السند التنفيذي في ضوء النظام السعودي وقراءة قانونية متميزة
بما أن قاضي التنفيذ يختص بسلطة التنفيذ الجبري فإن هذا التنفيذ مشروط بوجود مسوغ شرعي ونظامي يجعل من قاضي التنفيذ مختصا في ذلك الإجبار وذلك ما يسمى بمستند التنفيذ، والذي كان محصورا في النظم السابقة بالأحكام الصادرة من المحاكم والقرارات الصادرة من اللجان القضائية وشبه القضائية، إلا أن نظام التنفيذ توسع في اعتماد السندات التنفيذية لتشمل إضافة إلى الأحكام والقرارات أنواعا أخرى من السندات كالأوراق التجارية ومحاضر الصلح والعقود والمحررات الموثقة بل وحتى الأوراق العادية الأمر الذي سيجعل من أطراف الالتزام معها في غنية عن اللجوء للتقاضي، فلا يحتاج للترافع القضائي إلا في حدود أضيق بكثير من الوضع قبل صدور نظام التنفيذ، ويبقى الواجب قيام دوائر التنفيذ بفحص السندات التنفيذية في استكمال تلك السندات للشروط اللازمة لاكتسابها صفة السند التنفيذي الجائز تنفيذه حال التقدم به للجهات التنفيذية.
تعريف السند التنفيذي:
السند التنفيذي هو: كل وثيقة مكتوبة تشتمل على حق ثابت على شخص بإقراره أو حكم قضائي عليه وما جرى مجراه.
وقيل هو: السند الذي يجوز التنفيذ بمقتضاه ، والذي لا يشترط أن يكون حكما أو قرارا صادرا من المحكمة أو اللجنة القضائية المختصة وإنما قد يكون صلحا صادقته المحكمة أو قرار تحكيم أو عقدا موثقا وفقا لنظام التوثيق ، أو ورقة تجارية ، أو محررا عاديا تمت مصادقة المنفذ ضده عليه جزئيا أو كليا وفقا للمادة التاسعة من هذا النظام” ([1]) .
وإنما وصف السند هنا بــ(التنفيذي): ليخرج ما كان غير قابل للتنفيذ، كسند بحق مكتوب ينكره المدين، أو ورقة يدعي تزويرها.
ثانيا: أقسام السندات التنفيذية:
الحقوق التي تشتمل عليها السندات تنقسم من جهة ثبوتها إلى قسمين:
1- نوع يحصل به الإنكار أو الادعاء بعدم وجوبه أصلا، فهذا يحتاج إلى قضاء لإثباته وفصل النزاع فيه، فلا يمكن التنفيذ إلا بعد ثبوت استحقاقه.
2- نوع يقر به من عليه الحق، فهذا لا يحتاج إلى قضاء وتحاكم، بل يجب على المقر الوفاء بالتزامه لصاحب الحق.
وتبعا لذلك فإن السندات التنفيذية تنقسم إلى قسمين:
“القسم الأول: سندات التنفيذ القضائية: وهي السندات التي تصدرها الجهات القضائية، أو يشترط لتنفيذها مصادقة الجهات القضائية المختصة، وذلك كالأحكام التي تصدرها المحاكم، أو محاضر الصلح التي تصادق عليها المحاكم المختصة، أو أحكام المحكمين الصادرة وفقا لنظام التحكيم، أو الأحكام الأجنبية.
القسم الثاني: سندات التنفيذ الغير قضائية: وهي التي الالتزامات التي يوجبها الشخص على نفسه، وفق مستندات يعطيها النظام قوة السند التنفيذي بذاتها، دون اشتراط مصادقة الجهات القضائية عليها، وفقا للأنظمة ذات العلاقة، وذلك كالأوراق التجارية، والعقود الموثقة، أو المحررات العادية التي يصادق عليها أطراف الالتزام” ([2]) .
وهذان القسمان وردا في اللائحة التنفيذية (9/3) ونصها: “السند واجب التنفيذ هو: ما تضمن إلزاما أو التزاما”، فالإلزام هو ما صدر من الجهات القضائية أو شبه القضائية، مما ينتج عنه إلزام الشخص بأمر معين، والالتزام هو ما أنشأه الشخص من تلقاء نفسه وألزم نفسه به.
