شروط إصدار النيابة العامة لقرارات الحماية الوقتية للحيازة.
تنص المادة 44 مكرر مرافعات على أنه ” يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة، مدنية كانت أو جنائية، أن تصدر فيها قراراً وقتياً مسبباً واجب التنفيذ فوراً بعد سماع أقوال أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة، ويصدر القرار المشار إليه من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل .
وعلى النيابة العامة اعلان هذا القرار لذوي الشأن خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره . وفي جميع الأحوال يكون التظلم من هذا القرار لكل ذي شأن أمام القاضي المختص بالأمور المستعجلة ، بدعوى ترفع بالاجراءات المعتادة في ميعاد خمسة عشر يوماً من يوم اعلانه بالقرار، ويحكم القاضي في التظلم بحكم وقتي بتأييد القرار أو بتعديله أو بإلغائه وله بناء على طلب المتظلم أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه إلى أن يفصل في التظلم “
ومؤدي هذ النص، ونتيجة للتزايد المتتابع في منازعات الحيازة ، أنه في حالة ما إذا قام النزاع على الحيازة بين الخصوم وعرض على النيابة العامة، فإنه يتعين عليها أن تصدر فيه قراراً وقتياً مسبباً . وسلطة النيابة هنا لا تمس بأصل الحق وتهدف فقط إلى فض اشكال سريع في منازعة حيازة بإجراءات بسيطة ميسرة .
ويتعين علينا الآن أن نتعرض لنطاق هذه الصورة للحماية الوقتية وشروطها، فالتظلم من القرار الصادر وأخيراً لطبيعة هذه الحماية .
– نطاق الحماية الوقتية للحيازة وشروطها –
التنظيم الجديد للحماية الوقتية للحيازة جعل اختصاص النيابة العامة في منازعات الحيازة شاملاً. وذلك يظهر من نص المادة 44 مكرر بأنه يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة مدنية كانت أو جنائية ، أن تصدر فيها قراراً وقتياً .
ومن ناحية أخرى ، فإن الفقة يرى أن عمومية النص تجعله يمتد لحماية حيازة المنقول ولا يقتصر على حماية حيازة العقار ، كما هو الحال في الدعاوى القضائية للحيازة أمام محكمة الموضوع. وهكذا تلتزم النيابة بإصدار قرار في أي نزاع على الحيازة، سواء شكل هذا النزاع جريمة أم كان مدنياً صرفاً، وسواء كانت الحيازة على عقار أم كانت على منقول. وعلى ذلك يتعين على النيابة أن تصدر قرارها في النزاع ، ولها الحق في إتخاذ القرار الذي تراه ملائما . فقد تأمر بحفظ الأوراق إذا لم يكن هناك ما يستأهل إتخاذ إجراء ما، أو بابقاء الحال على ما هو عليه إذا كان واضع اليد الفعلي عند الشكوى هو الحائز الجدير بالحماية، أو بتمكين الطرف الآخر من الحيازة.
ويشترط لصحة قرار النيابة ومنح الحماية الوقتية توافر أربعة شروط :-
أولاً : أن تكون المنازعة التي يصدر فيها القرار من منازعات الحيازة .
ثانياً : سماع أقوال أطراف النزاع وضبط وتحقيق الواقعة .
ثالثاً : أن يصدر القرار من رئيس نيابة على الأقل .
رابعاً : أن يكون قرار النيابة مسبباً تسبيباً كافياً .
الشرط الأول : أن تكون المنازعة التي يصدر فيها القرار من منازعات الحيازة :
والحيازة الجديرة بالحماية هنا هي مجرد الحيازة المادية الفعلية أي السيطرة المادية على الشئ قبل وقوع النزاع، متى كانت تلك السيطرة ظاهرة ، هادئه، مستمرة، لكن لا يلزم الاستمرار مدة سنة . وهذه الحيازة تكون جديرة بالحماية التي تبرر تدخل النيابة العامة بالاجراء الوقتي الملائم لهذه الحماية على نحو يمنع تعكير السكينة العامة والاخلال بالأمن .
