بحث في وقف تنفيذ العقوبة وفقا للقانون الأردني
بسم الله الرحمن الرحيم
المملكة الأردنية الهاشمية
وقف تنفيذ العقوبة في قانون العقوبات الأردني
رقم 16 لسنة 1960
دراسة مقارنة
المقدمة
ان وقف التنفيذ كنظام قانوني، هو جديد نسبيا على تشريعنا الجزائي حيث ادخل الى قانون العقوبات بموجب تعديل عام 1988، وهو بحاجة الى مزيد من البحث والدراسة، حتى يكون له فقه يشرحه ويفسره ويثني على ما في النص القانوني من ايجابيات، وينتقد ما فيه من سلبيات ويقترح على المشرع اية اضافه او تعديل يثري هذا النظام القانوني اثناء الممارسة والتطبيق خاصة في التطبيقات القضائية العملية بما يؤدي الى تحقيق الأهداف التشريعية المرجوة منه في الاصلاح والتأهيل .
وقد قسمت هذا البحث الى فصلين رئيسين وعدة مباحث على النحو التالي :
• الفصل الاول : وقف تنفيذ العقوبة .
• المبحث الاول : مفهوم وقف التنفيذ (تعريفه، تكييفه، غاياته).
• المبحث الثاني : المحكمة المختصة بوقف التنفيذ
• المبحث الثالث شروط وقف التنفيذ :
1. الشروط المتعلقة بالمحكوم عليه
2. الشروط المتعلقة بالجريمة
3. الشروط المتعلقة بالعقوبة .
• المبحث الرابع : السلطة التقديرية للمحكمة .
• المبحث الخامس : مدة وقف التنفيذ واثر انقضائها .
• الفصل الثاني : الغاء وقف تنفيذ العقوبة .
• المبحث الاول : حالات الغاء وقف التنفيذ
• المبحث الثاني : المحكمة المختصة والاجراءات .
• المبحث الثالث : الاثار المترتبة على الالغاء .
وسنقوم بدراستها تفصيلا فيما يلي…………..
والله الموفق
الفصل الاول
وقف تنفيذ العقوبة
من غير المجادل فيه ان كل فعل اجرامي يقترفه الانسان يستوجب بعد محاكمته، واعطائه فرصة الدفاع عن نفسه، ان يصدر بحقه حكم قضائي، يوقع عليه العقاب اللازم والكافي انتصار لحق المجتمع بالحماية والامن، ولردع المجرم وتعريفه بقبح ما اقترف، ووجوب الندم عليه، والعزم على الا يعود لمثل هذا الفعل او مخالفة القانون .
الا ان التشريعات الجزائية قديما وحديثا وضعت استثناءات من هذه القاعدة، فتسقط الاحكام الجزائية او تمنع تنفيذها او تؤجل صدورها، لغايات واهداف انسانية، تستهدف أمن المجتمع واستقراره، وحماية المجرم من عواقب فعله الاجرامي، ودخوله في زمرة المجرمين واصحاب السوابق، وقد تطورت هذه التشريعات مع مرور الزمن، الى ان وضعت لها نظم قانونية وفقهية تبينها وتدلل على ما في الاخذ بها من ايجابيات تنعكس على المجتمع امنا واستقرارا، وعلى الاقل فهي تحد من خطر انفجار الجريمة في المجتمع وازدياد جنودها .
ومن هذه النظم القانونية، نظام وقف تنفيذ العقوبة، والذي اخذ به المشرع في الاردن كغيره من الدول العربية والاجنبية، وقد ادخل المشرع الاردني نظام وقف التنفيذ على قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، وجعله جزءا منه بموجب (القانون رقم 9 لسنة 1988 القانون المعدل لقانون العقوبات).
وبموجب هذا القانون، تم تعديل المادة (47) من القانون الاصلي باضافة وقف التنفيذ كسبب سادس من الاسباب التي تسقط الاحكام الجزائية، او تمنع تنفيذها او تؤجل صدورها، ثم اضاف المادة (54) مكررة والتي بينت الاحكام المتعلقة بوقف التنفيذ على وجه التفصيل، وهذه المادة بفقراتها الخمس ستكون محور هذا البحث .
المبحث الاول
مفهوم نظام وقف التنفيذ
التعريف بوقف التنفيذ :
عرف الدكتور محمود نجيب حسني وقف التنفيذ بأنه(تعليق تنفيذ عقوبة على شرط موقف خلال مدة تجربة يحددها القانون)( )، وعرفه الدكتور علي عبد القادر القهوجي على انه(تعليق تنفيذ العقوبة فور صدور حكم بها على شرط موقف خلال فترة اختبار يحددها القانون).
ومن خلال هذين التعريفين يتبين ان وقف التنفيذ يفترض صدور حكم بادانة المتهم والحكم عليه بعقوبة ويفترض ايضا عدم اتخاذ اي اجراء لتنفيذ العقوبة المحكوم بها فاذا كانت العقوبة مانعة للحرية يترك حرا طليقا واذا كان موقوفا احتياطيا يتم الافراج عنه على الفور .
ويفترض نظام وقف التنفيذ ايضا ان يظل المحكوم عليه طيلة فترة التجربة التي يحددها القانون تحت رحمة الشرط الموقف لتنفيذ العقوبة، فاذا تحقق هذا الشرط خلال هذه الفترة استوجب تنفيذ العقوبة بحقه وإذا لم يتحقق الشرط خلال هذه المدة فليس هناك محل لتنفيذ العقوبة بل إن الحكم الصادر بحقه يعتبر كأن لم يكن .
التكييف القانوني لوقف التنفيذ :
لقد انتقد الدكتور محمود نجيب حسني اعتبار وقف التنفيذ سبباً من اسباب سقوط الاحكام، ذلك ان وقف التنفيذ لا يعني سقوط الحكم، وإنما يظل الحكم قائما حتى تمضي مدة التجربة، بل إن مضيها لا يعني بالضرورة سقوط الحكم، فوقف التنفيذ عرضه للنقض واذا تم نقض الحكم ينفذ كما لو كان صادرا ابتداءً دون ان يشمل بوقف التنفيذ، ثم انه يقول(التكييف الحقيقي لوقف التنفيذ انه صورة لتطبيق العقوبة، وهو على هذا النحو، نظام ملحق باستعمال القضاء سلطته التقديرية في تحديد العقوبة، ذلك ان وطأة العقوبة على المحكوم عليه لا ترتهن فحسب بنوعها ومدتها، بل ترتبط كذلك بما اذا كانت تنفذ فيه ام يوقف تنفيذها).
وفي هذا الرأي غموض حيث انه لا يرد وقف التنفيذ الى سبب من الأسباب المعروفة فقهاً، وان اعتباره نظاما ملحقا باستعمال القضاء سلطته التقديرية في تحديد العقوبة، لا يقدم تكييفا بالمعنى القانوني .
وبرأيي أن لوقف التنفيذ طبيعة خاصة ومشتركة، فهو من جهة يمنع تنفيذ الاحكام الجزائية، خلال مدة التجربة التي يحددها القانون، ومن جهة ثانية، هو سبب من الاسباب التي تسقط بها الاحكام الجزائية اذا مضت مدة وقف التنفيذ دون الغاء، فالحكم في هذه الحالة يعتبر كأن لم يكن وفق النص الاردني، ويعتبر لاغيا وفق قانوني العقوبات اللبناني والسوري .
الغاية من نظام وقف التنفيذ :
يهدف نظام وقف التنفيذ الى تجنيب المحكوم عليهم مساويء تنفيذ العقوبات المانعة للحرية، ذات المدة القصيرة، وهؤلاء في مجملهم ليسوا باصحاب سوابق وليس منهم خطر كبير على المجتمع وليسوا بحاجة الى برامج اصلاح وتأهيل، بل ان تطبيق العقوبات المانعة للحرية عليهم يؤدي بهم الى الاختلاط بالمجرمين من اصحاب السوابق وقد يخرجون للمجتمع بعد تنفيذ العقوبات المقررة اشد خطرا على انفسهم والمجتمع معا .
