صيغة مذكرة دفاع في طعن على قرار بنزع الملكية للمنفعة العامة.
مجلس الدولة
محكمة القضاء الإداري – بكفر الشيخ
الدائرة …………
مذكرة
بدفاع/ هيئة الأوقاف المصرية (الطاعنة)
ضــــــد
1- السيد/ رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.
2- السيد/ رئيس مجلس الوزراء بصفته.
3- السيد/ وزير الدفاع بصفته.
4- السيد/ وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري.
5- السيد/ وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى للضرائب العقارية.
6- السيد/ وزير الشباب والرياضة بصفته الرئيس الأعلى لمديريات الشباب والرياضة.
7- السيد/ رئيس الهيئة العامة للمساحة بصفته الرئيس الأعلى لمديريات المساحة.
8- السيد/ مُحافظ كفر الشيخ بصفته.
9- السيد/ رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ بصفته.
10- السيد/ الممثل القانوني لشركة النيل لحلج الأقطان بصفته. (مطعون ضدهم)
في الطعن رقم 5893 لسنة 5 قضائية “قضاء إداري كفر الشيخ”، والمحدد لنظره جلسة يوم الأربعاء الموافق 24/2/2010م للمرافعة.
أولاً- الوقائع
تخلص وقائع الطعن الماثل في أن الهيئة الطاعنة عقدت الخصومة فيه بموجب صحيفة، موقعة من محام، أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 22/8/2005، وأعلنت قانوناً للمطعون ضدهم، بغية الحكم لها:
أولاً- في الشق المُستعجل: بتحديد أقرب جلسة لنظر الشق المُستعجل، والقضاء فيه بوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر من المطعون ضده الثامن بصفته – في مواجهة باقي المطعون ضدهم بصفتهم – والذي يحمل رقم 363 لسنة 2005 والصادر في 8/8/2005 والقاضي بتسليم أرض التداعي إلى وزارة الدفاع ونقل ملكية تلك الأرض إلى وزارة الدفاع، وذلك لحين الفصل نهائياً في دعوى الإلغاء الموضوعية الماثلة.
ثانياً- وفي الموضوع:
1- بقبول هذا الطعن شكلاً.
2- وفي موضوع الطعن:
أ. بإلغاء القرار الإداري الصادر من المطعون ضده الثامن بصفته – في مواجهة باقي المطعون ضدهم بصفتهم – والذي يحمل رقم 363 لسنة 2005 والصادر في 8/8/2005 والقاضي بتسليم أرض التداعي إلى وزارة الدفاع ونقل ملكية تلك الأرض إلى وزارة الدفاع. مع ما يترتب على ذلك من آثار. مع إلزام المطعون ضده الثامن بصفته بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.
ب. بإلزام المطعون ضده الثامن بصفته بأداء مبلغ وقدره 15000000جم (خمسة عشر مليون جنيه مصري) كتعويض نهائي للطاعن بصفته عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالطالب بصفته وما لحقه من خسارة وما فاته من كسب وعن حرمانه من ثمار تلك الأرض. مع إلزام المطعون ضده الثامن بصفته بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة. مع حفظ كافة حقوق الأوقاف أيا ما كانت.
وقالت الهيئة الطاعنة شرحاً لدعواها أنها أقامتها للطعن بالإلغاء على القرار الإداري الصادر من مُحافظ كفر الشيخ برقم 363 لسنة 2005 والصادر في تاريخ 8/8/2005 (مع طلب وقف تنفيذه)..
والذي قرر الآتي
مادة ( 1 ): تشكل لجنة من كل من:
1- السيد/ رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ رئيساً.
2- السيد المهندس/ مدير عام مديرية المساحة بكفر الشيخ عضواً.
3- السيد/ مدير عام الضرائب العقارية بكفر الشيخ. عضواً.
4- السيد/ مدير عام الشئون القانونية بالمحافظة. عضواً.
5- السيد/ مدير مديرية الشباب والرياضة بكفر الشيخ. عضواً.
6- السيد/ مدير الإدارة العامة لأملاك المحافظة. عضواً.
7- السيد/ مدير الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية لمركز ومدينة كفر الشيخ.عضواً.
مادة ( 2 ):
“تختص اللجنة بتسليم قطعة الأرض البالغ مساحتها 16س 8ط 4ف الكائنة بحوض الجردة والرملة نمرة 13 رقم 5 بمدينة كفر الشيخ إلى القوات المسلحة للبدء في تنفيذ ساحة رياضية للشباب عليها، واتخاذ إجراءات نقل ملكية المساحة المنوه عنها بالمادة الأولى إلى القوات المسلحة”.
مادة ( 3 ):
“للجنة الاستعانة بمن تراه مناسباً لإنجاز عملها”.
مادة ( 4 ):
“على جميع الجهات المختصة تنفيذ هذا القرار اعتباراً من تاريخ صدوره”.
ولما كانت جهة وقف/ قولة الخيري تمتلك – فيما تمتلك – قطعة الأرض البالغ مساحتها 16س 8ط 4ف الكائنة بحوض الجردة والرملة نمرة 13 رقم 5 بمدينة كفر الشيخ، بموجب الحجة الشرعية الصادرة في 15 شوال 1259 هجرية والمسجلة بمحكمة مصر الشرعية تحت رقم 434 لسنة 1895 ميلادية.