الشروط العامة للسند التنفيذي الذي يجوز تنفيذ مقتضاه:
لقد حدد نظام التنفيذ شروطا عامة يجب أن تتحقق في السند ليصح اعتباره سندا تنفيذيا قابلا للتنفيذ، ثم حدد شروطا خاصة ببعض أنوع السندات نذكرها عند الحديث عن أنواع السندات، أما الشروط العامة فهي سبعة شروط كالتالي:
الشرط الأول: عدم مخالفة السند التنفيذي لأحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام للدولة:
حيث إن أحكام الشريعة الإسلامية واجبة المراعاة لأن الضرورة الدينية مقدمة على غيرها من الضرورات، ولكون الأحكام والسندات مهما صدرت فإنها لا تحل حراما، ولا تحرم حلالا، فإنه لا يجوز تقديم طاعة المخلوق سواء كان فردا أم جهة قضائية وغيرها على طاعة الخالق سبحانه.
وكذلك يجب أن لا تكون السندات التنفيذية قد خالفت النظام العام للدولة وهي تحكيم الشريعة الإسلامية وأحكام السياسة الشرعية التي سنها ولي الأمر لمصلحة العموم، مما لا تخالف أحكام الشريعة الإسلامية.
وبذلك جاءت الأنظمة السعودية وعلى رأسها النظام الأساسي للحكم، فقد نصت في المادة الأولى منه على أن: “المملكة العربية السعودية، دولة إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض”.
فعلى قاضي التنفيذ الامتناع عن تنفيذ السندات التنفيذية المخالفة للشريعة الإسلامية أو النظام العام للدولة، وعليه أن يبين وجه المخالفة ومستندها، وألا تكون المخالفة في المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، إذ إن القاعدة الفقهية تقضي بأن: حكم الحاكم يرفع الخلاف، شريطة أن يكون الحكم قد صدر باجتهاد القاضي، إذا كان أهلا للاجتهاد، وفي موضع يسوغ فيه الاجتهاد.
الشرط الثاني: أن يكون السند التنفيذي لحق محدد المقدار:
فلا يكون لحق قابل للزيادة والنقصان، كالحكم بالاستحقاق في تركة، أو ريع وقف، أو جبر ضرر، دون تحديد لقدر ذلك الحق، الأمر الذي من شأنه أن يؤذن بحصول نزاع جديد عند التنفيذ.
الشرط الثالث: أن يكون الحق الذي تضمنه السند التنفيذي حال الأداء:
فلا يجوز التنفيذ لسند تنفيذي يتضمن حقا مؤجلا إلى أجل لم يحل بعد، أو معلقا على شرط لم يقع بعد، أو مشروطا بعدم وجود مانع وقد وجد، فالحكم لابد أن يكون باتا، ولا يجوز التنفيذ إلا إذا كان الحق لازما وحالا وقت التنفيذ.
الشرط الرابع: أن يكون الحق ثابتا ومستقرا:
فما كان محل نزاع فيرجع فيه إلى قضاء الموضوع ليفصل في النزاع ثم يصار إلى التنفيذ، وما كان الحق فيه غير مستقر لا يصح جعله أساسا للتنفيذ، مثل مطالبة الزوجة بكامل المهر قبل دخول زوجها بها؛ إذ قد يطلقها فلا تستحق إلا نصفه.
الشرط الخامس: أن يكون السند التنفيذي غير قابل للطعن والاعتراض بالطرق العادية:
فإنه لا يجوز تنفيذ أي سند تنفيذي مادام الطعن فيه ممكنا، ما لم يكن الحكم من الأحكام التي يجوز تنفيذها تنفيذا معجلا وفق النظم المتعلقة بها، أو نُصَّ عليه في السند التنفيذي وفقا للنظام.
والمراد بالطعن هو الطعن بالطرق العادية، وهي الاعتراض على الحكم أثناء النظر فيه أمام ناظر الدعوى وكذلك الاعتراض عليه أمام محكمة الاستئناف المختصة خلال المدد المحددة بالنظم ذات العلاقة.
أما طرق الطعن غير العادية، فلا تمنع تنفيذ السند، فيجوز تنفيذ السند التنفيذي ولو كان يجوز الطعن به بالطرق غير العادية، كطريق التماس إعادة النظر لدى محكمة الاستئناف، أو طلب النقض لدى المحكمة العليا.
