بحث قي تنظيم عمل الأحداث طبقا للقانون البحريني
حظى موضوع حماية الإحداث باهتمام منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها حيث أصدرت اتفاقيات عديدة كانت أولاها الاتفاقية رقم (5) لسنة 1919 المتعلقة بالحد الأدنى للسن التي يجوز فيها تشغيل الحدث في الإعمال الصناعية حيث حددت هذه السن بأربع عشرة سنة كما صدرت اتفاقية أخرى تتعلق بتحديد السن الأدنى لاشتغال الحدث في البحر هي الاتفاقية رقم (58) لسنة 1936 حيث منعت هذه الاتفاقية تشغيل الحدث الذي يقل عمره عن الخامسة عشرة في السفن عدا السفن التي يشتعل فيها إفراد الأسرة الواحدة . كما صدرت الاتفاقية رقم (59)لسنة 1937 الخاصة بسن قبول الإحداث في الأعمال الصناعية حيث تعتبر هذه الاتفاقية معدلة للاتفاقية رقم (5) لسنة 1919 فقد حددت الحد الأدنى للسن بخمس عشرة سنة إلا أنها استثنت المؤسسات التي لا يشتغل فيها سوى إفراد أسرة صاحب العمل بشرط إلا تكون هذه الأعمال وطبيعة الظروف التي تجري فيها خطرة على حياة المشتغلين فيها أو صحتهم أو أخلاقهم. كما استثنت الاتفاقية من الإحكام المذكورة الأعمال التي يقوم بها الإحداث في المدارس الفنية بشرط إن توافق وتشرف عليها السلطات المختصة .كما صدرت اتفاقيتان الأولى هي الاتفاقية رقم (79) لسنة 1946 التي تتعلق بالفحص الطبي ومنع تشغيل الإحداث في العمل الليلي فبالنسبة للفحص الطبي صدرت اتفاقيتان الاتفاقية رقم (77)لسنة1946 المتعلقة بالفحص الطبي بالنسبة للإحداث والمراهقين للتأكد من لياقتهم للاشتغال في الأعمال الصناعية والاتفاقية رقم (78)لسنة 1946 بالنسبة للإعمال غير الصناعية .
إما بالنسبة للعمل الليلي فقد صدرت اتفاقيتان الأولى هي الاتفاقية رقم (79)لسنة 1946 التي تتعلق بالأعمال غير الصناعية إما الاتفاقية رقم (90) لسنة 1948 فتتعلق بمنع تشغيل الإحداث ليلا في الصناعة .
إما بالنسبة للاتفاقيتان العربية فقد تضمنت الاتفاقية العربية لمستويات العمل رقم (1) لسنة 1966 والاتفاقية المعدلة رقم (6) لسنة 1976 إحكاما تتعلق بحماية الإحداث ففيما يتعلق بالحد الأدنى للسن فقد حددتا الحد الأدنى لسن العمل في الأعمال غير الصناعية باثنتي عشرة سنة وفي الإعمال الصناعية بخمس عشرة سنة ولا يجوز تشغيل الإحداث قبل السابعة عشرة في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة . إما بالنسبة لساعات العمل فلا يجوز إن تزيد عن ست ساعات للإحداث الذين تقل سنهم عن خمس عشرة سنة كما لا يجوز تشغيل الإحداث بأي عمل أضافي أو تشغيلهم بالإنتاج أو في العمل الليلي . كما نصت الاتفاقية العربية رقم (7) لسنة 1977 بشان السلامة والصحة المهنية على قواعد لحماية الإحداث فحددت الحد الأدنى لسن العمل في الإعمال الصناعية بخمس عشرة سنة كما لايجوز تشغيل الإحداث قبل بلوغهم الثامنة عشرة في الإعمال الخطرة أو الضارة بالصحة .
1 – الحد الأدنى لسن العمل :
عرف قانون العمل النافذ الحدث بأنه كل من لم يكمل الثامنة عشرة من العمر(1) وقد جاز هذا القانون تشغيل الإحداث الذين بلغوا الخامسة عشرة بالشروط التي حددها (2).