فلربما يرتكب شخص ما جرما اضطرته ظروف احاطت به على ارتكابه او تورط فيه دون تخطيط منه، او ادراك لابعاده، فمثل هذا الشخص قد يكفي لردعه وتحفيز اسباب الندم في داخله مجرد محاكمته وايقاف تنفيذ العقوبة بحقه وابقائه طيلة مدة التجربة ذاكرا عواقب الخطأ الذي ارتكبه وعازما على عدم مخالفة القانون مرة ثانية، وهذا هو الهدف الاصلاحي الذي وجد نظام وقف تنفيذ العقوبة من اجله، وينطلق هذا الهدف من فكرة دفع ضرر يلحق بالمحكوم عليه مقابل نفع اجتماعي قد لا يكون بمعاقبته عقابا مانعا لحريته بل قد ينعكس فيما بعد سلبيا على المجتمع .
المبحث الثاني
المحكمة المختصة
جاء في نص الفقرة (1) من المادة (54) من قانون العقوبات ما يلي :
. يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية او جنحة بالسجن او الحبس ان تأمر في قرار الحكم بإيقاف العقوبة وفقا للاحكام والشروط المنصوص عليها في هذا القانون ….
يلاحظ ابتداءا ان المشرع قد وصف الاجراء المتخذ من قبل المحكمة بأنه امر، لقول المشرع (ان تأمر في قرار الحكم بايقاف التنفيذ …) وبالتالي فان الامر بوقف التنفيذ يخرج من اطار الفقرة الحكمية بالادانة او فرض العقوبة او تقديرها او الحكم بها، فهو مستقل عنها موضوعا وان كان لا بد من صدوره مع الحكم الذي تعلنه، عند ختام المحاكمة، وبناء عليه لا يجوز للمحكمة ان تصدر الامر بوقف التنفيذ مستقلا بعد ختام المحاكمة والنطق بالحكم، اذ تكون بنطقها الحكم قد رفعت يدها عن القضية.
من خلال نص الفقرة (1) من المادة (54) مكرره يتضح ان صلاحية النظر بوقف التنفيذ هي من اختصاص محكمة الموضوع التي تنظر في الشكوى الجزائية من حيث الادانة من عدمها ومن حيث فرض العقوبة المقررة او تقديرها والحكم بها، لمحكمة الصلح او البداية وصلاحية النظر في وقف التنفيذ تكون ايضا من اختصاص محكمة الأستئناف بصفتها محكمة موضوع فلها ان تصدر الامر بوقف التنفيذ حتى لو لم يطلبه المستأنف بصفتها محكمة موضوع، فلها ان تصدر الامر بوقف التنفيذ حتى ولو لم يطلبه المستأنف بصفتها محكمة الدرجة الاولى واصر على طلب البراءة من التهم المسندة اليه، ولها ان تصدر الامر بوقف التنفيذ وفقا للشروط التي نص عليها القانون سواء ذهبت الى فسخ الحكم المستأنف ام تصديقه من حيث العقوبة. وقد اقرت هذا محكمة التمييز الاردنية بقولها( )، (ان القول بان محكمة الاستئناف بعد ان قررت تأييد الحكم المستأنف لا تملك عملا بالمادة (267) من قانون اصول المحاكمات الجزائية ان تضيف جديدا الى الحكم المستأنف وبالتالي لا تملك ان تقرر وقف تنفيذ العقوبة، فقول غير وارد، ذلك ان محكمة الاستئناف هي محكمة موضوع، والاخذ باسباب وقف التنفيذ من الامور العائدة الى محكمة الموضوع، وحيث ان محكمة الاستئناف قررت تأييد الحكم من حيث العقوبة فقط، فان ردها على السبب الثالث من اسباب الاستئناف (ومن واجبها ان ترد على جميع اسباب الاستئناف) وبالتالي قرارها بوقف التنفيذ، لا يتنافي او يتعارض مع قرارها بالتأييد. وهو وإن كان اضافة جديدة الى الحكم الا انها اضافة قانونية جاءت اعمالا لنص المادة (54) مكرره من قانون العقوبات. ومعلوم ان قرار وقف التنفيذ لا يمكن اتخاذه الا بعد الإدانة والحكم او بعد تأييد الحكم من حيث العقوبة في المرحلة الاستئنافية .
ان عدم طلب المحكوم عليه من محكمة البداية وقف تنفيذ العقوبة واصراره على طلب البراءة، لا يحرمه من حق طلب وقف التنفيذ استئنافا لان محكمة الاستئناف محكمة موضوع ومن حقها بصفتها هذه البحث في موضوع وقف تنفيذ العقوبة اذا ما اثير في اللائحة الاستئنافية.
وبالطبع فان محكمة التمييز بصفتها محكمة قانون يخرج عن اختصاصها النظر في وقف التنفيذ بل لا رقابة لها على محكمة الموضوع في تقريرها الاخذ بوقف التنفيذ ام لا، الى ذلك ذهبت محكمة التمييز الاردنية بقولها:
“ان تقدير توافر شروط وقف التنفيذ من عدمها وملائمة الامر به من شان قاضي الموضوع لانه فرع من تقدير العقوبة الذي يدخل في اختصاص قاضي الموضوع ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في هذا الشأن ما دام ان ذلك لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون”.
اذاً، فاللمحكمة صاحبة الاختصاص بأن تأخذ بوقف التنفيذ وتأمر به مع الحكم الذي تصدره هي محكمة الموضوع سواء كانت صلحية او بدائية او استئنافية .
المبحث الثالث
شروط وقف التنفيذ
لقد نصت المادة (54) مكررة في فقرتها الاولى على ما يلي :
( يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية او جنحة بالسجن او الحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة ان تأمر في قرار الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة وفقا للآحكام والشروط المنصوص عليها في هذا القانون اذا رات من اخلاق المحكوم عليه او ماضيه او سنه او الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون … )
من استعراض هذا النص، يتبين ان لوقف تنفيذ العقوبة شروطا لا بد من توافرها، وتتحقق المحكمة منها قبل الامر، بوقف التنفيذ ويمكن ان نقسم هذه الشروط الى ثلاثة مجموعات؛ منها ما يتعلق بالمحكوم عليه، ومنها ما يتعلق بالجريمة، ومنها ما يتعلق بالعقوبة، وان تقدير توافر هذه الشروط من عدمها وملائمة الامر بوقف التنفيذ على ضوئها، يعود لسلطة القاضي وتقديره، وبذلك قررت محكمة التمييز( )( ان تقدير توافر شروط وقف التنفيذ من عدمها وملائمة الاخذ به، من شأن قاضي الموضوع لانه فرع من تقدير العقوبة الذي يدخل في اختصاص قاضي الموضوع، ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في هذا الشأن ما دام ان ذلك لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون).
وسنبين تفصيلا هذه الشروط في المطالب الثلاثة التالية :
المطلب الاول
الشروط المتعلقة بالمحكوم عليه :
ان وقف التنفيذ هو امر جوازي للمحكمة، فهي غير ملزمة ان تأمر به حتى لو توافرت شروطه واحكامه المحددة قانونا، فسلطتها مطلقة في تقدير مدة جدارة المحكوم عليه واستحقاقه لوقف التنفيذ، ولا معقب عليها في ذلك، لانها تستمد قناعتها باستحقاق المحكوم عليه لوقف التنفيذ من امور واقعية ينحصر تقديرها بها وحدها، وبناء على ذلك تصل الى ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعودالى مخالفة القانون ثانية .
