جريمة إخفاء المتهمين ومساعدتهم على الفرار والإعفاء من عقوبتها.
(1) وضع المشرع في المادتين 143و144من قانون العقوبات سبب لاعفاء المتهم من العقاب متي أخفي زوجه أو اصلة أو فرعة المطلوب من القضاء أو إعانة بأي وسيلة كانت علي الفرار.
ولقد دعا المشرع الي هذا الإعفاء رفع الحرج عن المتهم المخفي نظرا لصلة القرابة الحميمة التي تربطة بالجاني .اذ تنص المادة 144 كل من أخفى بنفسه أو بواسطة غيره شخصاً فر بعد القبض عليه أو متهماً بجناية أو جنحة أو صادراً في حقه أمر بالقبض عليه
وكذا كل من أعانه بأي طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء مع علمه بذلك يعاقب طبقاً للأحكام الآتية: إذا كان من أخفى أو سوعد على الاختفاء أو الفرار من وجه القضاء قد حكم عليهبالإعدام تكون العقوبة السجن من ثلاث سنين إلى سبع.وإذا كان محكوماً عليه بالسجن المؤبد أو المشدد أو كان متهماً بجريمة عقوبتها الإعدام تكون العقوبة الحبس.وأما في الأحوال الأخرى فتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين.
ولا تسري هذه الأحكام على زوج أو زوجة من أخفى أو سوعد على الاختفاء أو الفرار من وجه القضاء ولا على أبويه أو أجداده أو أولاده أو أحفاده. ونصت المادة 145 علي أن كل من علم بوقوع جناية أو جنحة أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بوقوعها وأعان الجاني بأي طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء إما بإيواء الجاني المذكور وإما بإخفاء أدلة الجريمة وإما بتقديم معلومات تتعلق بالجريمة وهو يعلم بعدم صحتها أو كان لديه ما يحمله على الاعتقاد بذلك يعاقب طبقاً للأحكام الآتية:
إذا كانت الجريمة التي وقعت يعاقب عليها بالإعدام تكون العقوبة بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين.وإذا كانت الجريمة التي وقعت يعاقب عليها بالسجن المؤبد أو المشدد أو السجن تكون العقوبة بالحبس مدة لا تتجاوز سنة.أما في الأحوال الأخرى فتكون العقوبة الحبس لمدة لا تتجاوز ستة شهور. وعلى كل حال لا يجوز أن تتعدى العقوبة الحد الأقصى المقرر للجريمة نفسها.ولا تنطبق أحكام هذه المادة على الزوج أو الزوجة أو أصول أو فروع الجاني.
(2) ولقد عرض علي القضاء واقعه اخفي فيها أخ شقيقة المتهم وحينما قدم للقضاء بتهمة إعانة جان علي الفرار من وجه القضاء تمسك بالأعفاء من العقاب ولكن محكمة الموضوع ومن بعدها محكمة النقض رفضا الإعفاء بسند صحيح حاصلة أن الإعفاء الوارد بالفقرة الثانية من المادتين 144 ، 145 عقوبات على الزوجات أو الأزواج
وكذا على من تربطهم بالجاني قرابة نسب مباشرة وجود أصل مشترك يجمع بين الشخصين غير كافٍ لتحقق تلك القرابة المباشرة وجوب أن يكون أحدهما أصلاً للآخر ويكون الآخر فرعاً له أو العكس عدم امتداد الإعفاء لمن تجمعهم مع الجاني قرابة الحواشي وضوح عبارة النص بما لا لبس فيه مما يوجب اعتبارها تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع عدم جواز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل لا إعفاء من العقوبة بغير نص عدم جواز التوسع في تفسير النصوص المتعلقة بالإعفاء وأسباب الإباحة بطريق القياس
(3) وقالت محكمة النقض في ذلك أنه لما كانت الفقرة الثانية من المادتين 144 ، 145 من قانون العقوبات قد نصت على أنه ” ولا تسري هذه الأحكام على زوج أو زوجة من أُخفي أو سوعد على الاختفاء أو الفرار من وجه القضاء ولا على أبويه أو أجداده أو أولاده أو أحفاده ” ، ومفاد هذا النص في صريح لفظه أن الشارع قصر الإعفاء الوارد في تلك الفقرة على الزوجات أو الأزواج وكذا على من تربطهم بالجاني قرابة نسب مباشرة ، أي الصلة بين الأصول والفروع ،
فلا يكفي لتحقق هذه القرابة المباشرة أن يجمع بين الشخصين أصل مشترك ، وإنما يلزم أن يكون أحدهما أصلاً للآخر ويكون هذا الآخر فرعاً له ، والعكس ، وهذا هو الشأن في قرابة الابن لأبيه وقرابة الحفيد لجده ، والعكس ، ولم يشأ النص أن يمده إلى من تجمع هقرابة الحواشي مع الجاني ، وهي الرابطة بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر وهذا الآخر أصلٌ له ، وهذا هو الشأن في قرابة الشخص لأخيه أو عمه ؛ إذ يجمعهما أصل واحد هو الأب أو الجد دون أن يكون أحدهما فرعاً للآخر .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه متى كانت عبارة القانون واضحة لا لبس فيها فإنها يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع ، ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل أياً كان الباعث على ذلك ، وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه، كما أنه لا إعفاء من العقوبة بغير نص ، وكانت النصوص المتعلقة بالإعفاء تُفَسر على سبيل الحصر فلا يصح التوسع في تفسيرها بطريق القياس ، ولا كذلك أسباب الإباحة التي ترتد كلها إلى مبدأ جامع هو ممارسة الحق أو القيام بالواجب ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً .
(الطعن رقم 11568 لسنة 85 جلسة 2016/04/14)