خصائص عقد التأمين في القانون المصري
أولاً : الخصائص العامة لعقد التأمين :-
الخصيصة الاولى :عقد التأمين عقد رضائي بحسب الأصل :-
يقصد بان يكون عقد التأمين رضائي أنه ينعقد بمجرد توافق الإيجاب مع القبول دون استلزام شكل معين ينصب فيه الرضا كالكتابة أو إجراء عيني لاحق يقترن به كقبض المؤمن للقسط الأول أو تسلم المؤمن له نسخة من الوثيقة فعقد التأمين من العقود الرضائية التي تكون الإرادة وحدها كافية لانعقاد بحسب الاصل في العقود. ولكن هل عقد التأمين هو عقد رضائي دائما ؟
في فرنسا ثار خلاف بشأن مدى رضائية عقد التأمين فذهب رأي قديما إلى ان عقد التأمين عقد شكلي لا ينعقد بمجرد توافق الإيجاب مع القبول لإستلزام المشرع الفرنسي في قانون 13 يوليه 1930 :-
أولاً : كتابة عقد التأمين سواء في محرر رسمي او في عرفي وان المحرر يجب ان يشتمل على بيانات محددة وهي اسماء المتعقدين محال اقامتهم الأشياء المؤمن عليها أو الأشخاص المؤمن عليهم طبيعة الخطر المؤمن منه تاريخ التأمين منذ التأمين أو مقدار القسط أو مبلغ التأمين .
ثانيا : وأنه لا يجوز تعديل العقد أو الإضافة اليه إلا بعد اتباع الشكل السابق . إلا أن الرأي الراجح والسائد وفي فرنسا يرى ان عقد التأمين وهو عقد رضائي إذا ان الكتابة على الوجه السابق هي شرط لإثبات العقد لا لانعقاده وفي مصر حيث لايوجد تنظيم تشريعي خاص بعقد التأمين على خلاف فرنسا فلا يوجد نص يستلزم الكتابة لا لإنعقاد ولا حتى لإثبات فكان مؤدى ذلك أن يكون عقد التأمين دائما رضائيا . إلا ان البعض قد اثاروا الشك حول رضائية عقد التأمين فتعددت آراء الفقه المصري :-
الراي الأول : يرى أن عقد التأمين هو عقد شكلي والشكلية ليست مصدرها القانون بطبيعة الحال ولكن مصدرها عرف ثابت ومستقر على عدم انعقاد عقد التأمين إلا عند التوقيع على وثيقة التأمين .
الرأي الثاني : يرى ان عقد التأمين هو عقد عيني لا ينعقد إلا منذ تسلم المؤمن أو دفع المؤمن له القسط الاول للتأمين فلا ينعقد بمجرد التراضي.
الرأي الثالث : وهو الراي السائد في مصر وفرنسا يرى أن عقد التأمين لا شكلي ولا عيني ولكنه بحسب الأصل عقد رضائي لغياب التنظيم الخاص لعقد التأمين وأن الأصل في العقود الرضائية ما لم يتفق المتعاقدين صراحة على خلاف ذلك باعتبار أن الرضائية لا تتعلق بالنظام العام ويجوز الاتفاق على خلافها ونرى وجود عادة اتفاقية جرى العمل على حكمها مضمونها عدم انعقاد العقد إلا من وقت التوقيع على الوثيقة النهائية للتأمين أو مذكرة التغطية المؤقتة حين يكون عقد التأمين من الناحية العملية والفعلية هو عقد شكلي وقد يجري العمل على عدم انعقاد التأمين إلا بعد توقيع الوثيقة ودفع القسط الأول للمؤمن معاً فيكون عقد التأمين في هذه الحالة شكليا وعينيا في نفس الوقت وليس مؤدى ذلك وجود عرف تأميني ثابت ومستقر على شكلية أو عينية عقد التأمين ولكن مجرد عادة اتفاقية جرت على اتفاق المؤمن شركة التأمين مع المؤمن له في التأمين العقد على عدم انعقاده إلا من وقت التوقيع على الوثيقة من المؤمن أو بين كلا من المؤمن والمؤمن له معا وقد تتجاوز ذلك إلى الاتفاق ايضا على عدم انعقاد التأمين إلا من وقت التوقيع ودفع القسط الأول للمؤمن معاً .
