قطوف قانونية حول عقد الصلح وآثاره والطعن عليه
النصوص القانونية
الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعا قائما او يتوقيان به نزاعا محتملا وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه .
يشترط فى من يعقد صلحا ان يكون اهلا للتصرف بعوض فى الحقوق التى يشملها عقد الصلح
لايجوز الصلح فى المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية او بالنظام العام ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التى تترتب على الحالة الشخصية او التى تنشا عن ارتكاب احدى الجرائم
لايثبت الصلح الا بالكتابه او بمحضر رسمى .
تنحسم بالصلح المنازعات التى تناولها . ويترتب على انقضاء الحقوق والأدعاءات التى نزل عنها اى من المتعاقدين نزولا نهائيا .
للصلح اثر كاشف بالنسبة الى ما تناوله من الحقوق ويقتصر هذا الأثر على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها
يجب ان تفسر عبارات التنازل التى يتضمنها الصلح تفسيرا ضيقا وايا كانت تلك العبارات فأن التنازل لاينصب الا على الحقوق التى كانت وحدها بصفة جلية محلا للنزاع الذى حسمه الصلح
لايجوز الطعن فى الصلح بسبب غلط فى القانون .
الصلح لايتجزأ فبطلان جزء منه يقتضى بطلان العقد كله . على ان هذا الحكم لايسرى اذا تبين من عبارات العقد او من الظروف ان المتعاقدين قد اتفقا على ان اجزاء العقد مستقلة بعضها عن بعض .
الأعمال التحضيرية
يلاحظ ان لاثر الصلح خاصيتين :
فهو كاشف للحق لا منشىء له .
وهو نسبى من حيث الموضوع ومن حيث الأشخاص .
أما انه كاشف للحق لا منشىء له فمعنى ذلك ان الحق الذى اعترف به احد المتصالحين للآخر يعتبر ثابتا لا من وقت الصلح بل من وقت وجود السبب الذى أنشأ هذا الحق فإذا تنازع شخصان على ارض ومنزل كان يملكهما مورث مشترك فأصطلحا على أن يختص أحدهما بالأرض والآخر بالمنزل إعتبر كل منهما مالكا لما إختص به لامن وقت الصلح بل من وقت موت المورث وأنه قد ملك لا بالصلح بل بالميراث والسبب فى ذلك ان الصلح إنما يتضمن إقرار كل من المتصالحين لصالح الآخر والإقرار يكشف الحقوق لاينشئها على أنه يلاحظ أن هذا الأثر الكاشف مقصور على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها ففى المثال المتقدم يقتصر الأثر الكاشف على الأرض والمنزل فلو فرض أن المنزل قيمته أكبر من الأرض واقتضى الأمر أن يدفع من إختص بالمنزل معدلا لمن إختص بالأرض فالصلح أثره منشىء بالنسبة للمعدل لأنه لم يدخل فى الحقوق المتنازع فيها ويترتب على ان الصلح كاشف للحق لامنشىء له نتائج هما اثنتان :
لايعتبر الصلح سببا صحيحاً لنقل الملكية فلو وضع فى المثال المتقدم كل من المتصالحين يده على العقار الذى إختص به وهو حسن النية مدة خمس سنوات ثم تبين أن المورث لم يكن يملكه فلا يكسب الحائز الملكية بالتقادم القصير.
يجب تسجيل الصلح لينتج أثره بالنسبة للغير أما فيما بين المتعاقدين فلا يجب التسجيل والصلح فى هذا كالقسمة .
( مجموعة الأعمال التحضيرية للقانون المدني جزء 4-ص453و454)
– يخلص من نص المادة 554 مدنى ان الأثر الكاشف للصلح مقصور على الحقوق المتنازع فيها دون غيرها فإذا شمل الصلح حقوقاً غير متنازع فيها – وهو مايسمى بدل الصلح – كان الأثر ناقلا لاكاشفا .
ومعنى ان للصلح اثرا كاشفا بالنسبة إلى الحقوق المتنازع فيها ان الحق الذى يخلص للمتصالح بالصلح يستند إلى مصدره الأول لاالى الصلح فإذا اشترى شخصان دارا فى الشيوع ثم تنازعا على نصيب كل منهما فى الدار وتصالحا على ان يكون لكل منهما نصيب معين إعتبر كل منهما مالكاً لهذا النصيب لابعقد الصلح بل عقد البيع الذى إشتريا به الدار فى الشيوع وإستند بذالك حق كل منهما إلى مصدره الأول لا إلى الصلح .