الشرط السادس: أن يكون السند التنفيذي متضمنا إلزاماً بحق أو التزاماً بحق:
بمعنى أن يكون سندا إيجابيا لا سلبيا، ويكون السند سلبيا إذا لم يتضمن إثبات حق يلزم به أحد طرفي السند التنفيذي، كالسندات التي يحكم فيها مثلا بصرف النظر عن دعوى المدعي، أو الحكم ببراءة ذمة المدعى عليه، أو الحكم بفسخ عقد، مما لا تتطلب إلزام المحكوم عليه بالقيام بعمل معين، أو أداء حق ثابت،والذي يطلق عليه قضاء الترك.
الشرط السابع: أن يكون صدور السند التنفيذي بعد سريان نظام التنفيذ:
أي أن يكون صادرا بعد تاريخ: 18/4/1434هـ، وهو التاريخ الذي بدأ فيه العمل بنظام التنفيذ، ودخل النظام حيز التطبيق، وعلى هذا فلا تسري أحكام هذا النظام على السندات التي صدرت قبل هذا التاريخ، عملا بمبدأ عدم سريان الأنظمة بأثر رجعي على ما كان قبل صدورها.
وعلى هذا، فالسندات التنفيذية التي صدرت قبل هذا التاريخ يتم تنفيذها وفق ما كان عليه العمل قبل صدور نظام التنفيذ، حيث تتولى الجهات التنفيذية الإجراءات الإدارية، ثم تحيل إلى قاضي التنفيذ ما يتعلق بالإجراءات القضائية كالحجز أموال المدين أو بيعها وذلك وفق أحكام نظام المرافعات الشرعية ([3]) .
خلو السند التنفيذي عن بيان ميعاد الاستحقاق:
ينبغي التنبه إلى أن السند التنفيذي إذا يبين فيه ميعاد الاستحقاق فإنه يعتبر حال الأداء، وللمعترض بدعوى عدم حلوله التقدم بدعوى لقاضي الموضوع، ولا يوقف التنفيذ إلا بقرار منه ([4]) .
مسألة: طعن المدين في السند التنفيذي:
قد يطعن المدين في السند التنفيذي بأحد أمرين:
الأول: الطعن بالتزوير: وفي هذه الحال فإن قاضي التنفيذ يتيح له المجال لإثبات الطعن، بأن يعطيه مهلة ليرفع الدعوى، مع أخذ الكفالة اللازمة عليه.
الثاني: الطعن في إجراءات التقاضي المتخذة من مصدر الحكم: فهذا لا يلتفت له قاضي التنفيذ، بل يستمر في إجراءات التنفيذ؛ لأن المدين أتيح له الوقت الكافي للطعن في ذلك والاعتراض عليه في مرحلة التقاضي، فلا يعاد ذلك مرة أخرى في التنفيذ.
أنواع السندات التنفيذية:
أولا- الأحكام والقرارات والأوامر الصادرة من المحاكم:
والمراد بالحكم: هو كل حكم صادر عن جهة قضائية في دعوى رفعت إليها طبقاً لقواعد أصول المحاكمات، فهو يتميز بوصفين:
1. كونه صادراً عن سلطة قضائية مكونة وفقاً لأحكام النظام.
2. كونه صادراً في منازعة واقعة بين خصوم و طبقاً للقواعد المقررة للفصل فيها.
وأما القرار القضائي: فهو الإجراء الصادر من القاضي بناء على طلب من أحد طرفي النزاع وليس فاصلا بموضوعه فصلا نهائيا.
كما يطلق القرار القضائي على الإجراءات الصادرة من محكمة الاستئناف المختصة أو المحكمة العليا حيال رأيها في الأحكام الصادرة من القضاء الابتدائي.
والأمر القضائي: هو ما يصدره القاضي من أوامر بناء على طلب الخصم دون سماع أقوال الخصم الآخر ودون تكليفه بالحضور.
وقيل هو: أمر من الأمور التي ينطق بها القاضي ضد أحد طرفي الخصومة، كأن يأمره بالقيام بإحضار دفتر الحسابات، أو أن يمتنع عن التصرف بالعين المدعى بها، ولكنه ليس هو الفيصل في النزاع، وقد يكون مقدمة له.
وتصدر هذه القرارات والأوامر في أحوال معينة استثنائية نص عليها المنظم، وخالف فيها القواعد الأساسية في الالتجاء إلى القضاء وأجاز للخصم الإدلاء بالطلب أمام القاضي في غيبة خصمه.