الخصيصة الثانية : عقد التأمين عقد معارضة :-
يقصد به ان يعطي متعاقد للطرف الآخر مقابلا لما يأخذ فالمؤمن له يقدم القسط إلى المؤمن والمؤمن يقدم الضمان مبلغ التأمين عند تحقيق الخطر أو الحادثة المؤمن منها للمؤمن لهأو المستفيد فعقد التأمين ليس عقد تبرع لأنه من العقود الاحتمالية والعقود الاحتمالية دائما هي عقود معارضة بمقابل إلا أن الخطر المؤمن منه قد لا يتحقق فلا يقدم المؤمن مبلغ التأمين مقابل القسط الذي يقدمه له المؤمن له فهل يبقى مع ذلك عقد التأمين عقد معارضة في هذه الحالة ؟
المستقر عليه ان عقد التأمين يبقى عقد معارضة حتى ولو لم يدفع المؤمن يوما ما إلى المؤمن له مبلغ التأمين لعدم حدوث الخطر المؤمن منه لأن الأدنى وفقاً للرأي الراجح أن المؤمن له لا يقدم القسط نظير مبلغ التأمين فهو التزام شرطي قد يتحقق وقد لايتحقق ولكن نظير توفير المؤمن للمؤمن له الأمان من وقع الخطر سواء تحقيق الخطر بدفع مبلغ التأمين أو لم يتحقق الخطر طوال مدة العقد لتحمله عبء حدوث الخطر وتعهده بالضمان إذا فالأمان وليس مبلغ التأمين هو مقابل القسط فالمؤمن له ليس لديه نية التبرع للمؤمن ولا يعقل أن يكون التأمين عقد معارضة في حالة وعقد تبرع في حالة أخرى بيد أنه أحيانا يكون التأمين لمصلحة الغير المستفيد كالتأمين على الحياة لمصلحة الاولاد والزوجة حين يقدم المؤمن عليه الزوج القسط بدون مقابل لاستحقاق مبلغ التأمين عند وفائه لشخص آخر ولمستفيد فهل يبقى عقد التأمين عقد معارضة أيضا ؟ الفقه مستقر على ان عقد التأمين يظل عقد معاوضة في هذه الحالة لأن العبرة بالتزامات طرفى العقد وهما المؤمن والمؤمن له والمؤمن يبقى ملتزماً بدفع مبلغ التأمين وتوفير الأمان مقابل دفع المؤمن له للقسط يستوي بعد ذلك أن يكون مبلغ التأمين والامان للمؤمن له شخصا أو لشخص آخر يعنيه المؤمن له في العقد فالمستفيد هو غير خارج عن العقد ولا عبرة به.
الخصيصة الثالثة : عقد التأمين عقد ملزم للجانبي تبادلي :-
هو العقد الذي ينشأ على عاتق كل من الطرفين التزامات على الطرف الآخر بحيث يكون كل منهما دائنا ومدينا للآخر في نفس الوقت فيكون المؤمن ملتزما بدفع مبلغ التأمين عند تحقيق الخطر المؤمن منه ويكون المؤمن له ملتزما بالمقابل بدفع القسط إلى المؤمن فيكون المؤمن دائنا بالقسط ومدينا بتحمل عبء تغطية الخطر عند وقوعه في نفس الوقت ويكون المؤمن له دائنا بمبلغ التأمين عند حدوث الخطر ومدينا بالقسط للمؤمن في نفس الوقت كذلك . هل يكون عقد التأمين عقداً ملزما للجانبين المؤمن والمؤمن له ومع ذلك أم يكون ملزما لجانب واحد فقط هو المؤمن له المدين بالقسط ؟
ذهب رأي في الفقه الفرنسي إلى ان عقد التأمين لا يكون ملزما للجانبين في الصورة السابقة بل يكون ملزما لجانب واحد هو المؤمن له الملتزم بدفع القسط حين أن المؤمن لا يكون ملزما بتغطية الخطر إلا حين تحقق الشرط المعلق عليه الضمان يتحقق الخطر المؤمن عنه أو بحلول الأجل المضاف اليه الضمان بوفاة المؤمن على حياته أو بلوغ سنا معينة ورتب الراي السابق على ذلك ان للمؤمن له حق طلب استرداد ما دفع من اقساط بينما ذهب الراي الراجح في فرنسا إلى ان عقد التأمين عقد تبادلي ملزما لكل من المؤمن والمؤمن له على السواء باعتباره أن المؤمن ملتزما بتغطية الخطر من وقت نشوء التزام المؤمن له بدفع القسط وهو نفس وقت انعقاد العقد .
