شروط إنقطاع الخصومة والنتائج المترتبة علي تحقق أحدهم.
المقصود بإنقطاع الخصومة:
يقصد بانقطاع الخصومة عدم السير فيها بحكم القانون بسبب طارئ يحدث في حالة أو مركز أحد الخصوم أو من يمثله قانونا، ويعرف الأستاذ فانسان الانقطاع على أنه:” هو عدم السير في الخصومة بحكم القانون بسبب تغيير يطرأ على حالة أو مركز أحد أطراف الخصومة يأثر في صحة الإجراءات “.
وتعرفه المادة 130 مرافعات مصري على أنه:” هو عدم السير فيها بقوة القانون لقيام سبب من أسباب الانقطاع التي نص عليها القانون “.
ولقد أورد المشرع الجزائري أحكام الانقطاع في المواد من 84 إلى 89 ق.إ.م والمادتان 252 و 253 ق.إ.م، وقبل معرفة المزيد عن أسباب آثار انقطاع الخصومة ارتأينا وجوب التفريق بين انقطاع الخصومة ووقف الخصومة بسبب ما يشوب المصطلحين من تشابه من حيث الفحوى،
فانقطاع الخصومة يحصل دائما بحكم القانون بمجرد وقوع السبب الداعي إلى ذلك، في حين أن الوقف قد يكون خلافا لذلك فيكون أحيانا بحكم المحكمة وأحيانا أخرى بحكم القانون وأحيانا أخرى باتفاق أطراف الخصومة هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن
” أسباب الانقطاع وردت على سبيل الحصر في حين أن وقف الخصومة لأي سبب أخر غير أسباب الانقطاع التي نص عليها القانون لا يعد انقطاعا “.
شروط انقطاع الخصومة
كما أسلفنا فإن انقطاع الخصومة يتحقق بتوفر السبب العارض والذي قد يمس أحد الخصوم أو مركزه القانوني كطرف في الدعوى كوفاة أحد الخصوم مثلا أو فقدان أهليته أو قد يتصل السبب بالشخص الذي ينوب عن صاحب الحق في الدعوى كوصي مثلا فقد صفته.
تحقق سبب من أسباب انقطاع الخصومة
“يميز المشرع الجزائري بين الأسباب التي تؤدي إلى الانقطاع حسب الجهة القضائية التي تعرض عليها الدعوى “.
1- في حالة عرض النزاع أمام المحكمة أو المجلس القضائي فتنقطع الخصومة لوفاة أحد الخصوم أو تغير أهليته وذلك قبل أن تكون القضية مهيأة للفصل فيها.
2- في حالة عرض الدعوى أمام المحكمة العليا فتنقطع الخصومة لأمرين:
أ- وفاة أحد الخصوم.
ب- وفاة المحامي أو تنحيه أو عزله أو شطبه.
ومن جهتنا نرى بوجوب التسوية بين حالات الانقطاع أيا كانت الجهة القضائية الموجود أمامها النزاع وذلك اتباعا لما يلي:
• تغير أهلية المدعى عليه في الطعن بالنقض بين مرحلة تبليغه عريضة الطعن وتوكيله محاميا هي وضعية تستدعي انقطاع الخصومة.
• لا يعتبر المحامي سوى وكيل في الخصومة ويفترض أن تطابق أقواله موقف موكله ولا موقف للموكل قانونا إلا إذا كان كامل الأهلية.
• في حالة تغير المركز القانوني للمحامي حسب المادة 252 ق.إ.م يتم تخويل الخصم أجل لتعيين محامي جديد وذلك بغض النظر عن الجهة القضائية المتواجدة على مستواها الدعوى.
وعليه سنتطرأ إلى تبيان الأسباب التي تؤدي إلى انقطاع الخصومة والمذكورة آنفا وهي وفاة أحد الخصوم أو فقده أهلية التقاضي أو زوال صفة من كان ينوب عنه في الخصومة من الوكلاء والنائبين.
1- وفاة أحد الخصوم
تنقطع الخصومة لوفاة أحد أطرافها وذلك بغض النظر عن موقعه القانوني سواء كان مدعي أو مدعى عليه وسواء كان طرف أصلي أو متدخل أو مختصم وتنقطع الخصومة لوفاة أحد أطرافها ولو لم يكن طرفا فيها كالولي الذي ينوب عن القاصر، كذلك تنقطع إذا كان الشخص ثانويا أو متدخل انضمامي في الدعوى، ” ووفاة أحد أطراف الخصومة لا يوقف السير في الدعوى إلا إذا بلغ ذلك للطرف الخصم في نفس الدعوى “.
وهو الأمر الذي نصت المادة 85 ق.إ.م والتي جاء فيها:” إذا لم تكن القضية قد تهيأت بعد للفصل فيها فإن القاضي بمجرد إعلامه بوفاة أحد الخصوم أو تغير أهليته يكلف شفويا أو بتبليغ يتم طبقا للأوضاع المنصوص عليها في المواد من 22 – 27 المذكورة آنفا كل ذي صفة لإعادة سر في الدعوى “.