والقانون لم يحدد شروطا حازمة ومحددة، بل وضع معايير عامة، واسعة الدلالة تساعد المحكمة في الوصول الى الاعتقاد بأن المحكوم عليه لن يعود لمخالفة القانون وان ارتكابه للجرم كان استثناءا في طبيعة سلوكه واخلاقه، ومن هذه الاضاءات التي اشار لها القانون، تفحص المحكمة لاخلاق المحكوم عليه،والنظر في ماضيه بالاستيثاق من عدم وجود سوابق جزائية له، او بالنظر الى سنة، كأن يكون صغيرا قليل التجربة وفي مرحلة دقيقة من عمره وقد يكون لحبسه اثر سلبي على اخلاقه وسلوكه في المستقبل لاختلاطه بالمجرمين واصحاب السوابق، او قد يكون كبيرا في السن فيشينه حبسه، واختلاطه بالمجرمين،وتنظر المحكمة ايضا بعين فاحصة فيما احاط بالمحكوم عليه من ظروف رافقت ارتكابه الجرم، هذه المعايير والاضاءات التي وضعها القانون بمرونتها تمكن القاضي من اخضاع المحكوم عليه للتفحص حتى يمكنه ممارسة سلطته التقديرية للتوصل الى القناعة الكافية بأنه لن يعود لمخالفة القانون او العكس فيتمكن من اصدارالامر بوقف التنفيذ او عدمه.
ومما تجدر الاشارة اليه، ان بعض التشريعات العربية، وضعت شروطا واضحة في هذا الشأن، فقانون العقوبات اللبناني اشترط ان لا يكون المحكوم قد سبق وان قضي عليه بعقوبة من نوعها او اشد منها، ولا يمنح المحكوم عليه وقف التنفيذ اذا لم يكن له في لبنان محل اقامة حقيقي، او اذا تقرر طرده قضائيا او اداريا .
وقد اخذ المشرع السوري بهذه الشروط ايضا، بحيث يمكن للقاضي ان يأمر بوقف التنفيذ اذا تبين له ان المحكوم عليه لم يسبق ان قضي عليه بمثل هذه العقوبة التي فرضها في حكمه او اشد منها، فاذا كان قد حكم بعقوبة بالحبس او الغرامة جناحية او تكديرية اقل من العقوبة او لا تماثلها نوعا، فله ان يصدر الامر بوقف التنفيذ .
ومن ناحية ثانية، فان الشرط بوجود محل اقامة في البلاد – حسب القانونين السوري واللبناني كما اشرنا – او عدم صدور قرار بطرد المحكوم عليه، هو شرط يتفق والمقصد الاصلاحي من وقف التنفيذ، ويا حبذا لو اخذ مشرعنا بهذا الشرط، فلربما يتعين لاحقا تنفيذ العقوبة بقيام مبررات الالغاء، فكيف يمكن التنفيذ ما دام المحكوم عليه مبعدا او ليس له محل اقامة في البلاد ؟ كما ان القاضي لا يستطيع اتخاذ تدابير احترازية كالكفالة العادية للامتثال عند الطلب او الكفالة الاحتياطية لضمان حسن السلوك لعدم وجود نص يجيز للقاضي بذلك في قانون العقوبات الاردني في حين ان المشرع اللبناني عالج هذا الامر في المادة (170) من قانون العقوبات بقوله: (للقاضي ان ينيط وقف التنفيذ بواجب او اكثر من الواجبات الاتية:
1. ان يقدم المحكوم عليه كفالة احتياطية .
2. ان يخضع للرعاية … الخ .
اما القانون العراقي فقد اجاز للمحكمة عندما تقرر ايقاف التنفيذ العقوبة ان تلزم المحكوم عليه بان يقدم تعهدا خطيا بحسن السلوك خلال المدة المقررة لوقف التنفيذ او ان تلزمه باداء التعويض المحكوم به او بعضه خلال اجل يحدد بالحكم او ان تلزمه بالامرين معا.
المطلب الثاني
الشروط المتعلقة بالجريمة
نصت الفقرة (1) من المادة (54) مكررة في بدايتها على ما يلي :
“يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية او جنحة بالسجن او الحبس مدة لا تزيد على سنة، واحدة ان تأمر في قرار الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة …”.
نلاحظ ان هذه المادة قد قيدت المحكمة بوقف التنفيذ في الجنايات او الجنح دون المخالفات، وبالتالي فلا يجوز للمحكمة وقف التنفيذ في المخالفات ويثور التساؤل هنا عن الحكمة من هذا الاستثناء؟ اذ ان العلة من نظام وقف التنفيذ تتوافر في العقوبة التكديرية بالحبس كالعقوبة في الجناية او الجنحة سواء بسواء، ولا يسعفنا تبرير ذلك بأن العقوبة التكديرية قصيرة ولا تكاد تذكر حيث تتراوح بين اربع وعشرين ساعة واسبوع، فالعبرة هي تجنيب المحكوم عليه من غير اصحاب السوابق دخول السجن والاختلاط بالمجرمين، ولا يسعفنا تبرير ذلك ايضا بامكانية استبدال الحبس بالغرامة اذ ان بعض العقوبات الجنحية يمكن استبدالها بالغرامة ايضا وليس مبررا القول بأنه من الصعب وقوف المحكمة على سوابق المحكوم عليه من العقوبات التكديرية، فمن حق المحكوم عليه بعقوبة تكديرية ان يوقف تنفيذها تماما، كمن يحكم عليه بعقوبة اشد ثم يوقف تنفيذها، بل هو في هذه الحالة احق بالرعاية، وقبل ذلك وبعده، فمن حق من يحكم بعقوبة تكديرية ولو ليوم واحد في ان يؤول هذا الحكم الى الزوال والانتهاء كأن لم يكن، تماما مثل من يحكم بعقوبة بالحبس لمدة سنة عن جرم جنائي او جنحي ثم يوقف تنفيذ العقوبة بحقه مدة التجربة ثم يؤول الحكم الى الزوال من اصله كأن لم يكن بل هو احق في ذلك لانه لم يرتكب الجرم الاشد خطورة على المجتمع، ولا يمكن القول بأن امكانية استبدال الحبس بالغرامة تعني عن وقف التنفيذ ايضا، لانها لا تمحو الحكم بعقوبة الحبس بالنتيجة، بل يبقى هذا الحكم في سيرة المحكوم عليه الجنائية .
التشريعات الجزائية العربية، اختلفت ايضا من هذه الناحية، فقانون العقوبات السوري واللبناني، اجاز للمحكمة وقف التنفيذ فيما يتعلق بالعقوبات الجنحية والتكديرية مهما بلغت مدتها اما العقوبات المقررة للجنايات، فلا يجوز وقف تنفيذها ذلك ان علة وقف التنفيذ هو العقوبات ذات المدة القصيرة لتفادي اضرارهاه اما عقوبات الجنايات فهي ذات مدة طويلة.
المطلب الثالث
الشروط المتعلقة بالعقوبة
يتضح من نص المادة (54/1) من قانون العقوبات الاردني، ان العقوبة التي يجوز للمحكمة الامر بوقف تنفيذها، هي العقوبة بالحبس التي لا تزيد على سنة واحدة، وبالتالي فلا يجوز للمحكمة وقف تنفيذ عقوبة تزيد على ذلك .
