شرح مبسط عن جريمة الافلاس وعقوبتها في القانون المصري
أن مشروع قانون الإفلاس الجديد هو خطوة جادة في سبيل تحفيز الاستثمار و جذب رؤوس الأموال المحلية و الأجنبية. أن توفير البنية التحتية القانونية هي من أهم عوامل بناء قواعد التنمية المستدامة وأن مناخ الاستثمار المصري كان في حاجة ماسة إلى إصدار مثل تلك التشريعات التي تحمي المشروعات الاستثمارية وتبعث الثقة لدى المستثمرين. أن هذه النظرية تعتمد على توفير المناخ الملائم للمستثمرين وأصحابها يعللون قرارهم بأنه يشجع على الاستثمار، وينهي حالة الخوف داخلهم. أن إلغاء عقوبة الحبس والاكتفاء بالغرامة في قضايا الإفلاس، أكبر وسيلة لطمأنة المستثمرين والشركات، ومن ثم فإن التوقعات تشير خلال الفترة المقبلة لزيادة التدفقات الاستثمارية للسوق.
فمفهوم الإفلاس فقها توقف التاجر المدين عن دفع ديونه التجارية المستحقة ومن ميزاته أنه يتأسّس على فكرة معاقبة المتوقف وطرده من عالم التجارة القائم على الثقة والائتمان والصدق في المعاملات وحسن الإدارة. لذا تصفى أموال المدين تصفية جماعية ثم يوزع الناتج منها على جميع الدائنين، كل بنسبة دينه، عملاً بمبدأ المساواة. وفي نفس الوقت يكفل نظام الإفلاس حماية الدائنين وذلك عن طريق تقرير بطلان التصرفات التي يعقدها التاجر المدين خلال الفترة المشبوهة التي تسبق حكم الإفلاس.
ومعلوم أن أسباب توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية هي أسباب عديدة قد تفضي به تارة إلى الإفلاس وطوراً إلى الإفلاس ألتقصيري وتارة إلى الإفلاس الاحتيالي.
فالإفلاس البسيط يحصل عندما يتوقف التاجر عن دفع ديونه التجارية بسبب ظروف سياسية أو اقتصادية طارئة تؤدي إلى نقص أو ضعف في قيمة ومجوداته ناتج عن كساد السوق أو المواسم أو عن حرب أو عسر أو خسارة لحقت ببعض زبائنه فتأثر بها.
أما الإفلاس ألتقصيري فإنه ينجم عن أخطاء يرتكبها التاجر، كأن يسيء ويبالغ في الإنفاق على نفسه وعائلته أو أنه قد يعمد إلى المضاربات في الأسواق المالية (البورصات) أو إلى استعمال سندات الإعارة أو سحب شيكات بدون رصيد، فمثل هذه الأعمال تشكل جنحة الإفلاس التقصيري المعاقب عليها جزائياً بعقوبة جنحة.
أما الإفلاس الاحتيالي فإنه يحصل عندما يلجأ التاجر إلى إخفاء أمواله والهرب بها أو ببعضها، أو عندما يلجأ إلى إخفاء دفاتره أو ارتكاب التزوير فيها، مما يوجب محاكمته جنائياً بذلك.
يميز بين الإفلاس والإعسار فالإفلاس هو نظام خاص بالتجار، أما الإعسار فهو نظام خاص بالمدين غير التاجر،. وإذا كان المشرع قد اعتد بمعيار التوقف عن دفع الديون التجارية المستحقة على التاجر من أجل شهر إفلاسه بسبب الضرر الكبير الذي يصيب الدائنين نتيجة لذلك، فإن الإعسار يعني فقط عدم كفاية أموال المدين للوفاء بديونه، مما يوجب عملاً بالحكم القاضي بشهر الإفلاس استحقاق كل ما في ذمة المدين من ديون مؤجلة.
