أحكام عدة المرأة في أفق الفقة والقانون – دراسة مقارنة
العدة في اللغة هي الإحصاء أو الحساب ، قال تعالى : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } (1) .
أما شرعا : فهي تربص يلزم المرأة عند زوال النكاح المتأكد بالدخول أو ما يقوم مقامه بالفرقة أو الموت (2) .
والعدة في اصطلاح الأحوال الشخصية ، هي مدة مفروضة على المرأة المطلقة أو الأرملة . لها أحكام خاصة أهمها عدم جواز زواجها من غير مطلقها . وعلى هذا فإن العدة أنواع (3) نقصر الحديث عن نوعين : عدة المطلقة وعدة الوفاة .
أولا : العدة من الطلاق :
تجب العدة على المرأة بعد الدخول في حالات الطلاق رجعيا كان أم بائنا أم عن تفريق أو فسخ أم متاركة . أما المطلقة قبل الاخول وقبل الخلوة فلا عدة عليها لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } (4) .
أما دليل وجوبها فيثبت بالكتاب العزيز : { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ } (5) .
وبالنسبة النبوية قال الرسول (صلى الله عليه وآله) لفاطمة بنت قيس : (واعتدى في بيت ابن أم مكتوم) واجماع الفقهاء . والغرض من هذه العدة في الظاهر هو منع اختلاط الأنساب خشية أن تكون المطلقة حاملا من مطلقها . والتربص أملا في رجوع الزوج بزوجته في الطلاق الرجعي أو عودتهما إلى الحياة الزوجية بعقد جديد في الطلاق البائن بينونة صغرى ، والحفاظ على قداسة الرابطة الزوجية . وقد بينت المادة (٤٧) من قانون الأحوال الشخصية العدة بقولها (تجب العدة على الزوجة في الحالتين الآتيتين : ١- إذا وقعت الفرقة بينها وبين زوجها بعد الدخول سواء كانت عن طلاق رجعي أو بائن بينونة صغرى أو كبرى أو تفريق أو متاركة أو فسخ أو خيار بلوغ) . والعدة في الشريعة الإسلامية والقانون العراقي على ثلاثة أنواع أما عدة بالإقراء (6) أو بالأشهر أو بوضع الحمل فتلتزم المرأة المطلقة بأحد هذه الأنواع وفقاً لحالتها عند الطلاق أو الوفاة .
أ- العدة بالإقواء :
دليل وجوبها قوله تعالى : {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ}(7) . ومدة العدة من الطلاق ثلاثة قروء لغير الحامل أو وضع الحمل ، والقرء مدة محددة اختلف الفقهاء فقال فريق (8) أنها ثلاث دورات شهرية (ثلاث حيضات) وقال آخرون (9) أنها ثلاثة أطهار. وفي الأغلب فإن مدة القرء شهر واحد . وتعتد الزوجة المطلقة بالقرء إذا كانت ممن يحضن فعلاً ، ولم تكن حاملاً وقت الفرقة ونصت الفقرة (1) من المادة (48) من قانون الأحوال الشخصية العراقي على هذا النوع من العدة بقولها (عدة الطلاق والفسخ للمدخول بها ثلاثة قروء) بالرغم من المشرع العراقي لم يبين ما المقصود بالقرء هل هو الحيض أم الطهر ؟ وإنما ترك تفسير ذلك لكل مذهب (10) والقول في انقضاء عدة المرأة بالقروء تصدق فيه المرأة إذا كان قولها يحتمل الصدق .
(ب) العدة بالأشهر :
دليل وجوبها الآية القرانية {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ أن ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ …} (11) .فإذا كانت المرأة لا تحيض من صغر سنها أو كبر أو مرض ، أو كانت في سن الحيض ولكنها لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر كاملة . وقال بعض الفقها ، أن الشطر الأول من هذه الآية يخص المرأة إذا بلغت سن الحيض ولم تحض ومموها (المسترابة) للنص الوارد – أن أرتبتم – وبذلك يخرج من الآية بمجموعها المرأة إذا بلغت سن اليأس فليس عليها عدة أن يقع طلاقها بائنا . إلا أن قانون الأحوال الشخصية حسم الخلاف فأوجب العدة على كل مطلقة بعد الدخول سواء أكان عن طلاق رجعي أم بائن بينونة صغرى أو كبرى – أو تفريق أو متاركة – في النكاح الفاسد أو الوطء بشبهة أو الفسخ أو خيار البلوغ .
