المحاكم الإقتصادية ومدى الأثر الفوري لقوانيها
“لمـا كان الثابت من مطالعة المفردات أن الفعـل المسند إلى المتهم هو نشر مصنف ( ألعاب وأغاني وأفلام ) محمي طبقاً لأحكام القانون ، عبر أجهزة الحاسب الآلي ، وهو يشكل الجنحة المؤثمة بالمواد 138 ، 140 ، بند 2 ، 5 ، 6 ، 147 ، 181 بند رابعاً وفقرة 2 ، 4 ، 5 من القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكية الفكرية .وإذ كانت الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ينعقد الاختصاص نوعياً بنظرها إلى المحاكم الاقتصاديـة ،
ذلك أن القانون 120 لسنة 2008 بإصدار قانون المحاكم الاقتصادية المنشور في الجريدة الرسمية في 22 مايو سنة 2008 ، والمعمول به اعتباراً من 1/10/2008 نص في مواد الإصدار على أنه :
( المادة الأولى ) يعمل بأحكام القانون المرافق في شأن المحاكم الاقتصادية ، ولا يسري في شأنه أي حكم يخالف أحكامه .
( المادة الثانية ) تحيل المحاكم من تلقاء نفسها ما يوجد لديها من منازعات ودعاوى أصبحت بمقتضى أحكام القانون المرافق من اختصاص المحاكم الاقتصادية وذلك بالحالة التي يكون عليها وبدون رسوم ، وفى حالة غياب أحد الخصوم يقوم قلم الكتاب بإعلانه بأمر الإحالة مع تكليفه بالحضور في الميعاد أمام المحكمة التي تحال إليها الدعوى .وتفصل المحاكم الاقتصادية فيما يحال إليها لأحكام الفقرة السابقة دون عرضها على هيئة التحضير المنصوص عليها في المادة 8 من القانون المرافق ولا تسرى أحكام الفقرة الأولى على المنازعات والدعاوى المحكوم فيها ، أو المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بهذا القانون ، وتبقى الأحكام الصادرة فيها خاضعة للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها .
( المادة الثالثة ) تستمر محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والدوائر الاستئنافية في المحاكم الابتدائية في نظر الطعون المرفوعة أمامها ، قبل تاريخ العمل بهذا القانون ، عن الأحكام الصادرة في المنازعات والدعاوى المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية .
( المادة الرابعة ) تطبق أحكام قوانين الإجراءات الجنائية ، وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، والمرافعات المدنية والتجارية والإثبات في المواد المدنية والتجارية ، وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص في القانون المرافق . كما نص في المادة (4) من قانون المحاكم الاقتصادية على أنه:
” تختص الدوائر الابتدائية والاستئنافية بالمحاكم الاقتصادية ، دون غيرها ، نوعياً ومكانياً بنظر الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها فى القوانين الآتية : 9ـ قانون حماية حقوق الملكية الفكرية ومن ثم فإن محكمة الإسماعيلية الاقتصادية ببورسعيد تكون قد أخطأت بتخليها عن نظر الدعوى ،
وتردت في الخطأ في تأويل القانون عند تفسيرها للفقرة الثالثة من المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 120 لسنة 2008 بما ذهبت إليه من أن المشرع بموجب هذه الفقرة استثنى من أحكام الإحالة ومن إعمال الأثر الفوري للقانون جميع الدعاوى التي سبق وأن صدر فيها أحكام من أي درجة من درجات التقاضي قبل العمل بالقانون ومن بينها الأحكام الغيابية الصادرة من محاكم الجنح ـ المحاكم الجزئية . ذلك أن المشرع إذ نص في هذه الفقرة الثالثة من المادة الثانية من مواد الإصدار على أنه ” ولا تسرى أحكام الفقرة الأولى على المنازعات والدعاوى المحكوم فيها ، أو المؤجلة للنطق بالحكم قبل تاريخ العمل بهذا القانون ، وتبقى الأحكام الصادرة فيها خاضعة للقواعد المنظمة لطرق الطعن السارية في تاريخ صدورها ” لم يبغ من ذلك إلا إعمال القواعد العامة في شأن الأثر الفوري للقوانين الإجرائية وتأكيد وجوب إعمال ما تقضى به من أن قوانين الإجراءات تسرى من يوم نفاذها على الإجراءات التي لم تكن قد تمت ولو كانت متعلقة بجرائم وقعت قبل نفاذها ، وأن القوانين المعدلة للاختصاص تطبق بأثر فوري شأنها في ذلك شأن قوانين الإجراءات ـ فإذا عدل القانون من اختصاص محكمة قائمة بنقـل بعـض ما كانت مختصة بنظره من القضايا طبقاً للقانون القديم إلى محكمة قضاء أخرى فإن هذه الجهة الأخيرة