جرائم الحسابات والمعلومات من حيث الصلح.
(١) متي وقعت الجريمة نشأ للمجتمع حق في عقاب الجاني. غير أنه لا يجوز للدولة اقتضاء هذا الحق من الجاني بإنزال العقاب الفوري حتي لو اعترف المتهم وطلب القصاص الفوري منه وإنما لابد لانزال العقاب أن تلجأ الدولة الي مجموعه وسلسه من الإجراءات تسمي الدعوي الجنائية تطلب بمقتضاها من القضاء انزال العقاب علي المتهم.
ومن هنا يتضح أن المجني عليه في الجريمة لاشان له بمطالبه انزال العقاب علي الجاني إذ ذلك من شئون المجتمع من خلال الدعوي. وبالتالي كان الأصل أن ارادة المجني عليه لا أثر له علي الدعوي حتي أن صفح عن المتهم.
ولكن لاحظ المشرع أن بعض الجرائم تنال مباشرتا من حقوق المجني عليه بجانب حق المجتمع في العقاب. فاثر الحق الأول علي الثاني وجعل من صلح المجني عليه مع المتهم سببا لانقضاء الدعوي الجنائية وبالتبعية حق سقوط حق الدولة في العقاب. وقد دعاه إلى ذلك حرصه علي توطيد العلاقات الحميمة بين أفراد المجتمع. والصلح عقد بين طرفين هما المجني عليه والمتهم ينعقد بمجرد تلاقي الايجاب والقبول سواء كان بمقابل مادي من عدمه.
ولكن المشرع في قانون جرائم تقنية المعلومات علق أثر الصلح في انقضاء الدعوي الجنائية في حفنة من الجرائم علي اعتماد المجلس القومي لتنظيم الاتصالات. وللصلح أثر نسبي فلا يستفيد منه إلا من كان طرف فيه. فإن تعدد المتهميين وتصالح المجني عليه من بعضهم دون البعض انقضت الدعوي لمن تصالح معه المجني عليه وظلت قائمة بالنسبه للآخرين. وأن تعدد المجني عليهم في الجريمة وجب لانقضاء الدعوي أن يتصالح الجميع مع المتهم فإن تصالح البعض دون البعض ظلت الدعوي قائمة.
ولقد انتقي قانون جرائم تقنية المعلومات جرائم بعينها فيها للمتهم أن يثبت فيها صلحه مع المجني عليه أو وكيله الخالص أو ورثته.ورتب علي الصلح انقضاء الدعوي فورا في اي حاله كانت عليها ولو لاول مره أمام محكمة النقض.
ولكن في حفنة من الجرائم علق أثر الصلح علي اعتماد المجلس القومي لتنظيم الاتصالات. اذ نصت المادة ٤٢من القانون رقم ١٧٥لسنة ٢٠١٨بشان جرائم تقنية المعلومات علي أن”يجوز للمتهم فى أية حالة كانت عليها الدعوى الجنائية، وقبل صيرورة الحكم باتا،إثبات الصلح مع المجنى عليه أو وكيله الخاص أو خلفه العام، أمام النيابة العامة أوالمحكمة المختصة بحسب الأحوال،
وذلك فى الجنح المنصوص عليها فى المواد 15، 16،17، 18، 19، 20، 24، 27، 29، 31، 32، من هذا القانون. ولا ينتج اقرار المجنى عليه بالصلح المنصوص عليه بالفقرة السابقة أثره إلا باعتماده من الجهاز بالنسبة للجنح المنصوص عليها بالمواد 15، 18، 19، 24 من هذا القانون”.
(٢) والجرائم محل الصلح المطلق هي الجنح المنصوص عليها بالمواد 15و16و17و18و19و20و24و27و29و31و32 من القانون رقم ١٧٥لسنه ٢٠١٨. وهي جريمة المادة 15 او بالآحري جريمة الدخول غير المشروع اذ نصت تلك المادة علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 50 ألفا ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو إحدى هاتين العقوبتين، كل من دخل عمدا أو دخل بخطأ غير عمدى وبقى بدون وجه حق، على موقع أو حساب خاص أو نظام معلوماتى محظور الدخول عليه.
