تطبيق القاعدة القانونية ووقفها وإلغاؤها.
إذا ما صارت القاعدة نافذة تظل سارية إلى وقت إلغائها وقد ثار التنازع بين كل من القاعدتين لمعرفة الحد الفاصل بين نطاق تطبيق القاعدة التي ألغيت و القاعدة التي حلت محلها، بالنسبة للأوضاع والآثار التي ابتدأت في ظل القاعدة الأولى وظلت مستمرة في ظل القاعدة التي حلت محلها.
1- إلغـــــاء القــــانون :
إلغاء القاعدة القانونية هو وقف العمل بها وتجريدها من قوتها الملزمة وإزالة الصفة القانونية عنها.
– أولا – السلطـة التي تملك الإلغــاء :
القاعدة أن السلطة التي تملك إلغاء قاعدة معينة هي تلك التي تملك خلقها أو خلق قاعدة أعلى منها درجة.
فالقاعدة القانونية لا تلغى إلا بقاعدة أخرى من نفس القوة أو بقاعدة أعلى منها. –
ثانيا – أنواع الإلغـــاء :
ينقسم الإلغاء بالنسبة إلى الطريقة التي يأتي بها إلى إلغاء صريح وإلغاء ضمني. ولا يكون الإلغاء صريحا إلا إذا صدرت قاعدة قانونية جديدة تقضي صراحة بهذا الإلغاء ولا يكون ذلك إلا بواسطة قاعدة تشريعية ينص فيها صراحة على إلغاء القاعدة السابقة و الغالب أن يكون الإلغاء الصريح بصدور تشريع ينص فيه على إلغاء تشريع سابق معين أو ينص فيه على إلغاء ما يخالفه من قواعد.
والإلغاء الضمني هو الذي لا يصرح به المشرع ولكنه يأتي نتيجة التناقض والتنافر الموجود بين القانون الجديد والقانون القديم أو من تنظيم تشريع جديد لموضوع سبق أن التطرق له في تشريع قديم.
2- تنازع القوانين من حيث الزمان :
يقوم تحديد نطاق تطبيق القانون من حيث الزمان بحسب الأصل على مبدأين أساسيين : المبدأ الأول : الأثر المباشر أو الفوري أو الحالي للقانون Effet imédiat ويعني أن القانون يسري على الوقائع التي تحدث من يوم نفاذه إلى يوم إلغائه.
المبدأ الثاني : عدم رجعية القوانين أو عدم سريان القوانين على الماضي أو عدم استناد القوانين إلى الماضي Principe non-rétroactivité des lois ومفاده أن القانون لا يسري على الوقائع التي تحدث قبل نفاذه.
أولا : عدم رجعية القوانين
ويقصد به أن القانون الجديد لا يسري على الوقائع التي تمت قبل أن يصير نافذا إذ أن هذه الوقائع يحكمها القانون القديم التي عرضت تحت ظلــه.
وقد أدت عدة اعتبارات إلى تقرير هذا المبدأ نجملها في الآتي :
1) تحتم العدالة ألا يسري على الأفراد قانون جديد لم ينظموا سلوكهم طبقا له.
2) يترتب على سريان القانون على الماضي هدم ثقة الناس في القانون.
3)إذا كان من المبادئ الأولية أن القانون لايسري على الناس إلا بعد نشره حتى نمنحهم فرصة العلم به قبل أن يطالبوا باحترامه فكيف يسوغ أن نأخذ الآن على الأفراد عدم احترامهم لقانون صدر بعد اتيانهم العمل الذي نلومهم على عدم احترام القانون بصدده.
وقد كانت فرنسا من أسبق الدول إلى مبدأ عدم سريان القانون على الماضي حيث نصت المادة II من القانون المدني الفرنسي على أنه : ( لا يسرى القانون إلا على المستقبل فليس له أثر رجعي).
وفي القانون المغربي، تنص المادة الرابعة من قانون الالتزامات والعقود على عدم رجعية القانون وهذا ماينطبق بالنسبة للقانون الجنائي الذي تنص مادته الرابعة على مايلي: ( لا يؤاخذ أحد على فعل لم يكن جريمة بمقتضى القانون الذي كان ساريا وقت ارتكابه).
