حالات تعيين مصفي التركة وفقا للقانون المدني المصري
يجب التمييز هنا بين فرضين: فإما أن يكون المورث قد عين وصياً للتركة حال حياته ، أو ألا يكون قد فعل ذلك.
أ – فإذا كان المورث قد عين وصياً للتركة .فإن المادة 878 / 1 مدني تقضي ، كما رأينا ، بأنه يجب ” أن يقر القاضي هذا التعيين ” . ويبدو أنه في حالة تعيين وصي للتركة يتعين على القاضي أن يقرر تصفية التركة تصفية جماعية ، إذ أن هذه هي إرادة المورث بدت من تعيينه وصياً للتركة ، ولا يجوز لا للورثة ولا للدائنين أن يعارضوا في ذلك . ومتى تقررت تصفية التركة تصفية جماعية ، فإنه يتعين على القاضي أيضاً أن يثبت الوصي الذي عينه المورث ويعتبر أنه هو المصفي للتركة . ولا يجوز له أن يستبدل به ابتداء شخصاً آخر ، وإن كان يجوز له أن يعزله
ب – وإذا لم يكن المورث قد عين وصياً لتركته ، فهنا يتسع مجال التقدير للمحكمة.فهي تقدر أولاً ما إذا كان هناك محل لتقرير أن تكون تصفية التركة تصفية جماعية ، ولا تقرر ذلك إلا إذا طلب إليها أحد ذوي الشأن تعيين مصف للتركة . وذوو الشأن هنا هم بوجه عام الورثة والموصي لهم والدائنون .
كيف يعين المصفي:
يجب التمييز هنا بين فرضين: فإما أن يكون المورث قد عين وصياً للتركة حال حياته ، أو ألا يكون قد فعل ذلك .
أ – فإذا كان المورث قد عين وصياً للتركة،
فإن المادة 878 / 1 مدني تقضي ، كما رأينا ، بأنه يجب ” أن يقر القاضي هذا التعيين ” ([1]) . ويبدو أنه في حالة تعيين وصي للتركة يتعين على القاضي أن يقرر تصفية التركة تصفية جماعية ، إذ أن هذه هي إرادة المورث بدت من تعيينه وصياً للتركة ، ولا يجوز لا للورثة ولا للدائنين أن يعارضوا في ذلك ([2]) . ومتى تقررت تصفية التركة تصفية جماعية ، فإنه يتعين على القاضي أيضاً أن يثبت الوصي الذي عينه المورث ويعتبر أنه هو المصفي للتركة . ولا يجوز له أن يستبدل به ابتداء شخصاً آخر ، وإن كان يجوز له أن يعزله كما سنرى .
وتقول الفقرة الثانية من المادة 878 مدني كما رأينا : ” ويسري على وصي التركة ما يسري على المصفي من أحكام ” . وعلى ذلك يكون لوصي التركة جميع سلطات المصفي ، وعليه جميع التزاماته . فللموصي ، كما للمصفي ، أن يرفض تولي المهمة أو أن يتنحى عنها بعد توليها ، وله أن يطلب أجراً عادلاً على قيامه بمهمته . وعليه جميع واجبات المصفي من تسلم أموال التركة وإدارتها ، واتخاذ جميع الاحتياطات المستعجلة بما في ذلك تجهيز الميت والنفقة على من كان يعوله الميت من الورثة ، وجرد التركة بمالها من حقوق وما عليها من ديون ، وتسوية ديون التركة ، وتسليم أموال التركة للورثة خالصة من الديون ، وهي شائعة أو بعد تقسيمها . ويجوز للقاضي عزل وصي التركة واستبدال غيره به متى وجدت أسباب تبرر ذلك ، كما يجوز له ذلك بالنسبة إلى المصفي .
