مبدأ الرأفة ومدى إكساب المتهم حق عدم توقيع العقوبة إلا في حدود معينة.
(1) تناول المشرع في المادة ١٧من قانون العقوبات ما يسمي بالظروف القضائية المخففة.اذ نصت هذه المادة علي أنه يجوز في مواد الجنايات إذا اقتضت أحوال الجريمة المقامة من أجلها الدعوى العمومية رأفة القضاة تبديل العقوبة على الوجه الآتي:
عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن.
عقوبة السجن المشدد بعقوبة السجن أو الحبس الذي لايجوز أن ينقص عن ستة شهور.عقوبة السجن بعقوبة الحبس التي لا يجوز أن تنقص عن ثلاثة شهور. ويثور التساؤول عند اشارة محكمة الجنايات الي اعمال المادة ١٧ ثم توقع عقوبة الجريمة في حدها الأدنى كما اذا كانت العقوبة المقرره للجريمة السجن المؤبد أو السجن فتنزل المحكمة عقوبة السجن رغم اشارتها الي استخدام المادة ١٧فهل يعد ذلك منها خطأ في القانون؟تضاربت أحكام النقض في المسألة فبعضها اعتبره خطأ
(نقض ١٩٨١/٤/٢الطعن رقم ٢٦٠١لسنه ٥٠ق؛نقض ١٩٨٤/٥/٢٩الطعن رقم ٨٠٣لسنه ٥٤ق)والبعض الآخر لم يعتبره كذلك(نقض ١٩٥٩/٦/٢٩الطعن رقم ٨٨٣لسنة ٢٩ق)
(2) ولقد ذهبت محكمة النقض في حكم حديث لها إلي عدم اعتبار ذلك خطأ وقالت تبريرا لذلك أنه “متي ظنت المحكمة خطأ أنها عاملت المتهم بالرأفة حسبما تخوله لها المادة ١٧ من قانون العقوبات ، فإن هذا الخطأ لا يكسب الطاعن حقاً فى تخفيض العقوبة إعمالاً لهذه المادة وفي حدود التطبيق الصحيح للقانون متى كانت أسباب الحكم ليس فيها ما يدل على أن المحكمة كانت لا تزال فى حرج من النزول بالعقوبة عن القدر الذي قضت به على المتهم ، وتكون العقوبة المقضي بها هي التي رأتها مناسبة للواقعة وهي حرة من أي قيد ، ومن ثم فإن ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه بالإشارة إلى إعماله مقتضى المادة ١٧ من قانون العقوبات لا يكسب الطاعن حقاً فى تخفيض العقوبة إعمالاً لهذه المادة وفي حدود التطبيق الصحيح للقانون ذلك أن أسباب الحكم ليس فيها ما يدل على أن المحكمة كانت لا تزال فى حرج من النزول بالعقوبة عن القدر الذي قضت به على الطاعن وتكون العقوبة المقضي بها عليه هــي التي رأتها مناسبة للواقعة
(الطعن رقم 20528 لسنة 86 جلسة 2017/05/02)
- (3) وهذا الحكم محل نظر إذ راح يبحث في دأب عن مبرر لعدم نقضه الحكم المطعون فيه ولكنه اخفق وخالف ما هو معلوم بالضرورة. ذلك أن قالة خلو اسباب حكم محكمة الموضوع من انها لا تزال في حرج من النزول بالعقوبة عن القدر الذي قضت به علي المتهم كمبرر لعدم تطبيق المادة ١٧ التي اشار اليها ليس بشء اذ من المستقر عليه في الفقه وقضاء النقض ذاته أنه يكفي لاستعمال الرافه مجرد اشارة محكمة الموضوع الي الماده ١٧ دون أن تكون ملزمة بذكر تعليل أو اسباب لركونها اليها إذ تحل موجبات الرافة الوارده في تلك المادة محل العقوبة المقررة قانونا للجريمة مما لازمه الا توقع محكمة الموضوع العقوبة الا علي اساس المادة ١٧ والا اضحي حكمها مخالف للقانون. ولا يحق لمحكمة النقض أن تتلمس لمحكمة الموضوع عذر بعدم النزول بالعقوبة طبقا للماده ١٧ المتعلقة بالرافة بقالة أن المحكمة أخطأت حينما ظنت انها عاملت المتهم بالرافه! أو أن اسباب حكمها خلت مما يفيد انها لا تزال من حرج في النزول بالعقوبة عن القدر الذي قضت به! إذ هناك فارق بين استخدام المحكمة سلطتها التخيرية بين الحدين الادني والاقص للعقوبة وبين استعمال الرافة طبقا للماده ١٧ عقوبات فلا يتداخلا إذ الأول يدخل في باب تفريد العقوبة أما الآخر فيدخل في باب الظروف المخففة للعقوبة. بل ان مسايره النقض من أن نزول المحكمة بالحد الادني للعقوبة باعتقاد انها استخدمه الرافة طبقا للمادة ١٧ يعني فضلا عن خطأها في تطبيق القانون تناقض حكمها بإيقاع عقوبة الجريمة في حدها الأدنى رغم استخدام الرافة!بل أنه لا يفصح عن أن المحكمة كانت علي بينه من عقوبة الجريمة التي دانت بها المتهم بدلالة ايقاعها العقوبة الادني أو أنها لم تفطن أن نص التجريم يحوي عقوبة تخيرية توقعها بدلا من استخدام الرأفة بل أن المطلع علي الحكم في هذه الحالة لا يعلم هل اختارت المحكمة العقوبة التخيرية للجريمة أم استخدمة الرافة طبقا للمادة ١٧ نظرا للمغايرة بينهما إذ في الحالة الاولي يقال أن المحكمة اخذت بمبدأ التفريد العقابي أما في الثانية فالمفروض أنها عاملت المتهم بالرافة مما يعيب حكمها و يؤكد صحه الاتجاة الاول للنقض.