، أما قصور الأسباب القانونية فالأمر يختلف ، إذ يمكن لمحكمة التمييز معالجتها إذ كانت الأسباب الواقعية كافية لتلك المعالجة ، والمصادقة فقط على نتيجة الحكم إذا كانت صحيحة ، أو الفصل في الدعوى إذا كانت النتيجة خاطئة ، بان كانت تلك الأسباب القانونية قد أثرت في صحة النتيجة ،
لذا فأننا نؤيد المشرع العراقي في فصله بين الأسباب الواقعية والأسباب القانونية للحكم ،ونتقد الفقه، والمشرع ،والقضاء الفرنسي ،والمشرع ،والقضاء المصري في عدم التمييز بين الحالتين(46).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
40 -Loisel ،Du Pouvoi Cassation Pour Contrariete de jugment .j.c.p 1945 ،I،no،48 . Mimin ،Les enoncitions necessaires ، base Legale des Jugement j.c.p 1946،I،no.541. Jean Jonqueres :journees juridiques Fnanco – Allemandes ، pairs Oct 1980،122.
وانظر أيضا عزمي عبد الفتاح –تسبيب الأحكام وإعمال القضاة –ط1 –منشاة المعارف بالإسكندرية 1983ص263 0حامد فهمي –تسبيب الأحكام في المواد المدنية –مجلة القانون والاقتصاد –السنة 5 العدد6 ص 593 0وتقابل هذه الحالة المادة 203/5 “الخطأ الجوهري في الحكم ” والمادة 248/2 م0م0مصري “إذا وجد بطلان في الحكم “.
4 -أساس هذا الالتزام هو نص المادة 455و458م0م0فرنسي والذي ينص على ضرورة اشتمال الأحكام على أساسها وألا كانت باطلة والذي يقابل المادة 178م0م0مصري والتي تشير إلى أن القصور في أسباب الحكم الواقعية دون القانونية يترتب عليه بطلان الحكم ، ونرى بدورنا أن النص العراقي كان أوضح وأجلى إذ أنه ميز بين الأسباب الواقعية والقانونية أولا ونص على ضرورة توفرهما معا لاكتمال صحة الحكم وشدد على توفر الواقعية منها وان تستند على أحد أسباب الحكم المبينة بالقانون (المادة 159/1م0م0ع )0وبخلافه يكون الحكم موجباً للنقض لعدم اكتمال شروطه القانونية حسب القانون العراقي وانظر أيضا في ذلك
Francis Kerna Lequen ،I ex Tension du role juges de Cassation ، these Rennes 1979 ،P351 ets
وانظر كذلك عبد الرزاق عبد الوهاب –المرجع السابق –ص147، واحمد مليجي – اوجه الطعن بالنقض المتصلة بوقائع الدعوى – دار النهضة العربية – القاهرة –1991ص 49 0
42- –Marty ،op.cit،p.283. Civ ،29 juin 1972 .Bull .Civ II ،n204 . Civ. 3 arr.1973 .Bull .Civ I. n 125.. Civ ،21otc . 1969 ،Bull . Civ . IV .n 306 .
وهو الاتجاه الذي سارت عليه محكمة النقض المصرية منذ أنشأها ولحد ألان ، ناظر مثلا نقض مدني 19 نوفمبر طعن رقم 2 السنة الأولى قضائية ، ونقض مدني 23نوفمبر 1933 طعن رقم 31 السنة 3 قضائية ، وحكم حديث لها –نقض مدني 8 فبراير 1979 مجموعة النقض المصرية السنة 51ق ص 30 ونقض مدني 7 أبريل 1975مجموعة النقض المصرية السنة 26 ق ص 755 0
43- Morel ،op. Cit، p.512. Fay ،La Cour de Cassation ،op.cit، p.119. Marity ،op. Cit ، n 139 ، p282 .
وعزمي عبد الفتاح – المرجع السابق – ص 399 0
44- Jucquas Bore : La Cassation En Matiere Civil ; Sirey ، Paris ، 1980 ،P.666،N .229 .
وكذلك حامد فهمي – تسبيب الأحكام في المواد المدنية والتجارية –بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد المصرية –العدد16السنة5 – ص 631بند 17 0
45 -انظر احمد السيد صاوي –نطاق الرقابة – المرجع السابق – ص 162 بند 100 0
Fay ،op.cit، p .120 . Joele Fosseran : Cas d، Ouverture a Cassation ، Juris Classer ، proc. Cir. T ،5 . 1981 ، Fasc ، 769، no. 114 .
46 -انظر عكس رأينا في الفقه المصري احمد السيد صاوي – المرجع السابق – ص 159،بند 96وانظر ما سار عليه القضاء المصري في جلسة 25/5/1992الطعن رقم 2180لسنة 53ق، وفي الفقه الفرنسي Fay ،op.cit،no.119.