فالمؤمن لا يكون ملتزما بتغطية الخطر فقط من وقت تحقيق الخطر او من وقت حلول الأجل المضاف اليه بل من وقت ابرام العقد فتحقق الشرط او حلول الأجل لازم فقط لبدء تنفيذ الالتزام بدفع مبلغ التأمين لا لنشوء الالتزام في ذاته بالضمان الذي تنشأ فعلا قبل ذلك في وقت انعقاد العقد وهو ذات وقت نشوء التزام المؤمن له بدفع القسط من ناحية – ان العقود الاحتمالية دائما تكون الالتزامات الناشئة عنها وهى الالتزامات غير منجزة وغير محققه وهو الرأي المجمع عليه في الفقه المصري استنادا إلى المبررات ويضيف البعض مبررات أخرى تؤكد الصفة التبادلية للالتزامات الناشئة عن عقد التأمين فمن ناحية أن الالتزام المؤمن بالضمان منذ وقت إبراهم العقد دون توقعه على حدوث الخطر المؤمن منه هو ما يتفق مع نية وقصد المتعاقدين والقول بغير ذلك يستحيل معه نجاح مبدأ التعاون وتوزيع الخسارة بين مجموع المؤمن لهم وفقا لقانون المقاصة بين المخاطر المختلفة وتبعاً له أن يفقد عقد التأمين اساسه الغنى وقد يوفى المؤمن له بالقسط قبل ابرام عقد التأمين ذاته فهل يبقى عقد التأمين مع ذلك ملزما للجانبين ؟ ذهب راي إلى أن عقد التأمين لا يكون ملزما إلا للمؤمن بتغطية الخطر دون التزام مقابل على المؤمن له بدفع القسط باعتباره قد سبق له الوفاء به لحظة ميلاد العقد إلا أن الرأي الراجح يرى بقاء عقد التأمين ملزما للجانبين لان :- – المؤمن له على عاتقه التزامات أخرى غير دفع القسط مثل الإبلاغ عن بيانات الخطر وتفاقمه أو الإعلان عن الكارثة فور وقوعها علاوة على التزامه بما يستجد من أقساط تالية من ناحية – بمقارنة هذه الصور بمثيلتها في العقود المستمرة المدة الأخرى مثل عقد الإيجار ونجد أن العقد يبقى ملزما للجانبين فالمستأجر له حق عدم دفع الاجرة إذا ما أراد ترك العين المؤجرة دون المساس ذلك في الصفة التبادلية للعقد من ناحية أخرى.
ويترتب على ذلك عقد التأمين تبادلي ملزم للجانبين:-
اولا :- للمؤمن ان يدفع بعدم الالتزام بالضمان اذا اخل المؤمن له المتعاقد الآخر بثمة الالتزام ناشئ عن العقد سواء كان بدفع القسط أو أي التزام آخر مثل الإبلاغ عن الخطر او عن بيانات الخطر أو تفاقمه.
ثانياً : ولا يجوز للمؤمن له المطالبة بإسترداد الأقساط التي دفعها قبل تحقيق الخطر المؤمن منه لان هذه الأقساط أنما هي مقابل المؤمن عبء تحقيق الخطر وتوفير الأمان للمؤمن له سواء تحقق الخطر أو لم يتحقق طوال مدة العقد .
الخصيصة الرابعة :عقد التأمين من العقود المستمرة ” المدة” :-
هو العقد الذي تكون المدة عنصرا جوهريا قد على وجه يستغرق وجوده الالتزامات المتقابلة الناشئة عن الفترة الزمنية المعقود عليها في العقد ولذلك قيل ان المدة فيه هي المقاس الذي يعين مقدار الالتزامات المتولدة عن العقد فالمؤمن يلتزم طول فترة العقد بتغطية الخطر المؤمن منه والمؤمن له بالمقابل يبقى ملتزما بدفع الأقساط المتنظمة طوال المدة التي يلتزم خلالها المؤمن بالضمان فيكون التزامات كل من المؤمن والمؤمن له مستمرة وخلال مدة العقد بداء من تاريخ محدد إلى نهاية تاريخ آخر محدد أنما قد يدفع المؤمن له القسط دفعة واحدة في شكل مبلغ مساويا كل الأقساط المستحقة عليه خلال مدة العقد كلها فهل يعد عقد التأمين في هذا الصدد أيضاً عقد مدة مستمرة ؟
يرى رأي أنه يبقى عقداً مستمرا رغم دفع الأقساط كلها مرة واحدة لسببين :-
الأول : أن المبلغ المدفوع يكون مقدرا على اساس مدة العقد كلها أي يراعى في تقديره المدة الزمنية المتعاقدة عليها فيكون الالتزام مقياسه ايضا مدة العقد.