فإذا أنتج عن ذلك إتلاف أو محو أو تغيير أو نسخ أو إعادة نشر للبيانات أو المعلومات الموجودة على ذلك الموقع أو الحساب الخاص أو النظام المعلوماتى، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين.
وايضا جريمة المادة 16 وهي جريمة الاعتراض غير المشروع اذ نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 250 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعترض بدون وجه حق أية معلومات أو بيانات أو كل ماهو متداول عن طريق شبكة معلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الألى وما فى حكمها.
-وكذا جريمة المادة 17 المتعلقة بالاعتداء على سلامة البيانات والمعلومات والنظم المعلوماتي إذ نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه، أو بإحدى هاتيم العقوبتين كل من أتلف أو عطل أو عدل مسار أو ألغى كلياً أو جزئياً، متعمداً وبدون وجه حق، البرامج والبيانات أو المعلومات المخزنة، أو المعالجة، أو المولدة أو المخلقة على أى نظام معلوماتى ومافى حكمه، أيا كانت الوسيلة التى استخدمت فى الجريمة.
وكذلك جريمة المادة 18 المتعلقه بالاعتداء على البريد الالي جريمة المادة 17 وهي جريمة الاعتراض غير المشروع إذ نصت هذه المادة علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 250 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اعترض بدون وجه حق أية معلومات أو بيانات أو كل ماهو متداول عن طريق شبكة معلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الألى وما فى حكمها.
-وكذلك جريمة المادة 18 المتعلقه بالاعتداء على البريد الاليكترونى أو المواقع أو الحسابات الخاصة اذ نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من أتلف أو عطل أو أبطأ أو اخترق بريدا إلكترونيا أو موقعا أو حسابا خاصا بأحد الناس.
فإذا وقعت الجريمة على بريد إلكترونى أو موقع أو حساب خاص بأحد الأشخاص الاعتبارية الخاصة، تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
-وكذلك جريمة المادة 19 المتعلقه بالاعتداء على تصميم موقع إذ نصت على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين، كل من أتلف أو عطل أو أبطأ أو شوه أو اخفى، أو غير تصاميم موقعاً خاصاً بشركة أو مؤسسة أو منشأة أو شخص طبيعى بغير وجه حق.
-وكذا جريمة المادة 20 المتعلقه بالاعتداء على الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالدولة إذ نصت على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من دخل عمدا أو بخطأ غير عمدى وبقى بدون وجه حق، أو تجاوز حدود الحق المخول له من حيث الزمان أو مستوى الدخول أو اخترق موقعا أو بريدا إلكترونيا أو حسابا خاصا أو نظاما معلوماتيا يدار بمعرفه أو لحساب الدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة، أو مملوك لها أو يخصها.
فإذا كان الدخول بقصد الاعتراض أو الحصول بدون وجه حق على بيانات أو معلومات حكومية تكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تجاوز 500 ألف جنيه.وفى جميع الأحوال،
إذا ترتب على أى من الأفعال السابقة إتلاف تلك البيانات أو المعلومات أو ذلك الموقع أو الحساب الخاص أو النظام المعلوماتى أو البريد الإلكترونى أو تدميرها أو تشويهها أو تغييرها أو تغييرها أو تصميمها أو نسخها أو تسجيلها أو تعديل مسارها أو إعادة نشرها أو إلغائها كليا أو جزئيا بأى وسيلة كانت، تكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن مليون جنيه ولا تجاوز 5 ملايين جنيه.
-وأيضا جريمة المادة (24) المتعلقة باصطناع المواقع والحسابات الخاصة والبريد الإلكترونى إذ نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 أشهر وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تجاوز 30 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من اصطنع بريدا إلكترونيا أو موقعا أو حاسبا خاصا ونسبه زورا لشخص طبيعى أو اعتبارى.فإذا استخدم الجانى البريد أو الموقع أو الحساب الخاص المصطنع فى أمر يسئ إلى من نسب إليه، تكون العقوبة الحبس الذى لا تقل مدته عن سنة وغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 200 ألف جنيه أو بإحدى العقوبتين.
