جريمة الاستيلاء على المال العام في القانون المصري
أن مكافحة الفساد تتطلب تضافر جهود كل المؤسسات والأجهزة الرقابية والرسمية والحكومة لتتبع مصادر الفساد وتجفيف منابعه، إلى جانب أهمية أن تتعامل الحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة بشفافية ونزاهة مطلقة للتصدي للفساد”.
علاج مشكلة الفساد لا يتطلب فقط إصدار القوانين والتشريعات، والقوانين موجودة بالفعل وهناك عقوبات رادعة بالسجن المشدد لجرائم الفساد مكافحة الفساد تتطلب أيضا تقوية دور البرلمان، وتضافر جهود السلطة التنفيذية والمجتمع المدني والإعلام في رصد أوجه الفساد، ونشر ثقافة التوعية بمخاطر الفساد، يعد الفساد بكل أشكاله وصوره من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان ، حكومات وشعوب ، ويهدد امن المجتمعات وحياتها واستقرارها ، ويعيق عمليات النهوض والبناء والتطور والتنمية ، حيث يدمر الفساد الاقتصاد وقدرة الدولة المالية، ويهدد وينتهك حقوق الإنسان المنصوص عليها دستوريا ، فتصبح صعبة المنال من قبل الأفراد سهلة الانتهاك من قبل الفاسدين.
الاختلاس بشكل عام أي لغة يعني سلب الشيء بسرعة وسرية وهو في القانون الجزائي الاستيلاء على المال من قبل موظف يضع يده عليه ورغم أم الاختلاس في جوهره لا يخرج عن كونه سرقة إلا إن بينه وبين السرقة اختلافا في العناصر والأركان في السرقة هي اخذ مال الغير منقول دون رضاهما الاختلاس فهو الاستيلاء على المال العام من قبل من أوكل إليه أمر إدارته أو جبايته أو صيانته.
أركان جريمة الاختلاس
الفعل المادي في جريمة الاختلاس
–يرتبط الفعل المادي في جريمة الاختلاس ارتباطا تاما بنظرية الحيازة فمتى دخل المال المنقول في حيازة الموظف أصبح حكما في حيازة الدولة وعلى صلة بالمال العام وان لم يكن جزءا منه في بعض الأحيان فإذا استلم الموظف ضريبة أو رسما أو قيمة شيء منقول تسلمه من المكلف أو من المشتري فان ما تسلمه يعتبر مالا عاما والفعل المادي في الاختلاس هو اخذ هذا المال وإخراجه من حيازة الدولة إلى حيازة الموظف الجاني وهو صورة من صور إساءة الائتمان على المال العام وليس صورة من صور السرقة .فالسرقة إنما تعني إخراج المال من حيازة المجني عليه خلسة أو بالقوة بنية تملكه. إما في الاختلاس فالمال في حيازة الجاني بصورة قانونية ثم تنصرف نية الحائز إلى التصرف به باعتبار انه مملوكا له.
-إذا كانت الأنظمة المعمول بها لا تلزم الموظف بإيداع الأموال التي جباها في الصندوق العام أولا بأول وإنما في مواعيد محددة فالعبرة لمواعيد التسليم التي يكون فيها الموظف قد دقق حساباته وأمواله وتدارك النقص فيها وعندئذ يمكن القول إن جريمة الاختلاس لا تتم إلا إذا ثبت التصرف بالأموال المختلسة في مجال المنفعة الشخصية
– إذا كانت الأنظمة المتبعة تلزم الموظف إن يودع الأموال في الصندوق العام فور تسلمها من المواطنين فان النقص فيها دليل على تحقق جريمة الاختلاس إلا إذا ثبت إن النقص إنما كان لسب بلا يد للموظف فيه.
فهو من الناحية الاجتماعية يعني انتهاك قواعد السلوك الاجتماعي فيما يتعلق بالمصلحة العامة، إما من الناحية الاقتصادية فان الفساد يعني النشاطات التي تدر ريعا من خلال استغلال الموقع الوظيفي من قبل الموظف غير النزيه. ان الفساد الاجتماعي هو الفساد الذي يؤثر في قيم العمل، فيؤدي إلى إضعاف قضية الحوافز والمنافسة الشريفة في العمل، حيث أنه بطبيعته القاتلة يثبط عزيمة المنتجين والعاملين الجادين، إضافة إلى أنه يجعل أغلب الإدارات متثاقلة وأقل فعالية في منح الحوافز نتيجة تغلغل الفساد فيها، الأمر الذي يلغي معه الجدية في العمل. ويضرب الفساد كذلك أخلاقيات العمل والقيم الاجتماعية، الأمر الذي يؤدي إلى شيوع حالة ذهنية لدى الأفراد تبرر الفساد وتجد له من الذرائع ما يبرر استمراره، الأمر الذي يساعد على اتساع نطاق مفعوله في الحياة اليومية من خلال الممارسات التدريجية للرشوة والعمولة والسمسرة التي تكون قد أصبحت جزءًا من ممارسات الحياة اليومية، حيث يغير الفساد من سلوك الفرد الذي يمارسه ويدفعه إلى التعامل مع الآخرين بدافع المادية والمصلحة الذاتية والإخلال بكل قواعد العمل وقيمه، دون مراعاة لقيم المجتمع التي تتطلب منه النظر إلى المصلحة العامة.