وفيما يتعلق بالخصائص العامة للإفلاس فإنه نظام جماعي يهدف لتصفية أموال التاجر المدين المتوقف عن دفع ديونه التجارية. أن مشروع القانون الجديد يتماشى مع المعايير الدولية والطبيعة القـــــانونية و الاجتماعية للمجتمع المصري. وأن مشروع القانون الجديد قد عنى بتنظيم عملية إعادة الهيكلة المالية و الإدارية للمشروعات المتعثرة أو المتوقفة عن الدفع في محاولة لإقالتها من عثرتها وكذا تنظيم تخارجها من السوق بشكل يضمن حقوق جميع الأطراف من دائنين ومدينين و عاملين بالمشروع في سبيل توفير المناخ الملائم و الجاذب للاستثمارات المصرية و الأجنبية.
واستحدث المشروع إنشاء نظام الوساطة بهدف تقليل حالات اللجوء إلى إقامة دعاوى قضائية وتشجيع المشروع المتعثر أو المتوقف عن الدفع إلى اللجوء للوسيط، كما هدف إلى تبسيط إجراءات ما بعد شهر الإفلاس بما يحقق مرونة و سرعة تتفق مع المشاكل العملية الناتجة عن تطبيق أحكام الباب الخامس من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بشأن الإفلاس، و أنشأ إدارة للإفلاس بالمحاكم الاقتصادية تختص بمباشرة إجراءات الوساطة في طلبات إعادة الهيكلة و الصلح الواقي من الإفلاس و شهر الإفلاس و تحضير تلك الطلبات.
كما أنشأ جدول لخبراء لجنة إعادة الهيكلة يلحق بجداول خبراء المحاكم الاقتصادية يضم الشركات و المكاتب المتخصصة في إعادة الهيكلة، واستحدث نظاماً لإعادة الهيكلة التي تتم على نشاط التاجر بهدف مساعدته على الخروج من مرحلة الاضطراب المالي عن طريق إعداد خطة لإعادة هيكلة نشاطه من الناحية الإدارية و المالية مع جدولة ديونه.
كما نظم اعتماد خطة إعادة الهيكلة و الموافقة عليها من قبل التاجر و الدائنين، وتبنى نظام الصلح الواقي من الإفلاس الوارد بقانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 الذي يخاطب فيه التاجر المضطربة أعماله و لم يصل بعد إلى مرحلة التوقف عن الدفع، و حرص على الجمع بين نظام إعادة الهيكلة و الصلح الواقي من الإفلاس لاختلاف كل منهما عن الآخر، وكذا طرق استرداد الأشياء التي تثبت ملكيتها للغير من التفليسة و الموجودة في حيازة المفلس أو تحت يده مع تحديد مدة زمنية للتقدم بذلك حفاظاً على استقرار الأوضاع و حقوق الغير.
وحدد حالات قفل و إنهاء التفليسة و التي وردت على سبيل الحصر و طرق الطعن على تلك القرارات و مواعيدها، و نظم شروط رد الاعتبار و إجراءاته وكيفية الفصل فيه، و دمج جرائم التفالس الواردة بقانون العقوبات و كذا جرائم الصلح الواقي من الإفلاس الواردة بقانون التجارة، فضلاً عن إلغاء عقوبة الحبس في جريمة التفالس بالتقصير و الاكتفاء بالغرامة فقط و إضافة عقوبة الغرامة إلى جانب عقوبة الحبس في جرائم الصلح الواقي من الإفلاس و جعل القضاء بأيهما تخيريًا للمحكمة، وتغليظ عقوبة المفلس بالتدليس بالسجن و بالغرامة مجتمعين.
ويترتب على الحكم بشهر الإفلاس آثار هامة تتعلق بشخص التاجر المفلس من جهة وبأمواله من جهة أخرى، بحيث تسقط بعض الحقوق السياسية والمدنية عن المفلس لحين استعادة اعتباره فيها وفق إجراءات قانونية محددة. وكذلك تغل يد المفلس المذكور عن إدارة أمواله والتصرف بها بحيث تنتظم جماعة الدائنين في هيئة مؤقتة يمثلها وكيل التفليسة /السنديك.