ويتنظر على أملاك وأعيان هذا الوقف السيد الأستاذ/ وزير الأوقاف بصفته الناظر القانوني على الأوقاف الخيرية طبقاً لنص المادة 2 من القانون رقم 247 لسنة 1953 بشأن النظر على الأوقاف الخيرية والمُعدلة بالقانون رقم 28 لسنة 1970 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 21 في 21/5/1970.
وتدير أملاك وأعيان هذا الوقف هيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطاعن بصفته) نيابةً عن وزارة الأوقاف طبقاً لنص المادة 5 من القانون رقم 80 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 43 في 28/10/1971، حيث تتولى هيئة الأوقاف المصرية – طبقاً لهذا القانون – إدارة أموال وأملاك وأعيان الأوقاف الخيرية واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال هذه الأوقاف باعتبارها أموالاً خاصة.
وحيث قامت هيئة الأوقاف المصرية – رئاسة الطاعن بصفته – (منطقة أوقاف كفر الشيخ) بتأجير تلك المساحة إلى شركة النيل لحلج الأقطان.
ولما كانت تلك الأرض التي يتناولها القرار رقم 363 لسنة 2005 الصادر من محافظ كفر الشيخ بصفته (القرار المطعون فيه) تدخل ضمن أعيان وممتلكات جهة وقف/ قولة الخيري، لذا فهيئة الأوقاف المصرية تطعن على هذا القرار بالطعن الماثل بغية القضاء لها بطلباتها سالفة الذكر، استناداً على ما يلي:
ثانياً- الدفاع
1 ) مال الوقف مال خاص:
لما كانت “الأوقاف” لها شخصية اعتبارية طبقاً لنص الفقرة الثالثة من المادة 52 من القانون المدني. ولما كانت أموال الأوقاف هي “أموال خاصة” طبقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 80 لسنة 1970 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية.
2 ) الملكية الخاصة مصونة:
ولما كانت المادة 34 من الدستور المصري (لسنة 1971) تنص على أن: “الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المُبينة في القانون وبحكم قضائي، ولا تُنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومُقابل تعويض وفقاً للقانون”.
كما تنص المادة 802 من القانون المدني على أن: “لمالك الشيء وحده، في حدود القانون، استعماله واستغلاله والتصرف فيه”.
كما نص في المادة 804 منه على أن: “لمالك الشيء الحق في كل ثماره ومنتجاته وملحقاته ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك”.
كما تنص المادة 805 من القانون المدني على أنه: “لا يجوز أن يُحرم أحد من ملكه إلا في الأحوال التي يُقررها القانون، وبالطريقة التي يرسمها، ويكون ذلك في مُقابل تعويض عادل”.
ولما كانت المادة 970/2 من القانون المدني تنص على أنه: “لا يجوز تملُك الأموال الخاصة المملُوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك أموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمُؤسسات العامة أو الهيئات العامة وشركات القطاع العام غير التابعة لأيهما والأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم”.
ولما كان المُشرع قد نظم إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة بالقانون رقم 10 لسنة 1990 وحدد لذلك ضوابط وإجراءات مُعينة لابُد من إتباعها – كما رسمها بالضبط – وإلا شاب تلك الإجراءات البُطلان وعُدَ عمل الإدارة تعدياً وغصباً للملكية الخاصة.
ولما كان من المُقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن: “حق الملكية باعتباره مُنصرفاً محلاً إلى الحقوق العينية والشخصية جميعها ونافذ في مواجهة الكافة ليختص صاحبها دون غيره بالأموال التي يملكها وتهيئة الانتفاع المُفيد بها لتعود إليه ثمارها ومُلحقاتها ومُنتجاتها، وكان صون حرمتها مؤداه ألا تزول الملكية عن ذويها بانقطاعهم عن استعمالها، ولا أن يجردها المُشرع من لوازمها، أو يفصل عنها بعض الأجزاء التي تكونها، ولا ينال من أصلها أو يُعدل من طبيعتها أو يُقيد من مُباشرة الحقوق التي تتفرع عنها في غير ضرورة مُلحة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، ولا أن يتذرع بتنظيمها إلى حد هدم الشيء محلها، ذلك أن إسقاط الملكية عن أصحابها – سواء بطريق مُباشر أو غير مُباشر – عدوان عليها يُناقض ما هو مُقرر قانوناً من أن الملكية لا تزول عن الأموال محلها، إلا إذا كسبها أغيار وفقاً للقانون”. (الطعن رقم 44 لسنة 17 قضائية “دستورية” – بجلسة 22/2/1997- منشور بالوقائع الرسمية في العدد رقم 10 بتاريخ 6/3/1997).
