جريمة إقامة بناء دون ترخيص وغير مطابق للمواصفات جريمة وقتية أم مستمرة؟.
إنقضاء الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات. بدء حسابها من تاريخ وقوع الجريمة العبرة في ذلك بتاريخ تمامها وليس بتاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي. وقتية كانت أم مستمرة.
التمييز بين الجريمتين الوقتية والمستمرة. مناطه؟
جريمة إقامة بناء دون ترخيص وغير مطابق للمواصفات تمامها وانتهاؤها بإجراء هذا البناء. لا عبرة لما تستقر عنه من آثار تبقى وتستمر.
علة ذلك. عدم الاعتداد بأثر الفعل في تكييفه. تاريخ تعيين مبدأ وقوع الفعل وتمام الجريمة. موضوعي
وقررت محكمة النقض في حكمها
من حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه، وحددت جلسة لنظر الموضوع، عملاً بالمادة 45 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. وحيث إن الاستئناف استوفى الشكل المقرر في القانون.
حيث إن الواقعة – على ما يبين من الاطلاع على سائر الأوراق – توجز في أن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة بوصف أنه في…… بدائرة قسم الساحل محافظة القاهرة. أولاً: قام بناء بغير ترخيص.
ثانياً: أقام بناء غير مطابق للأصول الفنية، وطلبت عقابه بمواد القانون 106 سنة 1976 المعدل بالقانون 30 لسنة 1983…… وقد تداولت الدعوى بالجلسات أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية – على النحو المبين بمحاضرها….. إلى أن كانت جلسة……. وبها قبل محام عن المتهم، ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وقدم سنداً للدفع حافظة مستندات طويت على كشف وسمي مستخرج من مصلحة الضرائب العقارية يتضمن ما مفاده أن البناء محل الاتهام – مقام من ستة طوابق – بما استجد – وقد شغل قبل 31/ 12/ 1980.
لما كان ذلك وكان من المقرر عملاً بالمادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية أن تنقضي الدعوى الجنائية في مواد الجنح بمضي ثلاث سنين، يبدأ حسابها من تاريخ وقوع الجريمة، والمقصود بذلك هو تاريخ تمام الجريمة – وليس تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي – وقتية كانت أم مستمرة، ومناط التمييز بينهما هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية قترة من الزمن، فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة،
والعبرة في الاستمرار هذا، بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولما كانت الواقعة كما وردت في قرار الاتهام هي أن المتهم أقام بناء بغير ترخيص، ومخالفا للمواصفات، فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإجراء هذا البناء، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل من جانبه في ذات الفعل، ولا يؤثر في ذلك ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر، إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه، وإذا كان تكييف الفعل بأنه جريمة وقتية أم مستمرة – على السياق المتقدم – يتعلق بالقانون، فإن تاريخ تعيين مبدأ وقوعه وتمام الجريمة من الأمور الموضوعية.
لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة تطمئن إلى ما تضمنته الإفادة المقدمة من دفاع المتهم – والتي لم تنازع النيابة العامة في صحتها – فيما تضمنته من أن البناء قد اكتمل فيما غايته 31/ 12/ 1980 – بدلالة شغله من قبل – فإنه يكون هو الأجل الذي يعتد به في احتساب مدة التقادم، وكان الثابت أنه لم يتخذ ثمة إجراء قاطع للتقادم رغم مضي أكثر من ثلاث سنوات منذ التاريخ سالف الذكر لأن النيابة العامة – في القليل – ركنت في إسناد تاريخ الفعل لما هو مبين في وصفه على أنه 7/ 1/ 1984 ولم يسأل المتهم بمحضر جمع الاستدلالات من بعد في 27/ 2/ 1984.
لما كان ما تقدم، وكان الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية، بمضي المدة من الدفوع المتعلقة بالنظام العام، ومن شأنه أن تندفع به لو صح التهمة المسندة إلى المتهم، وكان الحكم المستأنف قد قضى – رغم ذلك – بإدانة المتهم، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فضلاً عن مخالفته للواقع في الدعوى بما يتعين إلغائه والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، وبراءة المتهم عن التهمة المسندة إليه.