وبعد صدور حكم الإفلاس واتخاذ الإجراءات الهادفة إلى تحديد أصول ذمة المفلس وخصومها تحت إشراف القاضي المنتدب من قبل المحكمة، يتخذ الدائنون أحد الحلول الأربعة التي تنتهي به التفليسة.
**فإما أن يمنح المفلس صلحاً بسيطاً يبقيه على رأس تجارته،
**وإما أن يمنح صلحاً مع التنازل عن موجوداته ومع إبرائه من ديونه التجارية في المقابل،
** وإما أن يعلن إتحاد الدائنين بحيث تصفى أمواله وتوزع عليهم كل بنسبة حصته،
**أو أن تقفل التفليسة إذا تبين أن موجوداته ضعيفة لا تكفي لتحمل نفقاتها.
ومن الممكن أن يحصل التاجر المدين على الصلح الواقي من الإفلاس إذا كان حسن النية هذا ما يدعى بالصلح الاحتياطي.
المفلس الحقيقي: هو الذي اشتغل في التجارة على رأس مال معلوم يعتبره العرف كافيا للعمل التجاري الذي اشتغل فيه ووجدت له دفاتر منظمة ولم يبذر في مصرفه ووقع على أمواله حرق أو غرق أو خسارات ظاهرة فإذا توفرت هذه الشروط يكون مفلسا حقيقيا (نظام المحكمة التجارية).
المفلس المقصر: هو التاجر الذي يكون مبذرا في مصاريفه ولم يبين عجزه في وقته، بل كتمه على غرمائه واستمر يشتغل في التجارة حتى نفد رأس ماله وإن وجدت له دفاتر منظمة (نظام المحكمة التجارية).
المفلس الاحتيالي: لا يعبر عنه بمفلس إلا لتوزيع موجوداته على غرمائه، بل هو محتال والمحتال من استعمل ضروب الحيل والدسائس في رأس ماله أو قيد بدفاتره ديونا عليه باسم أحد آخر بصورة كاذبة أو حرر بها سندات أو فراغ أمواله وعقاره إلى غيره بطريقة نقل الملك أو أخفى شيئا من أمواله واشتغل في التجارة بطريق التمويه والاحتيال أو تغفيل التجار على أية صورة كانت وسواء كان مبذرا أو لم يكن مبذرا أو لم توجد له دفاتر أو وجدت وكانت غير منظمة وأضاع حقوق العباد بتلك الصورة، فيكون محتالا
جرائم الإفلاس
عندما يعجز المدين عن الوفاء بديونه، يحق لدائنيه أن يستوفوا حقوقهم عن طريق التنفيذ على أمواله. أما إذا كان المدين تاجراً وتوقف عن دفع ديونه التجارية في مواعيد استحقاقها، فيتم إعلان إفلاسه بحكم من المحكمة المختصة، بغض النظر عما إذا كان المدين تاجراً موسراً أو معسراً. ويقوم نظام الإفلاس على تصفية أموال المدين تصفية جماعية وتوزيع الثمن الناتج منها على الدائنين، كلٌ بنسبة دينه تحقيقاً للمساواة بين الدائنين، وإبطال التصرفات التي يبرمها المدين خلال الفترة السابقة على الإفلاس (المسماة بفترة الريبة)، وغلّ يد المفلس عن إدارة أمواله والتصرّف بها. وقد نص قانون التجارة على أنه «يعتبر في حالة الإفلاس كل تاجر ينقطع عن دفع ديونه التجارية، وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاء أنها غير شرعية». فنظام الإفلاس هو نظام خاص بالتجار وحدهم، ولا يطبّق على غيرهم.
