جريمة خرق حظر التجوال ومدى صحة التفتيش في حال القبض.
(١)يستقر قضاء النقض منذ زمن وحتي الآن علي أنه متي جاز القبض صح التفتيش بغض النظر عن سبب القبض أو الغرض منه ولا تقصر محكمة النقض التفتيش في هذه الحالة علي مجرد تحسس ملابس المقبوض عليه من الخارج فيما يعرف بالتفتيش الوقائي لتجريد المتهم مما قد يحمله من سلاح خشيه الإعتداء به علي منفذ القبض بل تطلق محكمة النقض التفتيش المصاحب للقبض بالبحث الذاتي المتعمق لملابس الشخص وما يحمله من متاع وما يقوده من سيارة فيما يعرف اصطلاحا بالتفتيش القضائي كأحد اجراءات التحقيق .
ويؤيد معظم الفقهاء مذهب النقض بلا تحفظ ويورده مورد التطبيق السليم للقانون بحجه عموم نص المادة ٤٦إجراءات التي اجازت لمامور الضبط القضائي في الاحوال التي يجوز فيها القبض تفتيش المتهم والتي تري محكمة النقض أنه لا يوجد في نصوص القانون ما يقيدها أو يحد من اطلاقها.
ولهذا فانه كل ما علي محاكم الموضوع أن تبحثه هو مدي توافر شروط القبص بغض النظر عن ضمانات التفتيش ذاته فإن توافرت شروط القبض كان التفتيش صحيحا وإلا فلا.
(٢) وطبقت محكمة النقض مذهبها المتمثل في كلما كان القبض صحيحا صح التفتيش الذاتي علي ضبط الاشخاص لتنفيذ الاحكام القضائيه إذ كل ما تشترطه النقض في هذه الحالة أن يكون الحكم سند القبض واجب النفاذ
(الطعن رقم ٢٥٧٦٨لسنه ٨٤ق جلسه ٢٠١٦/١١/١٠؛الطعن رقم ١٧٢٩٥لسنة ٨٤ق جلسة ٢٠١٦/١/٥؛الطعن رقم ٦٦٨لسنه ٨٣ق جلسة ٢٠١٤/٤/٧).
(٣)وايضا طبقت محكمة مذهبها عند صدور أمر ضبط وإحضار من النيابة العامة طبقا للمادة ١٣٠اإجراءات جنائية فهذا الأمر متي صدر صحيحا وممن يملكه يجيز التفتيش بحثا عن ادله جريمة
(الطعن رقم ٥٦٢٦لسنة ٨٧ق جلسة ٢٠١٩/١١/٢٨؛الطعن ١٧٠٧للسنة ٨٢ق جلسة ٢٠١٣/١/٨؛الطعن رقم ٢١٧٨٢لسنة ٧٤ق جلسة ٢٠١٢/١٠/١٦)
(٣)وكذلك وهو المهم طبقت محكمة النقض مذهبها عند التلبس بارتكاب جرائم لا يتصور أن ينتج التفتيش عنها أدلة مادام أن هذه الجرائم يجوز القبض فيها بأن كانت جناية أو جنحه معاقب عليها بالحبس لمدة تزيد عن ثلات أشهر في حالة تلبس وتوافرت دلائل كافيه علي الإتهام طبقا للمادة ٣٤من قانون الإجراءات الجنائية وبغض النظر عن العقوبة التي ينزلها القاض إذ العبرة بالعقوبة المنصوص عليها في القانون وليس العقوبة التي نطق بها القاض
(الطعن رقم ٣١٨٢لسنه٧٣ق جلسة ٢٠١٠/٣/١١؛الطعن رقم ٣٧١٨لسنة ٧١ق جلسة ٢٠٠٨/١١/٥)
ومن احكامها في هذا الشأن ما قضت به بان جريمة السير بسيارة عكس الاتجاه تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم وتفتيشه لأن القانون ربط لها عقوبه الحبس ومن المقرر أنه متي جاز القبض صح التفتيش طبقا للمادة ٤٦ إجراءات
(الطعن رقم ١١٣٧لسنة ٨٣ق جلسة ٢٠١٤/٦/١٠)
وهو ما قضت به أيضا في التلبس بجريمة عبور متهم قضبان السكة الحديد في مكان غير مخصص لعبور المشاة
(الطعن رقم ٢٩٥٩٨لسنه ٧٧ق ٢٠١٤/٤/٧)
وما قضت به في التلبس بجريمة القاء قاذورات داخل افنية متروا الإنفاق
(الطعن رقم ٢٦٣٠٣لسنة ٧٣ق جلسة ٢٠١٠/٤/٢٦؛الطعن رقم ٤٦٦٦٠لسنة ٦٨ق جلسة٢٠٠٩/١٢/٣)
وجنحه مخالفة شروط مراقبة البوليس
(الطعن رقم ٥٣٠٨٥لسنة ٧٤ق جلسة ٢٠١٢/١١/٧).
والسكر البين في الطريق العام
(الطعن رقم ١٨٢٩٢لسنة ٧٥ق جلسة ٢٠١٢/١١/١٣)
وايضا التلبس بجريمة قيادة دراجة بخارية بدون رخصتى قيادة وتسيير
(الطعن رقم ٣٣٧٨٥ لسنة ٨٦ ق جلسة ٢٠١٨/١٢/٠٣)
رغم أن هذه الجرائم لا يتصور أن يخفي المتهم ادلتها في جيوبه أو ملابسه أو حقيبه يحملها أو في السيارة محل المخالفة.
