دراسة لإشكالية تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة المصري كأحد حقوق المرأة
منذ انعقاد الجمعية العمومية لقضاة مجلس الدولة فى 15 فبراير 2010 لم يتوقف الجدل حول القرار الذى انتهت إليه أغلبية الجمعية العمومية برفض عمل المرأة قاضية بالمجلس، وبعدها – فى 22 فبراير 2010- شاهدنا انشقاقا داخل المجلس الخاص أعلى سلطة إدارية بالمجلس والذى تراجع عن قراراته السابقة بشأن تعيين مندوبين مساعدين بمجلس الدولة من خريجى وخريجات كليات الحقوق، وعلى خلفية هذا التراجع أصدر رئيس مجلس الدولة قراره رقم 92 لسنة 2010 باستكمال إجراءات تعيين من تقررت صلاحيتهم من بين المتقدمين لشغل وظيفة مندوب مساعد من خريجى وخريجات 2008- 2009 .وبعد هذا القرار تعالت خطابات بعض السادة القضاه حول إهدار رئيس المجلس للديمقراطية، وانفراده باتخاذ القرار، ومخالفته لقرارات المجلس الخاص والجمعية العمومية، وبلغت التصريحات حد التهديد بسحب الثقة منه وعزله اما عبر دعاوى قضائية أو جمعية عمومية طارئة. وفى 1 مارس 2010 انعقدت فعلا الجمعية العمومية الطارئة –الثانية- لمجلس الدولة بحضور 319 مستشار ليس من بينهم أى عضو من أعضاء المجلس الخاص، وانتهت بموافقة 317 مستشار على إرجاء إجراءات تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة، واعتبار الجمعية العمومية فى حالة انعقاد دائم لمتابعة تنفيذ قراراتها.
كما قام وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء بطلب تفسير للمحكمة الدستورية العليا لتفسير بعض النصوص التى تتعلق بالأزمة وصاحب هذا الطلب موجه احتجاج من بعض قدامى قضاه مجلس الدولة حول عدم اختصاص المحكمة الدستورية بهذا الشأن واعتباره مخالفة صريحة للقانون.
وقد واكب كل ذلك احتجاجات واعتراضات من المنظمات الحقوقية المصرية ومن العديد من الكتاب والصحفيين والاعلاميين والقيادات السياسية التى اعتبرت حرمان المرأة من هذا الحق رده اجتماعية وثقافية وقانونية .
وخلال هذا الجدل اختلط ماهو ثقافى أو سياسى أو أيدلوجى بما هو قانونى، ولما كان المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية أحد المراكز الحقوقية التى تدافع عن حق المرأة فى العمل على قدم المساواة مع الرجل، وقام برفع دعويين قضائيتين ضد قرار الجمعية العمومية فإنه يعلن من خلال هذه الورقة رؤية حقوقية حول ما جرى من أحداث، معتمدا على سرد ما جرى بتسلسله التاريخى، وشافعا رؤيته بالنصوص القانونية والدستورية .
وقبل أن نلج لتناول هذه الرؤية يؤكد المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على اعتزازه وفخره بدور مجلس الدولة المصرى فى حماية الحقوق والحريات طوال تاريخه العريق، وإذا كان قرار الجمعية العمومية للمجلس والقرار الأخير للمجلس الخاص يخالف قناعات المركز وانحيازاته والمبادىء التى يدافع عنها باعتبارها حقوق دستورية وقانونية، فإنه يعتصم باستخدام الآليات الديمقراطية والقانونية لطرح وجهة نظره من خلال هذه الورقة وعبر استخدام آليات التقاضى المحلى والدولى أو عبر التظاهر والإحتجاج السلمى…الخ ليس فقط للإنتصاف لحقوق المرأة المصرية، ولكن –أيضا- من أجل فتح حوار مجتمعى يرقى إلى جلال ما ندافع عنه من حقوق وإلى قدر ما نكنه من احترام لجميع رجالات مجلس الدولة الذين ننتظر منهم قبول الرأى الآخر والنقد المباح، والاستماع إلى ما طرحه المجتمع المدنى من انتقادات وتخوفات حول تأثير قرارهم على حقوق وحريات المرأة.
وإذ يرفض المركز كل التصريحات التى حاولت النيل من نشاط منظمات المجتمع المدنى المعارض لحرمان المرأة من تولى منصب القضاء والتى وصفها البعض بأنها تمكن السلطة التنفيذية من مجلس الدولة، فإنه يؤكد أن منظمات المجتمع المدنى لم تكن معولا بيد السلطة التنفيذية فى مواجهة السلطة القضائية فى أى وقت من الأوقات ولن تكون، وأنها لن تكترث بهذه التوصيفات المناهضة للحقيقة ولن تمنعها عن انتهاج كل السبل القانونية والدستورية من أجل تمكين المرأة المصرية من حقها فى تولى الوظائف العامة وفى القلب منها القضاء، فالإيمان بالحقوق الدستورية للمواطن المصرى وإنفاذها فى الواقع هو أول الطريق لبناء دولة المؤسسات.
تنقسم هذه الورقة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تاريخ نشأة مجلس الدولة، وتشكيلاته واختصاص كلا منها،
القسم الثانى: ذكر ما جرى فى مجلس الدولة، والموقف منه
القسم الثالث: ذكر ما جرى فى المحكمة الدستورية، والموقف منه
القسم الأول
نتناول هذا القسم فى ست فروع الأول والثانى والثالث مداخل ضرورية لفهم طبيعة المجلس ودوره، أما الأفرع الرابع والخامس والسادس سنتبين منهم الجهات التى لها سلطة الموافقة على تعيين المندوبين المساعدين فى مجلس الدولة، وشروط التعيين ، وذلك على النحو التالى:
الفرع الأول : خلفيه تاريخية حول نشأة مجلس الدولة عالميا :
الفرع الثانى : التطور التاريخي لنشأة مجلس الدولة المصري:
الفرع الثالث : ما هي مكونات مجلس الدولة المصري :
(قطاع القضاء- قطاع الفتوى- قطاع التشريع)
الفرع الرابع : المجلس الخاص تشكيله واختصاصاته :
الفرع الخامس : الجمعيات العمومية تشكيلها واختصاصاتها :
الفرع السادس : شروط التعيين بمجلس الدولة :
الفرع الأول : خلفيه تاريخية حول نشأة مجلس الدولة عالميا :
يعود الفضل في إنشاء مجلس الدولة إلى مبدأ المشروعية والذي يعنى احترام الدولة لمبدأ سيادة القانون ، وأن تكون جميع تصرفاتها في حدوده حيث يترتب على مخالفة الإدارة لمبدأ المشروعية بطلان التصرف الذي خالف القانون . ولكن كيف يقرر هذا البطلان ؟ ومن الذي يقرره؟
فيجب أن يثبت البطلان عن طريق سلطة يمنحها القانون هذا الحق، وهناك طريقان لهذا الغرض: إما الرقابة الإدارية أو الرقابة القضائية، وذلك على النحو التالي:
1. الرقابة الإدارية :
وخلاصتها أن تتولى الإدارة بنفسها مراقبة مدى مطابقة تصرفاتها للقانون، إما بناء على طلب الأفراد، أو من تلقاء نفسها. وتأخذ هذه الرقابة عدة صور منها:
التظلم الولائى: وهى أن يتقدم ذوى المصلحة إلى من صدر منه التصرف المخالف للقانون طالبا منه أن يعيد النظر فيه إما بسحبه أو إلغائه.
