توضيحات حول المال محل الحجز في القانون المصري
يهدف التنفيذ الجبري إلى بيع المال بالمزاد العلني لاستيفاء حق الدائن من ثمنه[1]، ولأجل ذلك فإن هذا المال يجب أن يكون مما يمكن للمدين التصرف فيه حتى يمكن للدائن التنفيذ عليه لاستيفاء دينه وبناء على ذلك،فإنه لا يمكن للدائن التنفيذ على الأموال المحظور على المدين التصرف فيها. وحالات المنع من التصرف هذه متعددة سواء في قانون المسطرة المدنية أو غيرها من القوانين الأخرى،
وللشراح طرق مختلفة في بيان ذلك ولكن سيتم التعرض لأهمها فقط كما يلي:
1- الأموال العمومية للدولة وفروعها فإنها غير قابلة للتصرف فيها حسب القانون:[2]
أصبح من المبادئ القارة والراسخة على أن الأموال العمومية غير قابلة للحجز عليها، وأن اجتهاد المحاكم قد استقر على ذلك منذ زمن بعيد ومن هذه الاجتهادات الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط في 14/8/1954 الذي ورد فيه ما يلي: “وحيث أن أموال الدولة لا يمكن أن تعرض للحجز لافتراض سيرها سواء كانت عقارات أو منقولات كالطرق والموانئ والحدائق العمومية والبنايات الإدارية وأدواتها وسيارة الدولة لأنها تخدم المرافق العامة والالتزامات المترتبة عنها”. وكذلك الأموال الخاصة للدولة كالأملاك المخزنية والبلديات والمكاتب والجماعات العمومية لما في ذلك من مصلحة عمومية وتشمل الدولة الأراضي الجماعية،( ظهير 27 أبريل 1919 الفصل4)3.
وتعتبر الأموال عامة سواء كانت عقارات أو منقولات أو للأشخاص الاعتبارية العامة التابعة للدولة. والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار الوزير المختص. فهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم فإذا فقدت هذه الأموال صفتها جاز الحجز عليها[3].
2- الحقوق والأموال التي لا يجوز التصرف فيها بالبيع على استقلال أو الحجز:
وذلك كحق الارتفاق، فإنه لا يجوز الحجز عليه مستقلا لصعوبة بيعه حسب الفصول من 145 إلى 153 من ظهير 19 رجب 1333ه، إلا إذا كان العقار المرتفق فإنه يشمله الحجز. كما لا يجوز حجز العقارات بالتخصيص وهي المنقولات التي يضعها صاحبها لخدمة العقار أو استغلاله حسب الفصول من 5 إلى 124 من ق.م.م وإنما يشملها الحجز على العقار الذي رصدت لخدمته كالجرارات الزراعية ومعدات الحرث، مع أنه يجوز الحجز على العقار بالتخصيص على استقلال إذا لم يوجد منقول آخر للمدين.
3- الرسائل بناء على عدم الاعتداء على المراسلات وكذلك التذاكر العائلية:
4-الأموال التي لا يجوز الحجز عليها احتراما لإرادة الأفراد
وهي الأموال الموهوبة أو الموصى بها، فإنه لا يجوز التنفيذ عليها احتراما لإرادة الموصي الذي أعطته مدونة الأسرة الحق في أن يعلق الوصية ويقيدها شريطة أن لا تكون مخالفة لمقاصد الشريعة الإسلامية.
محل الحجز حقا ماليا للمدين جائز الحجز عليه:
من أهم الشروط الواجب توافرها كذلك في محل الحجز حتى يمكن التنفيذ عليه جبرا أن يكون حقا ماليا جائزا الحجز عليه، ذلك لأن أموال المدين لا يجوز القانون التنفيذ عليها جبرا رغم إمكانية المدين التصرف فيها. ويعمد المشرع إلى منع جواز الحجز على مال معين من أموال المدين لاعتبارات مختلفة تستوجب تغليب مصلحة المدين على مصلحة الدائن. وقد يتعلق الأمر بتغليب مصلحة عامة، وتميل التشريعات الحديثة إلى الإكثار من حالات عدم جواز الحجز، وذلك من أجل إضفاء حماية قانونية للعاملين اللذين ليس لديهم في الغالب سوى ناتج عملهم فضلا عن وجوب احترام الحقوق الأساسية للإنسان[4].
والأصل أن جميع أموال المدين يمكن الحجز عليها، لأنها كلها ضامنة لديونه، ومن ضمنها القيم المنقولة لأنها تعتبر هي كذلك ضمانا عاما للمدين. فعدم جواز الحجز يرد استثناء على القاعدة العامة، ولهذا فإن عبء إثبات جواز الحجز لا يقع على الدائن طالب التنفيذ وإنما على المدين إثبات عدم جوازه.
ومن المفهوم أن المدين لا يثبت النص القانوني المانع من الحجز، لأن الغرض هو علم القاضي بنصوص القانون، إنما عليه إثبات أن المال المعين يدخل ضمن الأموال التي منع النص حجزها. ومن ناحية أخرى، فإنه يدخل في سلطة عامل التنفيذ أن يمتنع عن الحجز على هذه الأموال ولو طلب منه الدائن الحجز عليها[5].
ولأن حالات عدم جواز الحجز ترد استثناء على القاعدة العامة وتؤدي إلى الإضرار بالدائنين، فمن المقرر أنها واردة في القانون على سبيل الحصر فليس للمدين أن يعلن بإرادته المنفردة اعتبار مال معين من أمواله غير قابل للحجز عليه خارج ما نص عليه القانون.
الأموال التي لا يجوز الحجز عليها أو التنفيذ رعاية للمدين بنص القانون:
منع المشرع التنفيذ الجبري على بعض الأموال المملوكة للمدين حتى لا تهدر كرامة المدين وأسرته وتضيع تحت وطأة العوز، لذلك حرص المشرع على عدم تجريده من بعض ما يملك. وهذه الحماية تتجلى كما نص على ذلك الفصل 458 من ق.م.م على الأموال التالية:
– فراش النوم والملابس وأواني المطبخ اللازمة للمحجوز عليه وعائلته.
-الخيمة التي تأويهم.
– الكتب والأدوات اللازمة لمهنة المحجوز عليه.
– المواد الغذائية اللازمة مدة شهر للمحجوز عليه ولعائلته التي تحت كفالته.
___________________________________
[1] – فتحي والي: التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي 1995، ص207.
[2] – نص القانون الفرنسي صراحة على منع التنفيذ والحجز على الأشخاص المعنويين العموميين أي الحكومة وفروعها.
[3] – الطيب برادة: التنفيذ الجبري في التشريع المغربي بين النظرية والتطبيق.م.س.ص220.
[4] – فتحي والي، م.س.ص211.
[5] – فتحي والي، م.س.ص.212