مفهوم التدابير الإحترازية وخصائصها القانونية وأغراضها
يمكن تعريف التدابير الاحترازية بانها
مجموعة من الاجراءات القانونية تواجه خطورة اجرامية كامنة في شخصية مرتكب الجريمة ، تهدف إلى حماية المجتمع ، عن طريق منع المجرم من العود إلى ارتكاب جريمة جديدة.
أولا:
التدابير الاحترازية لها طابع الإجبار والقسر . ويعني ذلك أن تطبيقها لا يرتهن بإرادة من تفرض عليه ، بل هي ملزمة له ، ولو تضمنت تدابير علاجية أو أساليب مساعدة لا يرغب الفرد في الاستفادة منها ، إذ لا يعفيه ذلك من واجب الخضوع لها . وليس من العسير تبرير خضوع الفرد للتدابير الاحترازية رغما عنه وقسرا ، فالتدابير الاحترازية تقتضيها مصلحة المجتمع في مكافحة الإجرام ، وبدهي إنه إذا كان هدف التدابير حماية المجتمع من الإجرام فإن تطبيقه لا يمكن أن يعلق علي مشيئة الفرد.
ثانيا:
ارتباط الاحترازي بالخطورة الإجرامية . ويعني ذلك أن فرض التدابير وزواله مرتهن بوجود الخطورة . كما يعني الارتباط بين التدبير الاحترازي والخطورة أن كل تطور يطرأ علي الخطورة ، يستلزم بالضرورة تعديلا في التدبير ، سواء من حيث نوعه أو مدته أو كيفية تنفيذه .
ثالثا:
تجرد التدبير الاحترازي من الفحوى الأخلاقي . فالتدبير الاحترازي يهدف إلي مواجهة الخطورة الإجرامية ، ويعد مجرد أسلوب للدفاع الاجتماعي ضد هذه الخطورة ، ويعني ذلك إنه لا يستند إلي فكرة المسئولية الأخلاقية القائمة علي الخطيئة . وهذا ما يفسر إمكان تطبيق التدبير الاحترازي علي عديمي التمييز والادراك ، مثل المجنون والصغير ، رغم إنهم ليسوا أهلا للمسئولية الجنائية.
رابعا:
الإيلام ليس مقصودا في التدبير الاحترازي ، وتلك نتيجة منطقية لتجرد التدبير من الفحوي الأخلاقي . ولا يخل بهذه الخاصة من خصائص التدبير ما قد يتضمنه تنفيذه من ايلام تفرضه طبيعته ، لا سيما إذا كان من التدابير السالبه أو المقيدة للحرية . فهذا الإيلام غير مقصود ، وإنما يتحقق عرضا لعدم إمكان تنفيذ التدبير علي نحو يتجرد فيه تماما من الإيلام .
خامسا:
التدبير الاحترازي لا يوقع إلا إذا كان من يخضع له قد ارتكب جريمة . فالخطورة الإجرامية التي يتجه التدبير الاحترازي إلي مواجهتها تنشأ حين يرتكب الشخص بالفعل جريمة ، ويهدف إنزال التدبير إلي مواجهة احتمال ارتكابه جريمة تاليه . واشترط وجود جريمة سابقة لانزال التدبير الاحترازي يهدف إلي حماية الحريات الفردية ، إذا لا يسوغ توقيع تدبير احترازي علي شخص لم يرتكب جريمة لمجرد احتمال إنه قد يرتكب في المستقبل جريمة .
هذه الخاصة تميز بين التدابير الاحترازية من ناحية ووسائل الوقاية الاجتماعية من الجريمة والتدابير المانعة من الجريمة من ناحية أخري . فالتدبير الاحترازي يتميز عن هذه الوسائل بأنه يفترض سبق ارتكاب جريمة ، مما يضفي عليه طابعا فرديا.
واشتراط الجريمة السابقة لتوقيع التدبير الاحترازي علي من تتوافر فيه الخطورة الإجرايمة هو عين ما نادي به رجال الاتحاد الدولي لقانون العقوبات ، وإليهم يرجع الفضل الأكبر في صياغة معالم النظرية الحديثة للتدابير الاحترازية .