التظلم الرئاسى: وهى أن يتقدم ذوى الشأن بالتظلم إلى رئيس مصدر القرار ليتولى الرئيس بحث الأمر.
التظلم إلى لجنة إدارية خاصة: وهى لجنة تنشأ لهذا الغرض لبحث تظلمات ذوى الشأن.
2. الرقابة القضائية:
هي أن تتولى جهة قضائية مستقلة أعمال الرقابة على مبدأ المشروعية لأن الرقابة الإدارية لن تكفى لحماية هذا المبدأ لأن مصدر القرار قد يرفض الاعتراف بالخطأ ، وقد يجاريه رئيسه، وقد تكون للإدارة ذاتها رغبة في التحرر من قيود المشروعية، كما أن ترك النزاع بين الإدارة والفرد لتفصل فيه الإدارة بنفسها لا يمكن أن يبث الثقة في نفوس الأفراد لأن مقتضيات العدالة آلا يكون الخصم حكما.
لذلك اتجه كل الفقه لطريق الرقابة القضائية لحماية مبدأ المشروعية ولكن أي أنواع القضاء؟
هناك اتجاه ذهب إلى أن يتولى القضاء العادى رقابة مبدأ المشروعية على اعتبار أن ذلك هو الوضع الطبيعي الذي تستلزمه الاعتبارات العملية حيث يتوفر فيه الإستقلال، كما أن ذلك يمثل تدعيما لمبدأ الفصل بين السلطات حيث يستقل القضاء بالفصل في جميع المنازعات، بالإضافة إلى أن إنشاء نوع جديد من المحاكم سوف يؤدى إلى زيادة التكلفة المادية على الخزانة العامة، وقد تزعم هذا الاتجاه الدول الأنجلوسكسونية.
أما الاتجاه الثاني فذهب إلى إنشاء محاكم جديدة تحت مسمى محاكم إدارية، وقد وجدت هذه المحاكم في فرنسا، وولد هذا الإتجاه بسبب الفكرة السيئة التي كانت منتشرة على المحاكم العادية-آن ذاك – بأنها تقف ضد الإصلاح الواجب إدخاله على الجهاز الإدارى للدولة و بالتالي أنشئت تلك المحاكم حتى لا تختص بمنازعات الإدارة المحاكم العادية، وقد نجحت المحاكم الإدارية الفرنسية بفضل قضائها المستنير أن تكون ملاذا للأفراد ضد عسف الإدارة ولذا وجد نظام المحاكم الإدارية أنصار في معظم الدول بعد ذلك حتى أن إنجلترا وأمريكا التي تزعم فقهائها الاتجاه الأول اضطرا إلى إنشاء أنواع من اللجان الإدارية والمحاكم التي تتولى الفصل في المنازعات الإدارية. .
الفرع الثانى : التطور التاريخي لنشأة مجلس الدولة المصري:
فى مصر مر إنشاء مجلس الدولة بعدد من المراحل:
المرحلة الأولى: في البداية كانت هناك المحاكم الشرعية والتي كانت تنظر جميع المنازعات، ومع زيادة نفوذ الأجانب أنشئت المحاكم المختلطة عام 1875 ، وفى عام 1883 أنشئت المحاكم الأهلية بجوار المحكمتين، حيث كانت المحاكم الشرعية تنظر المنازعات الشرعية، وكانت المحاكم المختلطة تنظر المنازعات التي بها طرف أجنبي، وكانت المحاكم الأهلية تنظر المنازعات المدنية للمصريين .
وبذلك تعددت جهات القضاء في مصر، ولكن لم يكن من بينها جهة تختص بالقضاء الإداري ، وان كانت هذه المرحلة شهدت بدايات – فاشلة – لإنشاء جهة قضاء إداري في مصر حيث صدر أمر عال في 1879 بإنشاء مجلس الدولة المصري ولم يجد هذا المولود الجديد النور بسبب الإحتلال الإنجليزي لمصر 1882 ، وفى 23/9/ 1883 صدر أمر عال بإنشاء مجلس شورى الحكومة للقيام بمهام الفتوى والتشريع ، وقد أوقف العمل بالمجلس في 13/2/1884 وظل الوضع كما هو عليه حتى بدايات المرحلة الثانية.
المرحلة الثانية: وبدأت هذه المرحلة في 1939 عندما قدمت لجنة قضايا الحكومة _هيئة قضايا الدولة الآن- مشروع بإنشاء مجلس الدولة المصري إلا أن هذا المشروع لم يرى النور، ثم في عام 1941 قدمت نفس اللجنة مشروع جديد وظل معطلا حتى 1945 حيث تقدم في هذا العام أحد نواب مجلس النواب بطلب بإنشاء مجلس الدولة المصري طبقا لما ورد بمشروع لجنة قضايا الحكومة المقدم في عام 1941
المرحلة الثالثة: بدأت في 1941 ببداية مناقشات مشروع قانون إنشاء المجلس المقترح والتي انتهت بإصدار القانون 12 لسنة 1946 والذي أنشأ بموجبه مجلس الدولة المصري، ثم بدأت بعد ذلك عمليات تطوير المجلس فصدر التعديل 9 لسنة1949 ، ثم 165 لسنة1955 ، ثم التعديل 55 لسنة 1959 ثم القانون السارى حاليا وهو القانون 47 لسنة1972 ، وأدخل عليه تعديل فى بعض المواد بموجب القانون 136 لسنة 1984
الفرع الثالث : ما هي مكونات مجلس الدولة المصري:
قبل صدور التعديل 136 لسنة 1984 كان مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ملحقة بوزارة العدل، وجاء التعديل السالف بيانه ليجعله هيئة قضائية مستقلة دون الحاقة بوزارة العدل، وقد جاء هذا التعديل تأكيدا لإستقلال مجلس الدولة المنصوص عليه فى المادة 172 من الدستور.
لا يختص مجلس الدولة المصري بالفصل فى المنازعات القضائية فقط لكنه يتميز عن جهات التقاضى العادية بأن له ثلاث وظائف لذا يشكل من ثلاث قطاعات هي: قطاع القضاء، وقطاع الفتوى ، وقطاع التشريع .
أولا: القطاع القضائي:
ويختص بالفصل فى المنازعات القضائية، ويتكون القطاع القضائي لمجلس الدولة المصرى من:
* المحكمة الإدارية العليا.
* محكمة القضاء الإدارى.
* المحاكم الإدارية.
* المحاكم التأديبية.
* هيئة المفوضين .
ولكل منهم تشكيل واختصاصات محدده بقانون مجلس الدولة
ثانيا: قطاع التشريع :
* يشكل من أحد نواب رئيس المجلس ومن عدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين ويلحق به نواب ومندوبون، ويتولى رئاسته نائب رئيس مجلس الدولة، وعند غيابه يتولاه أقدم مستشاري القطاع.