الثاني : ان القسط ليس هو الالتزام الوحيد الذي يتكفل به المؤمن له فالمؤمن له يمتنع عن كل ما من شأنه يعجل بتحقيق الخطر المؤمن منه طوال مدة العقد فيبقى التزام المؤمن له مستمرا مقدرا على اساس مدة العقد .
بينما يذهب الرأي الثاني إلى نفي الصفة المستمرة عن عقد التأمين في مثل هذه الحالة لأن من ناحية التزام المؤمن بالقسط لن يكون مستمرا بطبيعته إلا إذا تقيد الوفاء به بأداء على دفعات زمنية متتالية ومنتظمة وأن الوفاء بمجموع الأقساط مرة واحدة في شكل مبلغ إجمالي وأن ناظر مدة العقد كاملة إلا أن تنتفي عنه صفة الاستمرارية في تنفيذ الالتزام فلا يكون التزاما مستمرا ومن ناحية اخرى وأن الالتزام بالامتناع المستمر عن كل ما من شأنه زيادة الخطر اوالتعجيل به هو ليس من الالتزامات الأساسية للمؤمن له في عقد التأمين فلا يمكن التعديل عليه . إلا أن الرأي الراجح لا يستلزم ان يكون الالتزام مستمرا لكل من المتعاقدين في نفس الوقت حتى يكون عقد التأمين عقد مدة مستمرة لكل من المتعاقدين في نفس الوقت حتى يكون عقد التأمين عقد مدة مستمرة فيكفي أن التزام المؤمن بالضمان هو التزام مستمر كل مدة عقد التأمين ليكون عقد التأمين عقد مدة بهذه المثابة حتى ولو لم يكن التزام المتعاقدة الآخر المؤمن له التزام مستمر بدفعه مجموع الأقساط المستحقة عليه طوال مدة عقد التأمين في مبلغ واحد دفعة واحدة . ويترتب على ذلك أن عقد التأمين عقد مدة ما يترتب على عقود المدة عموما فإذا فسخ عقد التأمين أو انفسخ بقوة القانون لا يكون لفسخه أو انفساخه أثر رجعي فيقتصر الفسخ على المستقبل او يبقى ما فات من مدة قبل الفسخ صحيحا لا يمسه الفسخ ومؤدى ذلك:
أ = فلا يلتزم المؤمن برد ما قبضه من اقساط قبل تقرير الفسخ أو وقوع الانفساخ بقوة قاهرة والعكس بالعكس .
ب = ويلتزم المؤمن له بالمقابل برد مبلغ التأمين الذي قبضه إذا تبين ان حدوث الخطر كان بعد فسخ العقد والعكس بالعكس إذا كان الخطر قد تحقق قبل الفسخ .
ثانياً : الخصائص الخاصة لعقد التأمين :-
الخصيصة الأولى : عقد التأمين احتمالي “غرر “:-
يقصد به عدم تساوي الالتزامات المتبادلة للمتعاقدين عند ابرام العقد بمعنى ان كل من العاقدين لا يمكنه تحديد مقدار الربح والخسارة وقت التعاقد لتوقف ذلك على حدوث واقعة غير محققة الخطر أو حادثة غير معلومة أجل وقوعها . فعقد التأمين هو من العقود الاحتمالية حيث لا يمكن كل من المؤمن والمؤمن له الجزم بمدى ما سيجنيه كل منهما من وراء العقد أو ما سيحيق باحدهما من خسارة لحظة ابرام العقد فالتزامات المتعاقدين دفع القسط أو مبلغ التأمين متوقعة على حادثة غير محققة الوقوع وهي الخطر المؤمن منه كالحريق او السرقة الخ فإذا تحققت جني المؤمن له مبلغ التأمين ولو لم تتجاوز قيمته مجموع الأقساط التي سبق ان قبضها المؤمن وإذا لم تتحقق الحادثة الخطر حتى نهاية مدة العقد جني المؤمن اقساط العقد كاملة دون ان يتكبد قيمة مبلغ التأمين وقد تكون التزامات المتعاقدين السابق مضافة إلى واقعة متيقن وقوعها يوما ما ولكنها غير معلومة الاجل مثل وفاة المؤمن عليه في التأمين على الحياة فإذا طال به أمد حياته جئت شركة التأمين المؤمن الوفير من أقساط التأمين وإذا توفى المؤمن على حياته بعد ابرام العقد بفترة وجيزة استحق المؤمن لمصلحتهم المستفيد مبلغ التأمين والذي عادة يكون مبلغاً كبيرا وقد أثار مع ذلك بعض الفقه الفرنسي الشك بشان الصفة الاحتمالية لعقد التأمين سواء بالنسبة للمؤمن أو بالنسبة للمؤمن له فالنسبة للمؤمن إذا انه وفقا للأسس الفنية لعملية التأمين على الوجه السابق بيانه والتي يجريها المؤمن تضمن له توزيع الخسارة المتحققة في جانب بعض المؤمن لهم ويفيض علاوة على ذلك الربح ورصيد احتياطي لتغطية ما قد يستجد من خسارة جديدة مستقبلا . وبالنسبة للمؤمن له لا يكون ايضا عقد التأمين احتماليا لان المؤمن له ليس مبتغاه الحقيقي من وراء عقد التأمين جني الربح وكسب مبلغ التأمين بقصد انه يقصد توفير الامان له ضد الخطر الؤمن منه .
