المستحقون للوصية الواجبة وفقا للشروط الواردة في القانون المصري
إن شروط استحقاق الوصية الواجبة اثنين هما أن يكون الأصل قد مات فى حياة أبيه أو أمه، أى أن الأب أو الأم ماتا فى حياة الجد أو الجدة، والثاني ألا يكون هذا الفرع مستحقا لأي جزء من أجزاء التركة بأن يوجد من يحجبه من الميراث.
و الوصية الواجبة سميت بهذا الاسم لأن الجد أو الجدة عندما ماتا ولم يوصيا لأحفادهما حتى يأخذوا حق أبيهم أو أمهم من التركة جعل القانون عليهما أن يأخذا من تركتهما بمقدار ما كان سيرث ابنهما أو ابنتهما ويعطيا لأبنائهم الذين ليس لديهم حق في تركة جدهم أو جدتهم.
كما أن الوصية الواجبة حددها القانون المصري استنادًا إلى العديد من الآيات والأحاديث ومنها قول الله تعالى: «وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا» سورة النساء الآية 8.
القانون المصري حدد المستحقين للوصية الواجبة، وهي بأن يموت الابن أو الابنة في حياته أبويه ولهم أبناء، فيرثون في جدهم بعد موته بدلًا من أبيهم أو أمهم المتوفية فيما لا يزيد عن ثلث التركة.
إن القانون جعل مقدار الوصية الواجبة هو ما كان يستحقه الفرع المتوفى لو بقي حيًّا حتى مات أصله، في حدود ثلث التركة، وعلى هذا كان مقدار الوصية الواجبة هو الأقل من الثلث ومما كان يستحقه هذا الفرع، مضيفًا وإنما اقتصر القانون وجوب الوصية على الثلث؛ لأن مجال تنفيذ الوصايا شرعا جبرًا على الورثة هو ثلث التركة، فلا تنفذ الوصية فيما زاد عليه إلا بإجازتهم.
ونستطرد ما ذهبت إليه المادة 76 من قانون الوصية المصري 71 سنة 1946م في مقدار الوصية الواجبة إنما هو اجتهاد معناه المصلحة في نطاق القدر الذي تجوز الوصية به.
جدير بالذكر أن المستند الشرعي الذي اعتمده المشرعون للوصية الواجبة هو ما ذهب إليه بعض الفقهاء من التابعين وغيرهم من الأئمة كسعيد بن المسيب والحسن البصري وطاووس وأحمد بن حنبل وداود الظاهري وابن حزم وابن جرير الطبري وغيرهم من أن الوصية واجبة للأقربين غير الوارثين أخذًا من قوله تعالى: «كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ» سورة البقرة آية 180.
ورأى العلماء أن هذه الآية محكمة غير منسوخة كما رجحه كثير من المحققين من أهل التفسير وغيرهم فالأقارب من غير الورثة تجب لهم الوصية بمقتضى هذه الآية الكريمة.
وذكر العلماء الحكمة من تشريع نظام الوصية الواجبة كما ذكر بعض المعاصرين: هو الحفاظ على الأسرة موحدة ومتماسكة وأن فيها إقامة للعدل ومعالجة مظاهر الظلم وما ينتج عنها من بؤس وحرمان وفقر، ذلك أنه في حالات كثيرة يتوفى الابن قبل والده ويكون لذلك الوالد أبناء يمنعون أبناء المتوفى من الميراث وعندها يحرمون نصيبهم من مال ربما كان لأبيهم اليد الطولى في جمعه وتثميره فيؤول هذا المال إلى ملك الأعمام بحقهم في الميراث وينالون بسببه حظهم الوافر من المتاع الدنيوي وأبناء المتوفى إلى جانبهم يعانون شظف العيش وفي هذا تقطيع لآصرة الرحم وبعث الأحقاد واستشعار لمرارة الظلم والحرمان فجاء قانون الوصية الواجبة المستمد من نظرات صائبة لنفر من صالحي السلف فقهاء ومحدثين ليسد هذه الثلمة وليعالج مصدرًا من مصادر الشكوى التي غدت تتعالى وتتكر في مجتمعنا من خلال ما أذنت به مرونة آراء الفقهاء من تشريع (الوصية الواجبة).