وعلى كل وزارة أو مصلحة قبل استصدار أى قانون أو قرار من رئيس الجمهورية ذى صفة تشريعية أو لائحة أن تعرض المشروع المقترح على قسم التشريع لمراجعة صياغته، ويجوز لها أن تعهد إليه بإعداد هذه التشريعات. كما يختص القطاع بمراجعة صياغة التشريعات التي يرى رئيس مجلس الوزراء أو الوزراء أو رئيس مجلس الدولة نظرها على وجه الإستعجال.
ثالثاً: قطاع الفتوى :
* ويتكون هذا القطاع من إدارات مختصة لرياسة الجمهورية ورياسة مجلس الوزراء والوزارات والهيئات العامة، ويرأس كل إدارة منها مستشار أو مستشار مساعد، ويعين عدد الإدارات وحدود اختصاصها بقرار من الجمعية العمومية لمجلس الدولة.
* وتختص إدارات الفتوى المذكورة بإبداء الرأي في المسائل التي يطلب الرأي فيها من الجهات السالف بيانها، وكذلك في التظلمات الإدارية التي تعرضها عليها تلك الجهات، ولا يجوز لأي وزارة أو هيئة عامة أو مصلحة أن تبرم أو تقبل أو تجيز أي عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه إلا بعد استفتاء إدارة الفتوى المختصة.
* ويجوز ندب المستشارين المساعدين أو النواب بهذا القطاع لرياسة الجمهورية أو رياسة الوزراء أو الوزارات أو المحافظات أو الهيئات العامة للاستعانة بهم في دراسة الشئون القانونية والتظلمات الإدارية التي تخص تلك الجهات، ويعتبر المفوض في هذه الحالة ملحقا بإدارة الفتوى المختصة بشئون تلك الجهة المنتدب للعمل بها.
الفرع الرابع : المجلس الخاص تشكيله واختصاصاته:
هو أعلى سلطة إدارية بمجلس الدولة، ويضم رئيس المجلس وأقدم ست نواب لرئيس المجلس، وقد استحدث هذا المجلس بموجب القانون 136 لسنة 1984 حيث أضيف لقانون مجلس الدولة المادة 68 مكرر والتى بينت طريقة تشكيله واختصاصاته وكيفية إصدار قراراته، ويتكون بكامله من بين قضاة المجلس أنفسهم 1- ليختص بالنظر فى كافة شئونهم من تعيين وترقية ونقل وندب وإعارة إلى غير ذلك من الأمور الخاصة بهم، وأخذ رأيه فى مشروعات القوانين المتعلقة بمجلس الدولة (مادة 68 مكرر) بدلا من المجلس الأعلى للهيئات القضائية الذى كان يقوم بهذا الإختصاص قبل هذا التعديل واتساقا مع هذا الهدف تم استبدال عبارة “المجلس الخاص للشئون الادارية” بدلا من عبارات ” المجلس الأعلى للهيئات القضائية”
2- وفى 2008 صدر التعديل 182 على قانون الهيئات القضائية والذى أضاف لقانون مجلس الدولة مادة جديدة تحمل رقم 68 مكررا(1) والتى ألزمت بأن يكون لمجلس الدولة موازنة سنوية مستقلة تبدأ ببداية السنة المالية للدولة وتنتهى بنهايتها، ويتولى إعداد مشروع الموازنة قبل بدء السنة المالية بوقت كاف المجلس الخاص للشئون الادارية بالاتفاق مع وزير المالية .
3- كما نصت الفقرة الثالثة من المادة 83 باختصاص المجلس الخاص للشئون الإدارية بالموافقة على تعيين المندوبون المساعدون، وباقى أعضاء مجلس الدولة من غير رئيس المجلس ونوابه ووكلائه .
4- المادة 88 تجعل ندب القضاة أو اعاراتهم بقرار من رئيس المجلس بعد موافقة المجلس الخاص.
5- المادتين 101، 102 تناولتا دور المجلس الخاص فى نظر تظلمات حركة الترقيات، وفى تقدير الكفاية والتظلم منهما.
6- المادة 110 أناطت بالمجلس الخاص الموافقة على امتداد الاجازة المرضية.
7-المادة 111 اشترطت موافقة المجلس الخاص على نظم الخدمات الصحية والاجتماعية لأعضاء المجلس وشروطها .
ويجتمع هذا المجلس بدعوة من رئيسه وتكون جميع مداولاته سرية وتصدر القرارات بأغلبية أعضائه . ويضم هذا المجلس الآن المستشار محمد الحسينى رئيس المجلس، وأقدم ست نواب له هم السادة المستشارين محمد أحمد عطية، كمال اللمعى، محمد عبد الغنى، عادل فرغلى، عبدالله أبو العز، محمد عزت السيد .
الفرع الخامس: الجمعيات العمومية:
يوجد بمجلس الدولة المصرى أربع جمعيات عمومية رئيسية هى ( الجمعيات العمومية للمحاكم، الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، جمعية عمومية خاصة لها اختصاص وحيد، والجمعية العمومية لمجلس الدولة) لكل منها تشكيل مختلف عن الأخري، ولكل منها نطاق وصلاحيات تختص بها، وجاء النص علي هذه الجمعيات العمومية في الفصل الرابع من القانون المشار إليه وهي كالآتي :
أولا: الجمعيات العمومية للمحاكم:
كما ذكرنا سالفا أن هناك مجموعة من المحاكم يمارس من خلالها المجلس وظيفة الفصل فى المنازعات القضائية ولكل محكمة جمعية عمومية تتولى بعض شئونها
1- الجمعية العمومية للمحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري :
تجتمع كل من المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الإداري بهيئة جمعية عمومية للنظر في المسائل المتصلة بنظامها، وأمورها الداخلية، وتوزيع الأعمال بين أعضائها أو بين دوائرها ، وتتألف الجمعية العمومية من جميع مستشاريها العاملين بها وتدعي إليها هيئة المفوضين، ويكون لممثلها صوت معدود في المداولة، وتدعي للإنعقاد بناء علي طب رئيس المجلس أو رئيس المحكمة أو ثلاثة من أعضائها، أو بناء علي طلب رئيس هيئة المفوضين ولا يكون انعقادها صحيحا إلا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضائها، وتكون الرئاسة لأقدم الحاضرين، ويجوز لرئيس المجلس أن يحضر أية جمعية عمومية وفي هذه الحالة تكون له الرئاسة، وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين، وإذا تساوت الآراء يرجح الجانب الذي منه الرئيس ” مادة 55″
2– الجمعية العمومية للمحاكم الإدارية :
تجتمع المحاكم الإدارية بهيئة جمعية عمومية تتألف من جميع أعضائها، وذلك للنظر في المسائل المتعلقة بنظامها وأمورها الداخلية، وتدعي للإنعقاد بناء علي طلب رئيس المجلس أو نائب رئيس المجلس المختص لهذه المحاكم أو رئيس هيئة المفوضين أو ثلاثة من أعضائها علي الاقل، ولا يكون انعقادها صحيحا إلا بحضور الأغلبية المطلقة لأعضاها.
وتدعي إليها هيئة المفوضين، ويكون لممثلها صوت معدود في المداولة، وتكون الرئاسة لنائب رئيس المجلس لهذه المحاكم، وفي حالة غيابه لأقدم الحاضرين .
