تفتيش المسجونين داخل السجون.
(1) لا خلاف في أن التفتيش داخل السجون هو من قبيل التفتيش الإداري الذي لا يخضع للضمانات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية. فهو إجراء إداري تقوم به سلطات السجن للتأكد من عدم حيازة واحراز المسجونيين أو الزائرين أو حتي العاملين في السجن لثمة ممنوعات قد تخل ببيئة السجن. ولكن هذا التفتيش يمس بصورة أو أخري بحق السر ومجرد دخول الشخص السجن تنفيذا لحكم أو حبسا على ذمة قضيه أو للزيارة أو العمل لأ يعني تجردة من كافة حقوقة فهو علي حد تعبير المحكمة الأميركية العليا لأ يسلم حقوقة عند بوابة السجن .ولهذا قيد المشرع هذا التفتيش بالغرض منه فاشترط لصحته أن يقوم به ضابط السجن دون سواه و أن تتوافر لدي هذا الضابط شبهه علي إخفاء الشخص لممنوعات فهذا هو ضمان مشروعية هذا التفتيش.
فلقد نصت المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون على ذلك صراحتا فقررت أنه ” لضابط السجن حق تفتيش أى شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم” فلا يكفي مجرد التواجد في السجن أو مجرد الشك وإنما يلزم فوق هذآ التواجد أن تتوافر لدي المنوط به التفتيش شبه علي إخفاء الشخص لممنوعات. والشبهه حالة ذهنية تقوم لدي المنوط بالتفتيش يصح معها في العقل والمناطق القول بحيازة الشخص لممنوعات وهذه الشبهه يجب أن تتحقق لدي المنوط به التفتيش فلا يصح أن يتلقاها عن الغير والشبهه علي خلاف الأصل فيلزم أن تعني محكمة الموضوع ببيانها من واقع الأوراق وان تسردها في حكمها حتي يتم التحقق من قيامها.
(٢) غير أن محكمة النقض في بعض احكامها تعطى للشبهه مفهوم واسع لأ يتفق وقصد المشرع بل وتعريف الشبهه. أذ تكتفي بمطلق الشك و لا تلتزم شرط الصفه فتجيز لمن لا يحمل صفه ضابط السجن حق التفتيش وتكتفي بأن يتلقي القائم بالتفتيش خبر الشبهة من غيرة بل انها لاتري بأسا من أن يغفل حكم الإدانة مظاهر تلك الشبهه. فلقد قضت بأن الشك من قبيل الاشتباه ومن ثم يسوغ التفتيش.
وفي ذلك قضت بأنه لما كان الطاعن لا ينازع في أنه كان مودعاً بالسجن على ذمة الحبس الاحتياطى , ومن ثم فإنه تجرى عليه أحكام لوائح السجن ونظامه , وإذ كانت المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أنه ” لضابط السجن حق تفتيش أى شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم ” مما مفاده على ضوء النص سالف الذكر أن تفتيش الطاعن كان استعمالا لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو الشك في حيازة الطاعن لأشياء ممنوعة وهو ما لم يخطئ الحكم في استخلاصه ويكون ما يثيره الطاعن في ذلك غير سديد .
(الطعن رقم 20827 لسنة 75 جلسة 2012/11/14 س 63 )
وقضت بصحة التفتيش في واقعة كان المتهم فيها قد حضر إلى ديوان المركز وطلب زيارة المتهمين المحبوسين على ذمة الجناية رقم ……. جنايات ……. وذلك بحجز المركز وأن المتهم كان يحمل كيسين فقام الضابطين بتفتيشهما لمجرد الشك ودون ما يصدر من المتهم ما يريب
(الطعن رقم 99 لسنة 82 جلسة 2012/05/15)
وهذا القضاء غير دقيق إذ قاس الشك علي الاشتباه واجري عليه حكمه. في حين ان الشك مجرد حدس ورجم بالغيب أما الشبهة فهي حالة تقوم ذهنية تقوم بنفس ضابط السجن لسلوك معين صدر من المراد تفتيشه فلا ينسحب هذا علي ذاك. ولما كان القانون يشترط الاشتباه وليس مجرد الشك لذا فإن الشك لا يصلح سندا أو مبررا لاتخاذ التفتيش. لا سيما انه لا يقاس علي الأعمال الماسة بحق السر كالتفتيش لأنها استثناء من أصل حق السر والاستثناء لا يقاس عليه.
(٣) ومن ناحية لا تستلزم النقض أن يجري التفتيش ضابط السجن بل تري صحه التفتيش من سواه كأمين شرطة ولا تستلزم أن يذكر حكم الادانة مظاهر الشبهه. وقالت فى ذلك أنه لما كانت المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أن ” لضابط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم ” وكانت الطاعنة لا تنازع في أن الضبط تم أثناء وجودها داخل السجن مما كان يبيح للشاهد الثاني أمين الشرطة بالسجن ” الذي اشتبه في محتويات الأمتعة والأغذية التي تحملها أثناء الزيارة أن يقوم بتفتيشها إعمالاً للنص سالف الذكر الذي لا يفرق في شأن جواز التفتيش بين المسجونين وغيرهم من الموجودين داخل السجن .
(الطعن رقم 24788 لسنة 83 جلسة 2014/05/06 س 65 )
وهذا الحكم محل نظر إذ يلزم بصريح النص ان يقوم بالتفتيش ضابط السجن بعد ان تتحقق لديه شبهه في حمل الزائر ممنوعات داخل السجن. والثابت من الحكم ان من اجري التفتيش أمين شرطه وليس ضابط السجن من جهه كما خلا الحكم من بيان دلاله الشبهه المسوغه للتفتيش السجني من جهه أخري ولا يكفي ان يقرر الحكم بقيامها اذ اصول التسبيب التي تعلمناها توجب سرد الواقعه المعتبره شبهه كي تتمكن محكمة النقض ذاتها من بسط رقابتها علي محكمة الموضوع في استخلاصها وهو ما لم تلتفت اليه محكمة النقض وشغلت نفسها بكون التفتيش تم داخل السجن ولم تخطيء حكم محكمة الموضوع لابهامه في بيان الشبهه والاعتداد بنتاج التفتيش رغم اجراوه من غير ذي صفه.