أما اليائس من الحيض فهي المرأة التي بلغت سنا معينة وانقطعت دورتها الشهرية فلم تعد تحيض . وقد اختلفت الآراء (12) في سن اليأس فقيل الخامسة والأربعون وقبل الخمسون وقيل أكثر ، وقيل أن القرشيات ينفردن بسن الستين . وأصوب الآراء أن اليأس يختلف باختلاف البيئات ويتأثر بمختلف العوامل أهمها الظروف الطبيعية للبيئة التي تعيش فيها المرأة تماما كما يختلف سن البلوغ بالحيض.
ونصت الفقرة (٢) من المادة (٤٨) من القانون على هذا النوع من العدة بقولها “إذا بلغت المرأة ولم تحض أصلا فعدة الطلاق أو التفريق في حقها ثلاثة أشهر كاملة” فكل مطلقة بعد الدخول لم تحض أصلا لمرضها أو لصغر سنها أو كبرها ولم تكن حاملا فعدتها بالأشهر بدلا من الحيض.
(جـ) العدة بوضع الحمل :
دليل وجوبها النص القرآني بقوله تعالى : (واولت الاحمال اجلهن أن يضعن حملهن) (13) .إذا كانت المرأة المطلقة حاملا وقت الفرقة بينها وبين زوجها فعدتها تنتهي بوضع الحمل (14) مهما كانت المدة بعد الطلاق ولو بعد لحظة من الحكم بالتفريق وهذا ما أتفق عليه فقها ، المسلمين . وعلى الرغم من أن قانون الأحوال الشخصية لم يبين صراحة عدة المرأة الحامل إلا أنه يفهم ضمنا من نص الفقرة (٣) من المادة (٤٨) التي تنص :”. . . أما الحامل فتعتد بأبعد الأجلين من وضع الحمل والمدة المذكورة “.
هذا وأن أهم أحكام العدة من طلاق هي :
١- ليس لها أن تتزوج ما دامت في العدة ويقع باطلا أي عقد خلال العدة أيا كان نوعها . بل لا يجوز التصريح بخطبتها وان كان ذلك لا يرتب أثرا أو حرمة .
٢ – أن المطلقة في الطلاق الرجعي تبقى على حكم الزوجية ما دامت في العدة فيجوز لزوجها الرجوع بها بالقول أو بالفعل ، وترثه إذا مات في العدة كما يرثها أما المطلقة من طلاق بائن فإنها على الرغم من كونها معتدة فليس لها حكم الزوجية ، فلا يجوز للزوج الرجوع بها بإرادته المنفردة بل يجوز لهما في الطلاق البائن بينونة صغرى أن يعقدا عقدا جديدا بمهر جديد ، كما مر ذلك في احكام الطلاق.
٣ - أن على المطلقة رجعيا أن تبقى في دار الزوجية وليس أن تنتقل منه وذلك لقوله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (15). ومع أن هذا النص قاطع في وجوب بقاء المطلقة رجعياً في بيت الزوجية التماسا لعودة الزوج بالرجوع بها فإن الناس خالفوا هذا الأمر الالهي ولو تمسكوا به وأطاعوه لا تصلح كثير من الأسر التي تهدمت بكلمة طائشة أو عناد أو تدخل ذوي الزوجين . بل أن البعض أجاز للزوجة أثناء العدة من الطلاق الرجعي أن تطهر زينتها لزوجها استناداً الى أن الزوجية ما زالت قائمة وتحريضا على الرجوع بالزوجية (. . .ألا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا . . .) (16) .
٤- لا يجوز للمطلق رجعيا أن يتزوج بمحرم لمطلقته (أختها مثلاً) أو أن يتزوج بخامسة خلال مدة عدة مطلقته ، ويجوز له ذلك في العدة من طلاة بائن .
