قضية تزويج الفتيات من الأثرياء العرب وعقوبتها في القانون المصري.
(1) الاتجار بالبشرهو عبارة عن بيع وشراء الفراد لأغراض ترتبط بالعمالة القسرية، والاستعباد الجنسي، والاستغلال الجنسي لأهداف تجارية عن طريق المهربين وغيرهم من المنتفعين ويندرج تحت بند الاتجار بالبشر توفير النساء وتزويجهن بشكل قسري وانتزاع الأعضاء والأنسجةو الحمل بالإنابة ونقل الأعضاء البشرية.
ويمكن القول أن الاتجار بالبشر ما هو إلا عملية بيع وشراء للأفراد خاصة النساء والأطفال.كما أنها تتسع لتهريب الأشخاص ونقل الأعضاء. ويتم إدانة الاتجار بالبشر بشكل عام في المحافل الدولية بإعتباره إنتهاك صارخ لحقوق الانسان. وذلك بعد أن دأبت بعض الجماعات الإجرامية المنظمة علي الحصول على منافع مادية من جراء الاستغلال الجنسي للفتيات والاطفال في أعمال الدعارة وذلك من خلال استقطاب الفتيات ممن هن تحت وطأة الحاجة والعوز وإدخالهن في عدة علاقات متتابعة غير مشروعة.
(2) مما حدا بالمشرع في قانون الطفل الي اضافة تعديل لقانون العقوبات وهو نص المادة 291 والتى جرمت بشكل قاطع كافة صور وأشكال الاتجار بالأطفال المتصورة وزيادة فى حمايتهم جرمت نقل أعضاء الأطفال ولم تعتد برضاء الطفل أو ولى أمره بل وتوسعت المادة فى إضفاء الاختصاص القضائى الجنائى على القضاء المصرى فجعلت الاختصاص بهذه الجريمة دولياً بحيث يعاقب مرتكبها فى مصر ولو كان غير مصرى.
ثم أصدر المشرع القانون رقم 64 لسنة 2010 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر ونص في المادة الثانية منه علي أن “يُعد مرتكباً لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل بأية صورة في شخص طبيعى بما في ذلك البيع أو العرض للبيع أو الشراء أو الوعد بهما أو الاستخدام أو النقل أو التسليم أو الإيواء أو الاستقبال أو التسلم سواء في داخل البلاد أو عبر حدودها الوطنية – إذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة أو العنف أو التهديد بهما، أو بواسطة الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو استغلال السلطة،
أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة، أو الوعد بإعطاء أو تلقى مبالغ مالية أو مزايا مقابل الحصول علي موافقة شخص علي الاتجار بشخص آخر له سيطرة عليه – وذلك كله – إذا كان التعامل بقصد الاستغلال أيا كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في أعمال الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، واستغلال الأطفال في ذلك وفي المواد الإباحية أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد، أو التسول، أو استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية، أو جزء منها”
(3) ولقد أثير التساؤول بعد صدور القانون المار ذكره علي مدي انطباق احكامة علي سماسرة الزواج لاسيما الذين يجلبون للاثرياء العرب أو غيرهم فتيات لقاء عمولة بغرض تزويجهم منهن لفترة محددة أو تسفيرهم لهن بعد ابرام الزواج. وعرض الأمر علي احد محاكم الجنايات التي قضت بالبراءة تأسيسا علي أن الزواج عمل مشروع في حد ذاته وبالتالي فإن السعي في اتمامه من شخص ولو كان لقاء عمولة يتقاضها من أحد اطراف الزواج لا يندرج تحت الاتجار بالبشر إذ لا يصح أن ترد الإباحة والتاثيم علي عمل واحد في ذات الوقت.
وحينما طعنت النيابه العامة في الحكم رفضت محكمة النقض الطعن وايدت حكم الجنايات.