وتذهب النظرية التقليدية فى تعليل هذا الأثر الكاشف إلى ان الصلح هو إقرار من كل من المتصالحين لصاحبه والإقرار اخبار لا إنشاء فهو يكشف عن الحق لاينشئه .
وتذهب النظرية الحديثة فى تفسير الأثر الكاشف إلى أن المتصالح فى الواقع من الأمر لايقر لصاحبة وإنما هو ينزل عن حق الدعوى فى الجزء من الحق الذى سلم به فهذا الجزء من الحق قد بقى على وضعه الأول دون ان يتغير وإنما الصلح قد حسم النزاع فيه فتخلص لصاحبه ومن ثم يكون للصلح أثران فهو قاض على النزاع من حيث خلوص الحق وهو كاشف عن الحق من حيث بقاء الحق على وضعه الأول .
ويترتب على الأثر الكاشف للصلح النتائج التالية :
1- لا يعتبر المتصالح متلقيا الحق المتنازع فيه من المتصالح الآخر ولا يكون خلفا له هذا الحق ومن ثم لا يستطيع فى مواجهة الغير أن يستعين بمستندات الطرف الآخر فإذا خلصت لأحد المتصالحين ملكية دار ثم نزاعه اجنبي غير المتصالح معه فى هذا الدار لم يستطع وهو يتمسك بالتقادم فى مواجهة هذا الأجنبى أن يضم مدة حيازة المتصالح الآخر إلى مدة حيازته.
2- لايلتزم المتصالح الآخر بضمان الحق المتنازع فيه الذى خلص للمتصالح الأول لأنه لم ينقل إليه هذا الحق والإلتزام بالضمان لايكون الا مكملا للإلتزام بنقل الحق .
3- إذا صالح الدين بعقد الدين على ان ينزل له على جزء من الدين المتنازع فيه فى نظير ان يدفع له المدين الباقى فالدائن لايزال فى الباقى الذى خلص له دائنا بالعقد فلم يتجدد الدين بالصلح ومن ثم تبقى التأمينات التى كانت للدين المتنازع فيه ضامنة للباقى من الدين الذى خلص للدائن بالصلح .د
4- إذا وقع الصلح على حق عينى عقارى لم يكن تسجيله واجبا فيما بين المتصالحين وانما يجب التسجيل للإحتجاج به على الغير .
5- إذا وقع الصلح على دين متنازع فيه فى ذمة الغير مخلص هذا المدين بالصلح لأحد المتصالحين لم يعتبر هذا المتصالح متلقياً للدين من المتصالح الآخر فلا يتراعى هنا الإجراءات فى حوالة الحق .
6- لما كان الصلح غير ناقل الحق فإنه لا يصلح سببا صحيحاً للتملك بالتقادم القصير فلو أن عقاراً متنازعاً فيه بين شخصين خلص لأحدهما بالصلح فوضع هذا يده على العقار بحسن النية خمس سنوات ثم ظهر مستحق للعقار لم تستطيع واضع اليد أن يتمسك بالتقادم القصير لأن الصلح ليس سببا صحيحاً إذ هو كاشف عن الحق لا ناقل له ولكن يجوز لواضع اليد أن يتمسك بالتقادم الطويل إذا وضع يده خمس عشرة سنة
7- إذا خلص عقار لأحد المتنازعين فيه الصلح فإن الصلح وهو كاشف عن الحق لا يفتح الباب للأخذ بالشفعة فلا يجوز لجار أو شريك فى الشيوع ان يطلب أخذ العقار بالشفعة هذا إلى أن الشفعة لا تجوز إلا فى البيع فإذا أثبت الشفيع ان الصلح يخفى بيعا جازفه الأخذ بالشفعة .
وللصلح – كسائر العقود – أثر نسبى فهو مقصور على المحل الذى وقع عليه وعلى الطرفين اللذين وقع بينهما وعلى السبب الذى وقع من أجله . وهو فى هذا يشبه الحكم فإن الحكم لا يكون حجة إلا عند اتحاد المحل والخصوم والسبب ولكن الأثر النسبي للصلح يرجع إلى أنه عقد لا إلى قياسه على الحكم .
(الوسيط-5- للدكتور السنهورص518 وما بعدها ، والعقود المسماه – للدكتور محمود جمال الدين زكي ص 49 وما بعدها )
اول مقومات الصلح هو ان يكون هناك نزاع بين المتصالحين قائم أو محتمل فإذا كان النزاع مطروحا على القضاء وحسمه الطرفان بالصلح كان هذا لصلح قضائياً بشرط ألا يكون قد صدر حكم نهائى فى النزاع وإلا إنحسم النزاع بالحكم لا بالصلح ويجوز أن يكون تنفيذ الحكم النهائى محلاً للصلح . وقد يكون الصلح لتوقى نزاع محتمل ومن ثم يكون فى هذه الحالة صلحا غي قضائى .
