توضيح لأثر نقض الحكم الذي تم التنفيذ بمقتضاه.
يقع أحيانًا أن يتم تنفيذ الحكم قبل الفصل في النقض المرفوع عنه.
فماذا يكون مصير ذلك التنفيذ الذي تم إذا ما نقض الحكم الذي حصل التنفيذ بمقتضاه.
وهل يكون لمن نقض الحكم لصالحه أن ينفذ حكم النقض ذاته لاسترداد ما دفعه تنفيذًا للحكم المنقوض أم يلزم لذلك رفع دعوى جديدة.
وإن قامت صعوبة في وجه التنفيذ بحكم النقض ذاته فما هي الجهة المختصة بالنظر في تلك الصعوبات.
أثر نقض الحكم:
وإن كان الطعن في الحكم بطريق النقض والإبرام لا يوقف تنفيذه عملاً بالمادة (13) من قانون النقض إلا أن مصير هذا التنفيذ معلق بمصير الحكم المطعون فيه والذي حصل التنفيذ بمقتضاه عملاً بالمادة (31) من نفس القانون وهي تنص على أنه:
(يترتب على نقض الحكم إلغاء جميع الأحكام والأعمال اللاحقة للحكم المنقوض متى كان ذلك الحكم أساسًا لها….)
وبديهي أن تنفيذ الحكم المنقوض هو من الأعمال اللاحقة له والتي كان ذلك الحكم أساسًا لها فيترتب على نقض الحكم إلغاؤها.
وزادت المذكرة التفسيرية المرافقة لقانون النقض هذا المعنى وضوحًا فقد جاء بالصحيفة (31) ما يأتي – (وقد كان من الضروري النص على ذلك صراحة في القانون إذ أن الطعن بطريق النقض لا يوقف التنفيذ وكان من الجائز أنه بينما تكون القضية منظورة أمام محكمة النقض يكون الخصوم سائرين في إجراءات نزع الملكية أو غيرها من الإجراءات)
(المبينة على الحكم المطعون فيه… )
إذن وطبقًا لما تقدم يُلغى من تلقاء نفسه وبقوة القانون كل تنفيذ تم بحكم ألغته محكمة النقض والإبرام ويقع هذا الأثر ولو لم تذكره محكمة النقض صراحة في حكمها لأن القانون ذكره صراحة في مواده.
يراجع جارسونيه جزء (6) ص (758) فقرة (443) (طبعة ثالثة) فقد جاء به عند سرد آثار نقض الحكم ما يأتي:
(L’arrêt de cassation,……. produit quatre effets: – 443 1. Le rétablissement des choses en l’etat ou elles étaient au moment où l’arrêt casse a été rendu: conséquence naturelle de l’annulation de cet arrêt et qui va de soi quand même la cour a omis de le dire en cassant)
فنقض الحكم يؤثر بذاته في مركز الخصوم ويعيدهم إلى ما كانوا عليه قبل الحكم المنقوض فيجب لذلك أن ترد كافة المبالغ المدفوعة نفاذًا للحكم المنقوض، وتسقط كافة التسجيلات والحقوق العينية التي ترتبت على العقار بمقتضى ذلك الحكم –
يراجع أيضًا.
(Dalloz Repertoire (cassation) No. 2014)
كيف يطلب الرد:
أما وقد تقرر أن إلغاء التنفيذ السابق يحصل قانونًا بمجرد نقض الحكم الذي تم التنفيذ بمقتضاه فلا حاجة إذن لاستصدار حكم جديد بإلغاء هذا التنفيذ ورد ما دفع بمقتضاه.
بل يعتبر حكم النقض بذاته هو السند التنفيذي بهذا الإلغاء والرد.
ويمكن تنفيذ ذلك الحكم لاسترداد ما دفع تنفيذًا للحكم المنقوض.