3 ) استيلاء الدولة على الملكية الخاصة بدون اتخاذ إجراءات نزع الملكية هو غصب:
ولما كان من المُقرر في قضاء النقض أن: “إغفال جهة الإدارة اتخاذ أحد الإجراءات القانونية لنزع الملكية للمنفعة العامة أو سقوطه. أثره. أحقية المالك في الالتجاء مُباشرة إلى القضاء”. (الطعن رقم 257 لسنة 58 قضائية – جلسة 25/2/1990 س 41 قاعدة 100 صـ 591).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “عدم إتباع الدولة لإجراءات نزع الملكية في شأن ضم ملكية عقار خاص وتخصيصه للمنفعة العامة يُعد عملاً مُخالفاً للقانون ويرتب لصاحب العقار اقتضاء التعويض بدعوى مُبتدأة أمام القضاء، سواء في ذلك عدم صدور قرار جمهوري أصلاً بتقرير المنفعة العامة أو إلى صدور قرار جمهوري نشأ صحيحاً ولكن لم تلحقه الإجراءات القانونية خلال المُدة القانونية المُقررة بحيث يسقط مفعوله طبقاً للمادة العاشرة (من قانون نزع الملكية رقم 577 لسنة 1954) إذ أن الضم في هذه الأحوال يُعد في الواقع مُستنداً إلى واقعة مادية ويختص القضاء بنظرها وواقع الحال أن الطاعن لا يستند في دعواه إلى كون القرار الجمهوري بتقرير المنفعة العامة قد نشأ باطلاً بل يستند في ذلك الإدعاء بانتهاء أثره القانوني لسقوطه بالتطبيق للمادة العاشرة لعدم إيداع النموذج أو القرار الوزاري بنزع الملكية مكتب الشهر العقاري خلال سنتين من تاريخ نشر القرار الجمهوري. ومن ثم فإن دور القضاء ليس إلغاء هذا القرار أو تأويله بل مُجرد تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً لمعرفة ما إذا كان قد سقط من عدمه وفقاً للمادة العاشرة وسقوطه يستتبع بطلان كافة الإجراءات المُترتبة عليه وبالتالي يُعد ضم الدولة للملك الخاص للمنفعة العامة مُستنداً في الواقع إلى واقعة مادية ويكون القضاء هو المُختص بالتعويض عنها”. (نقض مدني في الطعن رقم 1274 لسنة 48 قضائية – جلسة 16/1/1983 س 34 – الجزء الأول – قاعدة 52 صـ 215 : 227).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “إذا أزالت وزارة الأشغال بعض سواقي لم تكن على جسر الخزان العمومي بل كانت في أرض مملوكة للغير واستولت على الأرض والسواقي من غير أن تتخذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة وفاجأت أصحاب الأرضي بإزالة السواقي في وقت حاجتهم الشديدة إلى مياهها، فإنها تُعد مُتعدية وغاصبة ويجب إلزامها بتعويض ما ترتب على تصرفها من الأضرار ولا يصح التحدي بالمادة السابقة من لائحة الترع والجسور الصادرة في 22 /2/1894 التي تنص على أن الحكومة لا تُطالب بتعويض ما عن خسائر نشأت عن قلة المياه في إحدى الترع أو عن وقوف سيرها لأسباب قهرية، لا يصح التحدي بهذه المادة لأن التعويض في هذه الحالة لم يكن عن الخسائر التي نشأت من قلة المياه في الخزان العمومي وإنما عن تصرف الوزارة المُخالف لقانون نزع الملكية”. (نقض الدائرة المدنية والتجارية في 16/2/1939 المجموعة 40 – 8 – 165).
كما إن عدم اتخاذ جهة الإدارة لإجراءات نزع الملكية للمنفعة العامة أو عدم صحة هذه الإجراءات أو سقوطها يجعل تصرف الإدارة تعدياً على الملكية.
4 ) عدم جواز اكتساب ملكية الأوقاف بالتقادم:
علماً بأن أعيان وعقارات الأوقاف الخيرية لا يجوز كسب ملكيتها أو أي حق عيني آخر عليها بالتقادم طبقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 970 من القانون المدني التي تنص على أنه: “لا يجوز تملك الأموال الخاصة المملوكة للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة وكذلك الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني على هذه الأموال بالتقادم”.
ومفاد هذا النص – كما هو واضح من عبارته – عدم جواز تملك الأعيان الموقوفة بالتقادم أو كسب أي حق عيني عليها كحق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق رهن حيازي بالتقادم. (لطفاً، المصدر: “الوسيط في شرح القانون المدني” – للدكتور أحمد عبد الرازق السنهوري – الجزء التاسع: “أسباب كسب الملكية” – المجلد الثاني: “الحيازة” – الطبعة الثانية 1981 القاهرة – بند 376 – صـ 1379).
هذا، ومن المُقرر في قضاء النقض أنه: “إذا كانت المادة 970 من القانون المدني قبل تعديلها بالقانون رقم 147 لسنة 1957 تنص على أن الأموال الموقوفة لا تُكسب بالتقادم إلا إذا دامت الحيازة ثلاثة وثلاثين سنة ثم نص هذا القانون الأخير والذي عُمِلَ به اعتبارا من 13 يوليه سنة 1957 على أنه لا يجوز تملك الأوقاف الخيرية أو كسب أي حق عيني عليها بالتقادم، فإن حيازة الطاعنين وحيازة من سبقهم من المشترين حتى صدور قرار لجنة القسمة في 22 أكتوبر 1961 بفرز حصة الخيرات في الوقف لا تؤدى إلى كسب ملكية الأطيان محل النزاع بالتقادم لورودها على مال لا يجوز تملكه بهذا السبب عملاً بنص المادة 970 من القانون المدني المعدلة بالقانون 147 لسنة 1957 لوجود حصة وقف خيري شائعة فيها. ولا يقدح في ذلك أن المادة 843 من القانون المدني تقضى باعتبار المُتقاسم مالكاً للحصة التي آلت إليه منذ أن تملك في الشيوع، ذلك أن علة تقرير هذا الأثر الرجعى للقسمة هو حماية المتقاسم من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع بحيث يخلص لكل متقاسم نصيبه المفرز الذي خُصِصَ له في القسمة مُطهراً من هذه الحقوق ويجب قصر إعمال الأثر الرجعى للقسمة في هذا النطاق واستبعاد جميع الحالات التي لا يكون الأمر فيها متعلقاً بحماية المتقاسم من تصرفات شركائه الصادرة قبل القسمة”. (نقض جلسة 10/6/1980 مجموعة أحكام النقض – السنة 31 – رقم 317 – صـ 1698).