ويجب أن يقصد الطرفان الصلح حسم النزاع بينهما أما بإنهائه إذا كان قائما واما بتوقيه إذا كان محتملا .
ولكن ليس من الضرورى أن يحسم الصلح جميع المسائل المتنازع فيها بين الطرفين فقد يتناول الصلح بعض هذه المسائل فيحسمها ويترك الباقى للمحكمة تتولى هى البت فيه.
ويجب فى الصلح أن ينزل كل من المتصالحين على وجه التقابل عن جزء من ادعائه وليس من الضرورى أن تكون التضحية من الجانبين متعأدلة فقد ينزل أحد الطرفين عن جزء كبير من إدعائه ولا ينزل الآخر عن الجزء اليسير . ففى التسليم بحق الخصم وفى ترك الدعوى (الخصومة ) إذا قبل الطرف الآخر أن يتحمل فى مقابل ذلك بمصروفات الدعوى فكان هذا صلحاً مهما كانت تضحية الطرف الآخر قليلة بالنسبة إلى تضحية الطرف الأول : بل قد يعمد شخص إلى الصلح مع خصمه حتى يتفادى التقاضى بما يجر من إجراءت معقدة وما يجشم من مصروفات باهظة وما يستغرق من وقت طويل حتى أو حتى يتفادى علانية الخصومة والتشهير فى أمر يؤثر كتمانه فينزل عن جزء من إدعائه لهذا الغرض حتى يسلم له الخصم بباقى حقه فيحصل عليه فى يقين ويسرا أو فى سكون وتستر .
ويتميز الصلح عن التحكيم فى أن الذى يبت فى النزاع هم المحكمون أما فى الصلح فهم أطراف الخصومة أنفسهم والتحكيم لا يقتضى تضحية من الجانبين على خلاف لصلح إذا المحكمون كالقضاة يحكمون لمن يرون أن له حقا بحقه كله .
ويختلف الصلح عن التسليم بالحق وعن ترك الإدعاء فى ان الصلح يقتضى حتما تضحية من الجانبين اما التسليم بالحق وترك الإدعاء فيتضمنان تضحية من جانب واحد هو الجانب الذى سلم بحق الخصم أو ترك الإدعاء .
ويختلف الصلح عن توجيه اليمين الحاسمة فى أن الصلح يتضمن تضحية من الجانبين أما توجيه اليمين الحاسمة فلا يتضمن إلا تضحية من جانب واحد هو الجانب الذى وجه اليمين إذ يكسب الجانب الآخر الذى يخلف اليمين كل ما يدعيه مدعيه .
والقاضى هو الذى يكيف الإتفاق فيه صلح أو بأنه عقد أخر وفقاً لعناصر الصلح ولا يتقيد فى ذلك بتكييف الخصوم فقد يسمى الخصوم الصلح باسم عقد اخر أو يسمون عقدا اخر باسم الصلح وقاضى الموضوع هو الذى يبت فى وجود عناصر الصلح من حيث الواقع فيقرر ما إذا كان هناك نزاع قائم محتمل وما إذا كانت نية الطرفين حسم النزاع وما إذا كانت هناك تضحية من الجانبين فتتوافر بذلك عناصر الصلح ولا معقب عليه فى ذلك من محكمة النقض اما وجوب توافر هذه العناصر جميعا ليكون العقد صلحاً فهذه مسألة قانون لايستقل بها قاضى الموضوع عناصر الصلح اون استظهرها ولكنه أخطأ فى تكيفهما القانونى فإن حكمه يكون قابلاً للنقض .
والصلح عقد من عقود التراضى فلا يشترط فى تكونيه شكل خاص بل يكفى توافق الإيجاب والقبول لقيام الصلح وأن الكتابة لإثبات الصلح لا لإنعقاده.
وهو عقد ملزم للجانبين وهو عقد معاوضة هو عقد كاشف للحقوق لا منشىء لها وانه غير قابل للتجزئة فبطلان جزء منه يقتضى بطلان العقد كله.
ولابد من كفالة خاصة الصلح فلا يجوز للمحامى ان يصالح على حقوق موكله مالم يكن الصلح منصوصا عليه فى عقد التوكيل (م 702/1مدنى ).