ان قانون العمل رقم 1 لسنة 1958 الملغى كان يجيز تشغيل الإحداث الذين تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والرابعة عشرة في بعض الإعمال التي تتناسب مع سنهم وقوتهم البدنية فقط على سبيل التدريب في حرفة أو صناعة وبشرط عدم تجاوز ساعات العمل على خمس ساعات في اليوم ولا يجوز تشغيلهم في الإعمال الليلية والمختلطة .
كما كان القانون المذكور يميز بين الحدث والمراهق فكان يعرف المراهق بأنه الشخص الذي أكمل الرابعة عشرة ولم يكمل الثامنة عشرة من العمر وكان بمقتضى هذا القانون لا يجوز تشغيل المراهقين أكثر من ثمان ساعات في اليوم بصرف النظر عن ساعات العمل الاعتيادية كما لايجوز تشغيلهم ساعات عمل أضافية(3).
2 – الفحص الطبي للحدث :
في جميع حالات التي يستخدم فيها إحداث يقتضي التثبت من لياقة الحدث البدنية وقدرته الصحية بموجب شهادة طبية صادرة عن جهة مختصة(4).
3 – موافقة الولي أو الوصي :
يقتضي الحصول على موافقة ولي أمر الحدث أو الوصي على تشغيله باعتبار الحدث قاصرا وان عقد العمل الذي يبرم مع قاصر يعتبر موقوفا على إجازة الولي أوالوصي لان عقد العمل يعتبر من العقود الدائرة بين النفع والضرر ويخضع بهذا الشأن للقواعد العامة الواردة في القانون المدني بشان العقد الموقوف ولم ينص القانون صراحة على وجوب الحصول على هذه الموافقة في حين إن بعض القوانين العربية نصت على ذلك(5).
4 – ساعات العمل وفترة الراحة :
لا يجوز أن تزيد ساعات العمل على سبع ساعات في اليوم بالنسبة للإحداث الذين لم يبلغوا السادسة عشرة كما يجب إن تتخلل مدة عمل الإحداث فترة للراحة أو أكثر لا تقل عن ساعة ويراعى في تحديد فترة الراحة إن لا تزيد العمل المتواصل للإحداث عن أربع ساعات(6).
وقد أجاز القانون تشغيل الإحداث الذين بلغوا الخامسة عشرة من العمر في الإعمال النهارية عدا المراهقة والضارة منها.
كما أجاز تشغيل الإحداث الذين بلغوا السابعة عشرة من العمر في الإعمال النهارية والليلية والإضافة(7).
5 – عدم جواز تشغيل الإحداث بإعمال معينة :
لا يجوز تشغيل الإحداث في الإعمال التالية كما لايسمح لهم بدخول أماكنها:
1 – الإعمال التي تسبب إمراضا مهنية أو معدية أو تسممات خطرة أو الإعمال التي يكون بطبيعتها أو بالطرق أو بالظروف التي تجري بها خطرة على حياة الأشخاص الذين يعملون فيها وعلى أخلاقهم وصحتهم وتحدد تلك الإعمال بتعليمات يصدرها وزير العمل والشؤون الاجتماعية .
ب – الإعمال التي تجري على ظهر السفينة ويمارسها وقادون أو مساعدو وقادين(8).
6 – الإجازة السنوية للحدث :
نظرا لان القانون قد قرر للعامل الحدث امتيازات تتناسب مع ظروفه من حيث سنة وقابليته الجسمانية فلا بد من إن يمنح إجازة سنوية تزيد عما هو مقرر للعمال الاعتياديين فقد نص على إن إجازة العامل الحدث لا تقل عن شهر في حين إن مدة الإجازة عشرين يوما بالنسبة للعمال الآخرين عدا الإعمال المراهقة أو الضارة بالصحة حيث إن مدة الإجازة هي ثلاثون يوما أيضا .
7 – الاستثناء من إحكام تشغيل الإحداث :
يستثنى من إحكام تشغيل الإحداث العمال الإحداث الذين يشتغلون في وسط عائلي تحت إدارة وإشراف الزوج أو الأب أو إلام أو الأخ .
إن الاستثناء المذكور لا يمكن تطبيقه إذا لم يتحقق مفهوم الوسط العائلي كما في اشتراك أي شخص غريب عن الأسرة في العمل فيها .
