جريمة إخفاء جثة قتيل وإخفاء أدلة الجريمة.
” لما كان المراد بإخفاء جثة القتيلة هو كل نشاط يبعد به الجانى الجثة عن نظر السلطات العامة بحيث لا تستطيع أن تعاينها ولا يتطلب القانون أن يكون من شأن نشاط الجانى إبعاد الجثة عن نظر السلطات العامة على نحو دائم بل يعد الركن المادى متحققاً إذا كان الإبعاد على نحو مؤقت عارض بحيث منع السلطات من اتخاذ الإجراءات اللازمة للكشف عن الحقيقة في الوقت الملائم .
لما كان ذلك ، وكان الثابت من مؤدى اعتراف المتهم الأول وأقوال المتهمين الثلاثة وشهادة ضابط الوقعة ومجرى التحريات أنه عقب تحقق واقعة قتل المجنى عليها والتى فوجئ بها المتهمون الثلاثة الأخرون قاموا بتوثيق الجثة بيدها وقدميها ثم وضعوها داخل بطانية وأحكموا إخفائها بداخلها بتوثيق الغطاء عليها ثم قاموا بنقلها إلى السيارة الأجرة التى أحضرها المتهم الثانى ووضعوا جثة المجنى عليها بداخلها ثم قاد المتهم الثالث هذه السيارة وبجواره المتهم الأول حتى ألقيا بها بمكان العثور عليها وكان ذلك بقصد إبعاد جثة المجنى عليها عن نظر السلطات العامة و إبعاد هذه السلطات من كشف الحقيقة ولو مؤقتاً .
ومن ثم فإن هذه الجريمة تكون قد توافرت لها أركانها قبل المتهمين جميعا الأول والثالث باعتبارهما القائمين بفعل الإخفاء والثانى والرابع باعتبارهما قد اشتركا في هذا الفعل بالاتفاق مع باقى المتهمين ومساعدتهما في القيام به وكان ما قام به المتهمون الثلاثة الآخرون من إخفاء جثة المجنى عليها كان بقصد إعانة المتهم الأول من الفرار من وجه القضاء وكان الشارع لم إخفاء جثة 26 يضع نص المادة 145 من قانون العقوبات إلا للعقاب على أفعال لم تكن من قبل معاقبا عليها فكافة الطرق التى بينتها هى أفعال إعانة للجانى على الفرار ما لم يكن في ذاته مكونا لجريمة خاصة منصوص عليها في القانون ومقرر لها عقاب معلوم أما ما كان من هذه الأمور يعاقب عليه القانون فلا ينطبق عليه هذه المادة ،
ذلك أن المراد من عبارة ” وإما بإخفاء أدلة الجريمة ” الواردة بها إنما هو الإخفاء الذى ما كان القانون يعاقب عليه ، أما إذا كان الإخفاء مكونا في ذاته لجريمة أخرى معاقب عليها قانوناً فإن مثل هذه الصورة التى يقرر لها القانون عقابا خاصا وإن كانت في الواقع إخفاء لتلك الأدلة ـ لم يبعث عليه أولا وبالذات سوى إعانة الجانى على الفرار من وجه القضاء ـ ليس البتة مما قصده الشارع بعبارة ” وإما بإخفاء أدلة الجريمة ” بل إن كل صورة منها تأخذ حكمها بحسب النص القانونى الخاص بها ،
وغاية ما يمكن القول به هو أن الفعل الواحد من أفعال الصور المتقدمة يكون الجريمة الخاصة المنصوص عليها في القانون وفى آن واحد يكون جريمة المادة 145 المشار إليه . لما كان ذلك ، فإن ما قام به المتهمون الثلاثة الآخرون يشكل في مقام التكييف القانونى للاتهام جريمتى إخفاء جثة المجنى عليها وإعانة المتهم الأول عى الفرار من وجه القضاء المؤثمتين بنص المادتين 145 ، 239 من قانون العقوبات مع توقيع عقوبة الجريمة الأشد للارتباط بين التهمتين إعمالاً لنص المادة 32 من قانــون العقوبات “.
” الدوائر الجنائية – الطعن رقم 61363 / 76 بتاريخ 19-1-2010 “