الهيكل التنظيمي للمحاكم داخل المملكة العربية السعودية
الهيكل التنظيمي للمحاكم
لتشكيل الجديد لمحاكم القضاء العام
اتخذت المملكة العربية السعودية من التشريع الإسلامي دستورًا لها، ومن أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها أساسًا لنظامها وأنظمتها، وتعددت جهات التقاضي داخل النظام القضائي في المملكة على النحو الذي أجازه الفقه الإسلامي وضمنته الأنظمة النافذة فيها لمواجهة القضايا المرفوعة أمام محاكمها. وقد نص النظام الأساسي للحكم الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (أ /90) وتاريخ 27/8/1412 هـ على أن تتولى المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها الفصل في جميع المنازعات والجرائم.
وترسمًا لهذه الخطى السامية، وحرصًا من المملكة على تذليل المعوقات التي تواجه القضاة والمتقاضين، ألغت نظام القضاء رقم (م/64) وتاريخ 14/7/1395هـ، وبادرت بوضع نظامٍ جديدٍ يواكب الأنظمة الحديثة في أغلب الدول ويحقق التنمية المستدامة في وزارة العدل بكل مراحلها وبجميع مستوياتها بالمرسوم الملكي السامي رقم (م/78) وتاريخ 19/9/ 1428 هـ، فأجرت بعض تعديلات في أحكام النظام الملغى واستحدثت بعض المواد على نحو ييسِّر سبل التقاضي ويعجل بحسم المنازعات.
وعلى ذلك تظهر أهم سمات نظام القضاء الجديد فيما يلي:
أولا: تعدد محاكم القضاء العام وتنوعها داخل النظام القضائي للدولة.
حرص النظام الجديد على تعدد محاكم القضاء العام وتنوعها داخل النظام القضائي للدولة، حيث أعادت المادة التاسعة من النظام المذكور ترتيب محاكم القضاء العادي وتنظيمها و تقسيمها إلى ثلاثة أنواع، على قمتها المحكمة العليا، وتتوسطها محاكم الاستئناف، وتأتي محاكم الدرجة الأولى في قاعدة البناء القضائي، وذلك على النحو التالي:
النوع الأول المحكمة العليا
وهى بحسب نظام القضاء محكمة واحدة في المملكة، ومقرها مدينة الرياض، وهدفها هو مراقبة سلامة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وما يصدره ولي الأمر من أنظمة لا تتعارض معها، في القضايا التي تدخل ضمن ولاية القضاء العام.
النوع الثاني محاكم الاستئناف
بحسب نظام القضاء يوجد في كل منطقة من مناطق المملكة محكمة استئناف أو أكثر، وتتولى هذه المحاكم – والتي يطلق عليها”محاكم الدرجة الثانية” – النظر في الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى التي تقع في دائرتها والتي تكون قابلة للاستئناف.
النوع الثالث محاكم الدرجة الأولى
بحسب نظام القضاء تنتشر محاكم الدرجة الأولى في جميع محافظات ومناطق المملكة، وتختص هذه المحاكم بالنظر وإصدار الأحكام في جميع الدعاوي التي تقع في اختصاصها المكاني والنوعي. والأحكام الصادرة عنها تكون قابلة للاستئناف باستثناء الأحكام الصادرة في الدعاوى اليسيرة التي يحددها المجلس الأعلى للقضاء.
نظرًا لتنوع الدعاوى التي تختص بنظرها محاكم الدرجة الأولى، أعادت المادة التاسعة من نظام القضاء ترتيبها وتنظيمها، و تقسيمها إلى خمسة أنواع، وهي:
المحاكـــم العامــة.
المحاكم الجـزائية.
محاكم الأحوال الشخصية.
المحاكم التجارية.
المحاكم العمـالية.
ثانيًا: توحيد قضاء المحاكم المختلفة في تطبيق القواعد الشرعية والنظامية.
أكَّد النظام الجديد مبدأ وجوب توحيد قضاء المحاكم المختلفة في تطبيق القواعد الشرعية والنظامية، وهو ما كان معمولاً به في النظام السابق، ويتحقق تطبيق هذا المبدأ في ظل وجود محكمة عليا على قمة الهرم القضائي تشرف على صحة تطبيق المحاكم للقواعد الشرعية والنظامية النافذة في المملكة، وتسمى في المملكة بالمحكمة العليا.
ثالثًا: إقرار نظام الطعن في الأحكام.
عمد نظام القضاء الجديد – بحسب الأصل – إلى تطبيق مبدأ من المبادئ السائدة في الأنظمة الحديثة وهو مبدأ التقاضي على درجتين. ويعني هذا المبدأ إتاحة الفرصة للدعوى الواحدة أن تنظر أمام محكمتين على التتابع بحيث يراجع حكم محكمة الدرجة الأولى محكمة أعلى درجة منها، قضاتها أكثر عددًا وخبرة من قضاة المحكمة الأدنى. ويحقق هذا المبدأ ضمانة هامة للعدالة ؛ لأنه فضلاً عن أنه يؤدى إلى تدارك أخطاء القضاة وهم بشر غير معصومين فإنه يسمح كذلك للخصوم باستدراك ما فاتهم تقديمه من دفاعٍ أو أدلةٍ أمام محاكم الدرجة الأولى.
رابعًا: إعمال مبدأ التخصص بين المحاكم أو داخل المحكمة ذاتها.
يقتضى مبدأ وجوب الدقة في نظر القضايا وإصدار الأحكام وعدالة القضاء والتيسير فيه والرغبة في حصول الأشخاص على الحماية القضائية، إعمال مبدأ التخصص بين المحاكم أو داخل المحكمة ذاتها.
فقد عدد المنظم محاكم النوع الواحد لتخصيص كل منها بنوع معين من الدعاوى ارتأى أن لها طابعًا خاصًا أو قدرًا من الأهمية تتطلب خبرة خاصة لدى القضاة الذين يفصلون فيها، فأعاد ترتيب محاكم النوع الواحد وقسَّمها إلى محاكم عامة ومحاكم جزائية ومحاكم للأحوال الشخصية ومحاكم تجارية ومحاكم عمالية.
ويتحقق هذا التعدد على مستوى محاكم الاستئناف والمحكمة العليا بوجود دوائر لنظر كل نوع من الدعاوى، نظرًا لمزايا التخصص وما يحققه للقضاة من كفاءة وما يرتبه من سرعة الفصل في القضايا.
خامسًا: تعدد محاكم النوع الواحد مكانياً.
يقتضي وجوب التيسير على المتقاضين بحيث تكون المحاكم قريبة بقدر الإمكان من مواطن الأشخاص أو محال النزاع تعدد المحاكم وانتشارها في مراكز ومحافظات ومناطق المملكة وتوزيع الاختصاص فيما بينها توزيعًا مكانياً.
والتعدد المكاني للمحاكم تخضع له سائر المحاكم في جهة القضاء العام فيما عدا المحكمة العليا التي تكون دائمًا واحدة في كل نظام قضائي بحسب طبيعة الهدف من وجودها وهو توحيد القضاء الصادر من المحاكم المختلفة.