5 ) الأوقاف ما زالت محتفظة بملكية أرض النزاع:
لما كان ما تقدم، وكان عدم اتخاذ الإجراءات القانونية في نزع الملكية أو الاستيلاء المُؤقت، يترتب عليه احتفاظ المالك بملكه، ولذلك له الحق في استغلاله بالكيفية التي يراها، علاوة على حصوله على الريع الناتج عن العقار.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “الأموال المملوكة للأفراد لا تكتسب صفة الأموال العامة بمُجرد تخصيصها بالفعل لمنفعة عامة إلا إذا انتقلت ملكيتها إلى الدولة بأحد أسباب كسب الملكية المنصوص عليها في القانون. أما استيلاء الحكومة على العقار جبراً عن صاحبه دون اتخاذ الإجراءات القانونية التي يوجبها قانون نزع الملكية فيغدو بمثابة غصب ليس من شأنه أن ينقل الملكية إلى غاصبها، ويظل صاحب العقار مُحتفظاً بملكه رغم هذا الاستيلاء ويكون له الحق في ريعه واسترداده حتى تتخذ إجراءات نزع الملكية قانوناً أو يستحيل رده”. (نقض مدني في الطعن رقم 1500 لسنة 53 قضائية – جلسة 24/3/1987).
6 ) أحقية الأوقاف في التعويض:
تنص المادة 163 مدني على أن: “كل خطأ سبب ضرراً للغير يُلزِم من أرتكبه بالتعويض”.
كما تنص المادة 221/1 مدني على أن: “إذا لم يكن التعويض مُقدراً في العقد أو بنص في القانون، فالقاضي هو الذي يُقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خُسارة وما فاته من كسب”.
لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء النقض أن: “… أنه ولئن أناط المُشرع بإدارة نزع الملكية بمصلحة المساحة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإتمام نزع ملكية العقارات التي تقرر لزومها للمنفعة العامة بما فيها تقدير التعويض لذوي الشأن وأدائه إليهم بعد اقتضائه من الجهة المُستفيدة، مما يستتبع بالضرورة توجيه المُطالبة بالتعويض إليها، إلا أن ذلك كله رهين بإتباع الإجراءات التي يتطلبها القانون رقم 577 لسنة 1954 – المُنطبق على الواقعة – قبل إلغائه بالقانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، فيُعتبر القانون في تلك الحالة مصدر التزامها بالتعويض عن نزع ملكية العقار للمنفعة العامة، أما إذا لم تلتزم الجهة المُستفيدة أحكام ذلك القانون وإجراءاته فإن استيلائها على العقار جبراً عن صاحبه يكون بمثابة غصب يرتب مسئوليتها ويخول لصاحب العقار الذي وقع عليه الغصب مُطالبتها بالتعويض شأنه شأن المضرور في مُقاضاة المسئول عن العمل غير المشروع”. (نقض مدني في الطعن رقم 1533 لسنة 62 قضائية – جلسة 17/2/1999، غير منشور).
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أن: “نزع الملكية جبراً عن صاحبها دون إتباع الإجراءات القانونية. غصب. أثره. وجوب تعويض المالك كمضرور من عمل غير مشروع. له اقتضاء تعويض سواء ما كان قائماً وقت الغصب أو ما تفاقم بعد ذلك حتى الحكم”. (نقض مدني في الطعن رقم 1974 لسنة 50 قضائية – جلسة 31/1/1985)
كما أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مُخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم المطعون فيه قدر قيمة أرضهم التي تم الاستيلاء عليها غصباً باعتبارها في يوم 1/9/1981 تاريخ العمل بالقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981، ولم يُراع في تقديره ما لحقهم من خُسارة وما فاتهم من كسب، مما يعيبه ويستوجب نقضه.. وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن استيلاء الحكومة على عقار جبراً عن صاحبه يُعتبر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بمثابة غصب يستوجب مسئوليتها عن التعويض ويكون شأن المالك عند مُطالبته بالتعويض شأن المضرور من أي عمل غير مشروع، له أن يُطالب بتعويض الضرر سواء ما كان قائماً وقت الغصب، أو ما تفاقم من ضرر بعد ذلك إلى تاريخ الحكم، وأن التعويض في المسئولية التقصيرية يشمل كل ضرر مُباشر مُتوقعاً كان هذا الضرر أو غير مُتوقع ويقوم الضرر المُباشر وفقاً للمادة 221/1 من القانون المدني على عنصرين أساسيين هما الخُسارة التي لحقت المضرور والكسب الذي فاته. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق – وحصله الحكم المطعون فيه – أن أرض النزاع فُرِضت عليها الحراسة واستحال ردها عيناً لأصحابها الطاعنين لتوزيعها على صِغار المُزارعين ومن ثم فإن تعويضهم يجب أن يُراعى في تقديره ما فاتهم من كسب وما لحقهم من خُسارة وفقاً لما تفاقم إليه ما أصابهم من ضرر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر إذ قدر التعويض باعتباره يوم 1/9/1981 تاريخ العمل بقرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن”. (نقض مدني في الطعن رقم 1252 لسنة 67 قضائية “قيم” – جلسة 15/6/1999).