وبهذا المعنى تجري أحكام القضاء الفرنسي، يراجع:
(Dalloz Pratique (Cassation) page 229 No 402 L’arrêt de casaation a encore cet effet d’obliger les parties qui ont obtenu l’arrêt cassé a restituer toutes les sommes qu’elles ont recues en exécution de cct arrêt: encore que la cour de cassation n’ait pas ordonné la restitution et sans qu’il soit necessaire d’aatendre la decision de la cour de renvoi)
وقد شذ عن هذا الرأي حكم صدر من محكمة كولمار في 26 أغسطس سنة 1835 وحكم لمحكمة ليون في 29 مارس سنة 1855 فيرى هذان الحكمان أن التنفيذ لا يكون إلا بمنطوق صريح فإن جاء حكم النقض خاليًا من النص الصريح على الرد امتنع التنفيذ بحكم النقض لأن الأحكام يجب أن تكون صريحة قاطعة.
وهذا رأي ينقصه صريح نص القانون ومفهوم أثر النقض من أنه يلغي كافة الأعمال التي ترتبت على الحكم المنقوض والتي كان أساسًا لها.
وتطبيقًا للقواعد سالفة الذكر يكون للمحكوم لصالحه من محكمة النقض الحق في أن يسترد ما دفعه كاملاً وفوائده، وتسري الفوائد – كما قضى بذلك القضاء الفرنسي بعد تردد – من يوم إعلان الحكم الذي يقوم مقام المطالبة الرسمية.
الجهة المختصة بنظر الإشكالات:
قد يكون الامتناع عن تنفيذ حكم النقض من جهة المحضر المكلف بالتنفيذ، وقد يكون الاعتراض من جهة الخصم المطلوب التنفيذ ضده، وقد يكون مبنى الاعتراض أن حكم النقض لا يجوز تنفيذه لخلوه من منطوق صريح ملزم بالرد وقد يكون مبنى الاعتراض أسباب موضوعية متعلقة بالسداد، فما هي الجهة المختصة بنظر هذه الصعوبات التي تعترض التنفيذ.
1 – إن كان الامتناع من جانب المحضر فيرجع صاحب الشأن إلى رئيس المحكمة، طبقًا للمادة (283) مرافعات.
2 – وإن كان من جانب الخصم فله أن يرجع إلي محكمة النقض بطريق التفسير.
3 – على أن الجهة العادية لفض هذه الإشكالات هي القضاء المستعجل الكائن في دائرته التنفيذ، يراجع: (Dalloz pratique (Cassation) No. 404)
وقد عرض على محكمة النقض والإبرام – بتقرير بالتفسير Pourvoi en interprétation لتبدي رأيها في امتناع قلم المحضرين عن تنفيذ حكم لها لرد ما دفع بالحكم المنقوض وكان ذلك في طعن رفعه السيد منز في أحكام أصدرته محكمة بروكسل لمصلحة السيد لاتزبرج وألغتها محكمة النقض بعد إن كان هذا الأخير قد نفذها فطلب السيد منز من قلم المحضرين تنفيذ حكم النقض لاسترداد ما دفعه تنفيذًا للأحكام الملغاة فتوقف المحضرون بحجة أن حكم النقض خالٍ من منطوق صريح بالرد،
فقدم السيد منز تقريرًا بطلب تفسير الحكم من محكمة النقض فقررت ما يأتي:
(La cour – attendu que l’effet nécessaire et légal de l’annulation de dites arrêts de la cour de Bruxelles a été de remettre les parties au même et semblable état où elles étaient avant la pronunciation de ces arrêts: qu’il suit de là qu ‘ en cassant et annulant les dites arrêts la cour a implicitement autorisé le Sieur Mens à exiger la restitution des capitaux, frais et interêts par lui payés au sieur Lanbsberg en exécution de dites condemnations).
ومن كل هذا يثبت:
أن مصير التنفيذ الذي يتم بحكم مطعون فيه بطريق النقض معلق بمصير ذلك الحكم أن نقض سقط التنفيذ تبعًا وبقوة القانون.
وإن استرداد ما دفع تنفيذًا للحكم المنقوض جائز بمقتضى الحكم الذي نقضه بغير حاجة إلى رفع دعوى جديدة، وإن حصل إشكال في التنفيذ فالمرجع فيه إلى الجهة المختصة بذلك وهي القضاء المستعجل الكائن في دائرته التنفيذ ويمكن الرجوع بطريق طلب التفسير إلى ذات المحكمة التي أصدرت الحكم.