موقف القانون المصري من التفريق بين الزوجين للعيب و الضرر وسوء العشرة
«الفرقة» بين الزوجين، تقع بحكم القاضي، وتسمى تفريقا قضائيا، حيث أن الأصل في الطلاق، بيد الزوج البالغ العاقل الذي تعود عليه معظم التبعات المادية والأعباء العائلية فقد أعطى القانون الزوجة الحق في طلب التفريق بوساطة المحكمة، إذا وجدت السبب الذي يتعذر معه استمرار الرابطة الزوجية .
وطلب الزوجة «التفريق» لوجود علة في الزوج لا يرجي شفاؤها مثلاَ، أو كانت العلة لا يؤمل زوالها قبل سنة، إذا وجدته متصفا بأحد العيوب المستحكمة فيه ولا يمكنها المعيشة معه إلا بضرر وهذا ما نصت عليه المادة « 43 » أولا بقولها: « للزوجة طلب التفريق عند توفر أحد الأسباب . . . .»، وقد اختلف الفقهاء في تحديد هذه العيوب التي تمنع من الاستمتاع، أو تنفر الآخر، بحيث لم يعد من الممكن تحقيق مقاصد الزواج، وجعل القانون العلة المبررة لطلب الزوجة التفريق، شاملة للعلل العقلية، كالجنون والعته وللعلل الجسمية، كالجذام والبرص والسل، والعلل الجنسية، كالعنة والزهري والعقم أو ما يماثلها.
وفيما يلي سوف نرصد حالة التفريق للعيب شروطه ونوعـــــــــــه، و التفريق بين الزوجين للضرر وسوء العشرة مبيناً شروطه ونوع الطلاق-بحسب المحامية وعضو لجنة المرأة بنقابة المحامين هيام الحمدى-.
عن التفريق للعيب شروطه ونوعـــــــــــه
مقدمــــــــــة :- إن الشروط التي اشترطها القانون للتفريق للعيب شروط محدده وهي إذا ثبتت أن به عيبا يحول دون معاشرتها وقد اشترط القانون في العيب الذي يثبت لأجله التفريق بين الزوجين وفي جواز طلب الزوجة له ثلاثة شروط-وفقاَ لـ«هيام»- .
الشرط الأول : أن يكون عيبا مستحكما لا يمكن البرء منه أو يمكن البرء منه ولكن بعد زمن طويل
فإن كان المرض قريب الزوال فإنه لا يجوز للزوجة أن تطلب التفريق من أجل هذا المرض ومثل العيب الذي تتضرر بالمقام معه كل عيب يماثل العيوب المذكور في الضرر .
الشرط الثاني : ألا يمكن المقام معه إلا بضرر
كالجنون والجذام والبرص والضرر هنا عام يشمل ضررها وضرر نسلها وظاهر انه يجب أن يكون ضررا شديدا لا يمكن احتماله أو يبقى أثرا في ذريتها ويستعان في تحقيق هذا الشرط وسابقة بمعرفة أهل الخبرة من الأطباء إذ هم الذين يبينون مدى استحكام المرض ومدى الضرر الناشئ عن الإقامة مع الزوج المريض به مع وجود هذا المرض .
الشرط الثالث : ألا تعلم المرأة بالعيب عند العقد
فإن كان العيب قائما وقت العقد وعلمت به فليس لها أن تطلب التفريق وكذلك إذا حدث العيب بعد العقد ولكنها رضيت صراحة أو دلالة بعد علمها به .
آثر توافر الشروط السابقة :- فإن تحققت هذه الشروط كان للزوجة أن ترفع الأمر للقاضي فإذا ثبت عنده ذلك فرق بينهما نوع الطلاق الذي يوقعه القاضي بسبب العيب.
الطلاق الذي يوقعه القاضي بسبب العيب هو طلاق بائنا لا يجوز للزوج فيه أن يراجع زوجته إلا بموافقتها وبعقد جديد إذا لم يكن مكملا للثلاث، وقد نصت على ذلك المادة العاشرة من القانون والتي جاء فيها «الفرقة بالعيب طلاق بائن».