لما كان ما تقدم، وكان من المُقرر في قضاء النقض أنه: “لما كانت الفقرة الثانية من المادة 16 من القانون رقم 577 لسنة 1954 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة إذ نصت على أن “يكون لصاحب الشأن في العقار الحق في تعويض مُقابل عدم انتفاعه به من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المُستحق عن نزع الملكية وله خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلانه بحصة التعويض عن عدم الانتفاع حق المُعارضة في هذا التقدير ويكون الفصل في المُعارضة طبقاً للنصوص الخاصة بالمُعارضة في تقدير التعويض المُستحق عن نزع الملكية وتعين المصلحة المُختصة خلال أسبوع من تاريخ الاستيلاء قيمة التعويض ويعلن صاحب الشأن بذلك” فقد دلت – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن تقيد صاحب الشأن في تقدير التعويض عن مُقابل عدم الانتفاع بالعقار المستولى عليه بالإجراءات والميعاد الخاصين بالمُعارضة بالتقدير أمام لجنة الفصل في المُنازعات المنصوص على تشكيلها في المادتين 12 ، 13 من القانون المُشار إليه وهو التزام الجهة التي استولت على العقار بأحكام المادة 16 سالفة الذكر، فإن لم تفعل فإنه لا يكون أمام صاحب الحق من سبيل للحصول على حقه سوى الالتجاء إلى القضاء للمُطالبة به بالدعوى العادية المُبتدأة”. (نقض مدني في الطعن رقم 257 لسنة 58 قضائية – جلسة 25/2/1990 مجموعة المكتب الفني السنة 41 – الجزء الأول – القاعدة رقم 100 – صـ 591 : 599).
ولما كان من المُقرر في قضاء النقض كذلك أن: “التعويض عن مُقابل عدم الانتفاع بالعقار المنزوع ملكيته. استحقاقه عن المدة من تاريخ الاستيلاء الفعلي لحين دفع التعويض المُستحق عن نزع الملكية. المادة 16 من القانون رقم 577 لسنة 1954”. (نقض مدني في الطعن رقم 968 لسنة 49 قضائية – جلسة 16/12/1982. وفي الطعن رقم 917 لسنة 49 قضائية – جلسة 30/1/1983).
وعليه يحق لهيئة الأوقاف المصرية المُطالبة بريع عين التداعي منذ تاريخ الاستيلاء الفعلي عليها وحتى تاريخ رد عين التداعي مرة أخرى وتسليمها فعلياً لهيئة الأوقاف المصرية رِضاءاً أو قضاءاً؛ وذلك باعتبار أن الريع هو: “بمثابة تعويض لصاحب العقار المُغتصب مُقابل ما حُرِمَ من ثمار”. (نقض مدني في الطعن رقم 108 لسنة 50 قضائية – جلسة 16/6/1983. وفي الطعن رقم 1107 لسنة 50 قضائية – جلسة 20/3/1984. وفي الطعن رقم 489 لسنة 51 قضائية – جلسة 21/2/1985).
7 ) القرار الطعين معيب بمُخالفة القانون:
لما كان ما تقدم، وكان القرار الإداري هو: إفصاح الإدارة عن إرادتها المُلزِمة بما لها من سلطة بمُقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث أثر قانوني مُعين متى كان مُمكناً وجائزاً وكان الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة.
وكان البين من ذلك: أن ثمة خمسة أركان يجب توافرها لقيام القرار الإداري، وهي: الاختصاص – والشكل – والمحل – والسبب – والغاية.
وتعييب القرار الإداري بعيب مُخالفة القانون، هو أهم أوجه الإلغاء على الإطلاق وأكثرها تطبيقاً في العمل، فرقابة القضاء الإداري فيما يتعلق بالاختصاص والشكل، هي رقابة خارجية، بعيدة عن فحوى القرار المطعون فيه. أما رقابته فيما يتعلق “بمخالفة القواعد القانونية” فإنها رقابة موضوعية تستهدف مطابقة محل القرار الإداري لأحكام القانون العام. ومحل القرار الإداري هو الأثر القانوني الذي يترتب عليه حالاً ومباشرةً، هذا الأثر القانوني يجب أن يكون ممكناً وجائزاً، وقائماً على سبب قانوني يبرره، هذه العناصر كلها يخضعها القضاء لرقابته. (لطفاً، المصدر: “القضاء الإداري” – للدكتور/ سليمان محمد الطماوي – الكتاب الأول “قضاء الإلغاء” – طبع 1996 – صـ 691).
وأوضاع مُخالفة محل القرار الإداري للقاعدة القانونية تتخذ في العمل أوضاعاً ثلاثة: أشار إليها حكم مجلس الدولة الصادر في 14/4/1984 (السنة 2 – صـ 256) حيث يقول: “إن مدلول مُخالفة القوانين واللوائح، يشمل كل مخالفة للقاعدة القانونية بمعناها الواسع، فيدخل في ذلك:
أولاً- مخالفة نصوص القوانين واللوائح.
