شرح البيع بالجدك وشروطه في القانون المدني المصري.
البيع بالجدك تم تنظيمه من خلال المادة 594 من القانون المدني وكذلك المادة 20 من القانون 136 لسنة 1981 الخاص بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر
البيع بالجدك في القانون المدني
تنص المادة 594 من القانون المدني على أن: “
أ- منع المستأجر من أن يؤجر من الباطن يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس.
ب- ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضى بإبقاء الإيجار إذا قدم المشترى ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق”.
والمستفاد من هذه المادة:
1- أن المشرع أجاز للمستأجر – وهو صاحب الجدك أو المنقولات الموجودة بالمحل أو المصنع – بيع المصنع او المتجر وفق نظام محدد هو نظام البيع بالجدك .
2- أنه يشترط لصحة بيع الجدك أن يكون المستأجر تاجراً وأن تكون العين المؤجرة مخصصة لنشاطه التجاري، وأن يكون المستأجر مالكاً للمنقولات الموجودة بالمتجر، أو يكون هو الذي أنشأ المصنع من ماله الخاص.
3- أن تقوم لدى المستأجر ضرورة تفرض عليه بيع المصنع أو المتجر الذي أنشأه في العقار المؤجر إليه مع قيام الشرط المانع من التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار.
4- أن المشرع أجاز – بشروط – للمحكمة متي رفعت أمامها دعوى صحة ونفاذ عقد بيع المحل أو المصنع بنظام الجدك أن تقضي بصحة ونفاذه فى مواجهة مؤجر المحل أو المصنع.
وفى سبيل فهم الغاية والحكمة من نص المادة 594 فقرة 2 من القانون المدني والتي أجازت للمستأجر بيع المحل أو المصنع، وأجازت للمحكمة القضاء بصحة العقد بنفاذه، فإنه ثمة اعتبارات هامة تبرر هذا المسلك، وبالأدق توضح الحكمة والعلة من نظام الجدك بصفة عامة، وهي تسهيل البيع الاضطراري للمحل التجاري أو المصنع حيث قدر المشرع أن هناك حاجة ماسة ومصلحة عامة تعود على المجتمع تقتضي استقرار التجارة والصناعة.
لذلك قرر أنه في حالة وجود ضرورة استثنائية تضطر التاجر أو الصانع لتصفية تجارته أو مصنعه فإنه وللصالح العام يعطيه مكنة بيع المحل أو المصنع ضماناً لاستمرار النشاط الاقتصادي، والتنمية المستدامة للمجتمع.
البيع بالجدك في قانون إيجار الاماكن
وتنص المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 “الخاص بإيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر” على أنه: “
أ- يحق للمالك عند قيام المستأجر في الحالات آلتي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال، بعد خصم قيمة المنقولات آلتي بالعين.
ب- وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوماً منه نسبة الـ 50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار إيداعا مشروطاً بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان.
ج- وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع التزام المشترى بأن يؤدى للمالك مباشرة نسبة الـ 50% المشار إليها”.
على الرغم من أن قانون إيجار الأماكن يعد من القوانين الاستثنائية إلا أنه وضع تنظيماً خاصاً لبيع الجدك حيث تنص المادة 20 من القانون 136 لسنة 1981 بإصدار قانون إيجار الأماكن:
يحق لمالك عند قيام المستأجر في الحالات التي يجوز له فيها بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى الحصول علي 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين .
وعلى المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض ويكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوما منه نسبة ال50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار إيداعا مشروطا بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان وبانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع التزام المشترى بأن يؤدى للمالك مباشرة نسبة ال50% المشار إليها .
ومفاد أحكام هذا النص:
أن المشرع بعد أن وضع قيودا في قانون إيجار الأماكن على عقود الإيجار مثل تحديد الأجرة وامتداد المدة، والامتداد القانوني لعقد الإيجار، وتقديراً من المشرع لضرورة استمرار النشاط التجاري والصناعي في ظل القواعد الاستثنائية التي فرضها قانون إيجار الأماكن خاصة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى فقد نظم بيع الجدك بقواعد خاصة تقتضي أولاً: توافر ذات الشروط السالف ذكرها في ظل القانون المدني. ثانياً: إضافة بعض القواعد التي تتماشى مع الطبيعة الاستثنائية لقانون إيجار الأماكن بقصد إيجاد نوع من التوازن في العلاقة بين المستأجر والمؤجر.
وأن المشرع أعطى لمالك العقار في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة المؤجرة الحق في أن يطالب المشترى الذي انتقل إليه حق الإجازة بمقتضى هذا التصرف وحده بنسبة من الثمن كما أعطاه أولوية في استرداد العين المؤجرة.
شروط البيع بالجدك:
1- توافر حالة من الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى. (المادة 594/2 مدني)
2- توافر حالة الضرورة الملجئة للتصرف (المادة 594/2 مدني)
3- حصول المالك على 50% من ثمن البيع أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين (المادة 594/2 مدني)
4- يجب على المستأجر قبل إبرام الاتفاق إعلان المالك على يد محضر بالثمن المعروض (المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981)
5- انتفاء الضرر في حق المؤجر (المادة 594/2 مدني)
6- يكون للمالك الحق في الشراء إذا أبدى رغبته في ذلك وأودع الثمن مخصوما منه نسبة الـ50% المشار إليها خزانة المحكمة الجزئية الواقع في دائرتها العقار إيداعا مشروطا بالتنازل عن عقد الإيجار وتسليم العين وذلك خلال شهر من تاريخ الإعلان
7- بانقضاء ذلك الأجل يجوز للمستأجر أن يبيع لغير المالك مع التزام المشترى بأن يؤدى للمالك مباشرة نسبة الـ50% المشار إليها .