ويلاحظ ان المشرع جاء بعبارة :” في جناية او جنحة بالسجن او الحبس مدة لا تزيد على سنة واحده” باستعماله لفظه السجن استعمالا لا يتفق وانواع العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات الاردني، رقم 16 لسنة 1960، فالنظام العقابي الاردني يعرف عقوبة الحبس وليس السجن كعقوبة سالبة للحرية، اما السجن كما ورد في القانون فهو المكان الذي تنفذ فيه العقوبة السالبة للحرية وهو ما استبدل اليوم بمصطلح (مركز الاصلاح والتأهيل). ومن هنا فلا بد ان المعنى المقصود من كلمة (السجن) الواردة في النص يمكن ان ينصرف الى العقوبة الجنائية التي تنزل إلى عقوبة الحبس لمدة سنة.
وأجاز القانون للمحكمة ان تشمل بوقف التنفيذ بالاضافة الى العقوبة السالبة للحرية (الحبس) العقوبات التبعية الاخرى وجميع الاثار الجنائية المترتبة على الحكم، وبناء على ذلك فيجوز للمحكمة ان تكتفي بوقف عقوبة الحبس فقط، او ان تشمل معها سائر العقوبات التبعية، وجميع الاثار الجنائية الاخرى المترتبة على الحكم . إذن فالاصل ان يشمل الامر بوقف التنفيذ عقوبة الحبس فقط دون الغرامة، فاذا كانت العقوبة التي قضى بها الحكم في جنحة هي الغرامة الجنحية، فهل من الجائز وقف تنفيذها؟
بالرجوع الى النص، ليس جائزا للمحكمة ان تأمر بوقف تنفيذ الغرامة كعقوبة اصلية اذ ان الغاية من هذا التشريع تجنيب المحكوم عليه تنفيذ عقوبة الحبس بحقه للغايات التي يراها المشرع، اما اذا كان الحكم يقضي بالحبس سنة او اقل والغرامة معا، فان هدف المشرع يتحقق بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط، ويمكن للمحكمة إعمال نص المادة (54/1) بشمول الغرامة اذا لم تكن عقوبة اصلية (و يجوز ان تجعل الايقاف شاملا لاية عقوبة تبعية ولجميع الاثار الجنائية الاخرى المترتبة على الحكم).
اما بالنسبة للتشريعات العربية، فباستثناء قانون العقوبات العراقي الذي طابقت احكامه احكام قانوننا الاردني بالنسبة لهذه المسألة، فقد اجازت التشريعات الجزائية السورية واللبنانية وقف تنفيذ العقوبة الجنحية والتكديرية سواء بالحبس او الغرامة دون ان يحدد مدة للحبس او قيمة للغرامة .
اما المشرع المصري، فنراه في المادة (55) من قانون العقوبات المصري لا يجيز ايقاف التنفيذ الا بالنسبة للعقوبات التي لا تتجاوز مدتها سنة ويجيز الحكم بوقف تنفيذ الغرامة. اما المشرع العراقي فقد اجاز للمحكمة ايقاف تنفيذ كل حكم بالحبس مدته سنة او اقل ولا فرق في ان تكون العقوبة صادرة في جنحة او جناية استعملت فيها اسباب الرأفة او الظروف المخففة، ويجوز ان تقصر وقف التنفيذ على العقوبة الاصلية او تجعله شاملا للعقوبات التبعية والتكميلية والتدابير الاحترازية واذا لم ينص الحكم صراحة على شمولها بوقف التنفيذ فلا يوقف تنفيذها .
المبحث الرابع
السلطة التقديرية للمحكمة
لم يلزم القانون المحكمة بالاخذ بوقف التنفيذ حتى لو توافرت شروطه واركانه بل ترك الامر به جملة وتفصيلا الى قناعة قاضي الموضوع بجدوى الاخذ به وتحقيقه للغايات التي شرع من اجلها، ولو ان شروطه كانت متوافرة وثابتة( ) فليست المحكمة ملزمة بوقف تنفيذ العقوبة حتى ولو خلت صحيفة السوابق للمحكوم عليه من اية سوابق جرمية مثلا، لان المحكمة تراعي جملة من الامور بالفحص والنظر من جملتها السوابق الجرمية بالاضافة الى الظروف التي احاطت بالمحكوم عليه عند ارتكابه للفعل الجرمي ،وسنه ان كان صغيرا او كبيرا فاذا وصلت المحكمة الى الاعتقاد بأن المحكوم عليه بالنظر الى جملة المعايير التي سبقت لن يعود الى مخالفة القانون ثانية، لها ان تأمر بوقف تنفيذ العقوبة، وعلى الرغم من تمتع قاضي الموضوع بسلطة واسعة لتقدير ملائمة وقف تنفيذ العقوبة الا ان القانون الزم المحكمة ببيان الاسباب التي بنت عليها وقف التنفيذ في قرار الحكم، وان خلو الحكم الصادر عنها بوقف التنفيذ في هذه الاسباب يجعل الحكم معيبا شكلا وحقيقيا بالطعن وتكون محكمة التمييز صاحبة اختصاص بنظره لانطوائه على مخالفة القانون .
ومن ناحية اخرى فان استعمال المحكمة لسلطتها التقديرية في اصدار وقف التنفيذ من عدمه لا يتوقف على طلب المحكوم عليه ذلك لعدم اشتراط القانون ذلك الطلب، بل ان اصداره متروك لتقدير المحكمة فقط، بالنظر الى اخلاق المحكوم عليه وماضيه وسنه وجملة الظروف التي احاطت بارتكاب الجرم وقناعة المحكمة بان المحكوم عليه لن يعود الى مخالفة القانون. فالأمر الذي تصدره المحكمة بوقف التنفيذ يجب ان يكون واضحا وصريحا نصا ودلالة، اذ ان سكوت المحكمة عن الامر به يعني انها قد اشاحت بوجهها عن الاخذ به لعدم قناعتها حتى ولو طلبه المحكوم عليه. فالاصل هو تنفيذ العقوبة المحكوم بها لاوقف التنفيذ، والقاضي يحكم بما هو اصل ويلتزم به دون ان يكون ملزما بابداء اسباب اخذه بالاصل وترك الاستثناء، ولكن في حالة اخذه بالاستثناء وهو وقف التنفيذ فعليه أن يبدي الاسباب التي دفعته للخروج عن الاصل والاخذ بما هو استثناء.
ويدخل في نطاق سلطة القاضي التقديرية تحديد العقوبات التي يشملها وقف التنفيذ، فاذا قضى في حكمه بالحبس والغرامة معا فللقاضي – حسب تقديره – أن يأمر بوقف التنفيذ بالنسبة لعقوبة الحبس فقط او ان يشمل الغرامة او جميع الاثار الجنائية الاخرى المترتبة على الحكم ولكن لا يجوز للقاضي ان يأمر بوقف تنفيذ الغرامة وحدها سواء اشتمل الحكم على عقوبة الحبس ام لا لأنه وفقا لنص المادة (54/1) من قانون العقوبات الاردني، يجوز ان يشمل وقف التنفيذ عقوبة الحبس اية عقوبة تبعية او جميع الاثار الجنائية المترتبة على الحكم فجعل وقف تنفيذ العقوبات التبعية والاثار الجنائية الاخرى رهنا بوقف عقوبة الحبس وشموله لها وبالتالي فان أية عقوبة غير الحبس لا يجوز وقفها اذا كانت عقوبة اصلية، واذا حكم بها كعقوبة تبعية اضافه إلى عقوبة الحبس فلا يجوز وقف تنفيذها وحدها والابقاء على عقوبه الحبس، وذلك ان المقصود من هذا التشريع هو تجنيب المحكوم عليه تنفيذ عقوبة الحبس للغايات التي استهدفها التشريع نفسه( ). ولا يجوز للقاضي ايضا ان يأمر بتجزئة وقف التنفيذ كأن يأمر بوقف تنفيذ جزء من عقوبة الحبس دون الباقي او بجزء من عقوبة الغرامة دون الجزء الباقي فان كان لا بد من وقف التنفيذ فلعقوبة الحبس كاملة وللغرامة كاملة ايضا .