ويجوز لرئيس المجلس أن يحضر أية جمعية عمومية وفي هذه الحالة تكون له الرئاسة .
وتصدر القرارات بالأغلبية المطلقة لأصوات الحاضرين وإذا تساوت الآراء يرجح الجانب الذي منه الرئيس، وتبلغ القرارات لرئيس المجلس ولا تكون نافذة إلا بعد تصديقه عليها بعد أخذ رأي نائب رئيس المجلس المختص لهذه المحاكم . “56”
3. الجمعية العمومية للمحاكم التأديبية :
تجتمع المحاكم التأديبية بهيئة جمعية عمومية تتألف من جميع أعضائها للنظر في المسائل المتعلقة بنظامها وأمورها الداخلية وتوزيع الأعمال بين دوائرها.
وتعقد الجمعية بناء علي طلب رئيس المجلس أو نائب رئيس المجلس للمحاكم التأديبية أو ثلاثة من أعضائها علي الأقل.
وتسري أحكام المادة السابقة فيما يتعلق بصحة انعقاد الجمعية العمومية ورئاستها والقرارات التي تصدرها “57”
والملاحظ أن هذه الجمعيات لها اختصاص محدد يدور حول توزيع مهام أعمالها بين دوائرها المختلف وتنظيم أمورها الداخلية، وليس من بين هذه المهام النظر فى التعينيات أو شروطها وطريقة نفاذها.
ثانيا: الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع:
تشكل الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع برياسة نائب لرئيس المجلس وعضوية نواب رئيس المجلس بقسمى الفتوى والتشريع ومستشارى قسم التشريع ورؤساء إدارات الفتوى. وتختص الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع بإبداء الرأى فى المسائل والموضوعات الآتية:
( أ ) المسائل الدولية والدستورية والتشريعية وغيرها من المسائل القانونية التى تحال إليها بسبب أهميتها من رئيس الجمهورية أو من رئيس الهيئة التشريعية أو من رئيس مجلس الوزراء أو من أحد الوزراء أو من رئيس مجلس الدولة.
(ب) المسائل التى ترى فيها إحدى لجان قسم الفتوى رأيا يخالف فتوى صدرت من لجنة أخرى أو من الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع.
(ج) المسائل التى ترى فيها إحدى لجان قسم الفتوى إحالتها إليها لأهميتها.
(د) المنازعات التى تنشأ بين الوزارات أو بين المصالح العامة أو بين الهيئات العامة أو بين المؤسسات العامة أو بين الهيئات المحلية أو بين هذه الجهات وبعضها البعض.
ويكون رأى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع فى هذه المنازعات ملزما للجانبين.
ويجوز لمن طلب إبداء الرأى فى المسائل المنصوص عليها فى الفقرة ( أ ) أن يحضر بنفسه جلسات الجمعية عند النظر فى هذه المسائل، كما يجوز له أن يندب من يراه من ذوى الخبرة كمستشارين غير عاديين وتكون لهم – وإن تعددوا – صوت واحد فى المداولات.
كما تختص الجمعية العمومية بمراجعة مشروعات القوانين وقرارات رئيس الجمهورية ذات الصفة التشريعية واللوائح التى يرى قسم التشريع إحالتها إليها لأهميتها. ” المادتين 66،76″
والملاحظ أن هذه الجمعية لها اختصاص مهنى قاصر على طبيعة ومهام عمل قسمى الفتوى والتشريع ولا تتدخل فى أيا من أمور التعيينات أو الترقية بقطاعات المجلس الثلاث .
ثالثا: جمعية عمومية خاصة:
جاء النص على هذه الجمعية فى المادة 83 من قانون المجلس ولها اختصاص وحيد يتعلق بطريقة تعيين رئيس المجلس ووصفها المشرع بأنها جمعية عمومية خاصة حيث جاء النص عليها على النحو التالى ” يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأى جمعية عمومية خاصة تشكل من رئيس مجلس الدولة ونوابه ووكلائه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين.”
وبالتالى يعد أخذ رأى هذه الجمعية قبل تعيين رئيس المجلس شرط جوهرى نص عليه المشرع، ولكن حدود هذه الجمعية لا يتجاوز هذا الأمر.
رابعا:الجمعية العمومية لمجلس الدولة
وهى الجمعية التى انعقدت فى 15 فبراير و1 مارس 2010 وأصدرت قرارات حرمان عمل المرأة بالقضاء فى مجلس الدولة، وجاء النص عليها في المادة 68 من قانون مجلس الدولة ونظام هذه الجمعية كالآتي :
1 – تشكيلها : تتألف من جميع المستشارين بمجلس الدولة وتكون برئاسة رئيس مجلس الدولة، وفي حالة غيابه يرأسها أقدم الحاضرين من نوابه، وفي حالة غيابهما يرأسها أقدم الحاضرين من المستشارين …. وعلي ذلك فإنه هذه المادة قد استبعدت من تشكيل تلك الجمعية كل من : المستشارين المساعدين ، والنواب ، والمندوبين
2 – اختصاصها : جاء النص على اختصاصاتها فى ثلاث مواضع بالقانون هى: الإختصاص الأول : إصدار اللائحة الداخلية للمجلس “مادة 68”.
الإختصاص الثانى: فى الفصل الأول من الباب الثانى من قانون المجلس والذى يتعلق بقسم الفتوى أتاحت المادة 60 لهذه الجمعية العمومية أن تنشىء لجنة أو أكثر تتخصص بنوع معين فى مسائل الإفتاء على ان يتضمن قرار الجمعية طريقة تشكيل هذه اللجنة .
الإختصاص الثالث: نصت المادة 83 على ضرورة موافقة هذه الجمعية على تعيين نواب رئيس المجلس ووكلائه قبل صدور قرار رئيس الجمهورية بالتعيين.
3 – كيفية انعقادها : يتم دعوتها للإنعقاد إما بناء علي طلب رئيس المجلس، وإما بناء علي طلب خمسة من أعضائها … والنصاب القانوني لصحة انعقادها هو الأغلبية المطلقة لأعضائها .
4 – قراراتها : ولم يتطرق القانون إلي كيفية صدور قرارات هذه الجمعية ولا كيفية نفاذها، وربما يكون محدد بالائحة الداخلية التى تعدها هذه الجمعية .
الخلاصة
من خلال ما تم تناوله فى الفرعين الرابع والخامس يتضح ما يلى:
1- أن المادة 83 هى التى توضح الهيئات التى يتوقف تعيين أعضاء مجلس الدولة على موافقتها حيث نصت على “يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأى جمعية عمومية خاصة تشكل من رئيس مجلس الدولة ونوابه ووكلائه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين.
ويعين نواب رئيس المجلس ووكلائه بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة الجمعية العمومية للمجلس.
ويعين باقى الأعضاء والمندوبون المساعدون بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية.
ويعتبر تاريخ الترقية من وقت موافقة الجمعية العمومية أو المجلس المشار إليه حسب الأحوال ”
وبالتالى ميز المشرع من خلال هذا النص بين الوظائف التى يتوقف التعيين فيها على موافقة الجمعيات العمومية والمجلس الخاص
فالجمعية العمومية الخاصة يتوقف – فقط – تعيين رئيس المجلس على موافقتها( مادة 83)
والجمعية العمومية للمجلس يتوقف- فقط- تعيين نواب رئيس المجلس ووكلائه على موافقتها(مادة 83)
أما باقى الاعضاء والمندوبون المساعدون فيتوقف تعيينهم على موافقة المجلس الخاص وليس أيا من الجمعيات العمومية الأربع.