الخصيصة الثانية : عقد التأمين عقد إذعان :-
هو العقد الذي بمقتضاه يكون احد المتعاقدين محتكرا لسلعة او خدمة اساسية ويسمى الطرف الذاعن على وجه يمكنه من فرض شروطه مسبقا على الطرف الآخر وهو الطرف المذعن الذي لا يملك سوى قبول التعاقد أو رفضه كلية دون أن يكون له حق مناقشة المتعاقد الأول أو إجراء أي تعديل بشأن شروط العقد فالمعيار هنا هل يملك المتعاقد الآخر مساومة المتعاقد الاول أم لا ففي الحالة الثانية وحدها يكون العقد هو عقد إذعان . والرأي السائد في الفقه يرى ان عقد التأمين هو من عقود الإذعان باعتبار أن المؤمن من ناحية وهو الطرف الذاعن الذي يملي شروطه المطبوعة بوثائق التأمين في شكل صياغات موحدة بالنسبة لكل نوع من انواع الخطر وعلى وجه يراعى فيه مصلحته عاد ومع ذلك شك رأي في الفقه الفرنسي في ان يكون عقد التأمين في الوقت الحاضر من عقود الإذعان ويرى ان وصف الفقه علاقة المؤمن بالمؤمن له بأنها علاقة إذعان هو أمر مبالغ فيه لعدة اسباب :-
= أن من خصائص عقد الإذعان احتكار الطرف الذاعن وهذا الاحتكار منتفى عن المؤمن في ظل المنافسة القائمة بيه العديد من شركات التأمين .
= أن الكثير من شروط عقد التأمين تخضع لقانون التأمين الذي ينظمها بما يحقق حماية المؤمن له من عسف المؤمن فهو قانوني حمائي للمؤمن له
= وأن الشروط الخاصة في عقود التأمين والتي يتمتع فيها المؤمن بحق مناقشتها مع المؤمن هي في إزدياد الآن . علاوة على ان بعض الشروط العامة المطبوعة تجعل من المؤمن الطرف الضعيف في العقد وليس العكس بأن بيانات الخطر الذي بها المؤمن له ويعتمد عليها المؤمن اعتمادا كبيرا في تقدير الخطر ومقدار القسط ومبلغ التأمين . ومع ذلك الرأي الراجح في الفقه يبقى عقد التأمين على أنه في عقود الإذعان بالنظر إلى تعاظم دور الوسطاء والسماسرة الممثلين للمؤمن شركة التأمين في ابرام عقد التأمين على وجه يجعل منهم الطرف الذاعن في ابرام العقد تجاه المؤمن له كطرف اضعف مما يبرر أهمية اعتبار التأمين من عقود الإذعان. فقد نشاء عن عقد التأمين كعقد إذعان مراكز عقدية متميزة للمؤمن ضد مصلحة المؤمن له على وجه مكنة من فرض بعض الشروط التعسفية والتي لا تراعى إلا مصلحة المؤمن وحدة وقد رأي الفقه التدخل التشريعي لمصلحة المؤمن له الطرف المذعن بقصد تخفيف غلواء هذه الشروط أو إبطالها بمقتضى اعتبارات حسن النية في تنفيذ العقود ففي ظل المجموعة القديمة حيث كان يفتقد إلى كل تنظيم تشريعي لعقد التأمين اقتصرت مظلة هذه الحماية على صورتين :-
الصورة الأولى : بتطبيق المبادئ العامة على عقد التأمين باعتباره عقد إذعان مثل تفسير عقد التأمين لمصلحة الطرف المذعن دائنا كان او مدينا وهو المؤمن له وان يجوز للقاضي تعديل الشرط التعسفي أو بعض الطرف المذعن منه ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك.