وقالت لَمَّا كان من المُقَرَّر أَنَّهُ يَكفى أَنَّ يَتَشكَّك القَاضي فِي صِحَّة إسناد التُهْمَّة إِلى المُتَّهَم كَي يَقضى بِالبَراءَةِ ، إِذْ ملاك الأَمر كُلَهُ يَرجِع إِلى وِجْدَانِهِ، مَادَام الظَاهِرُ أَنَّهُ أَحَاطَ بِالدَعوى عَنْ بَصَرٍ وَبَصِيرَّةٍ . وَأَقَامَ قَضَاءَهُ عَلْى أَسَبابٍ تَحْمِلَهُ. وَكَاْنَ الحُكْمُ المَطْعون فِيْهِ قَد أَقَامَ قَضَاءَهُ بِبَراءَةِ المَطْعون ضِدَهُم مِنْ الثَامن إِلى الأَخير عَلْى قَوْلِهِ “
وعن الاتهام المسند إلى المتهمين الأربعة الأخرين وهو الاتهام بإتجارهم فِي فإن هؤلاء المتهمين قد اقترنت بينهم عند زيارة مسكن المتهمة الأولى السابق الحكم بإدانتها بنية زواج أحدهم حاملاً تصريح دولته فإنه لا يمكن فِي تلك الأحوال أن ينسب إلى أي منهم أي جريمة ذلك أن ظاهر الحال هو توجههم بقصد زواج أحدهم والحديث الشريف يقرر قاعدة شرعية لا بديل عنها وهى أن الزواج هو أحد ثلاثة أمور هزلهم جد وجدهم جد فمادام قد أظهر الإنسان نيته فِي الزواج فإنه لا يمكن أن تأول هذه النية الظاهرة إلى أي قصد أخر
وبطبيعة الحال فإن الركن المادي فِي جريمة الإتجار بالبشر لا يبدو له أي ظل فِي الأوراق نحو هؤلاء المتهمين الأربعة فإن اتصل أحدهم بالمتهمة الأولى السابق الحكم بإدانتها لاختيار زوجة لشقيقه فإن لا يتصور أنه ارتكب بذلك فعلاً من أفعال جريمة الإتجار بالبشر ويصدق هذا على المتهم راغب الزواج – على ما سلف – وعلى المتهمين الأخرين اللذين توجها لحضور خطبة شقيق أحدهما وصديقه الثانى ومن ثم انتفى الركن المادي لجريمة الإتجار بالبشر وتكون معه الأوراق قد خلت مما يشير إلى إتهام لهم بارتكاب الجريمة المسندة إليهم مما يتعين معه القضاء ببراءتهم” .
وَلَمَّا كَاْنَ الحُكْمُ قَد أَوْرَّدَ فِي مُدَوَنَاتَهُ – وَعَلْى خِلَاف زَعَم النِيَابَّة الطَّاْعِنَة – مُؤَدَى الشَهَادَّة وَالتى أَشَارَ إِليها وَعَوَّلَ عَلْيها فِي قَضَاءِهِ وَهى صَادِرَّة مِنْ السِفَارَّة السعوديَّة بِالقَاهِرَّة تُفيد أَنَّ المُتَّهَمَ التَاسِع … لَديه مُعَامَلَّةً لِطَلب الزَوَاج مِنْ جُمْهوريَّة مِصْر العَرَبيَّة مُؤَرَخَّة 26 مِنْ مَارس سَنَة 2012. وَهو تَاريخ سَابِق عَلْى ضَبْطِ الوَاْقِعَّة الحَاصِل فِي 3 مِنْ أبريل سَنَة 2012 .
وَكَاْنَ مَفَادُ مَا تَقَدَّم، أَنَّ المَحْكَمَّةَ قَد اِسْتَخلصت عَدَمَ قِيَام الجَريمَّة بِرُكْنيها المَادي وَالمَعنوي فِي حَقِ المَطْعون ضِدَهُم وَإِلى عَدَمِ اِنْصِرَاف قَصْدَهُم إِلى الإِسْهَام فِيهَا مَع المَحْكوم عَلْيهم فِي نَشَاطِهم الإِجرامي وَهو الإِتجار فِي البَشَرِ أَو مُسَاعَدَتِهم عَلْى مُبَاشَرَّةِ هَذا النَشَاط ، فَإِنَّ الحُكْمَ المَطْعونَ فِيْهِ إِذْ قَضَىَ بِبَراءَتِهم مِنْ تِلْك الجَريمَّة ، يَكْون قَد طَبَّقَ القَانْون تَطبيقاً صَحيحاً عَلْى الوَاْقِعَّة.
وَيَكْون مَعه مَا تَنعاه النِيَابَّةُ العَامَّةُ فِي هَذا الصَدَّد، يُعَّد نَعياً عَلْى تَقديرِ الدَليل. وَيَنحل فِي حَقيقَتِهِ جَدَلاً مَوْضُوعياً ، لُا يُثَار لَدى مَحْكَمَّة النَّقْض. وَلَا يَصِحُ – مِنْ بَعد – النَعي عَلْى المَحْكَمَّةِ قَضَائِها بِالبَرَاءَةِ لِاحتمال تَرَّجَح لَديها، مَادَام ملاك الأَمر كُله يَرْجِع إِلى وِجْدَانِ قَاضِيها وَمَا يَطْمَئِنُ إِليه ، طَالَما أَنَّهُ أَقَامَ قَضَاءَهُ عَلْى أَسَبابٍ تَحْمِلَهُ . لَمَّا كَاْنَ مَا تَقَدَّم ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّن رَفْض طَّعْنَ النِيَابَّةِ العَامَّةِ فِي هَذا الشِق مِنْهُ وَهو مَا تَكْتفى مَعه المَحْكَمَّة بِإِيرادِهِ فِي الأَسَبابِ دون الإِشَارَّة إِليهِ بِالمَنْطوقِ .
(الطعن رقم 6772 لسنة 82 جلسة 2013/11/14).