وبالتالى يصبح قرارى الجمعية العمومية لمجلس الدولة 15 فبراير و1 مارس 2010 ما هما الإ اغتصاب لسلطة المجلس الخاص الذى خول له المشرع الموافقة على تعيين المندوبين المساعدين.
2- أن قرارات الجمعيات العمومية ملزمة شريطة أن تكون صادرها فى حدود اختصاصاتها المحدده فى القانون فإن انتزعت احدى الجمعيات سلطة غير مقرره لها فإن قرارها يكون منعدم ، ولا يجوز الاحتجاج به أو الإستناد إليه.
الفرع السادس: شروط التعيين فى مجلس الدولة:
أولا: الدستور المصرى:
صدر الدستور الدائم 1971 ناصا فى المادة 165 منه على أن السلطة القضائية مستقلة و تتولاها المحاكم على إختلاف أنواعها و دراجاتها و تصدر أحكامها وفق القانون، و مؤكدا فى المادة 166 منه على أن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأى سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة، و مصرحا فى المادة 167 منه على أن يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط واجراءات تعيين أعضائها وطريقة نقلهم ، ومقررا فى المادة 173 منه أن تقوم كل هيئة قضائية على شئونها و يشكل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية يرأسه رئيس الجمهورية يرعى شئونها المشتركة ويبين القانون تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل به .
ويتضح من هذا النص الدستورى أن تحديد شروط التعيين لا تكون الإ بقانون، وبالتالى فإن حدود سلطة الجمعية العمومية لمجلس الدولة لا تتجاوز الدستور أوالقانون. فالمادة 167 من الدستور واضحة فى كون التعيين يكون بقانون، وقد نص قانون مجلس الدولة فى مادته رقم 73 سالفة البيان على هذه الشروط والتى لا يجوز القياس عليها أو التوسع فيها.
ثانيا: قانون مجلس الدولة 47 لسنة 1972:
يقصد قرار التعيين فى الوظائف القضائية من رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة 44 من قانون السلطة القضائية، وذلك بعد استيفاء الشروط والموافقات التى سيلى بيانها فى شرح المادة 83 .
حددت المادة 73 من قانون مجلس الدولة شروط التعيين :
1- أن يكون مصريا متمتعا بالأهلية المدنية الكاملة .
2- أن يكون حاصلا على درجة الليسانس من إحدى كليات الحقوق بجمهورية مصر العربية أو على شهادة أجنبية معادلة لها وأن ينجح في الحالة الأخيرة في امتحان المعادلة طبقا للقوانين واللوائح الخاصة بذلك.
3- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة .
4- ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره.
5- أن يكون حاصلا على دبلومين من دبلومات الدراسات العليا أحدهما في العلوم الإدارية أو القانون العام إذا كان التعيين في وظيفة مندوب .
6- ألا يكون متزوجا بأجنبية، ومع ذلك يجوز بإذن من رئيس الجمهورية الإعفاء من هذا الشرط إذا كان متزوجا بمن تنتمي بجنسيتها إلى إحدى البلاد العربية ( قضى بعد دستورية هذا البند بموجب الحكم23 لسنة 16 قضائية الصادر فى 18/3/1995).
7- ألا تقل سن من يعين مستشارا بالمحاكم عن ثمان وثلاثين سنة ولا تقل سن من يعين عضوا بالمحاكم الإدارية والتأديبية عن ثلاثين سنة ولا تقل سن من يعين مندوبا مساعدا عن تسع عشرة سنة .
والبين من بنود المادة 73 سالفة البيان أن المشرع قد حدد على وجه الحصر شروط التعيين فى مجلس الدولة، وقد خلت تلك البنود من شرط أن يكون المتقدم لشغل إحدى الوظائف القضائية بمجلس الدولة ( رجلاً ) ، كما لم يرد فى هذه المادة أو فى غيرها من المواد ما يفيد حظر شغل الوظائف القضائية بالمجلس على النساء، بل أن القانون نظم تعيين أعضاء المجلس، وحدد شروط هذا التعيين على وجه حصرى، ولا يجوز التوسع فيه بما ليس منه، إذ أن قيام الجمعية العمومية برحمان المرأة من التعيين ينشأ قاعدة تحكمية ، مفادها حرمان المرأة من شغل الوظائف القضائية بمجلس الدولة دون أن يكون لذلك ركائز فى قانون مجلس الدولة
ثالثا: تأويلات للنصوص التشريعية:
فى ظل غياب أى نص صريح يحظر على المرأة العمل قاضية بمجلس الدولة، أو يشترط أن يكون رجل عمد البعض إلى تأويل بعض النصوص القانونية الواردة فى قانون مجلس الدولة لتبيان أن المشرع كان يقصد أن يكون القاضى رجل وليس أنثى، وقد استندت هذه التأويلات إلى نصوص المواد 73 بند 1 وبند 6، والمادة 104 .
1-البند 1 من المادة 73 والتى تشترط فيمن يعين بمجلس الدولة أن يكون مصريا متمتعا بالأهلية المدنية الكاملة
حيث ذهبت التأويلات إلى أن” كلمة مصريا يخاطب بها المشرع الرجال، وبالتالى فقد انصرفت إرادته إلى تعيين الرجال دون النساء “، ومن الواضح أنه مجرد تأويل لا يقبله العقل أو المنطق لأن كلمة مصريا هنا جاءت عامة ويقصد بها الرجال والنساء معا، كما أن قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 فى مادته رقم 38 التى يحدد فيها شروط من يتولى القضاء جاءت تحمل نفس الصيغة ولم تكن حائلا دون تولى النساء منصب القضاء سواء فى المحاكم العادية أو فى المحكمة الدستورية والتى تنطبق عليها نفس المادة حيث اشترطت المادة 4 من قانون المحكمة الدستورية على من يعين قاضيا بها ان تتوافر فيه الشروط العامة اللازمة لتولى القضاء طبقا لاحكام قانون السلطة القضائية.