ولا يجوز للمحكمة التصديق على الصلح الا بحضور الخصمين لان القاضى انما يقوم بمهة الموثق ولا يجوز للمحكمة التصديق على الصلح الا بحضور الخمصين فإذا غائب أحد الطرفين إمتنع على القاضى التصديق على الصلح حتى لو كان الطرفالغائب قد قبل التصديق على الصلح فى غيبته ولكن ذلك لايمنع من إعتبار محضر الصلح الموقع عليه من الطرف الغائب سندا يصح الحكم بمقتضاه وإذا حضر الطرفان وعدل عنه أحدهما عن الصلح لم يجر للقاضى التصديق عليه ويعتبر القاضى الصلح الذى عدل عنه أحد الطرفين فى أوراق الدعوى يقدر قيمتها بحسب الظروف ويعتبر هذا الصلح القضائى أو الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح بمثابة ورقة رسمية أى بمثابة سند واجب التنفيذ لتصديق القاضى عليه .ولكنه لا يعتبر حكماً فهو لا يخرج عن كونه عقداً ثم بين الخصمين ويجوز لكل منهما الطعن فيه ولكن ذلك لا يكون بالطرق المقررة للطعن فى الأحكام لأنه لا يعتبر حكماً وإنما يكون طريق الطعن فيه بدعوى أصلية فيجوز لكل من الطرفين أن يطلب فى دعوى أهلية إبطال الحكم الصادر بالتصديق على محضر الصلح لنقص في الأهلية أو لغلط فى الواقع أو التدليس أو لغير ذلك من أسباب البطلان على أنه يجوز أخذ إختصاص بموجب هذا الحكم بنص خاص هو نص المادة 1087 مدنى وليس كنص المادة 1085 مدنى .
(الوسيط-5- للدكتور السنهورص507 وما بعدها ، والعقود المسماه – للدكتور محمود جمال الدين زكي ص 15 وما بعدها )
تكييف عقد الصلح واعتباره منشئاً للحق أو مقرراً له من حق المحكمة وحدها دون تدخل الخصوم. وإذن فمتى كانت المحكمة قد حصلت من عقد الصلح أن أساس تمليك الطاعنة الأطيان التي خصصت لها في عقد الصلح هو ادعاؤها الاستحقاق في الوقف، وأن المطعون عليهما قد تنازلتا عن إنكارهما استحقاقها وصالحتاها على مبلغ من المال مقابل حصة الطاعنة في عين من أعيان الوقف، فإن هذا الصلح يكون كاشفاً لحق الطاعنة في تلك الأطيان المبني على ادعائها الاستحقاق في الوقف لا ينشأ لذلك الحق. وتعد الطاعنة في هذه الحالة مالكة لما خصص لها بعقد الصلح من وقت الاستحقاق المدعى به لوفاة من تلقى الاستحقاق عنه لا من تاريخ عقد الصلح.
[الطعن رقم 26 – لسنــة 28 ق – تاريخ الجلسة 27 / 04 / 1961 – مكتب فني 12 – رقم الجزء 2 – رقم الصفحة 428 – تم رفض هذا الطعن]
وحيث أن المادة 549 من القانون المدنى تنص علىان الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعاً قائماً أو يتوقيان به نزاعاً محتملاً وذلك بأن ينزل كل منهما علىوجه التقابل عن جزء من إدعائه كما تنص المادة 553 منه على أنه – (1) تنحسم بالصلح المنازلات التى تناولها (2) ويترتب عليه إنقضاء الحقوق والإدعاءات التى نزل عنها اى من المتعاقدين نزولاً نهائياً وإذ كان البين من الأوراق ان طرفى التداعى قدموا لمحكمة الإستئناف فى دعوى القسمة عقد الصلح المؤرخ 3/12/1999 بعد رفع الطعن الحالى وإنسحبوا تاركين الإستئناف للشطب فقررت المحكمة شطبه وإذ كان هذا الصلح لامخالفة فيه للنظام العام ومن شأنه أن يحسم المنازعات التى تناولها على مانصت عليه المادة 553 سالف الذكرل ومن ثم فإنه لا يجوز لأى من المتصالحين أن يجدد النزاع بإقامة دعوى جديدة أو بالمضى فى الدعوى التى كانت مرفوعة بما حسمه الطرفان صلحا وتنقضى ولاية المحكمة فى الفصل فىالنزاع مما يعنى إنتهاء الخصومة .
(الطعن 4263 لسنة 64ق جلسة 8/2/2004 لم ينشر بعد ).