وكما سبق فإنه يشترط أن تكون هذه الأحكام والقرارات والأوامر مكتسبة للقطعية، ولابد أن تكون مذيلة بالصيغة التنفيذية من مصدرها. إلا إذا كانت مشمولة بالنفاذ المعجل.
والأحكام التي اكتسبت الصفة القطعية هي :
1- الأحكام الصادرة أو المصدقة من محكمة الاستئناف .
2- الأحكام التي فات آخر ميعاد للاعتراض عليها .
3- الأحكام التي قنع بها المحكوم عليه ما لم يكن المحكوم عليه ناظر وقف أو وصياً أو ولياً أو مأمور بيت مال أو ممثل جهة حكومية ونحوه أو كان المحكوم عليه غائباً.
4- الأحكام المستثناة في الدعاوى اليسيرة بموجب قرار المجلس الأعلى للقضاء ([5]).
ومن الجدير بالذكر أن من الأحكام مكتسبة القطعية ما لا ولاية لقاضي التنفيذ على تنفيذه كإلزام المرأة بالانقياد لبيت الزوجية إذا تم الحكم على الزوجة بالعودة إلى بيت الزوجية فإن هذا الحكم لا يذيل بالصيغة التنفيذية ولا يجري تنفيذه جبراً عليها بمعنى أنه لا يتم اقتيادها بواسطة الشرطة من بيت أهلها إلى بيت زوجها, إنما تُفهم عند الحكم بسقوط حقوقها الزوجية من نفقة وكسوة وسكنى وقَسْمٍ إن هي رفضت العودة لأنها تكون حينئذ ناشزاً, ويُدوَّن ذلك في الضبط والصك وبذلك فتنفيذ الحكم على الزوجة بالانقياد يكون من قبل مصدره بإفهامها أمر النشوز ([6])، ومثله أيضاً ما إذا صدر حكم بثبوت طلاق أو فسخ، فإن تنفيذه يكون بإفهام الأطراف تبعاته وهذا من اختصاص مصدره.
ثانيا-أحكام المحكَمين المذيلة بالصيغة التنفيذية وفقا لنظام التحكيم:
التحكيم هو: اتفاق بين طرفي خصومة معينة على تولية من يفصل في منازعة بينهما بحكم ملزِم يطبق الشريعة الإسلامية.
وقيل: هو اتفاق طرفين على التحاكم إلى ثالث ليحكم فيما شجر بينهما مما يسوغ فيه ذلك.
وقيل هو: الاتفاق على طرح النزاع على أشخاص يسمون محكمين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة به.
صدر نظام التحكيم بالمرسوم الملكي رقم م/34 بتاريخ 24/5/1433هـ وجاء في المادة الثانية والخمسين منه أن حكم المحكمين إذا صدر وفقا لأحكام نظام التحكيم حاز حجية الأمر المقضي به، وأصبح واجب النفاذ ([7]) .
الفرق بين التحكيم والقضاء:
يشترك التحكيم والقضاء في فصل المنازعات.
ويختلف التحكيم عن القضاء من وجوه أبرزها:
1- المحكم يقتصر اختصاصه في نظر الدعوى المحكم فيها فقط، وليس له النظر في غيرها إلا بتحكيم جديد؛ لأن ولايته تنتهي بالحكم في القضية المحكم فيها، وليس القاضي كذلك؛ لأنه مولى من قبل السلطان، فله النظر في كل ما يدخل في اختصاصه من غير استئناف التولية.
2- حكم المحكم لا يتعدى أطراف التحكيم ولو ثبت ببينة لديه، بخلاف القاضي فله أن يدخل كل من له شأن في القضية وله أن يحكم له أو عليه.
3- لا يصح حكم المحكم على ولي صغير ومجنون ونحوهما بما فيه ضرر عليهم؛ بخلاف القاضي فله الحكم عليهم.
4- المحكم لا يتقيد بالاختصاص المكاني، بخلاف القاضي فإنه مقيد بحدود ولايته المكانية.
ثالثا-محاضر الصلح التي تصدرها الجهات المخولة بذلك أو التي تصادق عليها المحاكم:
الصلح هو: إنهاء الخصومة بتراضي المتنازعين، وقيل هو: معاقدة على ما ينهي الخلاف بين الطرفين.
