طبيعة محررات شركات المساهمة من حيث توقيع أحكام التزوير.
(١) التزوير هو تغيير الحقيقة في محرر بأحد الطرق المقررة قانونا تغييرا من شأنه إلحاق الضرر. وعلي الرغم من أن نصوص التزوير لم تشترط الضرر إلا أن الفقه والقضاء مجمع علي لزومه باعتباره قيد يحد من اطلاق النصوص ويحول دون امتدادها الي وقائع لا يسوغ فيها العقاب لتخلف حكمة التجريم. كل ما في الأمر أن ركن الضرر مفترض في تزوير المحررات الرسمية لما في تغيير الحقيقة فيها من المساس بالثقة العامة في المحررات
(الطعن رقم 23346 لسنة 84 جلسة 2016/11/07؛الطعن رقم 23346 لسنة 84 جلسة 2016/11/07).
بعكس الحال في المحررات العرفية اذ يلزم دوما اثبات الضرر وهو كل خسارة تحل ومكسب يفوت. وجمهور الفقه علي أن تغيير الحقيقة في محررات شركات المساهمة المنصوص عليها في المادة ٢١٤مكررا عقوبات سواء اكانت الدولة تساهم في اموالها كالبنوك وشركات قطاع الأعمال العام من عدمه هو تزوير في محرر عرفي لأن العامليين فيها ليس موظفين عموميين طبقا للعرف الإداري واحكام التزوير في قانون العقوبات وأن المشرع حينما شدد عقوبتها لجعلها السجن فإنما كان لاهميتها في قيادة الإقتصاد القومي وبالتالي يلزم لقيام التزوير في محرراتها اثبات ركن الضرر. وهذا ما تواترت عليه احكام النقض وشاب عليه القانونيين منذ زمن.
(علي سبيل المثال نقض ١٩٧٧/١/٢مجموعة احكام النقض س٢٨ص٥؛نقض ١٩٧٧/٣/٢س٢٨ص٣٦؛نقض ٢٠١٧/١١/٥الطعن رقم ٥٠٥٧٣لسنه ٨٥ق؛نقض ٢٠١٨/٢/١١الطعن رقم ٧٩٩٥لسنه٨٧ق)
ولكن الغريب أن محكمة النقض في بعض احكامها اعتبرت التزوير في محررات شركات المساهمة تزوير في محرر رسمي الضرر فيه مفترض!!
(نقض ٢٠٠٩/٦/١الطعن رقم ١٩٦٨لسنه ٨٧ق؛ نقض ٢٠١٥/٤/١٢الطعن رقم ١٧٥٢٧لسنه٧٧ق؛نقض ٢٠١٦/٣/١٥الطعن رقم ٣٩٥٠٥لسنة ٧٧ق).
(٢) ولأ شك لدينا في اعتبار التزوير الحاصل في محررات شركات المساهمة سواء أكانت الدولة تساهم في أموالها بنصيب من عدمة طبقا لنص المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون 120 لسنة 1962 هو تزوير في محررات عرفية وانه وإذ كان المشرع قد جعل عقوبة التزوير الذى يقع فى هذه المحررات السجن وهى عقوبة مقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد فى المادة العاشرة من قانون العقوبات
فإن ذلك لأ يحول دون اعتبار التزوير الحاصل فيها تزويراً فى محررات عرفية نظراً لأن المشرع لم يسبغ على العاملين فى هذه الجهات والذين تصدر عنهم مثل هذه المحررات صفة الموظف العام أو من فى حكمه – وهى صفة لازمة لإضفاء الرسمية على المحرر – وهو ما فعله بالنسبة للجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات وذلك بالنص صراحة بالمادتين 111/6 ، 119/هــ من قانون العقوبات بأنه يقصد بالموظف العام فى حكم – البابين الثالث والرابع – وعددهم ومن بينهم العاملون بالشركات التي تساهم الدولة أو إحدى جهاتها فى أموالها واعتبرت أموالها أموالاً عامة
ومفاد ذلك أن المشرع قصد المغايرة بين تعريف الموظف العام فى الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من قانون العقوبات وما دون ذلك من الجرائم فتوسع فى مفهوم الموظف العام فى الأولى وترك تعريف الموظف العام فى غيرها من الجرائم إلى القواعد العامة ولو أراد التسوية بينهما لنص على ذلك صراحة كما فعل بالمادتين 111 ، 119 عقوبات وإذ كانت جرائم التزوير واستعمال المحرر المزور واردة بالباب السادس عشر من الكتاب الثاني من قانون العقوبات ، فإن تحديد الموظف العام والذى يضفى على الورقة صفة الرسمية تظل محكومة بالقواعد العامة فى تعريف الموظف العام .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الضرر عنصر من عناصر جريمة التزوير لا قيام لها بدونه وهو وإن افترض توافره وتحقق قيامه بالنسبة – للمحررات الرسمية – مجرد تغيير الحقيقة فيها ، لما فى ذلك من تقليل للثقة فيها إلَّا أنه ليس كذلك – بالنسبة للمحررات العرفية – والتي ينبغي أن يترتب على تغيير الحقيقة فيها حصول ضرر بالفعل أو احتمال حصوله وهو ما يتعين على محكمة الموضوع عند القضاء بالإدانة استظهاره – ولو لم تلتزم بالتحدث عنه صراحة واستقلالاً – وإلَّا كان حكمها مشوباً بالقصور . هذا ومن نافله القول أن شركة المساهمة هى شركة أموال ، ينقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية القيمة وقابلة للتداول بالطريقة التى يحددها القانون ، ولا يكون كل شريك فيها مسئولا عن ديون الشركة إلا بقدر ما يملكه من أسهم ، ولا تعنون باسم أحد الشركاء ، وإنما يكون لها اسم يؤخذ من غرضها الذى أنشئت من أجله.