الصورة الثانية : أجاز القضاء شرط تطبيق احكام قانون أجنبي بشأن التأمين على العقد لتدارك عدم وجود نصوص تنظيم عقد التأمين وقتها بمصر مثل الإحالة إلى القانون السويسري الصادر في 12 ابريل 1908 أو القانون الفرنسي الصادر في 13 يوليه 1930 أما في ظل المجموعة المدنية الجديدة . فعلاوة على الحماية التشريعية العامة وفقا للمبادئ العامة للعقود سواء بشأن تفسير عقد الإذعان لمصلحة الطرف المذعن وهو المؤمن له ولو كان دائنا المادة 151 مدني أو بشأن تعديل الشرط التعسفي أو الإعفاء منه كلية. فالحماية التشريعية تتمثل فيما نصت عليه المادتين 750 و 753 مدني جديد من صور لحماية المؤمن له وهي كالاتي :-
أولاً : اعتبار النصوص المتعلقة بعقد التأمين نصوص امره فيما يحقق مصلحة المؤمن له بحيث يكون كل اتفاق على مخالفتها باطلا بطلانا مطلقا .
ثانياً : وكل شرط يرتب بطلان العقد او سقوط ضمان يقع باطلا بطلانا مطلقا ما لم يكتب بشكل ظاهر ومميز في الوثيقة كأن يكتب بحجم أكبر أو شكل مختلف حماية للمؤمن له الذي عاد لا يقرر كل شروط العقد ويقبله كما هو كعادة عرفية سيئة درج المؤمن لهم عليها .
ثالثا : بطلان الشرط الذي يقضي بسقوط الضمان بسبب تأخر المؤمن له عن الإبلاغ عن حدوث الخطر المؤمن منه إذا تبين أن التأخير كان لعذر مقبول مادة 750/2 ومن باب أولى حين لا يوجد هذا الشرط أصلا فلايسقط الضمان حتى ولو لم يبلغ المؤمن له عن وقوع الخطر اصلا أو الذي يقرر سقوط الضمان لمخالفة القوانين واللوائح إلا إذا كونت المخالفة جنائية او جنحة عمدية مادية 750/1
رابعاً : كذلك بطلان كل شرط تعسفي آخر تبين انه لم يكن له دخل في وقوع الخطر المؤمن منه . * والحماية القضائية فجرت احكام محكمة النقض على إضافة تطبيق جديد للحماية الخاصة للمؤمن له وهي بطلان شرط عدم الضمان للخسارة أو الضرر المتولد عن حالات الاحتراق الذاتي او بسبب تعتبر الشيء المؤمن عليه أو سخرته الطبيعية . وهو ما يعد في نظر كل من الفقه والقضاء محضا للمادة 753 مدني والتي مؤداها بطلان كل شرط يخالف أحكام عقد التأمين في المجموعة المدنية مالم يكن كل شرط المؤمن له او المستفيد .
الخصيصة الثالثة : عقد التأمين من عقود حسن النية :-
إذا كانت كافة العقود هي من عقود حسن النية لإستلزام المشرع تنفيذها وفقا لمقتضيات حسن النية إلا أن عقد التأمين خاصة يقتضي وفقا لمقتضيات حسن النية إلا أن عقد التأمين خاصة يقتضي ان يراعى في ابرامه وتنفيذه بل وفي تحديد الجزاء على مخالف الالتزامات الناشئة عند منتهى حسن النية في ابرام وتنفيذ العقد على وجه يمكن معه القول بان نصيب حسن النية ودوره في عقود التأمين اوسع نطاقا عنها في ثمة عقد آخر حتى اعتبر عقد التأمين هو من عقود حسن النية العقدية . ومرد ذلك أن المؤمن يعتمد غالبا على المؤمن له في الإدلاء بيانات الخطر وقت الانعقاد حتى يتسنى له تقدير مدني احتمالية حدوث الخطر ومدى جسامته والتي على اساسها سيمكنه تحديد مقدار القسط مبلغ التأمين المستحق . كما يثق المؤمن في المؤمن له بالإداء بكل تفاقم للخطر من حيث احتمالية حدوثه أو جسامته أثناء تنفيذ العقد والإبلاغ عن وقوع الخطر المؤمن منه فور حدوثه وعلى ضوء مدى تحري كل من المؤمن والمؤمن له حسن النية في الوفاء بتعهداتهما في العقد ويتحدد نوع الجزاء المستحق على المخالف للإلتزام.
