وجوب مباشرة التحقيقات المتعلقة بجرائم أمن الدولة من رئيس النيابة وليس أقل درجة لصحتها.
(١) طبقا للمادة ١٩٩ من قانون الإجراءات الجنائية أضحت النياية العامة سلطة التحقيق الأساسية في الدعوي الجنائية وحلت بذلك محل قاض التحقيق مع الإبقاء على نظام قاض التحقيق في بعض الحلات الاستثنائية وحينما تنهض النيابة العامة بالتحقيق فإنها تباشرة وفقا لاجراءات قاض التحقيق المنصوص عليها في القانون. ومع ذلك قيد القانون سلطة النيابة العامة في إتخاذ بعض إجراءات التحقيق واوجب عليها استئذان القاض الجزئي كما هو الشأن في مراقبه الأحاديث الخاصة وتفتيش غير المتهمين ومنازلهم وايضا مد مدد الحبس الاحتياطي.
ولكن درج المشرع في بعض القوانيين الخاصة علي منح النيابة العامة سلطات قاض التحقيق في بعض الجرائم بحيث تتحرر من القيود انفه البيان اذ يصير أعضائها كقاض التحقيق تماما بتمام وظهر ذلك بداية في قانون محاكم أمن الدولة الذي الغي.ولكن حلت محل هذا القانون الملغي المادة ٢٠٦مكررا اجراءات المضافة بالقانون رقم لسنه ٢٠١٣ والتي أعطت لرؤساء النيابة العامة سلطات قاض عند تحقيق جرائم آمن الدولة من جهتي الخارج والداخل وجرائم الرشوة والمال العام
إذ جري نصها علي أن “يكون لأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني والثاني مكرراً والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات.
ويكون لهم فضلاً عن ذلك سلطة محكمة الجنح المستأنفة منعقدة في غرفة المشورة المبينة في المادة (143) من هذا القانون في تحقيق الجرائم المنصوص عليها في القسم الأول من الباب الثاني المشار إليه بشرط ألا تزيد مدة الحبس في كل مرة عن خمسة عشر يوماً.ويكون لهؤلاء الأعضاء من تلك الدرجة سلطات قاضي التحقيق فيما عدا مدد الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في المادة (142) من هذا القانون، وذلك في تحقيق الجنايات المنصوص عليها في الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون العقوبات”
ولقد أثير تساؤول حول ما إذا كان يلزم أن يباشر تحقيق هذه الجرائم رئيس نيابة عامة لثبت للنيابة سلطات قاض التحقيق ام يكفي أن يباشر التحقيق اي عضو نيابة علي إلا تتخذ الاجراءات التي يملكها قاض التحقيق ولا تملكها النيابة بعد استئذان رئيس النياية الذي حل محل قاض التحقيق وفقا لنص المادة ٢٠٦مكررا؟
(٢) قضت محكمة النقض في حكم حديث لها بانه “من المقرر أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم – مادة 199 من قانون الإجراءات الجنائية – واستثناء يجوز ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص ، ومتى أُحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها – مادة 69 إجراءات – وحدد القانون إجراءات التحقيق التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على أعضاء النيابة العامة اتخاذ أي إجراء منها قبل الحصول مقدماً على إذن مسبب من القاضي الجزئي ، وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات ،
ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم ومن بينها جرائم أمن الدولة من جهة الخارج ومن جهة الداخل عدا الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها – مادة 206 إجراءات جنائية – ولأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل إضافة إلى الاختصاصات المقررة للنيابة العامة سلطات قاضي التحقيق في تحقيق جرائم أمن الدولة المشار إليها آنفاً – مادة 206 مكرراً من قانون الإجراءات الجنائية ،
وإذ كان أياً من الطاعنين لا يدعي أن إجراء من تلك الإجراءات قد بوشر أو باشره عضو من أعضاء النيابة العامة بدرجة أقل من رئيس نيابة ، وإنما اقتصر وجه النعي على أن التحقيقات قد باشرها من هو أقل من درجة رئيس نيابة – فإنه وبفرض صحة ذلك – فإن مباشرته تلك التحقيقات ليس فيه مما يدخل في اختصاصات قاضي التحقيق وإنما باشرها في نطاق سلطات النيابة العامة دون سلطات قاضي التحقيق ، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها وجه “.
(الطعن رقم 20242 لسنة 84 جلسة 2015/04/02)
(٣) وهذا القضاء محل نظر إذ انطوي على اجتهاد في موضع النص واقام تفرقه تحكميه ما بين تحقيق الدعوي وإجراءات التحقيق المتخذة فيها حال أن تلك الإجراءات جزء لا يتجزء من التحقيق بل هي التحقيق ذاته. وأيه ذلك أن المادة 206 مكررا إجراءات نصت علي أنه يكون لأعضاء النيابه العامة من درجه رئيس نيابه علي الاقل-بالإضافة إلي اختصاصات النيابه العامة-سلطات قاض التحقيق في تحقيق الجرائم…………. وجاء بالمذاكرة الايضاحيه للقانون أنه رؤي لأهمية هذه الجرائم وما تتمتع به من خطورة أن يعهد بتحقيقها الي رئيس نيابه علي الأقل.
اي ان المشرع قصد إسناد امانه التحقيق في هذه الجرائم الي من يحمل صفه رئيس نيابه عامه ولم يرد بخلده مطلقا أن يحققها وكيل او مساعد نيابه علي أن يستأذن رئيس النيابة العامة في الاجراءات التي يملكها قاض التحقيق كمراقبة المحادثات الخاصة وتفتيش منزل غير المتهم فما الي ذلك قصد المشرع وانما قصد أن يحقق الدعوي ذاتها رئيس نيابه لما من خبره ودراية في فن إدارة التحقيق تفوق خبره من اقل منه في الدرجه من اعضاء النيابة.
ولقد اهدرت محكمة النقض حكمه النص وعلته حينما قصرت تدخل رئيس النيابة في التحقيق حينما يتطلب الامر إتخاذ احد إجراءاته التي يملكها قاض التحقيق فاهدرت ضمانه قررها القانون للمتهم بتاويل خاطيء للقانون ولو قصد المشرع ما ذهبت إليه محكمة النقض لما اعياه النص علي لزوم حصول أعضاء النيابة العامة في تحقيق جرائم أمن الدولة والمال العام علي إذن رئيس النيابة التابعين له عند إتخاذ إجراءات التحقيق التي يملكها قاض التحقيق واذا كان صحيحا أن التحقيق سلطه مخوله لاعضاء النيابة العامة كافه في سائر الجرائم فإنه لا يوجد ما يمنع المشرع من تحديد درجه وظيفيه معينه في عضو النيابة العامة بشأن تحقيق جرائم بعينها
وهو ما اتجه اليه المشرع في المادة 206 إجراءات. والخلاصه أنه يجب لصحه التحقيق في جرائم امن الدولة من جهتي الداخل والخارج وجرائم المال العام أن يضلع بمهمه التحقيق فيها رئيس نيابه علي الأقل سواء تطلب التحقيق إتخاذ أحد الاجراءات التي يملكها قاض التحقيق أم لم يتطلب ذلك وإلا اضحي دفع المتهم ببطلان التحقيقات في محله.