وبخلاف قانون العقوبات الاردني فان قانوني العقوبات السوري واللبناني اجاز للقاضي وقف تنفيذ عقوبة الحبس وحدها او الغرامة وحدها دون الاخرى او وقفهما معا( ).
واخيرا فلا بد من القول بان سلطة القاضي التقديرية الواسعة من حيث الاخذ بمبدأ وقف التنفيذ من عدمة او من حيث تقدير العقوبة وشمولية وقف التنفيذ، لا تخوله الحكم بوقف التنفيذ دون قيام عناصره وتوافر شروطه، والا كان حكمه حقيقا بالالغاء من هذه الناحية وهو بذلك يخضع لرقابة محكمة التمييز لانطوائه على مخالفة القانون.
المبحث الخامس
مدة وقف التنفيذ واثر انقضائها
حدد قانون العقوبات الاردني في المادة (54) مكررة مدة قانونية لوقف تنفيذ العقوبة، بقوله:” يصدر الامر بايقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم قطعيا”.
وبذلك يكون المشرع قد حدد مدة وقف التنفيذ وحدد ميعاد ابتدائها بشكل واضح وجلي، فلا يجوز للمحكمة تجاوز تلك المدة او تاريخ ابتدائها وعلى ذلك فلا يعيب قرار الوقف عدم ذكر المدة او ميعاد بدئها لان النص قد بين ذلك، في حين ان قرار المحكمة يكون معيبا اذ حدد مدة اقل او أكثر من المدة القانونية اوحدد ميعاد بدئها بجعلها تبدأ فور صدور الحكم او اعتبار من تاريخ (كذا) مثلا، وهذا العيب يخضع للرقابة استئنافا وتمييزا لانطوائه على مخالفة للقانون.
ان مدة السنوات الثلاث لوقف التنفيذ واحدة بالنسبة للتشريع الاردني، سواء كانت عقوبة الحبس في جناية او جنحة وكذلك جعلها القانون العراقي والمصري اما قانون العقوبات السوري واللبناني فمدة وقف التنفيذ ليست واحدة فقد جعلا مدة وقف تنفيذ العقوبة خمس سنوات اذا كانت العقوبة التي اوقف تنفيذها جناحية،وسنتين اذا كانت تكديرية، وتبدأ هذه المدة من يوم صيرورة الحكم بالعقوبة الموقوف تنفيذها حكما مبرما( ).
واذا ما بدأت مدة التنفيذ بصيرورة الحكم قطعيا، فأن المحكوم عليه يصبح محصنا من تنفيذ العقوبة التي اوقف تنفيذها، فاذا كان الوقف مقتصرا على الحبس تنفذ بحقه العقوبات التبعية التي لم يشملها وقف التنفيذ اما اذا شمل قرار وقف تنفيذ العقوبة العقوبات التبعية والاثار الجنائية الاخرى فلا تنفذ بحق المحكوم عليه،والخيار هنا مرهون بالمحكمة التي تصدر امر وقف التنفيذ على ان هذا التحصين يبقى مرهونا بعدم الغاء وقف التنفيذ خلال المدة القانونية .
غير ان المحذور هنا ينشأ فيما اذا صدر الحكم بالحبس والغرامة معا كعقوبة اصلية فالمعلوم ان وقف التنفيذ يشمل الحبس في النص الاردني دون الغرامة التي تبقى قابلة للتنفيذ فاذا لم تدفع الغرامة فان التنفيذ بالحبس هنا يحل محلها وفقا لحكم القانون في ذلك( ) وهنا يفقد الامر بوقف التنفيذ معناه حيث استهدف المشرع تجنيب المحكوم عليه ذلك بغية صلاحه بعد ان تكون المحكمة قد رات ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون على حد ما جاء بالنص.
ويكون المحكوم عليه خلال مدة التجربة مهددا بتنفيذ العقوبة التي أوقفت المحكمة تنفيذها اذا تم إلغاء وقف التنفيذ حسب الاجراءات التي حددها القانون، اما اذا انقضت مدة وقف التنفيذ دون إلغاء فقد رتب قانون العقوبات على ذلك سقوط العقوبة المحكوم بها واعتبار الحكم كأن لم يكن .
(اذا انقضت مدة ايقاف التنفيذ ولم يصدر خلالها حكم بالغائه فتسقط العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن) فقرة (5) من المادة (54) مكررة ويترتب على ذلك عدم اعتبار الحكم في هذه الحالة في سوابق المحكوم عليه ولا يحتسب لغايات التكرار الجرمي .
وهذا الحكم لا يختلف عما جاء به قانون العقوبات اللبناني اذ جاء بنص المادة (172) منه “اذا لم ينقض وقف التنفيذ عد الحكم عند انقضاء مدة التجربة لاغيا، ولا يبقى مفعول للعقوبات الاضافية والتدابير الإحترازية ما خلا الحجز في مأوى احترازي والمصادره العينية واقفال المحل” وبإعتبار الحكم لاغيا يعتبر المحكوم عليه كأنه لم يجرم ولم يحاكم ولم يدن ولم يعاقب ويعني ذلك ان يكون له – بدء من تاريخ انقضاء فترة التجربة – وضع من حصل على اعادة اعتباره بل ان انقضاء هذه الفترة على ذلك النحو هو صورة من اعادة الاعتبار الحكمي. وارى ان هذا الاثر المترتب على انقضاء مدة التجربة دون نقض لا يتعارض مع ما جاء في قانون العقوبات الاردني في هذه الناحية اذ لا فرق في الدلالة بين اعتبار الحكم لاغيا في قانون العقوبات اللبناني والسوري وبين اعتبار الحكم كان لم يكن في قانون العقوبات الاردني.
الفصل الثاني
الغاء وقف تنفيذ العقوبة
قلنا فيما سبق ان وقف تنفيذ العقوبة ما هو الا تعليق العقوبة على شرط، وهذا الشرط هو عدم مخالفة المحكوم عليه للقانون بارتكابه جرما يعاقب عليه القانون مدة تزيد على شهر واحد. وقد قلنا ايضا ان وقف التنفيذ حدده المشرع بمدة ثلاث سنوات، وانه خلال هذه المدة لا يلغي العقوبة ولا يسقطها الا اذا انقضت هذه المدة دون قيام الشرط وتحققه .
اما اذا تحقق الشرط بمخالفة المحكوم عليه للقانون بارتكابه جرما يعاقب عليه بالحبس مدة تزيد على شهر وصدر حكم بذلك فيصار الى الغاء امر وقف التنفيذ من خلال حكم تصدره المحكمة وفق الاحكام التي عينها القانون، ويقول الدكتور محمود نجيب حسني، في هذا الشأن (ان الفكرة الاساسية التي تحدد قواعد نقض وقف التنفيذ انه صدر عن المحكوم عليه ما اثبت انه غير صالح للتأهيل الا عن طريق تنفيذ العقوبة فيه، وما يفترضه ذلك من تطبيق اساليب المعاملة العقابية عليه).
وقد نص قانون العقوبات الاردني على الاحكام التي حددت حالات الغاء الامر بوقف التنفيذ والاجراءات اللازمة لاستصدار الحكم بالاغاء مع تحديد المحكمة صاحبه الصلاحية بذلك والاثار التي تترتب على ذلك الالغاء على النحو التالي :المادة (54) مكررة :
يصدر الامر بايقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم قطعيا، ويجوز الغاؤه في اي من الحالتين التاليتين :
أ- اذا صدر على المحكوم عليه خلال هذه المدة حكم بالحبس لمدة تزيد على شهر واحد عن فعل ارتكبه قبل صدور امر ايقاف التنفيذ او بعد صدوره .