٥- والقول في انقضاء دعاة المرأة بالقروء تصدق فيه المرأة اذا كان قولها يحتمل الصاق ، وأقل ما تصدق به المعتدة بالإقراء (٢٦) يوماً عند الجعفرية و(٢٩) يوما عند الحنفية.
٦- (يرى فقهاء المذهب الجعفري أنه لا يجوز العقد على ذات الزوج أو المعتدة ويعد هذا العقد باطلا ، فإذا كان الزوجان يعلمان أن الزوجة في العدة وأن هذا باطل فإنه يترتب بينهما حرمة مؤبدة سواء أتم الدخول فيها أم لا. أما اذا كانا جاهلين بذلك . فإن الحرمة تترتب فيها في حالة الدخول فقط ونفس الحكم يترتب في حالة الزنا بذات الزوج أو المعتدة له (17) .
ثانياً : عدة الوفاة :
ينص القران الكريم على أن عدة المتوفي عنها زوجها وهي غير حامل أربعة أشهر وعشرة أيام – كبيرة كانت أم صغيرة أيسه أو غير أيسه دخل بها أو لم يدخل بها أما إذا ظنت أو احتملت الحمل فعليها الانتظار حتى تضع حملها أو يحصل الجزم بعدم الحمل . بعبارة أخرى ، إذا توفى الزوج وجب على زوجته أن تعتد ومدة عدة المتوفى زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام أن لم تكن حاملا (حائل) . أما إذا كانت حاملا فإن عدتها وضع الحمل أو المدة المذكورة أيهما أبعد ، اي أنها أن وضعت حملها قبل انتهاء الأربعة أشهر وعشرة أيام فتستمر العدة حتى إكمال المدة ، وبهذا تختلف عدة الطلاق عن عدة المتوفى زوجها . وكذلك تختلف بأن هذه العدة تجب على كل زوجة سواء أكانت قبل الدخول أم بعده . صغيرة أم كبيرة ام يائسا لا فرق بينهن . لقوله تعالى : {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(18). فإذا طلق الزوج زوجته طلاقاً رجعياً ومات وهي في عدتها – سواء أكانت العدة بالإقراء أم بالأشهر أم كانت حاملا فإن على الزوجة أن تبتدي عدة الوفاة دون احتساب المدة المنقضية من عدة الطلاق . أن الغرض من عدة الوفاة علاوة على وضع الفواصل لمنع اختلاط الأنساب هو إظهار الوفاء ومشاعر الحزن على الزوج المتوفى ولهذا وجبت على الزوجة سواء قبل الدخول أو بعده كما وجبت على الصغيرة واليائسة . ونصت الفقرة (٣) من المادة (٤٨) على هذا النوع من العدة بقولها (عدة المتوفى عنم زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام للحائل أما الحامل فتعتد بأبعد الأجلين من وضع الحمل والمدة المذكورة) .
ومن أحكام هذا النوع من العدة هي :
١- أنه لا يجوز لها أن تتزوج ويقع باطلا أي عقد زواج خلال هذه المدة .
٢- وكذلك لا يجوز لها أن تتبرج (تظهر زينتها أو تتعطر) ولا أن تخرج من بيت الزوجية إلا لحاجة . وليس على المعتدة من وفاة غير ما ذكر سابقا ، أما ما يجزي من حجر على الأرملة في عادات الناس ، فلا سند له في الشريعة الإسلامية أو القانون ، بل أن الأحكام الشرعية تجيز للمعتدة من وفاة أن تخرج إلى عملها أو دراستها أن كانت مضطرة إلى ذلك بحكم القوانين أو بحكم الحاجة مع المحافظة على عدم إظهار زينتها وعلى المظهر الذي يدل على الحزن وفاء لزوجها .
ابتداء مدة العدة :
تبتدئ عدة المطلقة من تاريخ إيقاع الزوج أو من تاريخ الحكم بالتفريق أو الفسخ أو من تاريخ المتاركة من نكاح فاسد أو وطء بشبهة . وهذا واضح تحقيقا لأغراض الطلاة وتترتب آثاره .
