تأصيل مسألة حبس المتهم المفرج عنه إحتياطيا في القانون المصري.
يحدث في العمل القضائي أن يحضر المتهم بشخصه أمام محكمة الجنايات مفرجا عنه ويبدأ محاميه في طلب تحقيق ادله الدعوي من خلال سماع شهود الاثبات وخلافه فتامر المحكمة بتأجيل الدعوى لجلسة تاليه لتحقيق طلبات الدفاع مع الأمر بإلقاء القبض على المتهم وحبسه احتياطيا علي ذمه القضية مما يحرج الدفاع لأنه تسبب بطلبات التحقيق في حبس المتهم.
فإن لم تنفذ طلبات الدفاع في الجلسة المؤجلة لها الدعوي يضطر الي التنازل عن طلباته والمرافعه في الدعوى بحالتها فيصدر الحكم بالإدانة.
والسؤال المثار هل يعد ذلك من المحكمة إخلال بحق الدفاع يبطل المحاكمة والحكم الصادر فيها؟ الواقع أن ظاهره نص المادة 380 إجراءات لا يرشح للبطلان لأنه أعطى المحكم مطلقا سلطة الحبس الاحتياطي وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض في عامه أحكامها
(نقض 1989/11/23 الطعن رقم 4153 لسنه 59ق؛ نقض 2000 /2 /1 الطعن رقم 8968 لسنه 61 ق )
إلا أن بعض احكام النقض ابطلت في هذه الحالة المحاكمة للآخلال بحق الدفاع
(1994 /1/18 الطعن رقم 18388 لسنه 61 ق )
وقضاء النقض الأخير اصوب إذ يجاري المنطق ويتفق مع أصول المحاكمة المنصفة أما قضاؤها الأول فمعيب إذ فيه إطلاق لا يخلو من الخطأ لأنه إذا كان من حق محكمه الجنايات القبض علي المتهم وحبسه علي ذمة المحاكمه فإن من حق المتهم كذلك أن يمارس حقه في الدفاع في حرية تامه دون وضع العراقيل امامة.
ومباشرة المحكمه لرخصة الحبس الاحتياطي دون مقتض قد يؤثر علي خطه دفاع المتهم مابين التمسك بتحقيق ادله الدعوي أو المرافعه.
فان اختار المرافعه مجبرا متنازل عن سماع شاهد أو تحقيق دليل بعينه فلا شك أن ذلك يبطل المحاكمة والحكم الصادر فيها لوجود إكراه معنوي وقع علي دفاع المتهم.
وليس هناك ما يدعو المحكمه لحبس المتهم عند طلب تحقيق ادله الدعوى لأن الأصل حضور المتهم إجراءات المحاكمة حرا طليقا والاستثناء حضوره مقيد الحرية
ولا يجوز الإفتاءت علي هذا الأصل إلا لضرورة ملحه كأن يكون بقاء المتهم حرا طليقا من شأنه التأثير علي الدليل المراد تحقيقه والا كان الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة والحكم الصادر فيها له ما يبرره.
وبالتالي يكون نص المادة 380 إجراءات مقيد بالنصوص التي تكفل حق الدفاع .