تصبح مختصة ولا يكون للمحكمة التي عدل اختصاصها عمل بعد نفـاذ القانون الجديد ـ ولو كانت الدعوى قد رفعت إليها بالفعل طالما أنها لم تنته بحكم بات ـ وذلك كله ما لم ينص الشارع على أحكام وقتية تنظم مرحلة الانتقال وأن طرق الطعن في الأحكام الجنائية ينظمها القانون القائم وقت صدور الحكم محل الطعن . فالمقصود بالدعوى المحكوم فيها أو المؤجلة للنطق بالحكم في هذه الفقرة هي الدعوى المحكوم فيها بحكم بات لاستنفاذ طرق الطعن فيه أو فوات مواعيدها أو الدعاوى المحجوزة للحكم أمام محكمة أخر درجة وقد كشف المشرع جليا عن مقصده هذا بما نص عليه في المادة الثالثة من مواد الإصدار من أنه ” تستمر محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والدوائر الاستئنافية في المحاكم الابتدائية في نظر الطعون المرفوعة أمامها قبل تاريخ العمل بهذا القانون ، عن الأحكام الصادرة في المنازعات والدعاوى المشار إليها في الفقرة الأولى من المـادة الثانيـة ” إذ وضع معياراً لتستمر محكمة النقض ومحاكم الاستئناف والدوائر الاستئنافية في المحاكم الابتدائية في نظر الطعون المرفوعة أمامها عن الأحكام الصادرة في الوقائع التي صـارت من اختصاص المحاكم الاقتصادية ألا وهو أن تكون تلك الطعون مرفوعة أمام هذه المحاكم قبل العمل بالقانون بما مفاده أنه يتعين على هـذه المحاكم ـ التي تنظر الطعـون ـ أن تعمل الأثر الفوري للقانون وتقضى بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من المحاكم العادية لانعقاد الاختصاص للمحاكم الاقتصادية طالما أن الطعن مرفوع أمامها بعد العمل بالقانون حتى ولو كان الحكم محل الطعن صادراً قبل العمل بالقانون ولم يشر المشرع في هذه المادة ـ الثالثة ـ إلى محاكم الجنح ـ الجزئية ـ إذ لم يكن في حاجة إلى الإشارة إليها ذلك أن هذه المحاكم باعتبارها بداية السلم القضائي تعمل حتماً الأثر الفوري للقوانين المعدلة للاختصاص طالما لم تستنفذ ولايتها في الدعوى قبل العمل بالقانون ولا تستنفذ ولايتها في حالة صدور حكم غيابي إذ يعاد طرح الخصومة أمام ذات المحكمة عند المعارضة في الحكم لتفصل فيها بحكم منهي للخصومة أمام هذه الدرجة من درجـات التقاضي ،
فإذا ما صدر قانون قبل الفصل في المعارضة يعدل من اختصاص المحكمة وجب عليها إعمال الأثر الفوري لهذا القانون والقضاء بإلغاء الحكم المعارض فيها والحكم بعدم الاختصاص وإلا يوصم حكمها بعيب الخطأ في تطبيق القانون ، والقول بغير ذلك ـ ما انتهت إليه المحكمة الاقتصادية ـ يؤدى إلى نتيجة مؤداها أن محكمة الجنح العادية وهى تنظر المعارضة المرفوعة أمامها عن حكم غيابي صادر قبل العمل بالقانون الجديد تظل مختصة بنظر الواقعة موضوع الدعوى رغم نفاذ القانون الذي عدل اختصاصها ثم تأتى المحكمة الابتدائية بهيئة استئنافية في الاستئناف المقام عن ذلك الحكم وتقضى بإلغائه وعدم اختصاص المحاكم العادية إعمالاً للمادة الثالثة من مواد الإصدار لكون الاستئناف قد رفع أمامها بطبيعة الحال بعد العمل بالقانون وهذا يعد عبثاً ولغواً يتعين تنزيه الشارع عنه .
إضافة إلى أن المشرع إن كان يبغى استمرار اختصاص المحاكم العادية بنظر الوقائع التي أصبحت من اختصاص المحاكم الاقتصادية في حالة صدور أي حكم فيها قبل العمل بالقانون ولو كان غيابياً من محكمة أول درجة لكان يكفيه النص صراحة على عدم سريان القانون الجديد إلا على الدعاوى التي ترفع بعد العمل به والدعاوى التي رفعت قبل العمل ولم يفصل بأي حكم من محاكم أول درجة ـ محكمة الجنح هذا فضلاً عن أن المشرع بإصداره هذا القانون إنما يهدف إلى حماية الاقتصاد والاستثمارات القائمة وتشجيع الاستثمارات الجديدة وهو ما يقتضى توحيد المعاملة القضائيـة لهذه الدعاوى ذات الطابع الاقتصادي سواء التي لم ترفع بعد أو التي لم يفصـل فيهـا بحكـم بـات ليطمئـن أصحاب الاستثمارات على استثماراتهم القائمة فيحثهم هذا ويحث غيرهم من المستثمرين على زيادة الاستثمارات وإلا أفرغ القانون من مضمونه . ومن ثم تكون محكمة …. الاقتصادية قد أخطأت بتخليها عن نظر الدعوى مما يتعين معه قبول طلب النيابة العامة وتعين محكمة ….. الاقتصادية للفصل في الدعوى ‘.
(الدوائر الجنائية – الطعن رقم 1274 /80 بتاريخ 8-4-2010 )