2- البند 2 من المادة 73 كانت تشترط فيمن يعين بمجلس الدولة “ألا يكون متزوجا بأجنبية، ومع ذلك يجوز بإذن من رئيس الجمهورية الإعفاء من هذا الشرط إذا كان متزوجا بمن تنتمي بجنسيتها إلى إحدى البلاد العربية” وتذهب التأويلات إلى أن هذه المادة قاطعة الدلالة على أن المشرع انصرفت إرادته إلى أن يشغل هذا المنصب الرجال دون النساء، وهو تأويل يتجاهل حكم المحكمة الدستورية الذى قضى بعد دستورية هذا البند بموجب الحكم23 لسنة 16 قضائية الصادر فى 18/3/1995 ونشر بالجريدة الرسمية فى العدد 14 الصادر فى 6/4/1995) بل إن المبدأ القضائى الذى ارساه هذا الحكم كافى للرد على هذه التأويلات ودحضها، وبالرغم ان الحكم كان يناقش عدون هذا الشرط على الحقوق الشخصية للقاضى الأ انه صياغة المبدأ ارتكزت على التنديد بأن هذا الشرط لم يرد ذكره بالشروط اللازمة لتولى القضاء فى المحكمة الدستورية العليا أعلى جهات التقاضى فى مصر يعنى أن هذا الشرط لا تستلزمه موجبات هذه الوظيفة حيث جاء به:
” وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان البين من القوانين التى نظم بها المشرع أوضاع السلطة القضائية، وآخرها قانونها الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972، أن الشروط التى تطلبها لتولى الوظيفة القضائية فى نطاق جهة القضاء العادى، لم يكن من بينها يوما قيد يحول دون زواج رجالها بأجنبية، بما مؤداه انتفاء اتصال هذا الشرط بالأداء الأقوم لمسئوليتها باعتباره غريبا عنها، وليس لازما لمباشرة مهامها على أساس من الحيدة والموضوعية ·
وحيث إن المشرع أكد هذا المعنى وتبنى هذا الاتجاه، حين اختص المحكمة العليا – الصادر بشأنها القرار بقانون رقم 81 لسنة 1969 – بالرقابة القضائية على دستورية النصوص القانونية جميعها، وكذلك بعد أن حلت محلها المحكمة الدستورية العليا – الصادر بإنشائها القانون رقم 48 لسنة 1979 – لتكون رقيباً على تقيد السلطتين التشريعية والتنفيذية، بالضوابط التى فرضها الدستورفى مجال إقرار النصوص القانونية أو إصدارها · فقد أطلق المشرع – بهذين القانونين – حق أعضاء هاتين المحكمتين فى اختيار الزوج، التزاما بأبعاد الحرية الشخصية، وصونا لحرمة الحياة الخاصة اللتان كفلهما الدستور بنص المادتين 41، 45· وكذلك حين جرم كل اعتداء عليهما بنص المادة 57 · ولم يجز فوق هذا إسقاط المسئولية الجنائية أو المدنية الناشئة عن هذا العدوان بالتقادم · بل ان عدم ادراج حكم مماثل للنص المطعون فيه فى قانون المحكمة الدستورية العليا التى تعلو هامتها فوق كل جهة من خلال ضمانها سيادة الدستور، وتوليها دون غيرها فرض القيود التى يتضمنها فى إطار الخصومة القضائية، وارتقاء رقابتها على الشرعية الدستورية إلى أكثر أشكال الرقابة القضائية مضاءً وأبعدها أثراً وأرفعها شأنا، يعنى أن تقرير هذا الحكم لايتصل بجوهر وظيفتها القضائية، وأن اقتضاءه منفصل عن الشروط الموضوعية لأوضاع ممارستها.”
وقياسا على هذا المبدأ الذى أرسته المحكمة الدستورية يمكن القول أن عدم اشتراط كون القاضى رجلا فى قانون المحكمة الدستورية بل ان الواقع العملى يؤكد وجود المستشار تهانى الجبالى كنائب لرئيس المحكمة الدستورية العليا يجعل هذا التأويل والعدم سواء لانه يناهض موجبات تلك الوظيفة ويفتقد الحيدة والموضوعية .
4. المادة 104 من قانون مجلس الدولة ورد عليها التعديل 50 لسنة 1973 والذى نص على :
”تختص إحدى دوائر المحكمة الادارية العليا دون غيرها بالفصل فى الطلبات التى يقدمها رجال مجلس الدولة بالغاء القرارات……………………….
وتختص أيضا دون غيرها بالفصل فى المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال مجلس الدولة أو لورثتهم. ”
وكانت قبل التعديل تنص على كلمة أعضاء مجلس الدولة الا أن التعديل السالف بيانه وضع مكانها كلمة رجال ليؤولها البعض بوضوح انصراف ارادة المشرع هنا إلى مخاطبة الرجال دون النساء.
وقد تجاهل أصحاب هذا التأويل حقيقة أن كلمة أعضاء مجلس الدولة ظلت تردد قانون مجلس الدولة دون تغيير فقد جاء ذكرها فى عنوان باب، وعناوين خمس فصول هى:
* الباب الرابع: فى نظام أعضاء مجلس الدولة .
* الفصل الثالث : فى عدم قابلية أعضاء مجلس الدولة للعزل .
* الفصل الرابع: فى واجبات أعضاء مجلس الدولة .
* الفصل الخامس: فى التفتيش على أعضاء مجلس الدولة .
* الفصل السابع: فى تأديب أعضاء مجلس الدولة .
* الفصل الثامن: فى مرتبات أعضاء مجلس الدولة ومعاشاتهم .
كما استمر ذكر كلمة أعضاء فى الكثير من المواد دون تعديل مثل :
* المادة 94 : لا يجوز لعضو مجلس الدولة القيام بأى عمل تجارى……………….
* المادة 95 : يحظر على أعضاء مجلس الدولة الإشتغال بالعمل السياسى…………….
* المادة 95 مكرر: يسوى المعاش المستحق لعضو مجلس الدولة….
* المادة 96 : لا يجوز لأعضاء مجلس الدولة إفشاء سر المداولات…
* المادة 97: لا يجوز لعضو مجلس الدولة أن ينقطع عن عمله دون أن يرخص له..
واستمر ترديدها فى 26 مادة أخرى هى المواد التالية:
* ”55، 68 مكرر، 74، 85،86،87،88،85
* 89، 91 ، 99، 100 ، 107 ، 108 ،110 ، 112 ، 113، 114 ، 116 ، 117، 120 ، 121، 122، 123 ، 124 ، 125
وكل ذلك يعنى أنه إذا كان تعديل كلمة رجال بدلا من أعضاء وردت مرتين فى المادة 104 فقط، فإن كلمة أعضاء ظلت كما هى فى 31 مادة وفى عنوان باب، وعنوان خمس فصول، وهو ما يجعل ترجيح هذا التأويل أو ذاك يتوقف على الرجوع للأعمال التحضيرية للتعديل 50 لسنة 1973 فهذا هو السبيل الوحيد لحسم الغاية التى ابتغاها المشرع من هذا التعديل .
القسم الثانى
ذكر ما جرى فى مجلس الدولة
الفرع الأول : تسلسل النزاع وتطوره:
تتصاعد الخطابات حول ضرورة الانصياع لقرارات الجمعية العمومية برفض عمل المرأة قاضية على زعم أن ذلك هو التجسيد الحقيقى للديمقراطية والعدالة فقد اتجهت إرادة الأغلبية فى الجمعية العمومية إلى هذا القرار وبالتالى يجب الرضوخ لها، وقد نجحت هذه الخطابات فى إحداث خلافا كبيرا فى المجلس الخاص والذى انقلب على قراراته السابقة. ربما يكون من المفيد الرجوع بالأحداث إلى تسلسلها التاريخى حتى نصل للحقيقة، فربما يكون للعدالة وجوه أخرى :
1. فى 24/8/2009 وافق المجلس الخاص بالإجماع على الإعلان عن قبول تعيين مندوبين مساعدين بمجلس الدولة من خريجى وخريجات كليات الحقوق من دفعتى 2008-2009 الحاصلين على تقدير جيد جدا ومن الخمسة عشر الأوائل .