في حين نص قانون الأحوال الشخصية المصري في تعديل رقم ١٠٠ لسنة ١٩٨٠ على أن آثار الطلاق تترتب من تاريخ إيقاعه إلا إذا أخفاه الزوج عن الزوجة فلا تترتب آثاره من حيث الميراث والحقوق المالية الأخرى إلا من تاريخ علمها به . ونرى أن ما أخذ به القانون المصري يقضي على كثير من حالات التحايل بادعاء الطلاق قبل فترة للتخلص من النفقة أو من النسب ونحبذ الأخذ به .
أما عدة الوفاة فإنها في رأي جمهور الفقهاء عنها من تاريخ الوفاة ولو لم تعلم به الزوجة فإذا بلغها خبر الوفاة – بأن كان الزوج بعيدا عنها – وذلك بعد انتهاء مدة العدة فإنه لا عدة على زوجة المتوفى .
ويرى فقهاء المذهب الجعفري أن عدة المتوفى عنها زوجها تبتدئ من تاريخ العلم بالوفاة مهما طالت المدة بعد الوفاة لأن غاية العدة هذه إظهار الوفاء للزوج وليس من الوفاء أن تعلم بموت زوجها بعد مرور مدة العدة ثم لا تعتد ولا تظهر الحزن عليه .
وقد نص قانون الأحوال الشخصية في المادة (٤٩) على أن (تبتدئ العدة فورا بعد الطلاق (19) أو التفريق أو الموت ولو لم تعلم المرأة بالطلاق أو الموت) . هذا وأن عدة الوفاة تجب على الزوجة من نكاح صحيح فلا تجب في حالة النكاح الفاسد أو وطء الشبهة لعدم تحقق الزوجية. أما انتهاء العدة ، فإذا كانت بالقروء فتنتهي عند انتهاء الحيضة الثالثة – عند الحنفية – وتنتهي بابتداء الحيضة الثالثة – عند الجعفرية . أما إذا كانت العدة بالحمل فتنتهي بوضع الحمل أما إذا كانت بالأشهر فتنتهي بأخر يوم منها .
تحول العدة :
أن العدة تكون على ثلاثة أنواع أما بالقروء أو الأشهر أو بوضع الحمل . والمرأة تت بأحد هذه الأنواع وفقا لحالتها غير أنه قد يطرأ تغير متلى حال المرأة التي بدأت العدة بنوع معين فيجب عندئذ تحول العدة إلى نوع آخر يناسب حالتها كما لو لم تكن من ذوات الحيض وقبل أن تنتهي عدتها حاضت أو كانت من ذوات الحيض ثم انقطع عنها أو توفى عنها زوجها . وقد نص قانون الأحوال الشخصية على حالة تحول العدة في الفقرة (٤) من المادة (٤٨) بقولها : (إذا مات زوج المطلقة في العدة فتعتد عدة الوفاة ولا تحسب المدة الماضية) (20) .
يفهم من هذا النص أن المشرع العراقي أخذ فقط – على خلاف الفقه الإسلامي –
بتحول العدة من القروء أو الأشهر البديلة إلى عدة الوفاة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام عند وفاة الزوج .
ثالثا : نفقة العدة :
(أ) في عدة الطلاق الرجعي :
حيث أن الزوجة في الطلاق الرجعي ما تزال في أثناء العدة على حكم الزوجية فإن نفقتها تستمر على زوجها وهذا واضح غير أن الخلاف في أن هل للزوجة قبل الطلاق نفقة لو كانت ناشزا أو محكوما فنشوزها وطلقها الزوج ؟
كان العمل قبل تشريع قانون الأحوال الشخصية على أن حالة النشوز تستمر ولا نفقة للزوجة الناشز سواء أقبل الطلاق أم بعده . إلا أن قانون الأحوال الشخصية نص في المادة (٥٠) على أنه (تجب نفقة العدة للمطلقة على زوجها الحي ولو كانت ناشزا . . .) .
وبهذا فقد حسم الخلاف باستحقاق الناشز النفقة بكون الطلاق أوجد حالة جديدة قد تكون فيها الزوجة مستعدة للمطاوعة وتستحق الزوجة نفقة العدة سواءًا بالتفريق أم بالطلاق أم بالفسخ لأن العدة وجوبية على الزوجة بحكم المادة (٤٧ / ١) من القانون ولا تحرم منها إلا إذا تنازلت عنها (21). كما يحكم للزوجة المطلقة بنفقة العدة ولو أقيمت الدعوى خلال مدة عدتها (22) .