يعتبر الصلح إذا صدر ممن له صفة الدعوى وكان بكامل التكليف الشرعي، ولم يتضمن الصلح أمرا محرما أو يمس حق وقف أو وصية أو قاصر.
ويشترط في محضر الصلح حتى يكون سندا تنفيذيا لا محررا عاديا أن يكون صادرا من جهات مخولة بذلك، أو أن تصادق عليه المحاكم.
والجهات المخولة بالصلح هي المرخص لها من وزارة العدل بذلك، فإذا لم تصادق المحكمة المختصة على محاضر الصلح، أو كانت صادرة من جهة غير مخولة فتعامل كالورقة العادية وتأخذ حكمها ([8]) .
الفرق بين الصلح والتحكيم:
1. يعين المصلح برضا الخصوم واختيارهم، أما المحكم فقد يعين برضا الخصوم وقد يكون بغير رضاهم.
2. رأي المصلح غير ملزم ما لم يوافق عليه جميع الخصوم، أما حكم المحكم فهو ملزم للأطراف ولو لم يوافقوا عليه.
3. لا يتم الصلح إلا بتنازل أحد الأطرف أو جميعهم عن بعض مطالبه، بخلاف التحكيم فلا يشترط ذلك لتمامه.
4. يتم الصلح بتلاقي إرادة الأطراف على أمر معين، أما التحكيم فله إجراءات قضائية محددة.
5. يشترط في المحكم توافر صفات معينة، بخلاف المصلح.
6. الصلح ينتهي به النزاع، بخلاف التحكيم فهو خطوة إلى إنهاء النزاع.
رابعا-الأوراق التجارية:
الأوراق التجارية هي: صكوك ثابتة قابلة للتداول بطريق التظهير تمثل حقا نقديا وتستحق الدفع بمجرد الاطلاع عليها أو بعد أجل.
وهي ثلاثة أنواع: الشيك، والكمبيالة، والسند لأمر، والفرق بينها:
1- أن الكمبيالة والشيك فيها ثلاثة أطراف: مستفيد (دائن) وساحب (مدين) ومسحوب عليه (الوكيل في التسليم)، أما السند لأمر فليس فيه سوى طرفين دائن ومدين.
2- أن الكمبيالة والسند لأمر تتضمنان دينا مؤجلا، بخلاف الشيك فهو حال.
ويشترط لتكون سندا تنفيذيا أن يتوافر فيها الشروط النظامية الواردة بالمواد: (1-2)، (87-88)، (91-92)، من نظام الأوراق التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/37 في 11/10/1383هـ، وإلا عدت ورقة عادية تأخذ حكم المحررات العادية.
“والورقة التجارية تعتبر سندا تنفيذيا بذاتها يجوز تنفيذها ضد الساحب، لكن في حال معارضته للحق الذي تضمنته لأي سبب من الأسباب كمعارضته على استحقاق المستفيد من قيمة الورقة التجارية فعليه التقدم بدعوى موضوعية لدى المحكمة المختصة – كالمحكمة العامة لو كانت المعارضة بسبب عدم استحقاق المستفيد قيمة العقار الذي حررت الورقة التجارية ثمنا له – على أن ذلك لا يعتبر موجبا لوقف التنفيذ، بل يستمر قاضي التنفيذ بإجراءات التنفيذ ما لم يرد من المحكمة المختصة بنظر النزاع قرار بالتوقف” ([9]) .
خامسا – العقود والمحررات الموثقة:
هي: العقود المبرمة بين المتعاقدين والتي تم توثيقها وفقا لنظام التوثيق – قيد الإصدار-، ويشترط للعقد الموثق لاكتسابه صفة السند التنفيذي أن يكون موثقا من قبل جهات التوثيق المعتمدة من قبل وزارة العدل وفقا لنظام التوثيق وفي حدود اختصاص الموثق ([10]) .
ويشترط للعقد الموثق لاكتسابه صفة السند التنفيذي ما يلي:
1- أن يكون موثقا من قبل جهات التوثيق المعتمدة من قبل وزارة العدل وفقا لنظام التوثيق.
2- أن يكون في حدود اختصاص الموثق.
سادسا- الأحكام والأوامر القضائية وأحكام المحكمين والمحررات الموثقة الصادرة في بلد أجنبي :
الأحكام أو الأوامر القضائية الأجنبية هي: التي صدرت باسم سيادة دولة ما ويراد تنفيذها في دولة أخرى.