2- فى 16/11/2009 وافق المجلس الخاص بالإجماع على إجراء المقابلات اللازمة للتعيين فى الوظيفة المذكورة.
3- وقد اعتمد المجلس الخاص كشوف هذه المقابلات الثابت بها صلاحية عدد من الخريجين والخريجات المتميزين من دفعتى 2008-2009
4- فى 18/1/2010 وافق المجلس الخاص بالأغلبية على استكمال السير فى إجراءات تعيين من تقرر صلاحيتهم للوظيفة المذكورة .
5- انعقدت الجمعية العمومية الطارئة الأولى فى 15 فبراير والتى حضرها 380 مستشار- وانسحب قبل بدأ التصويت رئيس المجلس- صوت منهم 334 مستشار ضد عمل المرأة قاضية فى مقابل 42 مستشار قبلوا عملها وامتنع عن التصويت 4 مستشارين فقط.
6- فى 22 فبراير 2010 وبعد انعقاد جمعية عمومية 15 فبراير 2010 انقلبت أغلبيه المجلس الخاص إلى وقف إجراءات التعيين .
7- وفى نفس اليوم أصدر رئيس مجلس الدولة قراره رقم 92 لسنة 2010 باستكمال إجراءات التعيين لمن تقرر صلاحيتهم وذلك بعد استيفائهم التحريات اللازمة واجتياز الكشف الطبى تمهيدا لعرضهم على المجلس الخاص مرة أخرى لاستصدار قرار رئيس الجمهورية بهذا التعيين.
8- فى 1 مارس 2010 انعقدت الجمعية العمومية الطارئة الثانية لمجلس الدولة بحضور 319 مستشار ليس من بينهم أى عضو من أعضاء المجلس الخاص، وانتهت بامتناع 2 اثنين عن التصويت وموافقة 317 مستشار على إرجاء إجراءات تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة، واعتبار الجمعية العمومية فى حالة انعقاد دائم لمتابعة تنفيذ قراراتها.
الفرع الثانى: رؤية المركز حول ما جرى:
منذ صدور قرار الجمعية العمومية 15 فبراير، ثم قرار رئيس المجلس الخاص فى 22 فبراير، ثم الجمعية العمومية الثانية فى 1 مارس لم يتوقف الجدل حول حدود سلطة الجمعية العمومية، ومدى إلزامية ما يصدر منها من قرارات أو توصيات، ومدى مشروعية قراراتها الأخيرة وفى هذا الإطار يرى المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية على رؤيته الحقوقية لما جرى على النحو التالى :
أولا- أن حق المرأة فى تولى الوظائف العامة، ومنها القضاء حق دستورى لا يجوز النيل منه أو انتقاصه تحت أى مبرر.
ثانيا- أن الحقوق والحريات العامة غير قابله للإستفتاء أو التصويت عليها .
ثالثا- أن الجمعية العمومية لمجلس الدولة اغتصبت سلطة المشرع الذى أناط به الدستور فى المادة 176 تحديد الهيئات القضائية وطريقة تشكيلها على النحو السالف بيانه بالفرع الخامس من القسم الأول من هذه الورقة.
رابعا- أنه لم يرد فى قانون مجلس الدولة أى ينص يفيد إلزامية قرارات الجمعية العمومية أوتحصينها وعدم قابليتها للطعن.
خامسا- أن نصوص القانون خلت من أى نص يحظر على المرأة تولى القضاء، وأن رفض عمل المرأة بالقضاء ما هو الإ خلاف فكرى وعقائدى ينظر إلى المرأة باعتبارها لا تصلح لتولى هذه المهمة مستترا بمبررات الموائمة الإجتماعية.
سادسا- على كل أعضاء المجلس الخاص أن يتحملوا كامل المسئولية الأخلاقية والتاريخية لأن تباين قراراتهم كان له أبلغ الأثر فى زيادة حدة هذه الأزمة.
سابعا- أن قرار رئيس مجلس الدولة 92 لسنة 2010 باستكمال إجراءات تعيين من تقرر صلاحيتهم يتفق وصحيح القانون، وخاصة أن القرار تضمن استيفاء التحريات واجتياز الكشف الطبى ثم العرض مرة أخرى على المجلس الخاص صاحب السلطة فى الموافقة على التعيين من عدمه وفقا لما سلف بيانه فى الفرع الرابع من القسم الأول من هذه الورقة.
ثامنا- أن فتاوى شيخ الأزهر ومفتى الديار المصرية المصرية ووزير الأوقاف أكدت منذ 2002 أن الاسلام لا يمانع فى عمل المرأة بالقضاء لأنه لم ترد أى نصوص لا فى القرآن ولا السنة النبوية تمانع ذلك ، وهناك هناك 14 دولة عربية اسلامية تتولى فيها المرأة القضاء منها إيران وباكستان والمغرب وتونس وسوريا والسودان .
تاسعا- أن مناقشة أمور السلطة القضائية ليست حكرا على القضاه وحدهم لكنها حق للشعب باعتباره مصدر كل السلطات، كما أن قانون المحاماه رقم 17 لسنة 1983 فى مادته الأولى أكد على أن المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون وفى كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، وبالتالى فإن مناقشة مثل هذه الأمور لا يمكن أن تكون بمنأى عن الرقابة الشعبية وعن أرباب مهنة المحاماه الجناح الثانى لطائر العدالة (القضاء الواقف).
القسم الثالث
ذكر ما جرى فى المحكمة الدستورية العليا
بعد صدور قرار رئيس المجلس فى 22 فبراير2010، واحتدام الصراع بينه وبين غالبية أعضاء الجمعية العمومية والمجلس الخاص، تقدم وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء بطلب للمحكمة الدستورية لتفسير البند1 من المادة 73 من قانون مجلس الدولة لتبيان ما اذا كان المشرع يشترط أن يكون القاضى رجلا، وطلب بتفسير حدود سلطة الجمعية العمومية لمجلس الدولة فى شأن إجراءات التعيين ومدى الزامية قراراتها للمجلس الخاص، وقد عقدت المحكمة ثلاث جلسات فى أسبوع واحد ومن المزمع أن تصدر المحكمة تفسيرها يوم الأحد الموافق 14 مارس 2010.
الفرع الأول : حجج المعارضين لطلب التفسير:
اعتبر العديد من قضاة مجلس الدولة مجرد تقديم مثل هذا الطلب للمحكمة الدستورية تدخلا فى شئونها ووصفه البعض بمخالفة للقانون من شقين:
الشق الأول: يزعم أن قانون مجلس الدولة يلزم جميع الجهات الإدارية بإحالة أى موضوع قانونى يغمض عليها إلى الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بمجلس الدولة وليس المحكمة الدستورية( جريدة الشروق 6 مارس حوار مع المستشار محمد حامد الجمل رئيس المجلس الأسبق).
الشق الثانى: يزعم أن اللجوء للتفسير يقتضى وجود خلاف بين هيئتين قضائيتين أو تناقض بين الأحكام، وأن مسألة تعيين المرأة ليست من الحالات التى ينظمها القانون للعرض على الدستورية(جريدة الشروق 28 فبراير حوار مع المستشار محمد أمين المهدى رئيس المجلس الاسبق).