والقاضي المختص بتثبيت وصي التركة وبعزله . وكذلك بتعيين مصفي التركة وبعزله ، وبوجه عام ينظر جميع المسائل المتعلقة بتصفية التركة تصفية جماعية ، كان في المشروع التمهيدي للمادة 876 مدني ، للقاضي الجزئي الذي يقع في دائرته آخر موطن للمورث . ولكن لجنة مجلس الشيوخ استبدلت عبارة ” عينت المحكمة ” بعبارة ” عين القاضي الجزئي الذي يقع في دائرته آخر موطن للمورث ” ، وقالت في تبرير هذا التعديل إن ” قانون المرافعات هو الذي يتكفل بتعيين المحكمة المختصة بالنسبة إلى نوع الدعوى وبالنسبة إلى المكان ” ، وأقر مجلس الشيوخ هذا التعديل ([3]) . ولما كان تقنين المرافعات لا يشتمل على نص خاص يعين المحكمة المختصة بتصفية التركات تصفية جماعية ، فلم يبق إلا تطبيق القواعد العامة في هذا التقنين .
ويبدو أنه فيما يتعلق بالاختصاص النوعي تكون المحكمة الابتدائية هي المختصة ، إذ أن المادة 51 / 1 مرافعات تقضي بأن تختص المحكمة الابتدائية بالحكم في جميع الدعاوى التي ليست من اختصاص القاضي الجزئي . ولم يذكر تقنين المرافعات تصفية التركات ضمن الأمور التي يختص بها القاضي الجزئي ، فتكون إذن من اختصاص المحكمة الابتدائية ، إلا إذا كانت قيمة التركة لا تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً نصاب القاضي الجزئي ولكن التركات التي لا تجاوز قيمتها مائتين وخمسين جنيهاً لا تصفي تصفية جماعية لتفاهة قيمتها . وفيما يتعلق بالاختصاص المحلي قد نصت المادة 59 مرافعات على أن ” الدعاوى المتعلقة بالتركات التي يرفعها الدائن قبل قسمة التركة تكون من اختصاص المحكمة التي يقع في دائرتها محل افتتاح التركة ، وكذلك الدعاوى التي يرفعها بعض الورثة على بعض قبل القسيمة ” .
وإذا كانت تصفية التركة لا تدخل في نطاق حرفية هذه المادة ، إلا أنه يؤخذ من النص أن المحكمة المختصة بالنظر في المسائل المتعلقة بالتركة قبل تسوية ديونها وقبل قسمتها هي المحكمة التي يقع في دائرتها محل افتتاح التركة . وعلى ذلك يمكن القول بأن المحكمة المختصة بنظر تصفية التركة تصفية جماعية هي المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها محل افتتاح التركة ، أي المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث . وقد نصت المادة 947 مرافعات ، فيما يتعلق بتركات الأجانب ، فعلاً على اختصاص هذه المحكمة إذا قالت : ” تختص المحكمة الابتدائية الكائن في دائرتها آخر موطن للمورث بتعيين مصف للتركة وعزله واستبدال غيره به ، وبالفصل في جميع المنازعات المتعلقة بالتصفية ” . ونصت المادة 948 مرافعات ، فيما يتعلق بتركات الأجانب أيضاً ، على أنه ” فيما عدا الأحوال التي يختص بها قاضي الأمور الوقتية برفع الطلب ويفصل فيها وفقاً للأحكام والإجراءات والمواعيد المعتادة في الدعاوى ” .
ب – وإذا لم يكن المورث قد عين وصياً لتركته ، فهنا يتسع مجال التقدير للمحكمة ([4]).
فهي تقدر أولاً ما إذا كان هناك محل لتقرير أن تكون تصفية التركة تصفية جماعية ، ولا تقرر ذلك إلا إذا طلب إليها أحد ذوي الشأن تعيين مصف للتركة . وذوو الشأن هنا هم بوجه عام الورثة والموصي لهم والدائنون . فإذا طلب أحد من هؤلاء ، في صورة دعوى يرفعها بالأوضاع المعتادة ، تعيين مصف للتركة ، فالمحكمة غير ملزمة بإجابته إلى طلبه ، بل تقدر ما إذا كان هناك مبرر لتصفية التركة تصفية جماعية . فقد قدمنا أن هذه التصفية إنما هي نظام استثنائي وضع لتصفية التركات الكبيرة المثقلة بالديون ، وللقاضي أن يرفض إخضاع التركة لهذا النظام الطويل الإجراءات الكثير النفقات إذا رأى أن التركة ليست في حاجة إليه ، إما لانعدام الديون أو لتفاهتها أو لتفاهة التركة نفسها ([5]) .