وقد عرف علماء النفس الفساد بأنه خلل في النظام ألقيمي للفرد والمجتمع، مما يؤدي إلى اتخاذ سلوكيات منحرفة عن النظام السليم.
–أما الفساد الإداري، فقد عُرف بأنه الانحراف عن الالتزام بالواجبات القانونية الملقاة على عاتق الموظف العام واستغلالها للمصلحة الشخصية بدلا من المصلحة العامة. ويتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام إثناء تأديته لمهام وظيفته في منظومة التشريعات والقوانين والضوابط ومنظومة القيم الفردية التي لا ترقى للإصلاح وسد الفراغ لتطوير التشريعات والقوانين التي تغتنم الفرصة للاستفادة من الثغرات بدل الضغط على صناع القرار والمشرعين لمراجعتها وتحديثها باستمرار. وهنا تتمثل مظاهر الفساد الإداري في: عدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت في قراءة الصحف واستقبال الزوار، والامتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية وإفشاء أسرار الوظيفة والخروج عن العمل الجماعي.والواقع أن مظاهر الفساد الإداري متعددة ومتداخلة وغالباً ما يكون انتشار احدها سبباً مساعداً على انتشار بعض المظاهر الأخرى.
–ان الأسباب الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لظاهرة الفساد يمكن ان تؤثر اقتصادياً على المجتمع بعدة جوانب منها انه يساهم في تدني كفاءة الاستثمار العام وأضعاف مستوى الجودة في البنية التحية العامة وذلك بسبب الرشاوى التي تحد من الموارد المخصصة للاستثمار وتسيء توجيهها أو تزيد من كلفتها.
كذلك يكون للفساد أثر مباشر في حجم ونوعية موارد الاستثمار الأجنبي، ففي الوقت الذي تسعى فيه البلدان النامية إلى استقطاب موارد الاستثمار الأجنبي لما تنطوي عليه هذه الاستثمارات من إمكانات نقل المهارات والتكنولوجيا، فقد أثبتت الدراسات أن الفساد يضعف هذه التدفقات الاستثمارية وقد يعطلها مما يمكن أن يسهم في تدني إنتاجية الضرائب وبالتالي تراجع مؤشرات التنمية البشرية خاصةً فيما يتعلق بمؤشرات التعليم والصحة.
–أيضا يرتبط الفساد بتردي حالة توزيع الدخل والثروة، من خلال استغلال أصحاب النفوذ لمواقعهم المميزة في المجتمع وفي النظام السياسي، مما يتيح لهم الاستئثار بالجانب الأكبر من المنافع الاقتصادية التي يقدمها النظام بالإضافة إلى قدرتهم على تجميع الأصول بصفة مستمرة مما يؤدي إلى توسيع الفجوة بين هذه النخبة وبقية أفراد المجتمع. وتنتشر جريمة إتلاف الأموال وضياعها عندما يحين موعد الجرد فى الشركات والمصالح لتضييع معالم السرقة والاختلاسات ومن الصور الأكثر شيوعاً هو إشعال الحرائق بالمخازن أو إغراقها بالماء أو إتلاف المستندات أو إخفائها . ويقاس على ذلك استخدام أوقات وجهود العاملين فى المصالح الحكومية وما فى حكمها بترك أعمالهم الأساسية ليشاركوا فى الدعاية الانتخابية ، أو دعم فلان وفلان ضد فلان وفلان ، ومن الأمثلة البارزة على ذلك ، دعم أجهزة الأمن لمرشح حزبى ، أو دعم موظفى وزارة كذا لوزيرهم المرشح فلان أو دعم مصلحة كذا … لموظف المصلحة ، وتنهب الأموال العامة فى حين يوجد الملايين من المواطنين لا يجدون الضروريات والحاجيات .
الدكتور/ عادل عامر