(ب) نفقة المطلقة بائناً بعد الدخول :
ويرى بعضهم هنا أن المطلقة طلاقاً بائنا لا تستحق النفقة لأن سبب النفقة وجود الزوجية وقد زال بانقطاع العصمة وبهذا يوحي نص قانون الأحوال الشخصية المذكور آنفا – إذا أوجب نفقة العدة على الزوج الحي والمطلق في الطلاق البائن لا يعد (زوجا) إلا أن العمل قد جرى على فرض النفقة للمطلقة بائنا بعد الدخول مهما كان نوع الطلاق (23) وحتى في الطلاق ما الخلعي ما لم ينص على إسقاط نفقة العدة في المخالعة وكذلك تجب لها النفقة في كل أنواع التفريق.
أما المطلقة الحامل (24) فإنها تستحق النفقة في الأقوال كافة مراعاة لحملها . ولا تسقط نفقة العدة بمضي المدة لأنها من الحقوق الزوجية وللزوجة المطلقة المطالبة بنفقة العدة سواء خلال فترة العدة أم بعد انتهائها إذا كان الزوج حيا وتستطيع إقامة الدعوى على أحد الورثة إضافة للتركة إذا توفي بعد انتهاء العدة لأنها نفقة عدة طلاق
وتفريق وليست نفقة عدة وفاة .
(جـ) نفقة المعتدة لوفاة زوجها :
نصت المادة (٥٠) في جملتها الأخيرة بعد فرض النفقة للمطلقة على أنه (. . . ولا نفقة لعدة الوفاة) وبهذا رجحت قول من يقول أن لا نفقة للمعتدة من وفاة. وحيث أن من أحكام عدة الوفاة بقاء أرملة الزوج في دارها فكان من المقتضى أن تفرض لها نفقة عدتها إلا أن الإشكال يثور في من يلزم بنفقة العدة هذه – الورثة ولا إلزام لهم أم التركة . هناك من يقول أن نفقة المعتدة لوفاة في تركة الزوج لأن عدتها احترام له. إلا أن الرأي الراجع هو أن لا نفقة لمعتدة من وفاة. أي أن الزوجة لا تستحق من زوجها المتوفي ولا من ورثته نفقة العدة تأسيساً على أن النفقة حق شخصي معتمد على عقد الزواج وبوفاة الزوج ينتهي العقد. وتجوز زيادة نفقة العدة تبعا لتغيير أحوال الزوج عملا بأحكام قرار مجلس قيادة الثورة رقم (١٠٠٠) في ١٠ / ٩ / ١٩٨٧ (25) الذي نصل على ” . . . . ، كما تجوز زيادة نفقة العدة ما دامت المطلقة في عدتها ، وذلك تبعا لتغير الأحوال وتعتبر زيادة موارد المكلف بالنفقة سببا من أسباب زيادتها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-سورة البقرة ، الآية (184) .
2- انظر فتح القدير 3/266 .
3- عدة وطء الشبهة ، وعدة الزانية ، وعدة الكتابية .
4- سورة الأحزاب ، الآية (49) .
5- سورة البقرة ، الآية (228) .
6- الإقراء : جمع قرأ ، وهو الطهر أو الحض .
7- سورة البقرة ، الآية (٢٢٨).
8- الحنفية ، ورواية الإمام أحمد ، والزيدية ، القرد يعني عندهم الحيض . انظر على التوالي ، فتح القدير ٢٧٠٣ ، المغني ٧ / ٤٥٢ ، التاج المذهب ٢ / ٢١١ .
9- المالكية ، والشافعية ، الجعفرية ، القره يعني الطهر – راجع على التوالي ، حاشية الدسوقي ٢ / ٤٦٩ ، نهاية المحتاج ٦ / 200 ، المسائل المنتخبة ، أبو القاسم الخوئي ، مطبعة الآداب ، ط ٣ ، النجف ، 1383 ، ص 267 .
10- انظر د. احمد الكبيسي ، شرح قانون الاحوال الشخصية ، في الفقه والقضاء ، والقانون – الزواج والطلاق واثارهما ، مطبعة الارشاد ، بغداد – الجزء الاول ، 1970، ص ٢٨٥ .