الشرط الثاني : ضرورة سماع أقوال أطراف النزاع وضبط وتحقيق الواقعة :
ويجوز للنيابة ان تقوم بذلك بنفسها بواسطة أحد أعضائها أياً كانت درجته كما يجوز لها أن تندب له كله أو بعضه أحد لرجال الضبطية القضائية او التكليف به أو بإجراء منه أحد رجال الشرطة . كما يجوز لها أن تكتفي في ذلك بما يرد في محضر جمع الاستدلالات . ولا يعني شرط سماع الأطراف امتناع النيابة عن إصدار قرارها إذا امتنع أحدهم عن الادلاء بأقواله أو تغيب ، وإنما يعني حرصها على اعمال مبدأ المواجهة واخطار الأطراف بالمنازعة واتاحة الفرصة لهم للادلاء بأقوالهم .
الشرط الثالث : أن يصدر القرار من رئيس نيابة على الأقل :
فإن كانت النيابة الجزئية المختصة ليس بها عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة أرسلت الأوراق إلى النيابة الكلية لتصدر فيها القرار الذي تراه من رئيس النيابة . ولكن ليس ثمت ما يمنع أن تصدر القرار من عضو بدرجة أعلى . وإذا صدر القرار من عضو النيابة تقل درجته عن رئيس نيابة وقع القرار باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام ، ولا يصححه اعتماد من يجوز له اصدار القرار .
الشرط الرابع : أن يكون قرار النيابة مسبباً تسبيباً كافياً :
بمعنى أنه يتعين على النيابة العامة أن تبين الاسانيد التي ركنت اليها في إصدار القرار . والجوهري أن يكون التسبيب كافياً ينصب على مقطع النزاع من جهه وأن يتضمن من جهة أخرى ما يطمئن المطلع عليه الى أن مصدر القرار لم يصدره إلا بعد الاطلاع على الاوراق والالمام بما تضمنته من طلبات ودفوع ودفاع وانه استخلص ما انتهى اليه من واقع الاوراق والادلة المقدمة فيها .
– التظلم من قرار النيابة –
لا يخضع قرار النيابة العامة للتبعية التدرجية التي تحكم قرارات أعضاء النيابة . وبالتالي لا يجوز التظلم من القرار الى جهة رئاسية بالنسبة الى من أصدره كالمحام العام أو المحامي العام الأول أو مساعد النائب العام او النائب العام حسب الأحوال . ولكن هذا لا يعني عدم جواز التظلم من قرار النيابة العامة في الحيازة ، بل هو جائز لكن أمام قاضي الأمور المستعجلة على سبل الانفراد.
وهكذا فإن القاضي المختص بنظر التظلم من قرار النيابة في الحيازة، هو القاضي المختص بالأمور المستعجلة وفقاً للقواعد العامة . وهو قاضي الأمور المستعجلة داخل المدينة التي بها مقر المحكمة الابتدائية أو القاضي الجزئي خارج هذه المدينة وهو اختصاص انفرادي قاصر عليه لا يشاركه فيه غيره فلا ينظره قاضي التنفيذ أو المحكمة الادارية .
ويرفع التظلم بالاجراءات المعتادة لرفع الدعاوى المنصوص عيها في المادة 63 مرافعات . ويخضع في نظره للاجراءات التي تخضع لها الدعاوى المستعجلة .
وقد حدد المشرع الميعاد الذي يتعين رفع التظلم في خلاله بخمسة عشر يوماً من تاريخ اعلان القرار الى المتظلم حيث أنه على النيابلة خلال ثلاثة أيام من اصدار قرارها باعلانه الى ذوي الشأن ، وهو ميعاد تنظيمي لا يترتب على مخالفته اي بطلان . ويتم الاعلان وفقاً للقواعد العامة فيس قانون المرافعات . فإذا لم يتم الاعلان او تم على نحو غير صحيح فيظل له حق التظلم . الا أن ذلك لا يمنع التظلم من القرار بمجرد صدوره وقبل اعلانه .
ومجرد تقديم التظلم الى قاضي الأمور المستعجلة لا يرتب اي اثر بالنسبة لتنفيذه. ولكن يجوز للمتظلم أ، يطلب من القاضي المستعجل وقف تنفيذ قرار النيابة العامة لحين الفصل في التظلم من قرارها . ويكون ذلك بصفة أصلية بتضمين طلبه صحيفة التظلم أو في صورة طلب عارض يبديه اثناء نظر الطلب .
ويفصل القاضي المستعجل في التظلم او بقبوله والغاء القرار محل التظلم أو تعديله وفقاً لما يراه محققاً لحماية الحائز ، كما يجوز له رفض التظلم وتأييد قرار النيابة العامة …