نطاق أمر الإحالة الصادر من المحامي العام في جناية.
(1) يجري العمل في النيابة العامة علي أنه بعد الفراغ من تحقيقات الجنايات وإعداد أمر الاحالة يضمن المحامي العام أمر الإحالة بند”بضبط وإحضارالمتهم”-سواء أكان هاربا منذ البداية أم كان يحضر التحقيقات مفرج عنه-وعرضه علي محكمة الجنايات محبوسا. فيتم ضبط المتهم ويودع السجن ليقدم الي محكمة الجنايات محبوسا وقد يتصادف لحظه الضبط أن يكون المتهم حائزا لادلة جريمة أخري غير المحال عليها كمخدر أو سلاح ويجري تفتيشه بناء أمر الضبط والاحضار فيسفر عن ضبط مخدر أو سلاح فتحرر له جناية أخري غير الجناية التي كان محال عليها. ويثور التساؤول عندئذا عن مشروعية أمر الضبط والاحضار الوارد في أمر الإحالة؟
(2) ووجه الأشكال أنه بعد فراغ النيابة العامة من التحقيقات واحالة المتهم الي محكمة الجنايات تخرج الدعوي من حوزتها سواء أعلن المتهم بأمر الإحالة أم لم يعلن وبالتالى لا تملك النيابة اتخاذ اي اجراء تحقيق فيها كالقبض والتفتيش والحبس إذ تنتقل هذا السلطات لمحكمة الجنايات.
(3) وظاهر نص المادة ١٥٩ من قانون الإجراءات الجنائية يعضدد ما يجري عليه العمل في النيابة العامة من تضمين أمر الإحالة بند بضبط المتهم وحبسه علي ذمة القضية إذ تنص علي أن يفصل قاضي التحقيق في الأمر الصادر بالإحالة إلى المحكمة الجزئية أو محكمة الجنايات في استمرار حبس المتهم احتياطياً أو الإفراج عنه أو في القبض عليه وحبسه احتياطياً إذا لم يكن قد قبض عليه أو كان قد أفرج عنه.”وما يسري على قاض التحقيق يسري علي النيابة العامة وفقا للاحالة الواردة في المادة ١٩٩اجراءات.
(4) ولقد طرحت هذه المشكلة علي محكمة النقض وذلك في واقعة تزوير محررات رسمية وتقليد أختام إذ احالة النيابة العامة المتهم الهارب الي محكمة الجنايات وضمنت أمر الإحالة بند بضبطه واحضار وحبسه علي ذمتها فانتقل الضابط وقبض علي المتهم نفاذا لهذا الامر وقام بتفتيشه فعثر معه علي مخدر. دفع المتهم ببطلان ضبطه وتفتيشه لانتفاء حاله التلبس ولعدم وجود ضبط واحضار مرفق بملف الدعوي فردت محكمة الجنايات علي الدفع بانة “حيث إنه عن الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس وانعدام سند الضبط فغير سديد وفي غير محله إذ أن ضبط المتهم كان بمناسبة صدور أمر بضبطه على ذمة الجناية رقم ….. لسنة …… جنايات ……… وبرقم …… لسنة ……. كلي ……. والتي اطلعت عليها المحكمة وتحققت من صحة ذلك الإجراء وهو أمر واجب النفاذ وليس هناك ما يشير إلى أن الضبط ارتكن إلى توافر حالة التلبس ومتى جاز القبض جاز التفتيش ومن ثم يجوز لمأمور الضبط القضائي تفتيشه، فإذا ما أتى ذلك الإجراء وعثر مع المتهم على الأقراص المخدرة فقد وجب مساءلته جنائياً عما بحوزته ويتعين اطراح الدفع”فطعن المتهم بالنقض وكان من وجوه الطعن أن الحكم اطرح بما لا يسوغ دفاعه ببطلان القبض والتفتيش لانعدام سنده وحصوله في غير حالة من حالات التلبس وبغير إذن من النيابة العامة إذ استند إلى صدور أمر بضبط و إحضار الطاعن في الجناية رقم ….. لسنة ……… جنايات …….. خلت منه الأوراق كما خلا محضر جلسة المحاكمة و الحكم مما يفيد ضم تلك الجناية واطلاع المحكمة على ذلك الأمر الذي صدر في مرحلة الإحالة ولم يعلن به.