فاعتبار الحكم أو القرار القضائي أجنبيا أو وطنيا ينظر فيه إلى مكان صدوره، داخل الحدود السياسية للدولة أو خارجها، وهو اصطلاح تعارفت عليه عامة دول العالم.
والأمر بتنفيذ حكم أو أمر قضائي أجنبي هو: إجراء قضائي به يمنح الحكم قوة تنفيذية في البلد الذي يراد تنفيذه فيه، فيكون قابلا فيها للتنفيذ الجبري كما هو قابل له في أرض الدولة التي صدر فيها ([11]) .
والأحكام والقرارات القضائية الأجنبية تأخذ أحكام مثيلاتها الصادرة في المملكة العربية السعودية من حيث شروط اعتبارها سندات قابلة للتنفيذ، وتضاف عليها الشروط التالية:
1- أن يكون تنفيذها على أساس المعاملة بالمثل بإفادة رسمية من وزارة العدل.
2- أن يرفق طالب التنفيذ بطلبه نسخة رسمية من الحكم, أو الأمر الأجنبي.
3- التحقق أن محاكم المملكة غير مختصة بالنظر في المنازعة التي صدر فيها الحكم أو الأمر، وأن المحاكم الأجنبية التي أصدرته مختصة بها وفقاً لقواعد الاختصاص القضائي الدولي المقررة في أنظمتها بأن يرفق بها شهادة بأن الحكم صادر من جهة قضائية مختصة بنظر القضية في البلد الأجنبي.
4- أن الخصوم في الدعوى التي صدر فيها الحكم قد كلفوا بالحضور ومثلوا تمثيلاً صحيحاً، ومكنوا من الدفاع عن أنفسهم، ولابد من إرفاق نسخة من مستند تبليغ الحكم مصدقاً عليها بمطابقتها لأصلها, أو أي مستند آخر من شأنه إثبات إعلان المدعى عليه إعلاناً صحيحاً, وذلك في حالة الحكم الغيابي.
5- أن الحكم أو الأمر أصبح نهائياً وفقاً لنظام المحكمة التي أصدرته، وذلك بأن يرفق به شهادة بأن الحكم أصبح نهائياً حائزاً لقوة الأمر المقضي به ما لم يكن ذلك منصوصاً عليه في الحكم ذاته,
6- التحقق من أن السند لا يتعارض مع حكم أو أمر صدر في الموضوع نفسه من جهة قضائية مختصة في المملكة، وكذلك التحقق من عدم وجود دعوى قائمة في المملكة سابقة على الدعوى التي صدر الحكم أو الأمر الأجنبي فيها.
7- ألا يتضمن السند ما يخالف أحكام النظام العام في المملكة وهو أحكام الشريعة الإسلامية.
8- ألا يكون هناك دعوى قائمة في المملكة سابقة على الدعوى التي صدر الحكم , أو الأمر الأجنبي فيها.
9- تصديق الوثائق من وزارتي الخارجية والعدل , وتُترجم إلى اللغة العربية من مكتب ترجمة معتمد ([12]) .
أما ما يتعلق بالمحررات الموثقة الصادرة في بلد أجنبي، فقد اشترط النظام لجواز الأمر بتنفيذها شرطين:
1- توفر الشروط المقررة في أنظمة البلد الأجنبي لتنفيذ المحررات الموثقة القابلة للتنفيذ الصادرة في المملكة.
2- أن يكون ذلك على أساس المعاملة بالمثل ([13]) .
سابعا- الأوراق العادية التي يقر باستحقاق محتواها كليا أو جزئيا :
الورقة العادية: هي التي يتم توقيعها وإمضائها أو بصمتها من أصحاب الشأن بصفتهم العادية ([14]) .
وهذا شامل لكل ما يقر به المدين من حقوق عليه تجاه مدينه إذا لم يكن موثقاً، فكل ما أقر به المدين فهو سند تنفيذي، سواء كان موثقا، أو ورقة عادية.
الفرق بين الورقة العادية والرسمية:
أن الورقة العادية هي التي يتم توقيعها وإمضائها أو بصمتها من أصحاب الشأن بصفتهم العادية، أما الورقة الرسمية فهي التي تصدر من صاحب الشأن بصفته الوظيفية في حدود اختصاصه الوظيفي.