ب- اذا ظهر خلال هذه المدة ان المحكوم عليه كان قد صدر ضده قبل الامر بايقاف التنفيذ حكم كالمنصوص عليه في البند (أ) من هذه الفقرة ولم تكن المحكمة قد علمت به .
ج- يصدر الحكم بالغاء وقف التنفيذ من المحكمة التي كانت قد قررته بناء على طلب النيابة العامة بعد تبليغ المحكوم عليه بالحضور واذا كانت العقوبة التي بني عليها الالغاء قد حكم بها بعد ايقاف التنفيذ جاز ان يصدر الحكم بالالغاء من المحكمة التي قضت بهذه العقوبة سواء من تلقاء نفسها او بناء على طلب النيابة .
د- يترتب على الالغاء تنفيذ العقوبة المحكوم بها وجميع العقوبات التبعية والاثار الجنائية الاخرى التي كان قد اوقف تنفيذها .
وتقتضي دراستنا لهذا النص البحث في المباحث التالية :
1. حالات الغاء وقف تنفيذ العقوبة .
2. المحكمة المختصة بالالغاء والاجراءات
3. الاثار المترتبة على الغاء وقف التنفيذ.
المبحث الاول
حالات الغاء وقف التنفيذ
قلنا ان للمحكمة استعمال سلطتها التقديرية بوقف تنفيذ العقوبة التي قضت بها على المحكوم عليه، اذا ما توافرت شروط وقف التنفيذ القانونية ورات كفاية هذا الوقف في ردع المحكوم عليه وصلاحه وبأنه لن يعود الى مخالفة القانون اما اذا خالف المحكوم عليه القانون فان المشرع اوجب على المحكمة اصدار حكمها بالغاء وقف تنفيذ العقوبة بما اشتمله هذا الوقف من عقوبات تبعية واثار جنائية اخرى وفق حالتين بينهما القانون في المادة (54) مكرره وفي البند رقم (2) وهما:
أ- اذا صدر على المحكوم عليه خلال هذه المدة حكم بالحبس لمدة تزيد على شهر واحد عن فعل ارتكبه قبل صدور امر ايقاف التنفيذ .
ب- اذا ظهر خلال هذه المدة ان المحكوم عليه كان قد صدر ضده قبل الامر بوقف التنفيذ حكم كالمنصوص عليه في البند (أ) من هذه الفقرة ولم تكن المحكمة قد علمت به
ولا بد من التنبيه هنا الى ان المشرع وان كان قبل ان يورد هاتين الحالتين قد ذكر: (ويجوز الغاؤه في اي من الحالتين التاليتين) بلفظ (الجواز) الا ان هذا اللفظ لا يعني بأي حال من الأحوال معنى الخيار بحيث ان المحكمة تكون مخيرة بين الغاء وقف التنفيذ والابقاء عليه وانما ينصرف المعنى الى ان الجواز يكون في اي حالة من الحالات المدرجة بالنص فقد تجتمع وقد تنفرد فيكون للمحكمة ان تصدر الحكم بالغاء وقف التنفيذ مع قيام اي منها او جميعها.
وفيما يلي نعرض لهاتين الحالتين :
الحالة الاولى : صدور حكم على المحكوم عليه خلال مدة التجربة بالحبس اكثر من شهر واحد، وتتحقق هذه الحالة اذا صدر على المحكوم عليه خلال مدة التجربة حكما يقضي بحبسه مدة تزيد على شهر واحد عن فعل ارتكبه قبل صدور امر وقف التنفيذ او بعده فالامر سيان .
وبمعنى اخر تقتضي هذه الحالة توافر عناصر ثلاثة هي :
اولا : ارتكاب المحكوم عليه لجرم قبل صدور امر وقف التنفيذ او بعده فلا فرق في ذلك عمليا.
ثانيا : ان يصدر الحكم بحق المحكوم عليه عن الجرم السابق ذكره بعد صدور امر وقف التنفيذ وقبل انقضاء مدة الوقف، فاذا صدر الحكم قبل الامر بوقف التنفيذ نكون بصدد حالة ثانية وسنأتي على ذكرها واذا صدر بعد انقضاء مدة وقف التنفيذ فلا قيمة ولا جدوى من البحث في الالغاء لان وقف التنفيذ يكون قد تحصن بحكم القانون والحكم بالعقوبة صار كأن لم يكن .
ثالثا : ان تزيد مدة العقوبة المحكوم بها على شهر واحد فإذا قلت عن ذلك فلا تعتبر سببا من اسباب الغاء وقف التنفيذ القانونية .
الحالة الثانية : اذا ظهر خلال مدة وقف التنفيذ ان المحكوم عليه كان قد صدر ضده حكم بالحبس مدة تزيد على شهر واحد قبل الامر بوقف التنفيذ ولم تكن المحكمة قد علمت به. وتتحقق الحالة الثانية اذا كان المحكوم عليه قد صدر بحقه حكم بالحبس لمدة تزيد على شهر واحد قبل ان تأمر المحكمة بوقف التنفيذ ولم تكن المحكمة على علم به. وبالتالي تكون المحكمة لم تراع وجود اسبقية للمحكوم عليه عندما تفحصت حاله ولم تكن صورة المحكوم عليه جلية على حقيقتها عندما رأت وقف تنفيذ العقوبة التي حكمت بها عليه وهذه الحالة كما نرى تتطلب عناصر اربعة :
اولا : ارتكاب المحكوم عليه لجرم قبل صدور وقف التنفيذ
ثانيا : صدور حكم بحق المحكوم عليه عن هذا الجرم قبل صدور امر وقف التنفيذ .
ثالثا : ان تزيد مدة العقوبة المحكوم بها على شهر واحد .
رابعا : ان لا تكون المحكمة التي امرت بوقف التنفيذ على علم بوجود الحكم السابق .
والعلم المقصود هنا هو العلم الصحيح بالدليل الصحيح على صدور الحكم فاذا كانت المحكمة قد وقفت على الحكم السابق القاضي بحبس المحكوم عليه مدة تزيد عن شهر ومع ذلك أمرت بوقف التنفيذ بقرار معلل لا يعيبه القصور في التسبيب فانها تستعمل سلطتها التقديرية في حالة المحكوم عليه، والقانون اعطى المحكمة هذه السلطة في تقدير الوقائع دون معقب وبذلك تكون قد اخذت هذا الحكم بعين الاعتبار، اما اذا لم تكن تعلم بصدور هذا الحكم عند اصدار امرها بوقف التنفيذ فانها تكون والحالة هذه لم تأخذ حالة المحكوم عليه من هذه الناحية بعين الاعتبار ولم تخضع حالته هذه لتقديرها، ومؤدى ذلك الغاء الامر الصادر بوقف التنفيذ وفقا لما جاء في النص( ). وأشير هنا الى تطابق حالات الالغاء في قانون العقوبات المصري، مع الحالات التي اخذ بها قانون العقوبات الاردني اما قانون العقوبات العراقي فقد حدد ثلاث حالات لجواز الغاء وقف تنفيذ في المادة (147) وهي:
1. اذا لم يقم المحكوم عليه بتنفيذ الشروط المفروضه عليه والخاصة بتعهد حسن السلوك وادء التعويض المحكوم به كما حددته المحكمة .
2. اذا ارتكب المحكوم عليه خلال مدة التجربة جناية او جنحة عمدية قضى عليه من اجلها بعقوبة سالبة للحرية ولاكثر من ثلاثة شهور .
3. اذا ظهر خلال مدة التجربة ان المحكوم عليه كان قد صدر عليه حكم نهائي كما نص عليه في الفقرة السابقة ولم تكن المحكمة قد علمت به حين امرت بايقاف التنفيذ .
اما المشرع السوري وكذلك اللبناني، فقد حدد كلاهما حالتين لجواز الغاء وقف التنفيذ وهما.
