حالة إفشاء المحامي لأسرار موكله أمام المحكمة وعدم إعتراض الموكل.
هل يمكن استخلاص رضا المتهم بأن يُفْشِ مُحامِيه ما أسَرَّهُ إليه أمام المحكمة لصالح المدعي المدني من واقع عدم اعتراض المتهم في الجلسة علي الإفشاء؟ وبعبارة أخري هل يصح الرضا الضمني بافشاء الأسرار؟
أجابت محكمة النقض على هذا التساؤل في حكم لها بأنه:
“من المقرر أن المادة 65 من قانون المحاماة تنص على أنه على المحامي أن يمتنع عن أداء الشهادة عن الوقائع أو المعلومات التي علم بها عن طريق مهنته إذا طَلب منه ذلك من أبلغها إليه، إلا إذا كان ذِكرها له بقصد ارتكاب جناية أو جنحة”
وهو ما يتفق وما نصت عليه المادة 66 من القانون 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات ومفادها أنه يجب على المحامي الشهادة بالوقائع التي رآها أو سمعها متى طُلب منه ذلك مِمَّن أسَرَّها إليه وإنما يمتنع عليه أن يُفشي بغير رضاءِ موكله ما عساه يكون قد أبلغه به بسبب مهنته،
ومتى كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة ومدونات الحكم المطعون فيه أن المحامي الذى شهد بِمَا عَلِمَه واتصل بِسَمْعِه بشأن واقعة تتصل بالدعوى بناءاً على طلب المدعين بالحقوق المدنية ودون اعتراض من المتهم الطاعن علي ذلك فإن شهادته تكون بمنأى عن البطلان ويصح استناد الحكم إليها.
(الطعن رقم 69622 لسنة 74 جلسة 22/10/2012 س 63).
وهذا القضاء محل نظر إذ عدم الاعتراض لا يقوم مقام الرضاء وطلب الإفشاء، وإنما يلزم أن يكون الرضا صريحاً وبناءاً على طلب المتهم إذ الأصل عدم الإفشاء وقد أجازه المشرع على سبيل الاستثناء لأنه قد يكون في صالح المتهم والأخير هو من يقرر ما إذا كان الافشاء في صالحه من عدمه ومن ثم وجب أن يكون الإفشاء بناءًا على طلبه وبرضاه، أما السكوت أو عدم الاعتراض فسلوك سلبي قابل للتاويل إذ قد يكون مبعثه خوف المتهم أو جهله بعدم صحه الإفشاء إلا بناءًا طلبه ورضاه.
ومن ثم لا يصح أن يستخلص من عدم الاعتراض رضا يُلْقي بالمتهم في دياجير الظلام بل أغلب الظن أن المتهم لو علم لاعترض مادام أنه مُنْكرٌ للاتهام عازفٌ عن الإعتراف به.