التفريق بين الزوجين للضرر وسوء العشرة مبيناً شروطه ونوع الطلاق
تعريف الضرر هنـــا :- المراد بالضرر الذي يبيح للزوجة طلب التفريق بينها وبين زوجها من أجله إيذاء الزوج إياها بالقول أو بالفعل كأن يضربها ضربا مبرحا أو يشتمها شتما مقذعا أو يحملها على فعل ما حرم الله أو يهجرها في الفراش أو يعرض عنها من غير سبب يبيحه وما أشبه ذلك من ضروب الإيذاء
أولا : موقف القانون من التفريق للضرر وسوء العشرة
عالجت المواد رقم (6 إلى 11) من القانون رقم 25 لسنة 1929 الأحكام الخاصة بالشقاق بين الزوجين والتحكيم بينهما والتطليق للضرر وسوء العشرة وهذه المواد تنص على الآتي :
مادة رقم (10) : إذا عجز الحكمان عن الإصلاح :
1 – فإن كانت الإساءة كلها من جانب الزوج اقترح الحكمان التفريق بطلقة بائنة دون مساس بشيء من حقوق الزوجة المترتبة على الزواج والطلاق .
ويبين من نصوص المواد سالفة الذكر:-
“أنه إذا ادعت الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالهما ومن هما في طبقتهما الاجتماعية”
يجوز لها أن تطلب من القاضي التفريق بينها وبين زوجها وهذا بشرطين همـــا:
1-أن تثبت دعواها.
2 – وعجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها طلقة بائنة.
وأما إن عجزت عن إثبات دعواها:- رفضها القاضي فإن تكررت الشكوى والعجز عن الإثبات بعث القاضي حكمين عدليين من أهل الزوجين إن أمكن أو من غيرهما ممن له قدرة على الإصلاح بينهما تكون مهمتهما بذلك الجهد في الإصلاح بينهما على أية طريقة ممكنة على أن يتضمن قرار المحكمة تحديد مدة مأمورية الحكمين سواء من حيث بدء هذه المهمة أو تاريخ انتهائها بحيث لا تتجاوز مدة الحكمين ستة أشهر فإذا لم يقدما تقريرهما خلال هذه المدة فإنهما يعتبران غير متفقين ولا يؤثر في مهمة الحكمين غياب احد الزوجين فإذا لم يتفق الحكمان بعثت المحكمة معهما ثالثا يكون له خبرة بالحال وقدرة على الإصلاح لأداء ذات المهمة والمعاونة فيها.
وما يجب التأكيد عليه هنا حتى ينتج التحكيم آثاره في الإصلاح بين الزوجين فقد أوجب القانون:- أن يقدم الحكمان تقريرهما مسببا إلى المحكمة لتكون على بينة من سلامة وعدالة ما انتهيا إليه بشأن أسباب الشقاق بين الزوجين وذلك بقصد حماية الأسرة وحسما للنزاع بين أفرادها.
ثانياً : بين القانون الآثار التي تترتب على نتيجة الحكم وذلك على النحو التالي
أولا : إذا كانت الإساءة كلها من جانب الزوج اقترح الحكمان التفريق بطلقة بائنة دون مساس بشيء من حقوقه الزوجة المترتبة على الزواج والطلاق وهذا الحكم يمنع الزوج المشاكس من استغلال الزوجة لإيذاء الزوجة وإهدار حقوقها .
ثانيا : إذا كانت الإساءة كلها من جانب الزوجة اقترح الحكمان التفريق بين الزوجين نظير بدل مناسب بقدراته تلزم به الزوجة وهذا الحكم الجديد يمنع الزوجة المشاكسة عن فعلها المسيء إلى الزوج .
ثالثا : إذا كانت الإساءة مشتركة من الزوجين اقترح الحكمان التفريق بينهما دون بدل أو ببدل يتناسب مع درجة الإساءة.
رابعا : وإن جهل الحال فلم يعرف المسيء منهما اقترح الحكمان التفريق بلا بدل.
فإذا لم يتفق الحكمان أو لم يقدما تقريرهما في المدة التي حددها القانون لذلك فإن المحكمة تسير في إجراءات الإثبات فإذا عجزت عن التوفيق بين الزوجين وتبين لها استحالة العشرة بينهما وأصرت الزوجة على الطلاق قضت المحكمة التفريق بينهما بطلقة بائنة مع إسقاط حقوق الزوجة المالية كلها أو بعضها مع إلزامها بالتعويض إن وجدت ما يقتضي ذلك .
ثالثاً : نوع الطلاق الذي يوقعه القاضي للضرر
الطلاق الذي يوقعه القاضي بناء على الضرر الواقع على الزوجة الذي ثبت بالبينة التي أقامتها الزوجة أو ثبت بناء على تقرير الحكمين الذي رفعاه إلى القاضي وطلبا منه التفريق بين الزوجين لعدم إمكان الإصلاح بينهما يكون طلاقا بائنا لأن الضرر لا يزول عن الزوجة إلا إذا كان بائنا.