ضمانات إستيقاف السيارات في الطرق العامة للإستعلام عن تراخيص القيادة.
(1) الاستيقاف لغة هو تكليف الغير بالوقف سواء كان مترجلا أو يقود سيارة وفي الاصطلاح الفقهي والقضائي اجراء يسوغه اشتباه تبرره الظروف متي وضع الشخص نفسه طواعيه واختيارا موضع الريبة والظنون بما يستلزم تدخل رجل السلطه العامة للكشف عن حقيقة هذا الموقف المريب بسؤال الشخص عن تحقيق شخصيته ورخص القيادة والتسير وعنوانه وعمله واسباب وضعه المريب وبشرط الا تتضمن إجراءاته تعرضا ماديا للشخص يمكن ان يودى الي المساس بحريته وإلا غدا قبضا غير مشروع
(الطعن رقم 1708 لسنة 39 جلسة 1970/01/12 س 21 ع 1 ص 74 ق 18)
ولم ينص قانون الإجراءات الجنائية علي الإستيقاف بالحرف وإنما استخلصه الفقه والقضاء من الواجب الملقي علي عاتق رجال الضبط القضائي في البحث عن الجرائم ومرتكبيها. وان كان الرأي مختلف حول طبيعه الإستيقاف ومتردد مابين اعتباره إجراء إداري أو استدلال.إلا أن الرأي متفق علي ضماناته وأهمها الشبهات والريب.
(2) ولكن تضارب قضاء النقض في جواز استيقاف السيارات فى الطرق العامة حتي ولو لم يصدر من قائد السيارة ما يريب. ففي بعض الأحكام حظرت محكمة النقض استيقاف السيارات للإطلاع علي تراخيص القيادة والتسيير مادام أن قائد السيارة لم يصدر عنه سلوك مريب وقررت أن الاستيقاف في هذه الحالة يكون غير مشروع لهدمه قرينه البراءة الدستورية ومناقتضه لحرية التنقل التي كفلها الدستور.وقالت النقض في ذلك أن هذا الاستيقاف يقيد حريه الإنسان في التنقل بالمخالفة للمادة 62 من الدستور ويهدر قرينة البراءه المفترضة في الإنسان بلا مسوغ قانوني بالمخالفة للمادة 96 من الدستور.
(انظر علي سبيل المثال نقض 2001 /5/15 الطعن رقم 16412 لسنه 68 ق؛ نقض 2009 /11 /21 الطعن رقم 23137 لسنه 72 ق؛ الطعن رقم 11513 لسنة 75 جلسة 2012/10/10)
في حين ذهبت بعض الأحكام الأخري عكس ما سبق وأن قررته. إذ قضت بأنه “من المقرر أن نصوص قانون المرور واضحة لا لبس فيها في حق رجل الضبط في استيقاف المركبات – دون تخصيص – للاستعلام عن رخصة قائدها ورخصة تسييرها ، وأوجبت على قائد المركبة أن يقدمها له حين طلبها – مُطلقة هذا الحق من أى قيد سواء في هذا القانون أو أى قانون آخر .
وقالت محكمة النقض تبريرا لذلك أن المادة 12 في فقرتها الثانية من القانون رقم 66 لسنة 1973 بإصدار قانون المرور توجب أن تكون رخصة المركبة موجودة بها دائماً وأجازت لرجال الشرطة والمرور أن يطلبوا تقديمها في أى وقت ، كما أوجبت المادة 41 من القانون ذاته على المرخص له بقيادة سيارة حمل الرخصة أثناء القيادة وتقديمها لرجال الشرطة والمرور كلما طلبوا ذلك.
لما كان ذلك ، كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والتى لا يمارى فيها الطاعن – أن ضابط الواقعة استوقفه للاستعلام منه عن تراخيص المركبة التى كان يقودها – فإن ما أتاه الضابط كان نفاذاً لحكم القانون وليس مخالفاً له ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هى التفتت عن دفاع قانونى ظاهر البطلان .
(الطعن رقم 33614 لسنة 74 جلسة 2012/11/10؛ (الطعن رقم 33128 لسنة 86 جلسة 2017/06/08).
(3) والاتجاه الأول في قضاء النقض اصوب لأن للاستيقاف شروط ينبغي توافرها كي يكون مشروعا واهمها أن يضع الشخص نفسه طواعيتا واختيار موضع الريب والظنون فإن انتفت الريب في مسلك الشخص لم يجز استيقافه.اما عموم نصوص قانون المرور فلا تصلح حجه للاتجاه المخالف لأن العقل والمنطق يقيد هذه النصوص وأيه ذلك أن المشرع في قانون المرور حينما اوجب علي قائد السيارة وضع تراخيص القياده والتيسير في السيارة وتقديمها الي رجل المرور عند الطلب كان يقصد اساسا تمكين رجل المرور من اتخاذ الاجراءات القانونية ضد قائد السيارة حينما يقع منه مخالفه لقانون المرور(سحب التراخيص أو إيقافها ) او ريب وشبهات ترشح لارتكابه احد الجرائم كسرقه السيارة مثلا او ارتكابه جريمة بها
ولم يقصد المشرع ابدأ اعنات الناس وارهاقهم بإيقاف سيارتهم علي الدوام كلما راق لرجل الضبط ذلك بحجه الاطلاع علي التراخيص والا اضحي الاستيقاف عشوائي يتوقف علي هوي ومزاج رجل الضبط ولشقي البرئ قبل المذنب وهو ما لا يمكن قبوله لان في الاستيقاف تعطيل لحريه الفرد في التنقل وهذا التعطيل لابد له من مبرر والا كان تعسفيا. بل إن مسايرة إتجاه النقض المخالف يودي الي عدم دستورية قانون المرور لمخالفته جمله مواد دستورية خاصة بقرينه البراءة وحرية التنقل وعدم جواز تقييد حريه التنقل بأي قيد في غير أحوال التلبس إلا بأمر قضائي مسبب .وهو ما نأمل من محكمة النقض ملاحظته لأن درء التعارض بين القانون والدستور أولي من جلب الإلغاء للتعارض .
لذا نأمل من محكمة النقض أن تلتفت عن أحكامها التي اجازت الاستيقاف العشوائي وتثابر علي أحكامها الذي رفضته بالا تجيز استيقاف السيارات في الطرق العامه الا إذا صدر من قائدها ما يريب. وهو ما سبق أن المحنا اليه في دراسه متخصصة
(انظر د.ياسر الامير فاروق – الاستيقاف في ضوء قضاء النقض دراسة نقدية-٢٠١٨-ص٧٦).