8- ملكية المستأجر للجدك (وهذا شرط قضائي اشترطته محكمة النقض، وهو يتكون من شقين..
الأول: أن يكون المتصرف مستأجرا للعين وليس مالكاً لها.
والثاني: أن يكون مستأجر العين مالكاً للجدك.
شروط البيع بالجدك من خلال احكام النقض:
الشرط الأول – وجوب وقوع البيع على متجر أو مصنع:
وهذا الشرط نصت عليه صراحةً المادة 594/2 من القانون المدني، ولما كان الثابت أن عين التداعي مستغلة كمخزن، مما يعنى عدم انطباق هذا الشرط حيث أن قضاء النقض قد استقر على أن: “المكان الذي يخزن فيه التاجر بضائعه لا يعتبر محلاً تجارياً، لافتقاده للعنصر المعنوي الرئيسي في المحل التجاري وهو عنصر الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية، وبالتالي فلا يجوز بيع تلك المخازن بالجدك” (الطعن رقم 453 لسنة 48 قضائية – جلسة 23/3/1983 – السنة 34 – القاعدة رقم 154 – ص 727).
الشرط الثاني – وجوب توافر حالة الضرورة الملجئة للتصرف:
وهذا الشرط نصت عليه صراحةً المادة 594/2 من القانون المدني، ولما كانت أوراق الدعوى قد خلت تماماً مما يفيد بتوافر حالة الضرورة الملجئة للبيع، كما لم يقم المدعى عليه بإثبات شئ من ذلك. مما مفاده عدم تحقق هذا الشرط على الوجه المتطلب قانوناً.
الشرط الثالث – وجوب تقديم التأمينات الكافية لحماية حقوق المؤجر:
وهذا الشرط نصت عليه صراحةً المادة 594/2 من القانون المدني، ومادام المدعى لم يقم بتقديم أية تأمينات على الإطلاق سواء أكانت كافية أو غير كافية لحماية حقوق المؤجر “الهيئة” فان هذا الشرط يكون غير متحقق بدوره. ومن المقرر في قضاء النقض أنه: “… ومن ضمن هذه الشرائط أن يقدم المشترى تأميناً كافياً للمؤجر للوفاء بالتزاماته كمستأجر سيخلف المستأجر الأصلي في الانتفاع بالعين المؤجرة، ويستوي أن تكون هذه التأمينات شخصية أو عينية، ويتعين في هذا الضمان أن يكون إضافيا لا يدخل في حسابه البضائع الموجودة بالمتجر أو المصنوعات التي ينتجها المصنع لأنها معده للبيع ولا يستطيع المؤجر حبسها أو استعمال حق امتياز المؤجر عليها، وتقدير كفاية الضمان أو عدم كفايته أمر متروك لقاضى الموضوع دون معقب عليه طالما كان استخلاصه سائغاً” (نقض مدني في 30 مايو سنة 1979 – مجموعة أحكام النقض – السنة 30 – رقم 272 – ص 473).
الشرط الرابع – وجوب مزاولة نفس النشاط السابق:
وعدم تغيير النشاط شرط تطلبته محكمة النقض حيث أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن: “الحكمة من الاستثناء الوارد بالمادة 594/2 مدني هي رغبة المشرع في الحفاظ على الرواج المالي والتجاري في البلاد بتسهيل بيع المتجر عندما يضطر صاحبه إلى بيعه وتمكين مشتريه من الاستمرار في استغلاله، وكان مناط استلزام توافر العنصر المعنوي الخاص بالاتصال بالعملاء وجوب أن يكون الشراء بقصد ممارسة النشاط ذاته الذي كان يزاوله بائع المتجر” (الطعن رقم 578 لسنة 47 قضائية – جلسة 15/3/1982).
الشرط الخامس – ضرورة أخطار المالك بثمن المبيع:
وهذا الشرط نصت عليه صراحةً المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 حيث أوجب المشرع على المستأجر قبل أن يبرم اتفاقه مع الغير أن يعلن المالك بعزمه على بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن عقد الإيجار لقاء ثمن محدد يذكره في الإنذار الموجه إلى المالك..
فإذا ابرم عقد بيع الجدك دون أن يتم الإنذار سالف الذكر فإن أحد شروط صحة بيع الجدك يكون قد انتفى ويقع البيع غير نافذ في مواجهة المالك ولا يؤدى إلى انتقال الحق في الإجارة للمشترى أو حلوله محل البائع في عقد الإيجار، ولا يجوز للمحكمة أن تجيز بيع الجدك ما لم يكن مرفقاً بالمستندات أصل الإنذار الموجه إلى المالك ومضى مدة شهر من تاريخ إعلان المالك بالإنذار دون أن يبدى موافقته على البيع أو رغبته في أخذ العين بالثمن المعروض