اليمين الحاسمة واليمين المتممة والفرق بينهما في ميدان القضاء المصري
تنقسم اليمين القضائية إلى يمين حاسمة ويمين متممة:
(1) اليمين الحاسمة:
هي اليمين التي يوجهها احد المتخاصمين لخصمه الآخر ليحسم بها النزاع , وهو بذلك يحتكم إلى ضميره ليحسم بها الخصومة , ولها قاعدة فقهية عظيمة كما جاء في الحديث الشريف : “البيّنة على من ادعى واليمين على من أنكر” , ويشترط فيمن يوجه اليمين أن تتوافر لديه أهلية التصرف في الحق الذي تُوجّه اليمين بشأنه , كما يجب أن تتوافر لدى هذا الخصم أهلية التصرف في الحق الذي توجه إليه فيه اليمين وأن يملك التصرف في الحق وقت حلف اليمين , وذلك أن كل خصم توجّه إليه اليمين يجب أن يكون قادراً على الخيار بين الحلف والرد والنكول .
ويترتب على ذلك أنه لا يجوز للوكيل توجيه اليمين إلا إذا صدرت له وكالة خاصة بذلك , ولا يجوز للولي أو الوصي أو القيّم توجيهها إلا إذا كان له حق التصرف فيما يستحلف عليه الخصم.
ويترتب على ذلك فإنه إذا أدى خصم اليمين خسر خصمه دعواه , وإذا نكل أي بمعنى تراجع أو امتنع عن تأدية اليمين كسبها خصمه (الذي طلب تأدية اليمين) , ولمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه , فإذا امتنع ذلك الخصم عن تأدية اليمين خسر دعواه وكسبها من رد اليمين إليه , وهي بذلك طريق غير عادي للإثبات نظمه القانون وحدد آثاره بما يحقق العدالة.
وبقي أن نقول بان اليمين الحاسمة هي ملك الخصوم ولا يستطيع القاضي أن يوجهها من تلقاء نفسه باستثناء يمين الاستظهار ويمين الاستحقاق . وتلك انواع اخرى من اليمين.
شروطها:
ويُشترط لتوجيه اليمين الحاسمة بأن تكون الواقعة متعلقة بشخص من وجهت إليه اليمين , فإن كانت الواقعة غير شخصية انصبت اليمين على مجرّد علمه بها , وذلك لأن من يوجه اليمين يحتكم إلى ضمير خصمه فيُلزم أن تكون الواقعة متعلقة بشخص هذا الخصم , كأن يحلف الوارث أنه لا يعلم أن مورّثه كان مديناً .
والشرط الثاني لصحة توجيه اليمين الحاسمة , ألا تكون الواقعة المتعلقة بها مخالفة للنظام العام والآداب , فلا يجوز توجيه اليمين بالنسبة لمدين قمار أو لإثبات إيجار منزل يستغل للأعمال الغير مشروعة مثلاً.
آثارها:
إذا وجهت اليمين الحاسمة إلى الخصم , أما أن يحلفها , وأما ان يردها إلى من وجهها , وأما أن ينكلها (بمعنى يمتنع عن الحلف).
فإذا حلف من وجهت إليه اليمين الحاسمة , خسر موجّه اليمين دعواه ولا يجوز له أن يثبت كذب اليمين بدعوى مدنية.
ولكن إذا ثبت كذب اليمين بحكم جزائي, جاز للخصم الذي أصابه ضرر منها أن يطالب بالتعويض , وله أيضاً أن يطعن في الحكم الصادر بناء على حلف اليمين.
كما يمكن رد اليمين بحيث يجوز لمن وجهت إليه اليمين أن يردها على خصمه ولا يجوز للأخير أن يردها ثانية , وتترتب في النهاية نفس النتيجة بحيث يكسب الدعوى من يؤدي اليمين .
هذا وقد ينكل (يمتنع) من وجهت إليه اليمين عن تأديتها , وبالتالي يخسر دعواه.
وأخيراً فأن : حجية اليمين الحاسمة تقتصر على الخصمين في الدعوى , ولا يكون لها أي أثر بالنسبة لغيرهم.
(2) اليمين المتممة:
وهي اليمين التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه لأي من الخصمين عند عدم كفاية ما قدمه الخصم من دليل , ليتممه باليمين , وهي ذات أثر تكميلي ولا تعتبر تصرفاً قانونياً , إذ للقاضي السلطة التامة في تقدير ما إذا كانت هناك حجة لتوجيهها ليستكمل بها قناعته إذا لم يقدم الخصم دليلاً كافياً على دعواه. وهي بذلك على خلاف اليمين الحاسمة تعتبر واقعة مادية يقتصر حق توجيهها على القاضي ولا يملك أحد الخصوم ذلك الحق.
شروطها:
ويشترط لتوجيه اليمين المتممة ألا يكون في الدعوى دليل كامل وإلا وجب على القاضي الإستناد عليه , ويشترط أيضاً ألا تخلو الدعوى من اي دليل , ذلك لأن اليمين المتممة يوجهها القاضي ليستكمل بها دليل ناقص في الدعوى.
آثارها:
فاليمين المتممة إذن لا تحسم النزاع لأنها ليست إلا إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه رغبةً منه في تحري الحقيقة , فالقاضي من بعد توجيه هذه اليمين يكون له مطلق الخيار في أن يقضي على أساس اليمين التي تم تاديتها أو على أساس عناصر إثبات أخرى اجتمعت له قبل حلف هذه اليمين أو بعد حلفها , واليمين المتممة على عكس اليمين الحاسمة لا يجوز ردها على الخصم.
مما تقدم عرضنا لتعريف اليمين القضائية وغير القضائية , وتقسيم اليمين القضائية إلى حاسمة ومتممة , ومن له الحق في توجيه أي منهما وشروط وآثار كل قسم , هذا وإن غلبة على الموضوع كثرة المصطلحات المفاهيم فإن اليمين القضائية من المواضيع القانونية التي يتوجب العلم والإحاطة بها نظراٍ لأهميتها بما تقوم به من الإحتكام إلى الضمير الإنساني وعلاقة العبد بربه.
اليمين الحاسمة لا توجه إلى الخصم إلا بطلب ، أما اليمين المتممة فهي سلطة جوازيه للمحكمة توجهها لترجيح البينات عند وجود ادلة لا ترقى لإثبات الواقعة.