ثانيا : النظريات الفقهية في تنازع القوانين من حيث الزمان :
ظهرت في الفقه عدة نظريات لحل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان غير أن الاختلاف كان بينا.
النظرية التقليدية : تقوم هذه النظرية التي تعتمد في حل مشكلة تنازع القوانين من حيث الزمان على مبدأ عدم رجعية القوانين وتفرق ببيان حدود تطبيق هذا المبدأ بين الحق المكتسب ومجرد الأمل.
فيمتنع امتناعا كليا تطبيق القانون الجديد على الحق المكتسب لأن تطبيقه عندئد يعني أن القانون قد طبق بآخر رجعي وهذا لا يجوز ويتوجب تطبيق القانون الجديد على مجرد الأمل لأن هذا التطبيق لا يؤدي إلى المساس بمبدأ عدم رجعية القوانين.
وتدخل النظرية التقليدية بعض الاستثناءات على المعيار الذي أخذت به حيث يجوز أن يكون للقانون الجديد أثر رجعي رغم ما في ذلك من مساس بحقوق مكتسبة:
1)حالة النص الصريح على الرجعية: إذا ضمن المشرع القانون نصا صريحا يقضي بسريان الحكم الذي ورد به على الماضي فإنه يعمل بالنص حتى ولو أخل بالحق المكتسب.
2)القوانين الجنائية الأصلح للمتهم : إذا كانت الأحكام أصلح للمتهم أي الأحكام التي جاءت في القانون الجديد فهي تسري بأثر رجعي.
3)القوانين التفسيرية : إذا كان القانون الجديد تفسيرا لقانون سابق، فإنه يطبق على ماحدث قبل صدوره في القانون القديم الذي صدر تفسيرا له.
4) القوانين المتعلقة بالنظام العام أو الآداب : إذا صدر قانون يتعلق بالنظام العام أو الآداب، فإنه يسري على الماضي إذ لايصح التمسك بحق مكتسب لاسيما إذا تعلق الأمر بالنظام العام أوالآداب.
نقذ النظرية التقليدية : عيب على النظرية التقليدية أنها غامضة في أساسها مع عدم صلاحيتها، فالمعيار الذي تقوم عليه هو الحق المكتسب وهو في نظر خصومها معيار غير منضبط.
وإذا قلنا إن الحق المكتسب يتضمن مصلحة يحميها القانون فمتى يكون للشخص مصلحة من هذا النوع؟ فكثيرا ما تدق المسألة فلا نستطيع أن نجزم ما إذا كان للشخص في حالة معينة حق مكتسب أو مجرد أمل.
إن النظرية التقليدية في نظر خصومها تخلط بين الأثر الرجعي للقانون الجديد وأثره المباشر، حيث كان يجب التمييز بينهما وهذا ماقامت به النظرية الحديثة.
النظرية الحديثة : قامت النظرية الحديثة على أساس التفرقة بين مبدأين مبدأ عدم رجعية القانون الجديد من جهة ومبدأ سريان القانون الجديد سريانا مباشرا من جهة أخرى.
1- عدم رجعية القانون :
يقصد به أن القانون الجديد لايمس ماتم في ظل القانون القديم من المراكز القانونية التي تكونت أو انقضت, ومبدأ عدم رجعية القانون في النظرية الحديثة يفيد أن القانون لايسري على ما تم تكوينه أو انقضاؤه من المراكز القانونية قبل نفاذه ولا على ماتم من عناصر هذا التكوين أو الانقضاء إذا توافرت لهذه العناصر قيمة قانونية.
أما النظرية الحديثة فيرد فيها حالتان استثنائيتان فقط عكس النظرية التقليدية التي أوردت أربعة حالات، وهاتان الحالتان هما النص الصريح على الرجعية والقوانين المفسرة.
2- الأثر المباشر للقانون :
ترى النظرية الحديثة وجوب تطبيق القوانين الجديدة فور العمل بها، وتبعا لذلك يتم التوقيف عن العمل بالقوانين القديمة.