ثانياً- الخطأ في تفسير القوانين واللوائح أو في تطبيقها، وهو ما يعبر عنه رجال الفقه الإداري بالخطأ القانوني.
ثالثاً- الخطأ في تطبيق القوانين واللوائح على الوقائع التي بني عليها القرار الإداري، وهو ما يعبر عنه بالخطأ في تقدير الوقائع.
وبالنسبة للنوع الثالث، فإذا كان تطبيق القاعدة القانونية مرهوناً بتحقيق حالة واقعية على نحو معين، فإن تخلف الوقائع التي يقوم عليها القرار، أو عدم استيفائها للشروط التي يتطلبها المشرع، يؤدي إلى بطلان القرار الصادر على أساسها. ولمجلس الدولة أن يراقب الوقائع ويتحقق من سلامتها، حتى يتوصل إلى القول بمشروعية القرار أو عدم مشروعيته.
فيكون القرار الإداري مخالفاً للقانون، إذا استندت الإدارة في إصداره إلى وقائع لم تحدث إطلاقاً؛ “فإذا ثبت عدم صحة الوقائع التي استند إليها القرار التأديبي في توقيع الجزاء، فإنه يكون منطوياً على مخالفة للقانون لانعدام الأساس القانوني الذي يقوم عليه، وللخطأ في فهم القانون وتطبيقه عن طريق الخطأ في فهم الوقائع” (حكم مجلس الدولة – السنة الثانية – صـ 421). وكذلك الحال إذا أصدرت الإدارة قراراً بإحالة الموظف إلى المعاش بناء على طلبه إذا ثبت أن هذا الطلب لم يقدم إطلاقاً، أو سحبه الموظف قبل البت فيه فأصبح معدوماً. (حكم مجلس الدولة – جلسة 5/5/1948 – السنة الثانية – 651. لطفاً، المصدر: “القضاء الإداري” – للدكتور/ سليمان محمد الطماوي – الكتاب الأول: “قضاء الإلغاء” – طبع 1996 القاهرة – بند 3 – صـ 724 و 725).
وبتطبيق تلك القواعد القانونية على وقائع النزاع الماثل، نجد أن جهة الإدارة اعتبرت الأرض التي قامت بتخصيصها مملوكة ملكية عامة لمحافظة كفر الشيخ وعليه قررت نقل ملكيتها إلى وزارة الدفاع، وهذا الواقع المفترض غير صحيح ولا أساس له إذ أن تلك الأرض مملوكة بموجب حجة إيقاف رسمية مسجلة ومشهرة طبقاً للقانون وثابت بكافة الأوراق أن ملك جهة الوقف الخيري الذي تديره هيئة الأوقاف المصرية نيابة عن وزير الأوقاف، ومن ثم يكون محل القرار الإداري الطعين (وهو أثره القانوني) مخالفاً للقانون وباطلاً لكونه غير ممكناً ولا جائزاً قانوناً مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
8 ) طلب وقف التنفيذ:
لما كانت المادة 49 من القرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 (المُعدل) بشأن مجلس الدولة تنص على أنه: “لا يترتب على رفع الطلب إلى المحكمة وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاؤه على أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذه إذا طلب ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها”.
وعلى ذلك فإنه يُشترط لوقف تنفيذ القرار المطعون عليه توافر الشرطين الآتيين:
1- أن يطلب الطاعن وقف تنفيذ القرار صراحة في صحيفة الطعن، فلا يُقبل طلب وقف التنفيذ الذي يُبدى بصحيفة مُستقلة فيجب أن تتضمن صحيفة الدعوى طلبين: طلب مُستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مُؤقتاً حتى يُفصل في موضوع الطعن، وطلب موضوعي هو إلغاء القرار المطعون فيه.
2- أن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، وهو ما عبرت عنه المحكمة الإدارية العليا بـ “ركن الاستعجال”، ومحكمة القضاء الإداري هي التي تقدر ما إذا كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها من عدمه، ولا شك أن كافة القرارات الصادرة بالاستيلاء على العقارات في ذاتها تجعل نتائج التنفيذ يتعذر تداركها.
ويجب لوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أن يكون ادعاء الطالب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يُرجح معها إلغاء القرار المطعون عليه. وفي هذا الشأن قضت المحكمة الإدارية العليا بأن: “قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مُشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها، مردهما إلى الرقابة القانونية التي يُسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية توجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له – على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه – أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول- قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني- يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة العليا”. (الطعن رقم 2 لسنة 20 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 25/1/1975. والطعن رقم 1235 لسنة 18 قضائية “إدارية عليا” – جلسة 15/2/1975. لطفاً، المصدر: “شرح قانون المباني الجديد” – للمُستشار/ محمد عزمي البكري – طبعة 1997 القاهرة – بند 182 – صـ 432 ، 433).