وإذا وقعت الجريمة على أحد الأشخاص الاعتبارية العامة فتكون العقوبة السجن والغرامة التى لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 300 ألف جنيه-وكذا جريمة المادة (27) المتعلقه بمدير الموقع التى نصت على أن فى غير الأحوال المنصوص عليها فى هذا القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وبغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد عن 300 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أنشا أو أدار أو استخدم موقعا أو حسابا خاصا على شبكة معلوماتية يهدف إلى ارتكاب أو تسهيل ارتكاب جريمة معاقب عليها قانوناً.
-وكذا جريمة المادة (29) التي نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 20 ألف ولا تجاوز 200 ألف جنية، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مسئول عن إدارة الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الاليكترونى أو النظام المعلوماتى عرض أى منهم لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون.
ويعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 الاف جنية ولا تجاوز 100 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين كل مسئول عن إدارة الموقع أو الحساب الخاص أو البريد الاليكترونى أو النظام المعلوماتى، تسبب بأهماله فى تعرض أى منهم لإحدى الجرائم المنصوص عليها فى هذا القانون، وكان ذلك بعدم اتخاذه التدابير والاحتياطات التأمينية الواردة فى اللائحة التنفيذية.
وكذا جريمة المادة(31) التي نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مقدم خدمة خالف الأحكام الواردة بالبند (2) من الفقرة أولا من المادة (2) من هذا القانون، وتتعدد عقوبة الغرامة بتعدد المجنى عليهم من مستخدمى الخدمة.
وأيضا جريمة المادة (32) التي نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل مقدم خدمة امتنع عن تنفيذ القرار الصادر من جهة التحقيق المختصة بتسليم ما لديه من بيانات أو معلومات المشار إليها فى المادة (6) من هذا القانون.
(٣) غير أن المشرع علق أثر الصلح على اعتماد المجلس القومي لتنظيم الاتصالات متى تم الصلح بين المتهم والمجني عليه في الجرائم المنصوص عليها في المواد 15و19و24و29.المشار إليها آنفا وبالتالي لا تنقضي الدعوي الجنائية عن هذة الجرائم بمجرد الصلح وانما يلزم أن يعتمد من المجلس المذكور.
ولقد كان رائد المشرع في تعليق أثر الصلح أن هذه الجرائم لا تمس حق خالص بالمجني عليه وانما تمس كذلك حقوق غيره من جموع الشعب فلزم جعل زمام ترتيب أثر الصلح علي ارادة الشعب الممثله في المجلس بجانب ارادة المجني عليه.
(٤) ويستقر قضاء النقض علي ورود الجرائم التي يجوز فيها الصلح في القانون على سبيل الحصر لا البيان والتمثيل فلا يصح فلا يصح التوسع فيها أو القياس عليها
(الطعن رقم 3744 لسنة 5 جلسة 2015/10/24)
وأن الصلح الجنائي يقبل التجزئة فهو نسبي الأثر لا يستفيد منه الا المتهم الذي كان طرفا فيه دون غيره من المتهمين
(الطعن رقم 4864 لسنة 5 جلسة 2016/02/06)
وتري أيضا النقض أن الصلح بين المجني عليه والمتهم بشأن جريمة يجوز فيها الصلح قانونا لا يترتب عليه امتداد أثر الصلح إلى جريمة أخري لا يجوز فيها الصلح ولا يعترض بدعوي ارتباط الجرائم ذلك ان مناط اعمال أحكام الارتباط وفقا للمادة 32 عقوبات رهن بكون الجرائم المرتبطة قائمة لم يجر علي إحداها حكم اعفاء من العقاب أو انقضاء
(الطعن رقم 12154 لسنة 75 جلسة 2012/10/21 س 63 )
ويظل حق المجني عليه ووكيله الخاص وورثته قائم في الصلح مع المتهم حتي صدور حكم في الدعوي لأن صدور هذا الحكم يؤذن بانقضاء الدعوي فيكون الصلح الحاصل عقب الحكم البات وارد علي غير محل فلا يقبل لسبق انقضاء الدعوي بالحكم البات.