(5) غير أن محكمة النقض رفضت هذا الوجه من وجوه الطعن وقالت أن ما انتهي اليه الحكم من اطراح الدفع صحيح في القانون ويصح الاستناد إليه في رفض ما دفع به الطاعن إذ أنه مادام الطاعن لا ينازع في أن أمر ضبطه من سلطة تملك إصداره وحصل صحيحاً موافقاً للقانون فإن تفتيش شخصه على هذه الصورة يكون صحيحاً أيضاً ، لأن الإذن بالضبط هو في حقيقته أمر بالقبض ولا يفترق عنه إلا في مدة الحجز فحسب وفي سائر الأحوال التي يجوز فيها القبض قانوناً على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه مهما كان سبب القبض أو الغرض منه – كما هو مقتضى المادة ٤٦ من قانون الإجراءات الجنائية – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه يكون غير سديد( الطعن رقم ٥٦٢٦ لسنة ٨٧ق جلسة ٢٠١٩/١١/٢٨)
(6) ولقد سبق لنا أن تناولنا تلك المسألة في كتاب الحبس الاحتياطي علما وعملا وقلنا أنه ولئن كان يصح حمل أمر الضبط والاحضار الوارد في أمر الإحالة علي نص المادة ١٥٩ من قانون الإجراءات الجنائية الصادر سنه ١٩٥٠ قبل صدور دستور ٢٠١٤ حيث كان قاض التحقيق والنيابة العامة كلاهما حرا في إصدار هذا الأمر ولو لم تقضية مصلحة التحقيق فإنه بعد صدور هذا الدستور واشتراطة لصحه القبض والحبس الاحتياطي أمر قضائي مسبب تقتضية مصلحة التحقيق لم يعد سائغا تضمين أمر الإحالة بند بضبطه واحضار المتهم وحبسه إذ التحقيقات انتهت وتم التصرف فيها بالاحالة والقول بغير ذلك يعني عدم دستورية المادة ١٥٩ إجراءات لاسيما وأنه بصدور أمر الإحالة تخرج الدعوي من حوزة سلطة التحقيق فلا تملك اتخاذ اي اجراء تحقيق فيها إذ تنتقل كافة سلطات التحقيق الي المحكمة فيكون لها أن تآمر بضبط المتهم وحبسه علي ذمة القضية أن قدرت لزوم ذلك.ولقد اثبت الواقع العملي أن القبض على المتهم وحبسه نفاذا لأمر الضبط الوارد في أمر الإحالة يجعل المتهم محبوسا حبسا مطلقا دون مدة بعينها إذ يظل رهن السجن حتي تحدد له جلسه قد تطول عدة شهور إذ هنا فقط تنظر محكمة الجنايات في أمر حبسه وهي نتيجة تتعارض مع سياسة المشرع في قانون الإجراءات الجنائية والدستور الذي أوجب تحديد مدد الحبس الاحتياطي وخول للمتهم إستئناف أمر الحبس إذ كل ذلك غير موجود إذا ضبط المتهم وحبس مابين مرحله الإحالة ونظر دعواه وهي نتيجة لا يمكن أن يقصدها المشرع لاسيما وأن النيابة تصر في أمر الإحالة علي أن تنص علي ضبط المتهم وعرضه على محكمة محكمة الجنايات محبوسا اي يظل قابع في السجن حتي نظر محكمة الجنايات دعواه. وبالتالي نعتقد أن المادة ١٥٩من قانون الإجراءات الجنائية قد نسخت ضمنا منذ صدور دستور ٢٠١٤ ولايحوز الارتكان اليها في تبرير ضبط واحضار المتهم ومادام أن القبض عندئذا يقع باطلا فإن التفتيش المترتب عليه يبطل بالتبعيه لأن ما بني على باطل فهو باطل وهو ما فات علي النقض تقريره رغم دفع المتهم ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء التلبس وتسويغ النقض للقبض والتفتيش علي سند الضبط والاحضار الصادر في مرحلة الإحالة وفقا للمادة ١٥٩ اجراءات المنسوخة بالمادة ٥٤من دستور ٢٠١٤.