لما كان ما تقدم، وكان تنفيذ القرار المطعون فيه بتخصيص أطيان التداعي المملوكة للطاعن بصفته يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها ويلحق أبلغ الضرر بأموال وحقوق جهة الوقف الخيري (الذي هو على ملك الله تعالى)، كما أن القرار الإداري المطعون فيه من المُرجح – على الأقل من ظاهر الأوراق – القضاء بإلغائه لكونه صدر معيباً بعيب مُخالفة القانون، مما يحق معه لهيئة الأوقاف المصرية (رئاسة الطاعن بصفته) طلب وقف تنفيذه لحين الفصل نهائياً في الطعن بالإلغاء الماثل. مع أحقية هيئة الأوقاف في المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها وما فاتها من كسب مع المطالبة بريع تلك الأرض باعتباره تعويضاً عما حرمت منه الهيئة من ثمار تلك الأرض.
9 ) التعليق على تقرير هيئة مفوضي الدولة:
وتداول الشق العاجل من الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 4/10/2006 قررت عدالة المحكمة الموقرة إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها.
ونفاذاً ذلك أحيلت الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة، وتداولت بجلسات التحضير على النحو المبين بمحاضر الجلسات. وجرى إعداد التقرير بالرأي القانوني فيها، والذي انتهى إلى: “… فلهذه الأسباب – نرى الحكم:
أولاً- بقبول طلب إلغاء القرار المطعون فيه شكلاً؛ وفي الموضوع بإلغائه على النحو المبين بالأسباب.
ثانياً- أصلياً: بعدم قبول طلب التعويض شكلاً لإقامته بالمخالفة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000. واحتياطياً: بإلزام الجهة الإدارية بتعويض المدعي بصفته جبراً للأضرار المادية والأدبية التي لحقت به من جراء القرار المطعون فيه. مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات”.
ولما كانت تلك النتيجة التي انتهى تقرير هيئة مفوضي الدولة قد صادف كبد الحقيقة في جميع جزئياته عدا جزئية التوصية بعدم قبول طلب التعويض شكلاً لإقامته بالمخالفة لأحكام القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في المنازعات، حيث أن هذه الجزئية بالذات مردود عليها بما يلي:
1- لا ضرورة للعرض على لجان التوفيق فيما بين الجهات الحكومية:
لما كانت المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات قد حددت اختصاص تلك اللجان بالتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد أو بينها وبين الأشخاص الاعتبارية الخاصة، وبالتالي يخرج من اختصاص تلك اللجان – بالنظر إلى أشخاص المنازعات – كل منازعة تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة وبين أشخاص القانون الدولي وكذلك كل منازعة تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض.
وإذا كان من الطبيعي أن تخرج منازعات القانون الدولي العام من اختصاص اللجان نظراً لطبيعتها الدولية ولأن معظمها يتم تسويته عن طريق التحكيم الدولي، إلا أن القانون قد أغفل النص على اختصاص اللجان بالمنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض، حال أن فلسفة القانون هو التوفيق في منازعات الدولة وتقليل عدد القضايا التي ترفع أمام المحاكم والحد منها ولذا كان يتعين على واضعي التشريع مراعاة ذلك بالنص على اختصاص اللجان بالتوفيق في المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض، ولذلك فإن نص المادة الأولى من القانون جاء معيباً بإغفاله النص على اختصاص اللجان بالتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها البعض. (لطفاً، المرجع: “قانون لجان التوفيق في بعض منازعات الدولة” – للمُستشار/ عبد الرحيم علي محمد – الطبعة الأولى 2000 القاهرة – البندين 13 و 15 – صـ 19 و 20 وما بعدها).
ولا يجوز في هذا الخصوص تأويل نص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في المنازعات، للقول بأنه يشمل المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها مع بعض، لأن تفسير النصوص القانونية يشترط ثلاثة شروط هي:
أولاً- تفسير النصوص القانونية لا يكون إلا عند وجود غموض أو لبس فيها.
وثانياً- وهذا التفسير يقوم به المُشرع نفسه (في حالة التفسير التشريعي) أو القضاء (سواء المحكمة الدستورية العليا أو قاضي الموضوع).
وثالثاً- ويُشترط في التفسير أن يُبين الغموض وأن يزيل اللبس فقط لا أن يستحدث حكم جديد مُغاير لم يأت به النص.
حيث أنه من المُقرر في قضاء النقض أنه: “متى كان النص واضحاً جلي المعنى قاطعاً في الدلالة من المُراد منه، فإنه لا يجوز الخروج عليه أو تأويله بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن البحث في حكمة التشريع ودواعيه إنما تكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه مما يكون معه القاضي مُضطراً في سبيل تعرف الحكم الصحيح إلى تقصي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها، ومن ثم لا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وجود نص واضح سليم”. (نقض مدني في الطعن رقم 188 لسنة 31 قضائية – جلسة 2/12/1965 مجموعة المكتب الفني – السنة 16 – صـ 1191. وفي الطعن رقم 1392 لسنة 47 قضائية – جلسة 29/5/1980 مجموعة المكتب الفني – السنة 31 – صـ 1958).
وعلى هدي جميع تلك النصوص والقواعد القانونية سالفة الذكر، يتضح بجلاء أن المنازعات التي تنشأ بين الأشخاص الاعتبارية العامة بعضها مع بعض تخرج عن اختصاص لجان التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها في القانون رقم 7 لسنة 2000 سالف الذكر.