فمن نص هذه المادة نستنتج أن القاضي بمجرد إعلامه بوفاة أحد أطراف الدعوى أو تغير أهلية أحدهما يأمر ورثة الهالك أو من ينوب قانونا عن ناقص الأهلية بإعادة السير في الدعوى ويتم ذلك بأمر شفوي أو بتبليغ يتم وفقا للأوضاع المنصوص عليها في المواد من 22 إلى 27 ق.إ.م والخاصة بالتكليف بالحضور أو برسالة مضمونة الوصول أو عن طريق السلطة الإدارية المختصة التي يجب عليها إعلام الغير،
وهو الأمر نفسه نصت عليه المادة 148 ق.إ.م والتي أشارت إلى بعض حالات التدخل كحالة إدخال الغير في الدعوى كضامن أو تدخل الغير سواء كان تدخل اختياري أو إجباري، ففي حالة ما إذا كان التدخل بناءا على طلب المحكمة فإنه يجب عليها تحت طائلة البطلان إرجاء الفصل في الدعوى إلى حين حضور ورثة الهالك أو من ينوب قانونا عن فاقد الأهلية وذلك لإعادة السير في الدعوى.
وتبعا لذلك فإنه من الضروري إعلام الغير الذي له مصلحة في إعادة السير في الدعوى، وهو ما ورد في عدة أحكام الصادرة عن المحكمة العليا حيث جاء في أحد قراراها المؤرخ في 11/11/1985:” من المقرر قانونا – وطبقا لما أستقر عليه القضاء – إن وفاة أحد أطراف الدعوى لا يترتب عليه إيقاف الدعوى إلا إذا بلغ ذلك للطرف الخصم في نفس الدعوى، ومن ثم فإن الأحكام التي تعرضت لمثل هذه الأوضاع لا يشملها البطلان إلا إذا كانت صادرة إثر تبليغ الوفاة، وإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون.
ولما كان ثابتا – في قضية الحال – أن قضاة الاستئناف قضوا إثر إحالة عقب النقض بإبطال الحكم الصادر في 28/03/1977 القاضي بأمر الطرد المؤقت لمدة ثلاثة أشهر قبل التصريح بالحكم دون تسوية الإجراءات بعد، ذلك الحكم الذي يستخلص منه أن وفاة الخصم في الدعوى ولم تخبر بها المحكمة ولا خصمها، بل ظلت دوما ممثلة رسميا في الجلسة من محاميها المقدم لطلبات باسمها. فإنهم بقضائهم كما فعلوا خرقوا القانون”.
كذلك ما ورد في القرار المؤرخ في 04/05/1988 والذي جاء فيه:” من المقرر قانونا أن القضية إذا لم تكن مهيأة للفصل فيها وتوفي أحد الخصوم، فإن المحكمة تكلف كل ذي صفة لإعادة السير في الدعوى.
ولما كان الثابت – في قضية الحال- أن المحكمة لم تأمر بإدخال الورثة بعد وفاة المستأنف ضده (مورثهم) واستمرت الدعوى باسمه فإن قضاة الموضوع كما فعلوا خرقوا القواعد الجوهرية في الإجراءات “.
وهناك أحكام عديدة في هذا المجال إعمالا بنص المادة 85 ق.إ.م، والتي تقضي بوجوب إعلام الغير الذي ينوب قانونا عن الطرف الذي توفي أو الطرف الذي نقصت أو انعدمت أهليته أثناء النظر في الدعوى.
2- فقد أحد الخصوم أهلية التقاضي:
كما إذا حجر على أحد أطراف الدعوى لسبب من الأسباب الموجبة للحجر، كما لو أمر القاضي بالحجر على أحد الخصوم لجنون أو عته أو سفه أو غفلة مما يفقده أهلية التقاضي التي تعد شرط جوهري من شروط ممارسة الدعوى، ويأخذ حكم فاقد الأهلية التاجر الذي حكم بشهر إفلاسه وفي هذه الحال يقوم وكيل التفليسة بمباشرة الدعوى نيابة عنه.
3- زوال صفة من كان ينوب عن المدعي أو المدعى عليه:
كالوكلاء والنائبين، فتزول صفة الوصي والقيم والوكيل عن الغائب بالوفاة أو العزل كما تنتهي صفة الوصي وتزول ببلوغ القاصر سن التقاضي، وتزول صفة القيم برفع الحجر عن المحجور عليه، وبحضور الغائب تزول صفة من عين كوكيل عنه وتزول صفة الولي الشرعي بسلب ولايته أو وفاته.
أن يتحقق سبب من أسباب الانقطاع بعد بدأ الخصومة
معنى ذلك أن يحدث أحد هذه الأسباب بعد إبداء المدعي طلباته في الدعوى وبعد تقديم المدعى عليه الدفوع الممكنة وكل ذلك قبل الفصل في الدعوى.
فمتى كانت وفاة الخصم أو انعدام أهليته أو زوال صفته في التقاضي بعد البدء في الخصومة استلزم الأمر وقف الخصومة إلى غاية حضور من ينوب قانونا عن المتوفى أو الذي انعدمت أهليته أو زالت صفته.
أما وفاة أحد الخصوم قبل بدأ الخصومة فإنها لا تؤدي إلى انقطاعها وإنما تؤدي إلى انعدامها من الأساس لعدم وجود أحد أطرافها.
أن يتحقق أحد أسباب الانقطاع قبل أن تصبح الدعوى مهيأة للحكم
ونعني بهذا الشرط أنه لا مجال لوقف الخصومة بعد إقفال باب المرافعة وبعد حجز القضية للحكم فيها، وهنا لا تأثر وفاة الخصم أو نقص أهليته أو زوال صفته في حقوقه إذ لم يبق من الدعوى سوى الحكم فيها.