8 – مخالفة الأحكام الخاصة بتشغيل الأحداث :
يترتب على مخالفة الأحكام الخاصة بتشغيل الأحداث نوعين من الجزاءات:
أ – الجزاء الجنائي:
ويتمثل بفرض عقوبة على المخالف -الحبس مدة لا تقل عن عشرة أيام ولا تزيد على ثلاثة اشهر أو بغرامة لا تقل عم مائة دينار ولا تزيد على ثلاثمائة دينار(9). ويلاحظ بان الجزاء لا يمتد إلى أشخاص آخرين غير صاحب العمل المخالف في حين انه يمتد إلى هولاء في بعض القوانين العربية كولي أمر الحدث أو الوصي عليه الذي سمح باشتغال الحدث بصورة مخالفة لإحكام القانون(10).
ب – الجزاء المدني:
إن قاعدة تحديد حد أدنى للسن تعتبر من القواعد الإمرة التي لا يجوز مخالفتها ولو كانت هذه المخالفة تحقق مصلحة للحدث كما لو كان تشغيله لقاء اجر كبير(11). يترتب على مخالفة القاعدة المذكورة جزاء مدني يتمثل في بطلان عقد العمل بطلانا مطلقا لمخالفته للنظام العام سواء إبرام الحدث هذا العقد بنفسه أو ابرمه وليه ووصية نيابة عنه.أن البطلان في هذه الحالة هو أمر مقرر بحكم القانون دون حاجة إلى نص خاص يقرره وذلك لمخالفة العقد لقاعدة قانونية إمرة(12).
9 – الآثار التي تترتب على العقد الباطل :
تطبيقا للقواعد العامة فانه يقتضي في هذه الحالة إعادة طرفي العقد إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ألا أن هذا المبدأ لا يمكن تطبيقه على عقد العمل آذ يستحيل على صاحب العمل أن يعيد الجهد الذي الذي قدمه العامل بمقتضى العقد الباطل ويترتب على ذلك بأنه إذا كان الحدث قد قبض الأجر المقرر بموجب العقد المذكور فلا يحق لصاحب العمل في هذه الحالة أن يطالبه باسترداده لان الاستيرداد يجب أن يكون متبادلا :رد الأجر يقابله رد العمل كما أوضحنا حيث يستحيل عليه رد العمل الذي قدمه العامل (13).
أما في حالة عدم قبض الأجر المقرر بموجب العقد فان الحدث يستحق تعويضا مقابلا لما أداه من عمل وفقا لقاعدة الإثراء بلا سبب باعتبار أن صاحب العمل قد اثرى بالعمل الذي قدمه العامل بمقتضى القد الباطل(14).
كما أن الحدث في حالة تعرضه لإصابة إثناء العمل أو بسببه أو في الطريق يستحق تعويضا معادلا لخسارته الناشئة عن الإصابة وذلك وفقا للقواعد العامة في القانون المدني(15). لحماية المقررة للإحداث في القانون العراقي وبعض القوانين:
لقد عالج القانون العراقي هذه الحالة حيث اخذ بفكرة علاقة العمل فقد نص على انه إذ وجدت علاقة عمل بين صاحب عمل وحدث لا يجوز تشغيله بموجب أحكام القانون التزام صاحب العمل بدفع أجور الحدث المتفق عليها وبتعويضه في حالة إصابته اثناء العمل أو من جرائة بصرف النظر عن توفر ركن الخطأ(16). كما اخذ القانون الجزائري أيضا بنفس المبدأ (17)،إذ نص على أن علاقة العمل تنشا بمجرد القيام بعمل لحساب صاحب العمل حتى ولو كان عقد العمل باطلا فقد نصت المادة الثانية من قانون العمل على يلي: ((تنشا علاقة العمل بموجب عقد مكتوب أو غير مكتوب وتتكون العلاقة على اية حال بمجرد القيام بعمل لحساب صاحب عمل وتنشئ علاقة العمل للمعنيين الحقوق والالتزامات المحددة بموجب تشريع العمل والاتفاقيات الجماعية والعرف)).
عدنان عابد ويوسف الياس