تعسف المالك في إستعماله لحقه والاضرار بالغير
تنص الماده 807 من القانون المدنى على:
(1) على المالك ألا يغلو فى استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار.
(2) وليس للجار أن يرجع على جاره فى مضار الجوار المألوفة التى لا يمكن تجنبها، و أنما له أن يطلب إزالة هذه المضار إذا تجاوزت الحد المألوف، على أن يراعى فى ذلك العرف، و طبيعة العقارات، و موقع كل منها بالنسبة إلى الآخر، والغرض الذى خصصت له.
ولا يحول الترخيص الصادر من الجهات المختصة دون استعمال هذا الحق.
الأعمال التحضيرية:
1 ـ هذا نص جوهري في المشروع يقرر التزامات الجوار ، فيجعلها التزامات قانونية . وهي الآن التزامات لا مصدر لها الا القضاء المصري ، قررها مهتدياً في تقريرها بالشريعة الاسلامية ، فقننها المشروع كما هي مقررة في القضاء المصري وفي الشريعة الاسلامية معاً ، فأصبحت التزامات مستقرة ثابتة لها مصدر معروف هو نص القانون .
2 ـ والمبدأ الأساسي الذي وضعه النص هو نهي المالك عن ان يغلو في استعمال حقه الي حد يضر يملك الجار . فهناك اذن شرطان لمسئولية المالك : ضرر يصيب الجار ، وغلو المالك في استعمال حقه والمهم هو تحديد هذا الغلو ، فقد تبين ان العمل الضار بالجار لا يوجب المسئولية حتما ، بل لا بد ان يكون في العمل غلو من المالك في استعمال حقه .
3 ـ وقد حددت الفقرة الثانية من النص معني الغلو ورسمت له معياراً مرناً لا قاعدة جامدة فالغلو يتصف به كل عمل يحدث ضرراً غير مألوف للجار ، فالمعيار اذن هو الضرر غير المألوف . ويجب التسامح فيما يحدثه الجيران بعضهم لبعض من ضرر مألوف ، والا غلت أيدي الملاك عند استعمال حقوقهم . أما اذا أحدث عمل المالك ضرراً غير مألوف بالجار . فلا يصبح مسئولاً عن تعويض هذا الضرر .
وهذا ما تقضي به المادة 57 من كتاب مرشد الجيران اذ تنص علي ان ” للمالك ان يتصرف كيف شاء في خالص ملكه الذي ليس للغير حق فيه ، فعلي حائطه ، ويبني ما يريده ، ما لم يكن تصرفه مضراً بالجار ضرراً فاحشاً ” .
فالضرر الفاحش هو الضرر غير المألوف . وقد عرفته المادة 59 من كتاب مرشد الجيران بما يأتي : ” الضرر الفاحش ما يكون سبباً لوهن البناء او هدمه او يمنع الحوائج الأصلية أي المنافع المقصودة من البناء . أ/ا ما يمنع المنافع التي ليست من الحوائج الأصلية فليس بضرر فاحش ” . ونصت المادة 60 علي أنه ” يزال الضرر الفاحش سواء كان قديماً او حادثاً ” .
وقد قضت المادة 1169 فقرة 2 بأن يراعي في تحديد الضرر غير المألوف اعتبارات مختلفة منها :
أ ) العرف .
ب ) وطبيعة العقارات .
ج ) وموقع كل منها بالنسبة للآخر .
د ) والغرض الذي خصصت له . فمن ذلك يتبين ام ما يعتبر ضرراً مألوفاً في ناحية مكتظة بالمصانع والمقاهي والمحلات العامة يعتبر ضرراً غير مألوف في ناحية هادئة خصصت للمساكن دون غيرها وسكني العلية من الناس . فاذا فتح محل مقلق للراحة في وسط هذه المساكن الهادئة ، كان في هذا ضرر غير مألوف تجب ازالته ، ولا يجول دون ذلك الترخيص الاداري الذي يعطي لهذا المحل ، وقد جري القضاء المصري علي ذلك . اما اذا كان المحل المقلق للراحة هو القديم ، وقد وجد في ناحية مناسبة له ، ثم استجدت بعد ذلك بجواره بناء للسكني الهادئة ، فليس لصاحب هذا البناء ان يتضرر من مجاوره المحل المقلق للراحة ، بل هو الذي يلزمه دفع الضرر عن نفسه . وقد اورد مرشد الجيران امثلة للضرر الفاحش مستحدثة وقديمة ، تتفق مع ما جري عليه القضاء المصري . فنصت المادة 61 علي ان ” سد الضياء بالكلية علي الجار يعد ضرراً فاحشاً ، فلا يسوغ لأحد احداث بناء يسد به شباك بيت جاره سداً يمنع الضوء عنه ، وان فعل ذلكفللجار ان يكلفه رفع البناء دفعاً للضرر عنه ” .
ونصت المادة 62 علي ان رؤية المحل الذي هو مقر للنساء يعد ضرراً فاحشاً ، فلا يسوغ احداث شباك او بناء يجعل فيه شباكاً للنظر مطلاً علي محل نساء جاره ، وان احدث ذلك يؤمر برفع الضرر اما بسد الشباك او ببناء ساتر ، فان كان الشباك احدث مرتفعاً فوق قامة الانسان فليس للجار طلب سده ” . ونصت المادة 63 علي أنه ” ان كان لأحد دار يتصرف فيها تصرفاً مشروعاً ، فأحدث غيره بجواره بناء مجدداً ، فليس للمحدث ان يتضرر من شبابيك الدار القديمة ولو كانت مطلة علي مقر نسائه ، بل هو الذي يلزمه دفع الضر عن نفسه ” .
وغني عن البيان ان ازالة الضرر قد تكون عيناً او من طريق التعويض حسب الأحوال .
4 ـ ولم يكتف المشروع بالنص علي وجوب ازالة الضرر غير المألوف بعد وقوعه ، بل نص علي جواز المطالبة بمنعه قبل وقوعه فان الوقاية خير من العلاج . وللمالك المهدد بضرر يصيبه من جراء أعمال للجار ، ولو تمت تحقق هذا الضرر ، ان يلزم الجار في قضية مستعجلة باتخاذ الاحتياطيات الكافية ، بل له ان يطلب وقف هذه الأعمال حتي تفصل محكمة الموضوع في النزاع ( انظر م 1413 من المشروع )
مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني ـ الجزء 6 ـ ص 31 و 32 و 33
قضاء محكمة النقض
المقرر- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة _ أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تكيف الدعوى بما تتبينه من وقائعها وأن تنزل عليها وصفها الصحيح فى القانون. لما كان ذلك وكان البين من سائر أوراق الدعوى أن حقيقة مطلب الطاعن فيها هو منع الضرر الناجم من جراء إقامة المطعون ضدهما بتعلية عقارهما بما من شأنه كشف منزله وجعله عرضة لأبصارهما بما يخضع هذا الطلب لأحكام المادة 807 من القانون المدنى وكان الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا التكييف السليم، وبنى قضاءه برفض الدعوى وفقاً لأحكام المادة818/1 من ذات القانون على أساس التكييف المستمد من ظاهر طلب الطاعن الذى قصره على إلزام المطعون ضدهما ببناء الحائط الساتر لمنزله لمنع الضرر المقول به، فإن الحكم المطعون فيه يكون بجانب مخالفته القانون والخطأ فى تطبيقه قد تحجب عن تناول وفحص ما تمسك به الطاعن من قيام ضرر وقع على منزله…. ولم يقل كلمته بشأن هذا الضرر…