غير أنه قد يكون الإفلاس ناجماً عن أفعال جرمية يرتكبها التاجر بقصد الاعتداء على حقوق دائنيه وحرمانهم من استيفاء حقوقهم أو جزء منها. وقد نصت المادة 438 وما يليها حتى 442 من قانون العقوبات على الحالات التي يعتبر الإفلاس فيها جرماً جنائيا يعاقب عليه القانون.
الإفلاس والغش إضرارا بالدائن
المادة (438)
1- المفلسون احتيالاً على الصورة المبينة في الأحكام الخاصة بالإفلاس ومن يظهر بمقتضى الأحكام المذكورة أنهم شركاء لهم في التهمة يعاقبون بالأشغال الشاقة المؤقتة.
2- كل من اعتبر مفلساً مقصراً ، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنتين.
المادة (439) عند إفلاس شركة تجارية يعاقب بالعقاب المنصوص عليه في الفقرة الأولى من المادة (438) عدا الشركاء في (الكولكتيف) والشركاء العاملين في شركات المضاربة ، كل من:
أ- الشركاء المضاربون الذين اعتادوا التدخل في أعمال الشركة.
ب- مديرو الشركة المضاربة بالأسهم والمسؤولية المحددة.
ج- المديرون وأعضاء مجلس الإدارة والوكلاء المفوضون وأعضاء مجالس المراقبة ومفوضوا المحاسبة وموظفوا الشركات المذكورة وشركاء المساهمة. إذا أقدموا بنفسهم على ارتكاب عمل من أعمال الإفلاس الاحتيالي أو سهلوا أو أتاحوا ارتكابه عن قصد منهم أو إذا نشروا بيانات أو موازنات غير حقيقية أو وزعوا أنصبة وهمية.
المادة (440)
إذ أفلست شركة تجارية ، يعاقب بعقوبة الإفلاس التقصيري كل من أقدم من الأشخاص المذكورين أعلاه في إدارة الشركة أو العمل لمصلحتها على ارتكاب جرم من الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (2) من المادة (438).
(2) الغش إضراراً بالدائنين
المادة (441)
إن المدين الذي يقوم بقصد إضاعة حقوق الدائنين أو منع التنفيذ في أمواله الثابتة على إنقاص أمواله بأي شكل كان ولا سيما بتوقيع سندات وهمية أو بالإقرار كذباً بوجود موجب أو بإلغائه كله أو بعضه أو بكتم بعض أمواله أو تهريبها أو ببيع بعض أمواله أو إتلافها أو تعييبها. يعاقب بالحبس مدة شهر واحد حتى ستة أشهر وبغرامة
المادة (442)
إذا ارتكبت الجريمة باسم شركة أو لحسابها فان هذه الشركة تستهدف للتدابير الاحترازية كما يستهدف للعقوبات المنصوص عليها في المادة السابقة الأشخاص المسئولون في الشركة الذين يساهمون في الفعل أو يسهلون أو يتيحون ارتكابه عن قصد منهم.
إخفاء الدفاتر:
الإخفاء هو إبعاد الدفاتر ذاتها أو محتوياتها عن إطلاع الدائنين، إما بتمزيقها أو إحراقها، وإما عبر طمس محتوياتها أو محوها أو كشطها بصرف النظر عما إذا كانت تلك الدفاتر إلزامية بمقتضى القانون أم اختيارية.
يقصد بالاختلاس إبعاد مال المدين التاجر عن متناول دائنيه لمنعهم من استعمال حقهم في التنفيذ عليه لاستيفاء حقوقهم، أو إتلافه أو استهلاكه أو التخلي عنه أو بيعه أو وهبه أو إيداعه في مصرف باسم شخص آخر. أما إخفاء المال فيعني إنكار وجوده أو إنكار انتمائه إلى أموال التفليسة؛ كنقل المال أو جزء منه من متجر معروف إلى متجر مجهول أو إلى بيت التاجر أو قريبه، أو الإدعاء بأنه ملك الزوجة. وسواء أكان المال منقولاً أم عقاراً، مادياً أم مجرد حق قابل للتقدير بالنقود.