الفرع الثانى: الرد على هذه الحجج:
يرى المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن جميع الححج التى تعارض طلب التفسير المقدم للمحكمة الدستورية لا تصادف صحيح القانون ليس فقط لأن طلب التفسير استند إلى نصوص واضحة فى قانون المحكمة الدستورية ولكن أيضا لأن حجج الإعتراض تخالف القانون، وذلك على النحو التالى:
أولا:أن الجهة الوحيدة صاحبة الإختصاص فى قبول نظر طلب التفسير من عدمه هى المحكمة الدستورية التى لها وحدها بحث صفه مقدم الطلب، ومدى صحة الاجراءات التى اتبعها، وتبيان اختصاصها بنظر مثل هذا النزاع من عدمه .
ثانيا: أن الإعتراض الذى يطالب بعرض طلب التفسير على الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بالمجلس وليس المحكمة الدستورية لم يصادفه التوفيق لعدة اعتبارات:
1-أن طلب الفتوى من قسم الفتوى هو أمر اختيارى للجهة الادارية ولا الزام عليها الإ عند إبرام أو قبول أو إجازة أى عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين فى مادة تزيد قيمتها عن خمسة الآف جنيه بغير استفتاء ادارة الفتوى المختصة(مادة 58 من قانون مجلس الدولة) وبالتالى من حق الجهة الادارية أن تقرر بارادتها اللجوء لقسم الفتوى من عدمه.
2-قد يبدو ظاهريا أن هناك تشابه بين طلب الفتوى الذى يقدم لمجلس الدولة وطلب التفسير الذى يقدم للمحكمة الدستورية حيث أن كليهما يتضمن بحثا للوصول للسلوك الصحيح الذى يتفق وإرادة المشرع ولكن فى الواقع هناك اختلافات بينهما من عدة وجوه:
أ-الجهة التى تقدم الطلب :أن طلب الفتوى لمجلس الدولة يقدم من رئاسة الجمهورية أو من رئاسة الوزراء أو من الوزارات أو الهيئات العامة، فى حين لا يقدم طلب التفسير الإ من وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء(مادة 33 من قانون المحكمة الدستورية).
ب- موضوع الطلب: موضوع الطلب فى الفتوى قد يرتكز على شرح واقعه معينه ويهدف إلى التعرف على النص الواجب التطبيق، فى حين يرتكز طلب التفسير على وجود نص تشريعى هناك خلاف حول تطبيقه .
ج- شروط تقديم الطلب: لا يشترط لصحه طلب الفتوى أن يكون هناك خلاف بل يكفى أن تكون هناك واقعه تريد الجهة الادارية أن تستهدى برأى مجلس الدولة قبل إصدار قرارها حتى ولو كانت فردية أو لم تكن مهمة، الإ أن طلب التفسير يشترط لصحته أن يتضمن تبيان الخلاف الذى أثاره النص القانونى فى التطبيق، وإيضاح مدى أهميته التى تستدعى تفسيره تحقيقا لوحدة تطبيقه.
3-أن لجوء الجهات الإدارية إلى المحكمة الدستورية أمر يتفق والمنطق فهناك خلاف بين قيادات مجلس الدولة ذاته فى شأن تفسير النصوص التى تتناول شروط التعيين، وحدود اختصاصات الجمعية العمومية لمجلس الدولة، ومدى إلزامية قراراتها فى مواجهة المجلس الخاص ومن المنطق أن يعهد للفصل فى هذا التفسير إلى جهة قضائية أناط بها المشرع القيام بهذه الوظيفة، وتتسم بالحياد بعيدا عن فريقى الخلاف .
ثالثا-أن الاعتراض الذى يزعم ضرورة أن اللجوء للتفسير يقتضى وجود خلاف بين هيئتين قضائيتين أو تناقض بين الأحكام، لم يصادفه التوفيق لأنه خلط بين ثلاثة وظائف من الوظائف الأربعة التى تقوم بها المحكمة الدستورية فالوظيفة الأولى: الفصل فى مدى دستورية القوانين واللوائح.
الوظيفة الثانية: الفصل فى تنازع الإختصاص بتعيين الجهه المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منهما ولم تتخل إحداهما عن نظرها ، أو تخلت كلتاهما عنها.
الوظيفة الثالثة: الفصل فى النزاع الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أى جهة من جهات القضاء أو أى هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها.
أما الوظيفة الرابعة: فهى تتعلق بطلبات تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقا لأحكام الدستور وذلك إذا اثارت خلافا فى التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسيرها.
ومما سبق بيانه يتضح أن الإعتراض خلط بين الوظيفتين الثانية والثالثة وبين الوظيفة الرابعة التى تتعلق بطلب التفسير فهو لا يقتضى وجود خلاف بين هيئتين قضائيتين أو تناقض بين الأحكام لصحته ، ولكن يكفى أن يكون هناك خلافا فى تطبيق نص وله من الاهمية ما يقتضى توحيد تفسيره وهو ما يتوافر فى الطلب المقدم من وزير العدل للمحكمة الدستورية.
الفرع الثالث: تصورات حول طلب التفسير:
لذا يرى المركز المصرى للحقوق الإقتصادية والإجتماعية
ان الطلب المقدم من وزير العدل للمحكمة الدستوريه يتفق وصحيح القانون
كما يؤكد المركزعلى أن ما سيصدر من المحكمة فى هذا الشأن له أهمية بالغة فسيكون وثيقة قضائية تتضمن حقيقة ما كان يقصده المشرع من تلك النصوص، وبالتالى تحمل هذه الوثيقة حال صدورها إلزام أخلاقيا وقانونيا فى مواجهة الكافة، لذا نحن أمام تصورين:
التصور الأول: أن يوضح التفسير أن المشرع قصد أن يكون القاضى رجلا وان قرارات الجمعية العمومية ملزمة للمجلس الخاص ففى هذه الحالة لن يكون أمام أصحاب الصفة والمصلحة المتضررين من هذه النصوص الإ رفع دعوى قضائية، ثم الطعن بعدم دستورية هذه النصوص، فحدود سلطة المحكمة الدستورية فى طلب التفسير أن تكشف ما قصده المشرع دون أن تتناول ما إذا كان هذا القصد يختلف مع الدستور أو يتفق معه، أما سلطة المحكمة الدستورية فى الفصل فى الدستورية فانها تتضمن بحث ما يقصده المشرع وبحث مدى تعارض هذا القصد مع الدستور من عدمه ، وخلاصة القول أن التفسيرالصادر من المحكمة الدستورية لا يحول دون إعادة عرض نفس النصوص عليها مرة أخرى، ولكن للفصل فى مدى دستوريتها.
وفى حالة الفشل فى الحصول على حكم قضائى بمصر يمكن اللجوء لآليات التقاضى الدولية شأن اللجنة الافريقية لحقوق الانسان.
التصور الثانى: أن يوضح التفسير أن المشرع لم يقصد حظر تولى المرأة منصب القضاء، وفى هذه الحالة إن لم يلتزم المجلس بهذا التفسير فستسهل هذه الوثيقة من الحصول على أحكام قضائية فى مواجهة المجلس.