ولما كانت الهيئة الطاعنة (هيئة الأوقاف المصرية) هي هيئة عامة وشخص من أشخاص القانون العام، وكان المطعون ضدهم من الأول حتى التاسع هم من أشخاص القانون العام، ومن ثم فلا مجال للقول بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون رقم 7 لسنة 2000 لعدم سابقة عرض الأمر على لجان التوفيق في المنازعات، وتكون توصية تقرير هيئة مفوضي الدولة قد جانبها الصواب في هذه الجزئية تحديداً وحصراً.
2- لا ضرورة للعرض على لجان التوفيق لعدم توافر حالاتها في الطعن الماثل:
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فمن المُقرر في قضاء النقض أن: “النص في المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنه 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفاً فيها على أن “ينشا في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو اكثر للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشا بين الجهات وبين العاملين بها أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة”، وفى المادة الحادية عشرة منه على انه “… لا تقبل الدعوى التي ترفع ابتداء إلى المحاكم بشان المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون إلا بعد تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة المختصة وفوات الميعاد المقرر لإصدار التوصية أو الميعاد المقرر لعرضها دون قبول …”، مؤداه انه يلزم لعرض النزاع ابتداء على تلك اللجان أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة الأولى من القانون سالف الذكر. وإذ كان الثابت في الدعوى أن المطعون ضدهما أولا أقاماها بطلب الحكم على الطاعنة (الهيئة العامة لنقل الركاب بمحافظة …) وقائد السيارة أداة الحادث (التابع) وهو من غير من عناهم الشارع بنص المادة المذكورة (للمادة الأولى من قانون 7 لسنه 2000) بطلب إلزامهما متضامنين بالتعويض الذي قدراه فان شرط تطبيق المادة المذكورة يكون غير متوافر ومن ثم يحق للمدعيين رفع دعواهما مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على اللجان آنفة البيان (لجان التوفيق في بعض المنازعات المنصوص عليها بالقانون 7 لسنة 2000)”. (نقض مدني في الطعن رقم 6512 لسنة 72 قضائية – جلسة 23/5/2004 المستحدث في قضاء النقض – صـ 80).
وهدياً بما تقدم، فإنه يلزم لاشتراط عرض النزاع على لجان التوفيق في بعض المنازعات قبل رفع الأمر إلى القضاء أن يكون جميع أطراف النزاع ممن عددتهم المادة الأولى، أي أن يكون النزاع بين هيئة عامة وأحد العاملين بها أو أحد الأفراد أو الأشخاص الخاصة فقط، أما إذا كان النزاع مختصم فيه شخص آخر خلاف ما ذكر (كـشركة النيل لحلج الأقطان – المطعون ضدها الأخيرة)، فإن شرط تطبيق النص المذكور غير متوافر، ومن ثم يحق للمدعي بصفته رفع دعواه مباشرة أمام القضاء دون أن يسبقها تقديم طلب لعرض النزاع على اللجان آنفة الذكر، على ما ذهب إليه قضاء محكمة النقض في هذا الشأن. وعليه فتكون توصية تقرير هيئة مفوضي الدولة قد جانبها الصواب في هذه الجزئية تحديداً وحصراً، بما يستوجب عدم الأخذ بما أوصى به في هذه الجزئية تحديداً وحصراً، والأخذ به في جميع ما عدا ذلك.
ثالثاً- الطلبات
لكل ما تقدم، ولما قد يرى الطاعن بصفته إضافته من أسباب أخرى، ولما تراه عدالة المحكمة من أسباب أصوب وأرشد، تلتمس هيئة الأوقاف المصرية من عدالة المحكمة الحكم لها في الدعوى الماثلة بما يلي:
أولاً- في الشق المُستعجل: بتحديد أقرب جلسة لنظر الشق المُستعجل، والقضاء فيه بوقف تنفيذ القرار الإداري الصادر من المطعون ضده الثامن بصفته – في مواجهة باقي المطعون ضدهم بصفتهم – والذي يحمل رقم 363 لسنة 2005 والصادر في 8/8/2005 والقاضي بتسليم أرض التداعي إلى وزارة الدفاع ونقل ملكية تلك الأرض إلى وزارة الدفاع، وذلك لحين الفصل نهائياً في دعوى الإلغاء الموضوعية الماثلة.
ثانياً- وفي الموضوع:
1- بقبول هذا الطعن شكلاً.
2- وفي موضوع الطعن:
أ. بإلغاء القرار الإداري الصادر من المطعون ضده الثامن بصفته – في مواجهة باقي المطعون ضدهم بصفتهم – والذي يحمل رقم 363 لسنة 2005 والصادر في 8/8/2005 والقاضي بتسليم أرض التداعي إلى وزارة الدفاع ونقل ملكية تلك الأرض إلى وزارة الدفاع. مع ما يترتب على ذلك من آثار. مع إلزام المطعون ضده الثامن بصفته بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.
ب. بإلزام المطعون ضده الثامن بصفته بأداء مبلغ وقدره 15000000جم (خمسة عشر مليون جنيه مصري) كتعويض نهائي للطاعن بصفته عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بالطالب بصفته وما لحقه من خسارة وما فاته من كسب وعن حرمانه من ثمار تلك الأرض. مع إلزام المطعون ضده الثامن بصفته بالمصروفات ومُقابل أتعاب المُحاماة.
مع حفظ كافة حقوق الأوقاف الأخرى، أياً ما كانت ،،،
نموذج مذكرة دفاع في طعن على قرار بنزع الملكية للمنفعة العامة.