الاعتراف مواضعه بديون غير مستوجبة:
أي الاعتراف بديون لشخص آخر بقصد غش الدائنين وخداعهم والإضرار بهم؛ كأن يقر المفلس بدين وهمي آخر في ذمته لا وجود له قط، فيكون الدين غير حقيقي ويتوافر التواطؤ بين التاجر المفلس والدائن المزعوم.
جنحة الإفلاس التقصيري:
يختلف الإفلاس التقصيري عن الإفلاس الاحتيالي أنه في الحالة الأولى لم يقصد المدين المفلس الإضرار بدائنيه، إنما لم يبذل العناية والحرص الواجبين في عمله فأهمل إدارته أو أقدم على تصرفات متّسمة بالرعونة أدّت إلى انهيار مشروعه التجاري وعرّضت حقوق الدائنين للضياع، خلافاً لحالة الإفلاس الاحتيالي التي تفترض توافر النية الجرمية لدى المفلس بالإضرار بدائنيه.
ويقسم الإفلاس التقصيري إلى نوعين: وجوبي (إلزامي)، وجوازي (اختياري).
– إقدام المفلس بعد التوقف عن الدفع، وفي سبيل تأخير الإفلاس، على شراء بضائع لبيعها بأقل من ثمنها أو عقد للغاية نفسها قروضاً أو تداول سندات أو توسل بطرق أخرى مرهقة للحصول على المال: وهنا يجب توافر شرطين: اقتراف هذه الأفعال بعد التوقف عن الدفع، وأن يكون الهدف منها تأخير شهر إفلاسه. ويعود للقاضي الناظر بالنزاع تحديد تاريخ توقف المفلس عن دفع ديونه التجارية وتاريخ ارتكابه تلك الأفعال، واستخلاص نية المفلس وهدفه منها في سبيل تأخير إعلان إفلاسه. كأن يقدم التاجر المفلس، بعد ثبوت توقفه عن دفع ديونه التجارية وفي سبيل تأخير إعلان إفلاسه، إلى وسائل ملتوية من أجل تأخير انهيار مشروع التجاري.
– إقدام المفلس بعد التوقف عن الدفع على إيفاء دائن إضراراً بكتلة الدائنين: وهذا يشكّل إخلالاً واضحاً بمبدأ المساواة بين الدائنين، ويشترط في هذه الحالة أن يكون الإيفاء بعد توقف التاجر المفلس عن دفع ديونه التجارية، حتى ولو لم تتوافر لدى المفلس نية الإضرار بالدائنين، ويعود تقدير ذلك للمحكمة الناظرة بالنزاع.
– زيادة نفقات المفلس الشخصية أو نفقات بيته عن الحد: أي أن يقدم التاجر المفلس على زيادة نفقاته الشخصية على نفسه أو زيادة نفقات بيته عن الحد المعقول على الرغم من ضائقته المالية؛ كأن تكون نفقاته مفرطة أو فاحشة بالنسبة إلى إيراداته. وتُعدّ تلك النفقات زائدة عن الحد إذا جاوزت ما ينفقه شخص عادي له المورد ذاته وفي مثل ظروفه.
– عقد تعهدات جسيمة لمصلحة الغير بدون عوض: أي إقدام التاجر المفلس على عقد تعهدات جسيمة بالنسبة إلى وضعيته عندما تعهد بها لمصلحة الغير بدون عوض، مما يؤدي إلى إثقال ذمة التاجر وإرهاق مشروعه التجاري بدون مقابل لما تعهد به؛ كقبول التاجر سندات مجاملة بدون مقابل أو رهن ماله تأميناً لدين شخص آخر بدون مقابل. ويجب إثبات جسامة هذه التعهدات بالنظر إلى وضعية التاجر عندما تعهد بها، مما يهدد كيان مشروعه التجاري أو يؤدي إلى اضطرابه.