11- سورة الطلاق ، الآية (٤).
12- فعند جمهور الفقهاء ورواية عن الامام أحمد والشافعية خمسون سنة. وعند الزيدية وفي الرواية الثانية للإمام أحمد ستون سنة ، وعند بعض الحنفية خمسة وخمسون بشرط انقطاع الدم عنها ، وعند المالكية بين الخمسين والسبعين.
13- سورة الطلاق ، الآية (4) .
14- تعتد الحامل بوضع الحمل لا بالقروء ، قرار 674 / شخصية / 1977 في 7 / 4 / 1977 مجموعة الاحكام العدلية العدد (2) س 8 1977 .
15- سورة الطلاق ، الآية (١) .
16- منهاج الصالحين ، ص ٢٢3 ، مسألة ١٦ .
17- وسائل الشيعة ، ج ٧ / ص ٣٤ ، الاستبصار للسيد المرتضى ص 106. منهاج الصالحين للمرحوم السيد محسن الحكيم ، ص ٢٠٠ . وكذلك قرار محكمة التمييز ٣٩٣ / شخصية/ ١٩٧٢ في ١/ ٤/ ١٩٧٢ . وكذلك يلاحظ ما ورد في المطلب الثالث (المحرمات).
18- سورة البقرة ، الآية (٢٣٤).
19- تبدأ مدة العدة الشرعية من تاريخ الطلاق لا من تاريخ الحكم به. قرار محكمة التمييز ١٣٦٩ / شخصية . ١٩٧٦ في ٢٩ / ٩ / ١٩٧٦ منشور في مجموعة الأحكام العدلية ، العدد الثالث ، ص ٧ ، 1976 .
20- أجاز المشرع الصوري تحول العدة إلى عدة الوفاة في حالة الطلاق البائن حيث تعتد بأبعد الأجلين من عدة الوفاة أو البينونة (ف ٢ م ١٢٧) على خلاف المادة (١3١) من المشروع العربي الموحد للأحوال الشخصية التي نصها (إذا توفي الزوج والمرأة في عدة الطلاق البائن فإنها تكملها ولا تلزم بعدة الوفاة إلا إذا كان الطلاق في مرض الموت فتعتد بأبعد الأجلين) وكذلك المادة (٣٦) من القانون اليمين الجنوبي بقولها (تتحول العدة إلى عدة الوفاة لأن التفريق للضرر اللاإرادي يقع طلاقاً رجعياً)
21- أجمعت المذاهب الإسلامية على أن العدة تتحول من سرع إلى آخر إذا طرأ على الزوجة ما يغير حالتها تتحول من القرود إلى الأشهر وبالعكس ومن القروء والأشهر إلى عدة الوفاة إذا كان الطلاق رجعياً ، أما كان الطلاق التفريق بالنا أو فسخاً فلا تتحول العدة وانما تكمل المرأة عدتها لأن الطلاق البائن والفسخ يزيل الرابطة الزوجية في الحال .
22- قرار ٢٤٨٣ / شخصية/ ١٩٨١ في ٥ / ١٢ / ١٩٨١ .
وكذلك قرار ٥٢٣ / شخصية/ ١٩٨١ في ٥ / ١٢ / ١٩٨١ .
قرار ٥٥٣ / شخصية/ ١٩٧٥ في ٢٧ / ٤ / ١٩٧٥ مجموعة الأحكام العدلية ، العدد الثاني ، السنة السادسة ، ١٩٧٥ .
23- تستحق الزوجة المطلقة نفقة العدة ولو كان طلاقها بائناً بينونه كبرى . قرار ١1٠٢ / شخصية / 1٩٧٧ في ٢٠ / ٦ / ١٩٧٧ مجموعة الأحكام العدلية العدد (2) س ٨ ، ١٩٧٧ .
24- قرار محكمة التمييز ١٤٠٥ / شخصية/ 1٩٧٨ في ٦ / ٨ / ١٩٧٨ .
مجموعة الأحكام العدلية ، العدد الثالث 1٩٧٨.
25- الوقائع العراقية ،العدد 2960 في 26/9/ 1983.