فبالنسبة للمؤمن له:- من ناحية إذا كان المؤمن له سيء النية فيما أدلى به من بيانات غير صحيحة تتعلق بالخطر المؤمن منه سواء عند التعاقد أو أثناء العقد كان جزاء سوء النية بطلان عقد التأمين كذلك يكون جزاء البطلان إذا بالغ المؤمن له في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه مبالغة تدليسه أو عمد بسوء نية إلى تعدد العقود التعدد التدليسي بقصد زيادة مبالغ التأمين عند حدوث الكارثة . ومن ناحية أخرى أما إذا كان المؤمن له حسن النية فيما أدلى به من بيانات الخطر وان تقديرات المبالغ فيها لقيمة الشيء المؤمن عليه كانت غير تدليسية ويحسن نية ترجع إلى اسباب عارضة يفي عقد التأمين صحيحا واكتفى بالتخفيض النسبي لمبلغ التأمين ورده إلى قيمة الشيء المؤمن عليه الحقيقية .
أما بالنسبة للمؤمن :- فمن ناحية وبالمقابل إذا كان المؤمن سيء النية بالمبالغة التدليسية في تقدير قيمة الشيء المؤمن عليه أكثر من حقيقته بقصد حصوله على قسط تأمين أكبر مما هو مستحق كان جزءا سوء نيته بطلان عقد التأمين . والعكس بالعكس إذا لم تكن المبالغة في تقدير قيمة الشيء وليد غش وسوء نية مبالغة غير تدليسية بقي عقد التأمين صحيحا دون إبطال مع الانقاص النسبي لقسط التأمين برده إلى قيمة الشيء الحقيقية المؤمن عليها وهو ما نص عليه صراحة القانون الفرنسي وما جرى العرف التأمين ي على حكمه في مصر وعلى هذا يكون لحسن النية دورا كبيرا أكثر نطاقاً في عقد التأمين عنه في باقي العقود الاخرى كخصيصة مميزة له عن غيره لذا أطلق عليه بأنه من عقود الثقة وحسن الي النية .
الخصيصة الرابعة : عقد التأمين يغلب على أحكامه الصفة العرفية :-
أحكام عقد التأمين في منيتها قواعد عرفيه قبل أن تتناولها أيدي المشرع بالتنظيم في نصوص القانون أنبثقت من العادات التأمين ية التي جرت على إتباعها شركات التأمين في وثائقها التأمين ية . ورسختها وهذبتها أحكام القضاء التي صاغتها وتناولتها بعد ذلك التشريعات في شكل نصوص قانونية مثل التشريع السويسري الصادر في 2 ابريل 1908 والتشريع الفرنسي الصادر في 13 يوليه 1930 والتي تقل عنها المشرع التمهيدي للقانون المدني بمصر معظم نصوصه واحكامه في 99 مدادة وتبناها مشروع الحكومة في أغلبها ونرى أبرز مظاهر الصفة العرفية لأحكام عقد التأمين تتمثل في الآتي من حيث إبرام العقد بالتوقيع على وثيقة التأمين :-
أولاً : فقد جرت العادات التأمين ية على أن المؤمن شركة التأمين تفرض شكلاً اتفاقيا معينا على طالب التأمين عند إبراهه لعقد التأمين وهو مليء وثيقة التأمين المطبوعة مسبقا وتوقيعها ثم إرسالها إلى المؤمن فإذا وافق عليها وقعها بدوره وأرسلها إلى المؤمن له ولا يكون العقد منعقداً إلا منذ توقيع المؤمن له وتسلمه نسخة من الوثيقة .