***يستفاد من نص المادة 2/438 من قانون العقوبات ومن نص المادتين 316 و318 من قانون التجارة إن جريمة الإفلاس التقصيري تتحقق بتوافر الركنين التالين :
الأول إن يقوم المشتكي عليه بأفعال تجعله متوقفا عن دفع ديونه وهذا هو الركن المادي.
الثاني : وهو الركن المعنوي والذي يتوافر عندما يكون الإفلاس ناشئا عن خطأ أو تقصير المفلس ، وقد اوجب المشرع معاقبته لأنه قد قصر في بذل العناية والحرص الواجبين في تصرفاته أو أقدم على تصرفات متسمة بالرعونة ولم يتبصر بنتائجها في حين كان بوسعه توقيها .
**إن قيام التاجر بتمزيق قسم من دفاتره القديمة وإحراق قسم منها وإخفاء بعضها وإصدار عدة شيكات لا يقابلها رصيد قائم وأن بعض ديونه وهمية يجعل الإفلاس المبني على مثل هذه الأفعال الاحتيالية إفلاسا احتياليا يستحق فاعله العقاب المنصوص عليه في المادة (438) من قانون العقوبات.
*** إذا توقف المتهم عن دفع ديونه ولم يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاء أنها غير مشروعة فان هذا الوصف يشكل جريمة الإفلاس الاحتيالي ويكون تطبيق المادة (438) من قانون العقوبات عليه موافقا للقانون إذا أقدم على الأفعال المؤدية إلى الإفلاس الاحتيالي عن قصده وإرادة.
**** يستفاد من نص المادة (316) من قانون التجارة أنها اعتبرت في حالة إفلاس كل تاجر يتوقف عن دفع ديونه التجارية وكل تاجر لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل يظهر بجلاء أنها غير مشروعة ، وأن الحالة الثانية تنطبق على الإفلاس الاحتيالي وفاعلها يستحق العقاب المنصوص عليه في المادة (1/438) من قانون العقوبات.
**قانون العقوبات قد أفرد نصا خاصا بالمادة (438) على عقوبة التاجر المفلس المحتال ، وقد بين قانون التجارة حالات من الاحتيال ثم أطلق النص بحيث جعل جميع طرق الاحتيال سببا من أسباب الإفلاس ، فعلى هذا الأساس يكون التاجر المفلس احتيالا معاقبا بمقتضى المادة (438) من قانون العقوبات
**عرفت المادة 316 من قانون التجارة الإفلاس بأنه توقف التاجر عن دفع ديونه التجارية أو لا يدعم الثقة المالية به إلا بوسائل غير مشروعة ، كما إن اختلاس المال كركن من أركان الإفلاس الاحتيالي هو تعديل التاجر لوضعه المادي أو القانوني بقصد الحيلولة دون استعمال الدائنين حقهم في التنفيذ عليه ، إما تبديد المدين لأمواله فهو كل عمل مادي أو تصرف قانوني يأتيه المدين . ويكون من شأنه حرمان الدائنين استعادة المال، ويكفي لقيام القصد الجنائي لدى التاجر التوقف عن الد فع إن يكون عالما بأن التصرف الذي يقوم به باختلاس أو إخفاء قسم من أمواله أو تبديدها من شأنه إلحاق الضرر بدائنيه ودون إن يكون لزوما قصد الإضرار بالدائنين وعليه فان قيام المشتكي عليه بتحرير شيكات لا يقابلها رصيد ثمنا للبضاعة التي اشتراها من المشتكين وقيامه بتهريب هذه البضاعة بقصد الإضرار بالدائنين يشكل جرم الإفلاس الاحتيالي ويكون ما ذهب إليه المدعي العام وصادق عليه النائب العام من إن النزاع بين المشتكين والمشتكي عليهما هو نزاع مدني رغم إسناده جرمي إعطاء شيكات بدون رصيد وتهريب الأموال بقصد الإضرار بالدائنين هو قول لا يتفق مع الواقع والقانون.
الدكتور/ عادل عامر