1. اذا ارتكب المحكوم عليه جريمة اثناء مدة وقف التنفيذ وان يحكم من اجلها بعقوبة من نوع العقوبة التي كان محكوما بها اولا وخضعت لوقف التنفيذ او بعقوبة اشد .
2. اذا صدر حكم يثبت خرق المحكوم عليه الواجبات التي فرضها القاضي عليه شريطة ان تكون مباشرة دعوى النقض قد بدء بها خلال فترة التجربة حتى لو صدر الحكم بعد انتهائها .
المبحث الثاني
المحكمة المختصة بالالغاء والاجراءات
لقد بين المشرع طريقا محدده من اجل إلغاء وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها كما حدد المحكمة المختصة باصدار مثل هذا الالغاء في نص المادة (54/3) مكرره بقوله :
“يصدر الحكم بالغاء وقف التنفيذ من المحكمة التي قررته بناء على طلب النيابة العامة بعد تبليغ المحكوم عليه بالحضور واذا كانت العقوبة التي بني عليها الالغاء قد حكم بها بعد ايقاف التنفيذ جاز ان يصدر الحكم بالالغاء من المحكمة التي قضت بهذه العقوبة سواء من تلقاء نفسها او بناء على طلب النيابة”.
وقد ذكرنا فيما سبق ان المحكمة عندما تصدر حكما بالغاء وقف التنفيذ فانما تطبق حكم القانون دون ان يكون لها خيار في ذلك اذا قامت شروط الالغاء، فليس للمحكمة والحالة هذه السلطة تقديرية مثل التي كانت لها عند الحكم بوقف التنفيذ .
ووفقا للنص أعلاه يتعيين ان يصدر الحكم بالالغاء من محكمة ذات اختصاص اذ لا مجال للقول بتحقيق الالغاء حكما بتحقيق اسبابه ودون الحاجة الى اجراءات خاصة. اذا ان النص في قانون العقوبات الاردني واضح لا لبس فيه بقوله “يصدر الحكم بالغاء وقف التنفيذ من المحكمة” والمحكمة المختصة هنا احدى محكمتين :
المحكمة الاولى: وهي التي قامت ابتداءا بالامر بوقف التنفيذ عند قيام شروطه وباستعمالها لسلطتها التقديرية وفق القانون وتقوم المحكمة هنا بنظر طلب الالغاء والذي يجب ان يقدم من قبل النيابة العامة،وتتم المحاكمة وفق الاصول بدعوة المحكوم عليه للمثول أمام المحكمة وقد تتم المحاكمة بغيابه في حالة عدم حضوره رغم تبلغّه بذلك .
اما المحكمة الثانية : فهي التي تقضي بالعقوبة التالية التي بني عليها الالغاء وتقوم هذه الحالة عند الحكم على المحكوم عليه بالعقوبة اللازمة قانونا بعد صدور قرار وقف التنفيذ اي(خلال مدة وقف التنفيذ) عن فعل ارتكبه قبل او بعد صدور وقف التنفيذ فالمحكمة هذه تصدر في ذات الوقت حكما بالغاء وقف التنفيذ بالاضافة الى ما تحكم به من عقوبة عن الفعل الاخير، ولم يشترط النص في هذه الحالة ان يصدر الحكم بناءا على طلب النيابة العامة كالحالة الاولى اذ من الممكن ان تتصدى المحكمة بنفسها للحكم بالالغاء، بما ثبت امامها من وقائع مع قيام اسباب الغاء وقف التنفيذ.
وان النص وان لم يحدد كيفية الوقوف على الوقائع التي تبنى عليها المحكمة حكمها بالغاء وقف التنفيذ غير ان هذا الدور منوط بالنيابة العامة التي لا بد من ان تقوم للمحكمة من البينات والوقائع المثبته التي لا تدع مجالا للشك في ان المحكوم عليه قد خالف القانون بارتكابه جرما، وحكم عليه بالحبس مدة تزيد عن شهر، كأن تقدم للمحكمة صوره مصدقه عن قرار الحكم الذي اوقف تنفيذه او كامل ملف هذه القضية بالاضافة الى صوره مصدقه عن الحكم بالعقوبة التالية الصادرة خلال مدة وقف التنفيذ بحيث تتمكن المحكمة من الوقوف على كافة الوقائع التي تمكنها من معالجة موضوع الطلب .
المبحث الثالث
الاثار المترتبة على الغاء وقف التنفيذ
إن وقف تنفيذ العقوبة بحق المحكوم عليه الذي أمرت به كان القصد منه تجنيب هذا الشخص عقوبة الحبس ومعاشرة الاشرار من اصحاب السوابق اعتقادا من المحكمة ان المحكوم عليه لن يعود الى ارتكاب مخالفة للقانون بالنظر الى ماضيه وما احاط بارتكابه الجرم من ظروف وغيرها من معايير واحوال وضعتها المحكمة نصب عينيها عند الحكم بوقف تنفيذ العقوبة التي كان من الاصل ان توقع به وبالتالي فان ارتكابه لجرم معاقب عليه وفق القانون او ظهور حكم على المحكوم عليه لم تعلم به المحكمة دليل على ان هذا الشخص لم يكن مستحقا لهذه الرعاية التي اولته المحكمة اياها وبالتالي صار لزاما على المحكمة اتخاذ قرارها بالغاء الامر بوقف التنفيذ وفق الاسباب التي حددها القانون والاجراءات التي نص عليها .
ويترتب على هذا الالغاء تنفيذ العقوبه المحكوم بها والعقوبات التبعية وجميع الاثار الجنائية الاخرى التي شملها الامر بوقف التنفيذ حسب مقتضى الحال حيث اوجبت ذلك الفقرة (4) من المادة (54) مكرره بقولها: ” يترتب على الالغاء تنفيذ العقوبة المحكوم بها وجميع العقوبات التبعية والاثار الجنائية الاخرى التي كان قد اوقف تنفيذها”.
واذا كان الحكم بالالغاء قد صدر خلال فترة وقف التنفيذ عن محكمة قضت بادانة المحكوم عليه عن فعل ارتكبه قبل او بعد صدور امر وقف التنفيذ، فان العقوبتين معا تنفذان بحق المحكوم عليه وهما العقوبه التي صدر بها الحكم التالي، والعقوبة التي صدر الحكم بالغاء وقف تنفيذها( ).
ويترتب على إلغاء وقف تنفيذ العقوبة ان الحكم بالعقوبة يستقر على وجه بات فلا يهدد بعد ذلك بزوال، ويظل قائما حتى يحصل المحكوم عليه على اعادة إعبتاره، وينتج الحكم جميع مفاعليه، ومن اهمها اعتباره سابقه في التكرار وفق النصوص القانونية في هذا الشأن.
الخاتمة
لقد احسن المشرع الاردني بادخال نظام وقف التنفيذ الى قانون العقوبات الاردني بموجب تعديل عام 1988، وبذلك سد النقص الحاصل في التعامل الحديث مع العقوبه والمحكوم عليه وهو ما سبقتنا اليه الكثير من التشريعات الجزائية الاجنبية والعربية.
ولا يخفي على الباحثين في الدراسات القانونية والاحتماعية ما لنظام وقف تنفيذ العقوبة من اهمية حيث يتيح للمحكوم عليه فرصة الصلاح والتأهيل دون اللجوء الى تنفيذ عقوبة الحبس بحقه الامر الذي قد يؤدي به الى التسليم بدخوله عالم الاجرام والمجرمين والاعتياد على ذلك، ويوفر له فرصه الانعتاق والتحرر مستقبلا من القيود النفسية والاجتماعية والقانونية بما يوفر له فرصة استمرار الحياة بشكل طبيعي، حيث تؤول العقوبة والحكم بها الى الزوال وكأنها لم تكن.