ثانياً : وأن العرف التأميني قد جرى على تحرير وثيقة تأمينية تسمى بـ مذكرة التغطية المؤقتة موقع عليها دائما من المؤمن تسليم إلى المؤمن له تكون عقد تأمين مؤقت لحين أن بيت المؤمن في طلب التأمين بالقبول او الرفض والذي قد يستغرق وقتا طويلا يكون المؤمن له خلال له في عرضه لحدوث الخطر المؤمن منه فيضمن المؤمن الخطر بمقتضى الوثيقة التأمين ية المؤقتة السابقة مقابل دفع المؤمن له قسط التأمين . من حيث عدم اعتبار نماذج التأمين وطلبات التأمين لا تكون إيجابا صالحا لانعقاد العقد :-
أولاً:- العرف التأميني يجري على أن نماذج التأمين المطبوعة والمتوافرة بمقر شركة التأمين أو لدى وسطائها لا تكون إيجابا عاماً موجه للجمهور ولكن مجرد دعوة إلى التعاقد لا ينعقد بهما العقد إلى حين توفير الوقت المناسب لدراسة المؤمن مدى ملاءمة الخطر المطلوب التأمين منه من حيث جسامته واحتمالية وقوع الخطر.
ثانياً : رؤية طلب التأمين النموذج المطبوع بعد ملء بياناته وتوقيعه في طالب التأمين لا يكون إيجابا إلى المؤمن ينعقد به العقد بل هو مجرد طلب استلام واستفسار عن شروط التأمين ومميزاته فإذا وافق المؤمن لا يعد ذلك قبولا ينعقد بل العقد ايجابا لا أكثر . ومن حيث مدى الزامية ايجاب طالب التأمين فإن العرف التأميني قد جرى كذلك إلى عدم الزامية الإيجاب الصادر من المؤمن له حتى ولو كان إيجابا صالحا لانعقاد العقد يتضمنه العناصر الأساسية لقعد التأمين فإنه يبقى غير ملزما للمؤمن له له الرجوع فيه قبل أن يصادفه قبول المؤمن يقترن بمدة تلزمه بالاحتفاظ به خلالها من حيث جواز إبطال عقد التأمين للتدليس والغش في حالتي المبالغة التدليسية والتعدد التدليسي . وقد جرى العرف في مصر بلا نص على عدم جواز المبالغة التدليسية من جانب المؤمن له أو المؤمن لقيمة المؤمن عليه بقصد الحصول على مبلغ تأمين أو قسط أكبر من المستحق وإلا كان عقد التأمين باطلا . كما جرى العرف في مصر بلا نص على عدم جواز الجمع التدليسي بين أكثر من عقد تأمين ضد نفس الخطر ولنفس المدة ولمصلحة نفس المؤمن له بحيث يكون للمؤمن له عند حدوث الخطر ان يقبض أكثر من مبلغ تأميني من أكثر من مؤمن عن نفس الخطر ونفس المدة ونفس الشيء المؤمن عليه وإلا كان عقد التأمين باطلا من حيث وقت بدء سريان التأمين .وقد جرى العرف التأميني على تحديد وقت بدء سريان أحكام عقد التأمين ونفاذها من ظهر اليوم التالي لانعقاد ما لم يتفق المتعاقدين صراحة على وقت آخر لبدء سريان العقد وهو عرف ثابت ومستقر ثانياً . كما يجري العرف على بدء سريان عقد التأمين في ساعة الصفر في بعض الحالات وهي :-
أ = حالة تعليق سريان العقد على واقعة لم تتحقق بعد مثل تملك السيارة المؤمن من خطرها .
ب = أو كان الخطر المؤمن منه لم يبدد بعد مثل التأمين ضد مخاطر رحلة يزمع القيام بها
ج= أو إبرام أكثر من عقد تأمين بشأن نفس الخطر والشيء ولمصلحة نفس المؤمن له على ان يسري العقد الجديد عقب إنتهاء مدة العقد الأسبق وساعة الصفر هي اللحظة الأولى بعد منتصف ليل اليوم الذي تتحقق فيه الواقعة المعلق سريان على تحققها او اليوم الذي يبدأ فيه الخطر منه أوبإنتهاء آخر يوم من مدة العقد السابق بشأن حق المتعاقد في الفسخ الخمسي لعقد التأمين بعد مهلة الـ 6 أشهر .و جرى العرف والعادة التأمينية في مصر على حق الطريفين في فسخ عقد التأمين بعد مدة خمس سنوات من إبرام العقد بعد مهلة إخطار بإنهاء العقد لاتقل عن الستة أشهر للمتعاقد الآخر وهذا ما يطلق عليه بالفسخ الخمسي وهو منصوص عليه في المادة 24 من مشروع الحكومة ورغم أن مشروع الحكومة لم تسر احكامه حتى اليوم إلا أن الفقه في مصر مستقرا على وجود عرف تأميني ثابت درج على اتباعها في وثائق التأمين.