ويتم اعتبار المحرر العادي سندا تنفيذيا إذا صادق أصحاب الالتزام فيها على ما ورد فيها من التزامات سواء كانت المصادقة على جميع ما ورد فيها من الالتزامات أو على جزء منها.
فالالتزام المصادق عليه يعد المحرر بشأنه سندا قابلا للتنفيذ ([15]) ، فإذا أنكرها من نسبت إليه أو صادق عليها لكنه دفع بالإبراء أو التأجيل ونحو ذلك فلا تعد سندا تنفيذيا ويكون النظر فيها من اختصاص قاضي الموضوع.
فيشترط لاعتبارها سندا تنفيذيا ثلاثة شروط:
1- أن تكون مكتوبة، فإذا كان الإقرار غير مكتوب كان الاختصاص في إثبات هذا الحق لدى قاضي الموضوع.
2- أن تكون موقعة ممن صدرت منه أو عليها ختمه أو بصمته.
3- أن يكون المراد التنفيذ عليه هو الملتزم بمقتضى الورقة العادية.
4- أن يقر من نسبت إليه بمحتواها، كليا أو جزئياً، ولا يدفع بالإبراء أو التأجيل ([16]) .
ثامنا- العقود والأوراق الأخرى التي لها قوة السند التنفيذي بموجب نظام:
هذا عموم بعد خصوص، فكل عقد أو ورقة لم تكن ضمن السندات التنفيذية الواردة في هذه المادة، لكن الأنظمة السعودية أعطتها قوة السند التنفيذي، فتعتبر سندا تنفيذيا.
وهذا مثل قرار رسو المزاد، فقد اعتبره نظام التنفيذ سنداً تنفيذياً ([17]) ، ومثله محضر توزيع حصيلة التنفيذ الرضائي ([18]) .
ومثل قرار لجنة المساهمات العقارية، فإنه يعتبر سندا تنفيذيا، بناء على الفقرة الثانية من قرار مجلس الوزراء رقم 274 وتاريخ 15/9/1432هـ والتي نصت على أن: “تتولى لجنة المساهمات العقارية إصدار القرارات اللازمة في شأن التنفيذ على أموال أصحاب المساهمات الثابتة والمنقولة بما يغطي حقوق المساهمين وإحالتها إلى قضاة التنفيذ في المحاكم العامة لتنفيذها” ([19]) .
إعداد: د. فهد القرعاوي / د. فهد الحسون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) شرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 11).
([2])شرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 46-47).
([3]) انظر المادة التاسعة ولوائحها التنفيذية والمادة العاشرة واللائحة التنفيذية رقم (98/1) من نظام التنفيذ، وإجراءات التنفيذ، لأحمد ابو الوفاء (صـ 152-156)، وشرح نظام التنفيذ لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 47-50).
([4]) انظر اللائحة التنفيذية رقم (9/8) من نظام التنفيذ.
([5]) انظر إجراءات التنفيذ، لأحمد أبو الوفا (صـ 48-80) و(صـ 106)، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (50-51)، والنظرية العامة للتنفيذ القضائي الجبري، لطلعت محمد دويدار (صـ57-89).
([6]) انظر المادة الخامسة والسبعين من نظام التنفيذ، واللائحة التنفيذية رقم 168/3 من نظام المرافعات الشرعية.
([7]) انظر إجراءات التنفيذ، لأحمد أبو الوفا (صـ90-91)، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 51).
([8]) انظر شرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 51-52).
([9]) شرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 52).
([10]) انظر شرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 52).
([11]) انظر إجراءات التنفيذ، لأحمد أبو الوفا (صـ 129)،
([12]) انظر المادة الحادية عشرة ولوائحها التنفيذية والمادة الثانية عشرة من نظام التنفيذ.
([13]) انظر المادة الثالثة عشرة من نظام التنفيذ.
([14]) انظر اللائحة التنفيذية رقم (9/9) من نظام التنفيذ.
([15]) انظر إجراءات التنفيذ، لأحمد أبو الوفا (صـ90-91)، وشرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 55).
([16]) انظر المادة الخامسة عشرة واللائحة التنفيذية رقم (9/9) من نظام التنفيذ.
([17]) انظر المادة الثالثة والخمسين.
([18]) انظر المادة الثامنة والخمسين
([19]) انظر شرح نظام التنفيذ، لعبدالعزيز الشبرمي (صـ 55)