ولكن لا بد من التأكيد بكثير من الاهمية الى ضرورة تنظيم سجل دقيق بالسوابق الجزائية بحق المحكوم عليه، فحسن تطبيق نظام وقف التنفيذ يستدعي وقوف المحكمة على السيرة الجنائية للمحكوم عليهم، في حين ان كشوف السوابق التي توضع بين ايدي القضاة حاليا غير دقيقة ولا تضع النتائج التي آلت اليها الاحكام بوضوح تام اضافه الى انه يندرج فيها جميع الحالات التي يطلب فيها المحكوم عليه الى اي جهه امنية او ادارية او قضائية.
وأخيراً وبعد هذه الدراسة وهذا المشوار المفيد مع نظام وقف التنفيذ فقها وتشريعا فان جملة من الملاحظات والنقاط أوردتها في سياق هذا البحث اود الاشارة اليها ثانية، والقاء بعض الضوء عليها وآمل من مشرعنا النظر بعين الاعتبار اليها من اجل الوصول الى تطبيق أفضل لنظام وقف تنفيذ العقوبة تحقيقا للغايات والاهداف التي شرع من اجلها وسأضع هذه الملاحظات على شكل الإقتراحات التالية:
اولا : الأخذ بشرط ان يكون للمحكوم عليه محل اقامة حقيقي في الاردن لاستفادته من منحة وقف تنفيذ العقوبة وان لا يكون قد صدر بحقه قرارا بالطرد قضائيا او اداريا، فلربما يتعين تنفيذ العقوبة التي صدر بحقه قرارا بالطرد قضائيا او اداريه فلربما يتعين تنفيذ العقوبه التي صدر قرار بوقفها عند قيام اسباب الالغاء فكيف تنفذ ؟ ما دام أن المحكوم عليه مبعد أو ليس له محل إقامه حقيقي في البلاد .
ثانيا: شمول العقوبات التكديرية بالحبس بامكانية وجواز وقف تنفيذها، حيث تتحقق العله من وقفها تماما كالعقوبة في الجناية والجنحة سواء بسواء، بل ان مرتكب المخالفة اولى بهذه العناية من مرتكب الجناية او الجنحة، ولا مجال للتبرير بأن العقوبة التكديرية بالحبس قصيرة جدا قد تكون ليوم واحد وحدها الاقصى اسبوع واحد، فإن ذلك ادعى لوقف تنفيذها، ثم ان العبرة هي تجنيب المحكوم عليه الاثار السلبية لدخول السجن ومعاشرة اصحاب السوابق والاختلاط بهم ثم ان من حق من يحكم عليه بمخالفة بالحبس ان يؤول هذا الحكم بالنتيجة الى الزوال ومحوها من سيرته الجنائية وكأن لم تكن .
ثالثا : تعديل مدة وقف التنفيذ بعدم جعلها واحدة في الجناية والجنحة اذ كيف يستوي في الرعاية من ارتكب جرما يمثل جناية مع اخر ارتكب جرما يمثل جنحة، واقترح جعل مدة وقف التنفيذ في الجنايات خمس سنوات وفي الجنح تبقى لثلاث سنوات .
رابعا : ان يجيز القانون للمحكمة ربط المحكوم عليه الذي صدر بحقه حكم بعقوبه اوقف تنفيذها بكفاله إحتياطية لضمان حسن سلوكه خلال فترة التجربة وان تخضعه لرعاية خاصة اذ رات المحكمة مصلحة في ذلك .
خامسا : الزام المحكوم عليه باداء التعويضات المحكوم بها في الحكم كلها او بعضها ان وجدت خلال اجل او اجال قصيره تحدد في الحكم، تحت طائلة الغاء وقف التفنيذ وذلك حفاظا ورعاية لحقوق المتضرر .
سادسا : شطب لفظة (السجن) من سياق الفقرة (1) من المادة (54) مكرره من القانون اذ ان نظامنا العقابي لم يعرف هذه الكلمة كعقوبة، اما السجن فقد ورد في القانون على انه المكان الذي تنفذ فيه العقوبه السالبه للحرية وهو ما استبدل اليوم بمصطلح (مركز الاصطلاح التأهيل)
ملحق
قانون رقم (9) لسنة 1988
قانون معدل لقانون العقوبات
المادة (1): يسمى هذا القانون (قانون معدل لقانون العقوبات لسنة 1988) ويقرأ مع القانون رقم 16 لسنة 1960 المشار اليه فيما يلي بالقانون الاصلي وما طرأ عليه من تعديلات كقانون واحد ويعمل به بعد مرور ثلاثين يوما على تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
المادة (6): تعدل المادة (47) من القانون الاصلي بالاضافة لفقرة (6) التالية الى اخرها :
المادة (7): تضاف المادة التالية الى القانون الاصلي برقم (54) مكرره بعد المادة (54) ويوضع لها العنوان التالي:
المادة (54) مكرره :
1. يجوز للمحكمة عند الحكم في جناية او جنحة بالسجن او الحبس مدة لا تزيد على سنة واحده ان تامر في قرار الحكم بإيقاف تنفيذ العقوبة وفقا للاحكام والشروط المنصوص عليها في هذا القانون اذا رات من اخلاق المحكوم عليه او ماضيه او سنه او الظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الاعتقاد بانه لن يعود الى مخالفة القانون، ويجب أن تبين في الحكم اسباب ايقاف التنفيذ، ويجوز ان تجعل الايقاف شاملا لاية عقوبه تبعيه، ولجميع الآثار الجنائية الاخرى المترتبة على الحكم.
2. يصدر الامر بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذي يصبح فيه الحكم قطعيا ويجوز الغاؤه في اي من الحالتين التاليتين:
أ- اذا صدر على المحكوم عليه خلال هذه المدة حكم بالحبس لمدة تزيد على شهر واحد عن فعل ارتكبه قبل صدور امر ايقاف التنفيذ او بعد صدوره .
ب- اذا ظهر خلال هذه المده ان المحكوم عليه كان قد صدر ضده قبل الامر بإيقاف التنفيذ حكم كالمنصوص عليه في البند (أ) من هذه الفقره ولم تكن المحكمة قد علمت به .
3. يصدر الحكم بالغاء وقف التنفيذ من المحكمة التي كانت قد قررته بناء على طلب النيابة العامة بعد تبيلغ المحكوم عليه بالحضور واذا كانت العقوبة التي بنى عليها الالغاء قد حكم بها بعد ايقاف التنفيذ جاز ان يصدر الحكم بالالغاء من المحكمة التي قضت بهذه العقوبة سواء من تلقاء نفسها او بناء على طلب النيابة .
4. يترتب على الالغاء تنفيذ العقوبة المحكوم بها وجميع العقوبات التبعية والآثار الجنائية الاخرى التي كان قد اوقف تنفيذها .
5. إذا انقضت مدة ايقاف التنفيذ ولم يصدر خلالها حكم بالغائه فتسقط العقوبة المحكوم بها ويعتبر الحكم بها كأن لم يكن .
______________
مراجع البحث
1. اعادة الاعتبار ووقف تنفيذ العقوبة / القاضي احمد سعيد المومني، 1992.
2. شرح قانون العقوبات اللبناني / القسم العام / د. محمود نجيب حسني الطبعة الثانية 1975 بيروت
3. قانون العقوبات – القسم العام / د. علي عبد القادر القهوجي .
4. قانون العقوبات / القسم العام / د. عبود السراج .
5. المبادئ العامة في قانون العقوبات / د. محمد الفاضل دمشق – 1964
6. الاختيار القضائي ( دراسة في الدفاع الاجتماعي ) احمد فتحي سرور .
7. مبادئ عامة في القانون العقوبات العراقي د. علي حسن الخلف .