(٤) وبالنسبة لجرائم خرق حظر التجوال والانشطة محل التساؤول والتعليق فإنها طبقا للمادة العاشرة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم٧٦٨ لسنة ٢٠٢٠ جميعهاجنح معاقب عليها بالحبس أو الغرامة أو احدي هاتين العقوبتين
ومن ثم فإن التلبس بها يتحقق من مجرد تواجد المتهم في ساعات الحظر أو مباشرته نشاط مخالف للحظر وهذا التلبس طبقا لمذهب النقض يبيح لرجل الضبط القضائي القبض علي المتهم ومن ثم تفتيشه ذاتيا فإن أسفر هذا التفتيش عن جريمة أخري كاحراز مخدر أو عملة مقلده او محررات مزورة صحه اجراءات القبض والتفتيش وهذا بالفعل ما قضت به محكمة النقض بشأن جريمة خرق حظر التجوال
(الطعن رقم ٧٤٤٦لسنة ٨٤ق جلسة ٢٠١٤/١٢/٦).
(٥)ومذهب النقض لدينا معيب إذ ولي وجه شطر القبض واهمل التفتيش بتاويل خاطئ لنص المادة ٤٧من قانون الإجراءات الجنائية فليس صحيحا ما تراه النقض من أن نص المادة ٤٦إجراءات لا يوجد في القانون ما يخصصه أو يقيده بل العكس صحيح لأن المادة ٥٠ من قانون الإجراءات الجنائية فيما نصت عليه من عدم جوازالتفتيش إلا للبحث عن الاشياء الجاري جمع الاستدلال أو حصول التحقيق بشأنها تخصص عموم المادة ٤٦ إجراءات وتحد من إطلاقه
مما مفاده أنه متي كانت الجريمة محل القبض بحسب طبيعتها غير منتجه لدليل امتنع القبض وهذا هو حال معظم الجرائم السابق سردها ومنها جرائم خرق حظر التجوال إذ لا أمل يرجي من أن تفتيش المتهم بارتكابها بالبحث الدقيق والعميق في ملابسه ومتاهه وسيارته سوف يسفر عن دليل لإثباتها ضده .مما يوكد هذا النظر أن وكيل النائب العام أو قاض التحقيق لا يستطيع الأمر بالتفتيش إلا إذا توافرت قرائن علي وجود أشياء تفيد في كشف الحقيقة بشأن الجريمة مع المتهم
(المادة ٩٤ إجراءات)
فإن انتفت تلك القرائن بطل التفتيش وإذا كان قاض التحقيق ذاته لا يملك الأمر بالتفتيش في جريمة السير عكس الاتجاه بحسبانها غير منتجه للدليل فكيف نخول لرجل الضبط القضائي سلطه تفوق سلطات قاضي التحقيق ؟
ثم أن التفتيش وفيه اعتداء علي حق الإنسان في السريه ليس اجراء عشوائيا بالبحث عن اي جريمة وانما هو اجراء هادف غايته دليل محدد يبحث عنه هو دليل الجريمة محل القبض ولهذا إجازه المشرع للقائم بالقبض عند ضبط المتهم في حالة التلبس بالجريمة خشيه طمسها بمعرفة المقبوض عليه.
وزعم محكمة النقض أن المشرع يجيز التفتيش في كافة الجرائم الجائز فيها القبض دون تخصيص فإنها بذلك ترمي المشرع بالتناقض اذ كيف يجيز التفتيش دون توافر شرطه وجدواه؟ ومن الثوابت انه يجب تنزيه المشرع عن التناقض.
(٦)ولا تختلف الصورة كثيرا عند ضبط الشخص نفاذا لامر ضبط واحضار صادر من النيابة العامة طبقا للمادة ١٣٠ اجراءات أو ضبط الشخص لتنفيذ حكم قضائي واجب النفاذ فهذا القبض لا يجيز التفتيش الدقيق للشخص وملابسه وما يحمله من متاع أو يقوده من سيارة إذ التفتيش ليس مجرد بحث عشوائي في ملابس المتهم لضبط اي ممنوعات وإنما هو إجراء هادف غايته البحث عن دليل جريمة معينه مما يفيد في كشف الحقيقة بشأنها وهذا يقتضي أن يكون القائم بالتفتيش علي علم بالجريمة محل التفتيش وما يبحث عنه من أدلة.
ورجل الضبط القضائى حين ينفذ أمر النيابة العامة بضبط المتهم واحضاره أو يقبض علي المحكوم عليه نفاذا لحكم لا يبحث عن ادله جريمة وقعت وإنما يضبط المتهم ويقتاده الي النيابة العامة لاستجوابة أو يحمل المحكوم عليه لحثه علي الطعن في الحكم أو لايداعه السجن.ثم أنه عند اصدار النيابة العامة لامر ضبط واحضار تكون اتصلت بالجريمة وقدرت ما يلزم وما لأ يلزم من اجراءات فإن أمرت بالقبض فقط دون التفتيش فلا يصح الافتئات علي ما تراه بتخويل رجل الضبط القضائي المنفذ للقبض سلطة التفتيش.
(٧)والخلاصه أن مجرد القبض على شخص ايما كان سببه لا يبيح لرجل الضبط القضائي تفتيشه ذاتيا في كل الأحوال وانما فحسب في الجرائم المتلبس بها المنتجة لدليل وليس من بينها جرائم خرق حظر التجوال وأن كان ذلك لأ يمنع من تفتيش المتهم وقائيا بتحسس ملابسه من الخارج لتجريده من سلاح قد يحمله فيعتدي به علي نفسه أو علي القائم بضبطه وهذا رأينا الخاص ولهذا نأمل من محكمة النقض أن تعاود النظر في القاعدة التي وضعتها والا تكتفي بقراءه نص المادتين ٣٤و٤٧ إجراءات بمعزل عن بقيه نصوص القانون تحقيقا للتجانس ومنعا من التضارب وهو من بديهيات تاويل القانون.