والمحكمة تقدر ثانياً ، إذا قررت إجابة ذوي الشأن إلى طلب التصفية الجماعية ، من يكون المصفي للتركة ، إذ هي التي تعينه ، وهي غير ملزمة برأي أحد في ذلك ، إلا إذا أجمعت الورثة على اختيار شخص معين ، سواء كان وارثاً أو غير وارث . فعند ذلك تتقيد المحكمة بمن أجمعت الورثة على اختيار ، ولا تستطيع العدول عنه إلى غيره ولو عارض في اختياره الدائنون أو الموصى لهم ([6]) . فإذا لم تجمع الورثة على اختيار أحد ، عينت المحكمة بنفسها المصفي ، ويكون من الورثة بقدر المستطاع ، وذلك بعد أخذ رأي الورثة ( م 876 مدني سالفة الذكر ) . ولا تتقيد المحكمة في اختيار المصفي بأغلبية الورثة ، فإذا اختارت الأغلبية شخصاً واختارت الأقلية شخصاً آخر ، كان للمحكمة أن تعين الشخص الذي اختارته الأغلبية أو الشخص الذي اختارته الأقلية ، أو تختار شخصاً آخر غيرهما بحسب تقديرها ، إذ هي لا تتقيد كما قدمنا إلا بالشخص الذي أجمعت على اختياره الورثة .
والمصفي هو في حكم الوكيل عن الورثة ، وهو نائب عنهم نيابة قانونية . وتسري عليه أحكام الوكالة ([7]) ، فيجوز له أن يرفض تولي المهمة ، سواء كان مصفياً أجمعت على اختياره الورثة أو مصفياً اختارته المحكمة أو وصياً للتركة عينه المورث حال حياته . فإذا رفض تولي المهمة ، كان على المحكمة تعيين مصف للتركة بدلاً منه ، بنفس الطريقة التي سبق بيانها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ^ حسن كيرة ص 54 – ص 46 .
[2] ^ أنظر آنفاً فقرة 44 في الهامش .
[3] ^ وهي المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمورث كما سبق القول ( أنظر آنفاً ص 134 ) .
[4] ^ أنظر آنفاً فقرة 41 .
[5] ^ أنظر ما دار من المناقشة في هذا الشأن في لجنة مجلس الشيوخ في صدد المادة 876 مدني آنفاً ص 131 هامش 1 .
[6] ^ ومنها إذا تعدد المصفون ، ولم يرخص لهم في الانفراد بالعمل ، كان عليهم طبقاً للمادة 707 مدني أن يعملوا مجتمعين إلا إذا كان العمل مما لا يحتاج فيه إلى تبادل الرأي واختصامهم في دعوى الشفعة ، إذا باعوا أطياناً شفع فيها ، هو مما يلزم معه تبادل الرأي فيما بينهم ، فيجب اختصامهم جميعاً ، ولا يغني اختصام مصف عن اختصام الآخرين ( نقض مدني 8 مارس سنة 1956 مجموعة أحكام النقض 7 رقم 43 ص 296 ) .
[7] ^ وقد اقترح أن يتم شهر الأوامر الصادرة بتعيين المصفين وبتثبيت أوصياء التركة في نفس السجلات المخصصة لشهر حقوق الإرث في مكاتب الشهر العقاري ، لا في قلم كتاب المحكمة المختصة بنظر التصفية ، وذلك حتى لا تتعدد جهات الشهر . فيكون على كاتب المحكمة أن يبلغ يوماً فيوماً هذه الأوامر للتأشير بها في هامش تسجيل حق الإرث إذا كان قد سجل ، أو لتسجيلها إذا لم يكن قد تم تسجيل حق الإرث ( أنظر محمد على عرفة 2 فقرة 388 ص 620 – وفي بحثه في الاتجاهات الحديثة في الميراث وتصفية التركات بمجلة القانون والاقتصاد 18 ص 232 ) – وإذا كانت هذه الطريقة المقترحة تحقق توحيد جهات الشهر في مسائل التركات ، إلا أنها من جهة أخرى تقتضي أن يتم شهر أمر تعيين المصفي في مكاتب الشهر تتعدد بتعدد عقارات التركة ، إذا كانت هذه العقارات تقع في دائرة اختصاص أكثر من مكتب واحد .